كيف نواجه المشروع الصهيوني؟
بقلم: الدكتور محمد شندب
إن الحرب الهمجية التي شنّتها «إسرائيل» في نهاية 2008 وبداية 2009م على قطاع غزة من أجل القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومن أجل اقتلاع الحكومة الشرعية في غزة تمهيداً لفرض حل الاستسلام والرضوخ على مجمل الشعب الفلسطيني، هذه الحرب كانت فيها «إسرائيل» تملك زمام المبادرة في الجو والبحر والبر، ورغم هذا التفوق الهائل، فقد فشلت الهجمة الصهيونية أمام صمود المجاهدين الذين ضربوا أروع أمثلة الفداء والاستشهاد رغم قلة العدد والعتاد ورغم الحصار الظالم من قبل العدو والصديق.
إن تراجع الجيش الصهيوني أمام استبسال المجاهدين هو هزيمة للغطرسة الصهيونية، وهو في نفس الوقت نصر أكيد للقلة المؤمنة على الكثرة الباغية، {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله عزيزاً} الأحزاب: آية 25.
لكن «إسرائيل» لن تصبر طويلاً على الهزيمة التي حلت بها في حرب 2006م ضد المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، ولن تصبر أيضاً على الفشل المريع الذي نزل بها من جراء عدوانها الظالم على شعب غزة الأعزل.
ولذلك فإن الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتن ياهو تستفيد من كل يوم من أجل تطوير ترسانتها العسكرية. كما تواصل عمليات التدريب لمختلف قطاعات الجيش والمدنيين.
والتصريحات العلنية الرسمية وغير الرسمية لقادة العدو الغاصب، كلها تنذر بأن إسرائيل ستنتقم من المقاومة في غزة وفي لبنان، وقد توجه ضربة استباقية لسوريا أو إيران مستفيدة من الأجواء الدولية الضاغطة على إيران بسبب حلفها النووي.
وبالمقابل، ماذا تفعل الحكومات العربية والشعوب العربية والإسلامية لمواجهة أخطار المشروع [[الصهيونية|الصهيوني] الذي لا يستهدف فلسطين وحدها بل يستهدف الأمة بكل طاقاتها وإمكاناتها؟!
إن حالة التروي والتمزق التي تعيشها الأنظمة هي التي تغري الأعداء وتزيد من جبروتهم وطغيانهم.
وأقرب مثال على هذا التدهور في النظام العربي حين يتحول التنافس على الفوز بلعبة كرة القدم من تعاون ومحبة الى خصام وعداء بين أكبر دولتين عربيتين (مصر والجزائر).
ثم يتطور الحدث الى اندلاع مظاهرات عدائية في شوارع كلا البلدين وتتوتر العلاقات السياسية ويتم استدعاء السفراء لتبليغ رسائل الاحتجاج، ولم يبق إلا قرع طبول الحرب.
إن هذا الحدث (الخلاف على الفوز بكرة القدم) يكشف مدى الجاهلية الجهلاء التي هوى اليها فريق كبير من أجيالنا، فلم يعد الهم الإسلامي وهموم الأمة تخطر على بال أحدهم.
بل أصبحت العبادة هي لنجوم الرياضة والغواية والمجون وغيرهم من مشاهير الفنون الهابطة.
إن القوى الظالمة في الغرب والمتحالفة مع العدو الصهيوني لا تكتفي حالياً باحتلال الأرض وتدنيس المقدسات، بل تسعى لاحتلال العقول والأفكار وتذويب أسباب القوة والممانعة حتى يتكون جيل من المدجنين الذين لا تدور حياتهم إلا حول بطونهم وفروجهم.
وهؤلاء المسوخ لا تعنيهم فلسطين شيئاً ولا يعنيهم الجهاد والدفاع عن الأرض والعرض، بل همهم الأول والأخير اللهث وراء الحطام الزائل والتمتع بأكبر قدر من الشهوات واللذائذ.
إن الصهيونية اليوم تعمل على تسخير طاقات العالم الغربي من أجل إقامة «إسرائيل» الكبرى.
ففي الولايات المتحدة الأميركية تنشط مئات الجمعيات والمنظمات الأهلية التي تعمل على دعم الكيان الصهيوني، فضلاً عن الدعم الأميركي الرسمي المطلق.
وكذلك هناك حول العالم مؤسسات وقوى علنية وخفية تمد العدو الصهيوني بكل أسباب القوة المادية والمعنوية.
أحد تجار اليهود النشطاء في استراليا يقوم بجمع التبرعات بصورة دائمة لمصلحة الكيان الصهيوني، فيجمع كل شهر عشرات الملايين من الدولارات، وفوق ذلك يذهب في كل عام الى «إسرائيل» ويقضي شهراً في خدمة الجيش الصهيوني.
هذا اليهودي هو نموذج من النماذج الكثيرة التي تعمل ضمن مشروع الصهيونية العالمية من أجل السيطرة على الأرض الإسلامية من الفرات الى النيل تمهيداً للسيطرة على العالم الإسلامي؟!!
إن أجيالنا العربية والإسلامية مدعوة اليوم لإعادة النظر في واقعها الذي لا تحسد عليه، من أجل العمل الجاد لتطوير هذا الواقع والنهوض الى المستوى اللائق الذي أراده الباري تبارك وتعالى لنا. فنحن أمة أكرمها الله بالإسلام.
فيوم حملنا الإسلام حملنا الله الى الدنيا فكان هارون الرشيد يقف على شرفة قصره في بغداد ويخاطب الغمامة ويقول لها: «أمطري حيث شئت فخراجك سوف يعود إليّ».
إن مواجهة المشروع الصهيوني العالمي لا تتم إلا من خلال مشروع إسلامي شامل يحرك طاقات الأمة المعطلة كما فعل رواد الجهاد عماد الدين زنكي ونور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي في مواجهة الهجمات والحملات الصليبية.
المصدر
- مقال:كيف نواجه المشروع الصهيوني؟موقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان