كيف النجاة من أثر الأزمة المالية الرأسمالية على الأسواق العربية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
كيف النجاة من أثر الأزمة المالية الرأسمالية على الأسواق العربية


تمهيـــــــد

الأزمة-2.png

يقول الله تبارك وتعالى: ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) ( الأنفال: 25 )، ففى ظل العولمة والنظام الاقتصادي العالمى الجديد لا يمكن أن تكون أسواق المال العربية بمنأى عن فتنة المال و من صنيع الذين عبدوه وجعلوه صنمهم ومعبدوهم، وأصبحت المادية هى دينهم، ولقد صدقت نبوءة رسول الله r عندما قال: " يأتى زمان على أمتى يأكلون فيه الربا، قالوا: كل الناس يا رسول الله؟، قال: من لم يأكله يناله غباره" (متفق عليه)، ولقد صدق الله ورسوله عندما تأثرت كل أسواق النقد والمال، ومنها الأسواق العربية على النحو الذي سوف يرد فى هذا المقالة تفصيلاً.


أثر الأزمة على أسواق النقد والمال العربية

فلقد تأثرت أسواق المال العربية بالأزمة المالية العالمية، ودليل ذلك ما يلى:

أولاً: التراجع الكبير الملحوظ فى مؤشرات المعاملات فى البورصات العربية بصفة عامة والبورصات الخليجية بصفة خاصة، وترتب على ذلك خسائر مالية فادحة وما سوف يلي ذلك سيكون أعظم.

ثانياً: ارتفاع معدل المسحوبات من البنوك والمصارف العربية بسبب الذعر والخوف والهلع غير المنضبط، وسبب لها ذلك خللا فى حركة التدفقات النقدية والمالية، مما اضطرت بعض البنوك المركزية فى الدول العربية إلى ضخ كميات من السيولة لتلبية احتياجات الطلب على النقد، وهذا بدون شك أحدث ارتباكاً فى سوق النقد والمال وأثر على الاحتياطيات النقدية فى البنوك والمصارف المركزية العربية.

ثالثاً: قيام العديد من البنوك والمصارف العربية بتجميد تمويل المشروعات التى تقوم بها الشركات والمؤسسات وفقاً للخطط والاتفاقيات والعقود، وهذا سبب انكماشاً فى مجال الأعمال مما قاد فى النهاية إلى تعثر وتوقف وعدم قدرة الشركات المقترضة عن سداد مستحقاتها للبنوك والمصارف، وهذا بدوره ساهم فى تفاقم الأزمة.

رابعاً: زيادة المخاطر المالية التى تواجه البنوك والمصارف العربية عن المعدلات المتعارف عليها بسبب عدم القدرة على التنبؤ بما سوف تأتي به الأزمة من آثار سلبية سواء كانت نفسية أو سلوكية أو مالية أو سياسية.

خامساً: قيام بعض كبار المستثمرين من الأجانب بسحب أموالهم وتجميد معاملاتهم فى أسواق النقد والمال العربية ، وهذا أحدث إرتباكاً وخللاً ملحوظاً فى استقرار المعاملات وتأثرت البورصات العربية بهذا السلوك.

سادساً: ضخامة الخسارة التى مُنى بها المستثمرون العرب وكذلك البنوك والمصارف العربية فى أسواق النقد والمال فى أمريكا و أوروبا وغيرها بسبب الأزمة المالية، وهذا بالتأكيد أثر على ثرواتهم وعلى معاملاتهم فى الأسواق العربية وكذلك على السيولة فى أسواق النقد والمال العربية.

سابعاً: ارتباط كثير من المعاملات فى أسواق النقد والمال فى كل الدول العربية بالدولار والذي يطلق عليه " الدولار اللص " ، وما يحدث فى أسعاره من انهيار غير مسبوق، وما ترتب على ذلك من أثار خطيرة على المعاملات المالية والاقتصادية سبب كل هذا خسائر باهظة على الثروة المالية فى الدول العربية.

ثامناً: تأثر أسعار النفط بالانخفاض بسبب الأزمة، وهذا له تأثير كبير على الدول النفطية العربية، كما أن هناك خوفاً من توقع أن تقوم أمريكا من خلال الضغوط السياسية على الحكومات العربية النفطية بأن تساهم بطريق مباشر أو غير مباشر فى خطة الانقاذ الأمريكية، كما فعلت من قبل فى حرب الخليج وفى حرب الإرهاب وهذا سوف يسبب خللاً فى الموازين المالية للدول العربية الباهظة.

تاسعاً: القلق النفسي الشديد الذي أصاب كل الناس وبصفة خاصة العرب من هذا الأزمة وما سوف يترتب عليها من فرض ضرائب ورسوم ومكوس جديدة وما سوف يترتب على ذلك من ارتفاع فى أسعار السلع والخدمات .

هذا الاثار وغيرها تثير السؤال الآتى : كيف النجاة ؟


سبل النجاة من الأزمة والحد من مخاطرها : كيف النجاة

يتساءل كثير من الناس ولاسيما رجال المال والأعمال وكذلك الحكومات ومن لهم علاقة بالأزمة الرأسمالية المالية العالمية: ما هو المخرج ؟ وكيف النجاة؟

وفى هذا المقام نوصي بالموجبات الآتية:

أولاً: أن تقوم الحكومات العربية وبصفة خاصة البنوك المركزية باتخاذ القرارات الاستراتيجية الرقابية على المعاملات فى أسواق المال النقد وعلى المؤسسات المالية بما يوقف ويحد من تفاقم الأزمة، أى رقابة حكومية فعالة عملية على المعاملات فى أسواق النقد والمال.

ثانياً: دعم المؤسسات المالية المتعثرة بسبب الأزمة بالسيولة وفق خطط وسياسات و برامج عملية وتحت رقابة البنوك المركزية العربية ولا يترك الحبل على الغارب .

ثالثاً: إصدار قوانين بمنع ( إيقاف) بعض المعاملات التى كانت من أسباب الأزمة ومنها على سبيل التأكيد ما يلي :

- عمليات المشتقات المالية الوهمية ( الميسر) وما فى حكمها.

- عمليات جدولة الديون والتوريق وفق نظام الفائدة الربوية.

- عمليات تمويل الأعمال بنظام الفائدة وتطبيق صيغ التمويل الإسلامية.

- عمليات غسل الأموال القذرة السائدة فى أسواق النقد والمال.

رابعاً: تحرير المعاملات من قيود الدولار واستخدام سلة عملات مختلفة وذلك لتوزيع المخاطر، فمن أسباب الأزمة الحالية باعتراف علماء وخبراء المال والاقتصاد فى الدول العربية وغيرها هو سيطرة الدولار على المعاملات.

خامساً: ايقاف استثمار أموال العرب فى أسواق النقد والمال الأمريكية والأوربية إلا عند الضرورة المعتبرة قانونياً، وأن يكون خيرات العرب للعرب وخيرات المسلمين للمسلمين.

سادساً: دعم رجال الأعمال المخلصين لأوطانهم الذين يعملون فى مجال الصناعة والزراعة والخدمات الضرورية وذلك للمحافظة على معدلات التنمية الفعلية وذلك من خلال نظام التمويل بالمشاركة كبديل لنظام التمويل بالفائدة الربوية الذي ثبت فشله.

سابعاً: أن تنشئ البنوك والمصارف المركزية فى الدول العربية تكتلا أو اتحادا لمواجهة هذه الأزمة تحت رعاية جامعة الدول العربية ، حيث أن ضخامة الأزمة فوق مستوي وقدرات كل دوله عربية لوحدها.

ثامناً: توجيه حركة النقد والمال وفق الأولويات الإسلامية وهى الضروريات والحاجيات والتوقف عن تمويل المشروعات التى تقع فى مجال الكماليات والترفيهات وذلك للمحافظة على ضروريات وحاجيات الطبقة الفقيرة والمتوسطة من الناس .

تاسعاً: تطبيق نظام زكاة المال واستخدام جزء من الحصيلة فى دعم الغارمين بسبب تلك الأزمة.

عاشراً: تطبيق قواعد ومفاهيم وصيغ الاستثمار والتمويل الإسلامية حيث هى المنقذ من هذه الأزمة.


قواعد وضوابط الاستثمار والتمويل الإسلامى هى المنقذ

فى ضوء ما سبق من تحليل لمظاهر وأسباب أثر أزمة المالية على أسواق النقد والمال العربية بصفة عامة وعلى المواطن العربي بصفة خاصة، نري أن المنقذ هو الالتزام بقواعد وضوابط الاستثمار والتمويل الإسلامي، واستنباطه من أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والتى تتلخص فى الآتى:

• تطبيق قواعد وأحكام الاستثمار والتمويل الإسلامي .

• تطبيق صيغ الاستثمار والتمويل القائمة على البيوع والمشاركة.

• تطبيق فقه الأولويات الإسلامية فى توجيه الأموال.

• تطبيق مبدأ أولوية التعامل مع العرب والمسلمين.

• تطبق نظام زكاة المال والنظام المالية الإسلامية الآخري.

• تجنب ( تحريم ) كافة المعاملات غير المشروعه ومنها على سيل المثال :

- المعاملات القائمة على نظام الفائدة.

- المعاملات القائمة على العزر والجهالة والتدليس مثل المقامرات والمضاربات.

- معاملات المشتقات المالية القائمة على الميسر.

- معاملات بيع الديون بالديون.

ألم يآن للعرب والمسلمين أن يتبعون شرع الله حتى ينقذهم الله من المحن ويبارك لهم فى أرزاقهم، وصدق الله العظيم القائل: ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى )(124) [ طه


خلاصه القول

لقد فشل النظام الاقتصادي الاشتراكي ، كما تنبأ علماء الاقتصادي الرأسمالي بالانهيار لأنه يحمل بذور فشله وهدمه، وبدأ علماء الاقتصاد والمال العالميين يبحثون عن نظام اقتصادي جديد لإنقاذ البشرية من شرور الرأسمالية الطاغية.

إنه بكل تأكيد هو النظام الاقتصادي الإسلامي ، الذي يقوم على القيم والأخلاق والوسطية والتوازن بين المادية والروحانية وتفاعل رأس المال مع العمل بصيغة متوازنة بحيث لا يطغي أحدهما على الآخر ويحقق الكفاية والرفاهية للناس على أساس الحق والعدل ويحقق التنمية الشاملة للمجتمعات. وصدق الله القائل: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف: 96وصدق الرسول:

" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتى " ( مسلم).

والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات ،،


المصدر : نافذة مصر