كرنفال» المبادرات الإسرائيلية
بقلم : محمد أبو شريفة
شكل الحصار المفروض إسرائيلياً ودولياً وعربياً على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والمصحوب بانقسام داخلي فلسطيني غير مسبوق، وباستمرار لدوامة العنف الإسرائيلية ضد المواطنين، وبغياب عربي واضح عن مجمل الميادين السياسية.
بوابة رئيسية لعبور المبادرات والخطط الإسرائيلية السياسية والاقتصادية الطامحة للوصول إلى حل للصراع الفلسطيني، ومع اقتراب موعد «اجتماع» بوش الدولي للسلام ينطلق في إسرائيل ما يشبه «الكرنفال» لتقديم العروض والأفكار المختلفة للتسوية السياسية مع الفلسطينيين.
المبادرات السياسية
إعلان أولمرت
يطمح في مبادرته أن يتوصل مع الجانب الفلسطيني إلى «مبادئ متفق عليها» لقضايا الوضع النهائي مثل الحدود والقدس واللاجئين وتبادل الأراضي، والممر الآمن بين الضفة والقطاع، وجوهر العلاقات بين إسرائيل و فلسطين .
إيهود أولمرت أشار في هذا السياق ـ إلى أن إسرائيل ستكون مستعدة للانسحاب من 90% من أراضي الضفة وستوافق على الممر الآمن بين غزة والضفة لكن مقابل إبقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة.
ويجنح رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت على تسليم الفلسطينيين أراض مماثلة مع استعداده لإعطاء الفلسطينيين السيطرة على أحياء نائية في ضواحي القدس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية.
مع سيطرة دينية مشتركة على الأماكن المقدسة.
وبالنسبة لقضية اللاجئين يصر أولمرت على أن بإمكان هؤلاء أن ينفذوا حق العودة ولكن إلى تخوم الدولة الفلسطينية التي ستقوم وليس إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
إعلان بيريس
وبموجبها تحتفظ إسرائيل بكتل استيطانية تمتد على 5% من أراضي الضفة في مقابل تعويض مماثل للفلسطينيين في صحراء النقب.
ويرى بيريس على أن تقوم إسرائيل بتسليم السلطة الفلسطينية أراض بحجم 100% للكتل الاستيطانية مع كتل مماثلة تضم بعض المدن والقرى العربية الواقعة ضمن أراضي 1948.
الأساس الجوهري للمبادرة يتجلى بطرح الحلول الهيكلية للدولة الفلسطينية المزعومة وتسوية اللاجئين منذ بداية المفاوضات وتطبيق الاتفاق بالتدريج ضمن جدول زمني غير محدد.
وتشير المبادرة إلى التواصل الإقليمي في الضفة وإدارة مشتركة للديانات الثلاث في الأماكن المقدسة في القدس. وتتضمن مبادرة بيريس إيجاد حلول نوعية لقضية اللاجئين تنص على معالجة هذا الشأن عبر حلول عملية خارج حدود دولة إسرائيل.
ولم ينس بيريس التعاون الاقتصادي الإسرائيلي والدولي في مبادرته لمساعدة وتطوير الاقتصاد الفلسطيني.
ويتطرق بيريس إلى الخطط الأمنية والتي أطلق عليها باسم «السجناء مقابل الأمن» وبحسب ما ورد في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية (13/8/2007) على الفلسطينيين أن يلبوا لحل مطالب إسرائيل الأمنية.
على أن تطلق إسرائيل سراح الأسرى خلال 5 سنوات بحيث يتم إطلاق سراح ألفي أسير كل سنة وذلك وفقاً للأداء الأمني الفلسطيني.
ويزعم شيمون بيريس أن هذا السياق أفضل بكثير من نقل أراض للفلسطينيين غير المستعدين للقيام بمسؤولياتهم وحفظ الأمن.
مبادرة حاييم رامون
نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي حاييم رامون عنون مبادرته بـ «خطة انطواء بالاتفاق» وتنص على انسحاب إسرائيل من 70% من أراضي الضفة.
وتفكيك بعض المستوطنات المعزولة على أن يلي ذلك تحديد موعد للمفاوضات على التسوية الدائمة والخطة تستند على موافقة رسمية مع الطرف الفلسطيني.
مبادرة ليبرمان
يبدو أن رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف ووزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور ليبرمان ينوي مغادرة الائتلاف الحكومي في حال توصل أولمرت وعباس إلى تفاهمات في شأن الحل الدائم للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
وحيال مواقفه المتطرفة الرافضة أي مصالحة حقيقة مع الفلسطينيين سربت أوساط الوزير إلى وسائل الإعلام «مذكرة مبادئ» سيعلن عنها قريباً وتتعلق بروايته لحل الصراع إذ تقوم على أساس رفض قاطع لمبدأ «الأرض مقابل السلام» باعتباره خاطئاً سيقود للفشل المحتوم. ومؤكداً على أن التنازلات الإقليمية لا تحقق السلام إنما تتسبب في التصعيد واشتداد وتيرة الإرهاب.
وتتضمن مبادرته مشروع الفصل بين الشعبين عبر تبادل أراضي وسكان.
أي ضم المستوطنات بما فيها من مستوطنين في الضفة إلى تخوم إسرائيل في مقابل نقل وادي عارة (المثلث) داخل «الخط الأخضر» ومئات الآلاف من السكان إلى مناطق السلطة الفلسطينية بما يضمن غالبية يهودية كبيرة في الدولة العبرية يحررها من القيد الديمغرافي.
وثيقة يوسي بيلين
يعتبر زعيم حزب (ياحد) اليساري يوسي بيلين شريكاً للرئيس محمود عباس في وثيقة غير رسمية في خصوص الحل النهائي توصلا لها في أواسط التسعينيات.
وتتحدث خطة يوسي بيلين الآن عن إقامة دولة فلسطينية على مساحة الأرض تساوي الأراضي المحتلة عام 1967 والتي حددها بـ (6250) كيلو متراً مربعاً.
وتسمح هذه الخطة لإسرائيل بإجراء تبادل أراضٍ يمكنها من ضم الكتل الاستيطانية.
المبادرات الاقتصادية
مبادرة تسيبي ليفني
وتتضمن مبادئ اقتصادية ومشاريع واسعة النطاق واستثمارات مالية هائلة للدولة الفلسطينية.
تعنى بإقامة البنى التحتية للمياه والكهرباء.
وتخطيط مدن في الضفة والقطاع، وإعادة بناء شبكة الصرف الصحي وإقامة «غور سلام» في أريحا على أساس أنه مشروع ثلاثي مشترك بين إسرائيل و فلسطين و الأردن ويحظى بدعم دولي كبير.
وعرضت ليفني في لقاءاتها المتكررة مع رئيس الوزراء سلام فياض أفكاراً متكاملة عن حل يقوم على خطوة فلسطينية تقابلها خطوة إسرائيلية وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في إطار حل تدريجي تسميه ليفني إعادة بناء الثقة بين الجانبين.
وتستلزم خطتها قيام الفلسطينيين بفرض النظام والقانون والأمن في المدن الرئيسية في الضفة يليها انسحاب إسرائيلي تدريجي من تلك المدن، وفي المرحلة الثانية تنسحب إسرائيل من بلدات وقرى أخرى، وفي المرة الثالثة تتسع دائرة الانسحاب لتشمل نحو 90% من الضفة.
وتقترح ليفني نقل السيادة على الأحياء العربية في القدس إلى الفلسطينيين وبقاء الأحياء اليهودية والمستوطنات تحت السيادة الإسرائيلية، وتضع تسيبي ليفني جدار الفصل العنصري حدوداً غربية للدولة الفلسطينية.
وتؤكد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني عند طرح مبادرتها على ركائز أساسية ثلاثة وهي:
ـ دعم إسرائيلي لمحور المعتدلين الفلسطينيين في مواجهة حماس. وهذا الدعم يشمل مفاوضات الأمن والسياسة إضافة إلى تحويل الأموال وتسهيل حرية الحركة عبر رفع الحواجز في الضفة.
ـ دعم عربي للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
ـ دعم دولي اقتصادي لحكومة سلام فياض عبر إسرائيل.
خطة راني لومبشطاين
تتضمن خطة المستشار السابق للمدير العام لوزارة المال راني لومبشطاين نصائح اقتصادية للسلطة الفلسطينية وحركة فتح بهدف الانتصار على حركة حماس في أي انتخابات مقبلة وتشمل الخطة توسيع وتفعيل الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها السلطة بهدف تعزيز سيطرتها على الضفة كالعمل على إعداد جهاز بديل للجمعيات الاجتماعية التي تملكها حماس ، ويرى الخبير المالي لومبشطاين بأن تعمل السلطة الفلسطينية وفق أسلوب اقتصادي ناضج يحد من الأداء البيروقراطي ويحول المساعدات مباشرة إلى المحتاجين وتؤكد الخطة على ضرورة مواصلة إسرائيل تحويل الأموال إلى حكومة سلام فياض وفي ذات الوقت الضغط على الدول العربية لمنع تحويل الأموال لمصلحة حماس وجمعياتها الخيرية.
وأكد على تنفيذ كل التوصيات حتى لا يسأل أحد بعد سنتين كيف حماس على الضفة؟!
أهداف ودلالات
تستند هذه المبادرات إلى ثوابت إجماع ترفض فيها العودة إلى خطوط الرابع من حزيران ( يونيو ) 1967 ، وترفض فيها تقسيم القدس وتفكيك الكتل الاستيطانية الكبرى المحيطة بها، وترفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حسب قرارات الشرعية الدولية.
لاشك بأن الدعم الأميركي والدولي يهدف بشكل أو بآخر إلى إنجاح عملية التسوية ولكن على حساب المزيد من الانقسامات والخلافات الفلسطينية والعربية والإقليمية وخاصة أننا أمام نشاط إسرائيلي متسارع يهدف إلى تعميق حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني مستغلاً الظرف الحالي الذي تعيشه الضفة والقطاع لفرض تسوية على الفلسطينيين وفرض حلول ومشاريع وخطط تتناسب مع المصلحة الإسرائيلية العليا.
المصدر
- مقال:كرنفال» المبادرات الإسرائيليةالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات