كتابات سعيد رمضان المسلمون" شهاب
2012-26-8
محتويات
المسلمون، شهاب (1)
أجل، المسلمون شهاب، لها من اسمها الضخم ثروة، ولها من غايتها السامية مكانة ولها من إيمان صاحبها وإقدامه، وتفانيه في دعوته، وإخلاصه لرسالته، وحرصه على أن يظل اللواء مسموق الذرى عالي الجنبات، إلى كل ذلك من إمكانيات راسيات، تدفع بها قدمًا إلى الأمام لتحقيق المقصد النبيل.
وأؤمن بأنه لا يخامر أخًا مسلما ريب في أن "المسلمون" صورة صادقة من الشهاب الحبيب، الذي نعمنا جميعًا ردحًا من الزمان بفيض توجيهاته، وغزارة مادته، وسمو فيوضاته، ولئن شاءت إرادة الله أن تحجب عنا إشراقة الشهاب في أوج لمعانه، فلقد كان من فضله ومنه كذلك أن يردف الشهاب المحجوب بـ "المسلمون" البازغة في أفق الحياة الإسلامية، بزوغًا ما أشد حاجتنا وحنيننا إليه.
وما كنت لأبعث بهذه التحية قبل أن أتصفح "المسلمون" وأستوعبها، وإلا كانت تحية زائفة، وتقديرًا رخيصًا، أنزه نفسي عنه، وأسمو بـ "المسلمون" أن تعنى به، ولكن أما وقد قرأت واستمتعت واستفدت، فلا أقل من تقدير الحق وذلك كل ما أملك وأستطيع.
أخي سعيد ما أخالك وقد أصدرت "المسلمون" إلا حريصًا على أن تظل آثار إمامنا الشهيد سليمة كاملة واضحة المعالم، تطالع الإخوان شهرًا بعد شهر، وعامًا بعد عام، عن طريق نفثاتك الحارة، وإيمانك الدفاق، وبيانك الطاهر، وأحب الأعمال الطيبة إلى الله أدومها، فلا تحرمنا من هذه المتعة الروحية الغامرة، ودعنا نستروح في الخلف، عَرْف إخلاص السلف، والزم ميدان الكفاح الذي اخترته لنفسك أو تخيرك الله له، واعلم أن الطريق أمامك طويل، والعمل مضن شاق، ولكنك تعلم أن الله لا يضيع أجر العاملين، وأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، أيدك الله وأيد بك.
"المسلمون": اللهم آمين، وجزاك الله يا أخي الكبير كل خير، وهذه نصيحة غالية أدعو الله أن يهيئ لنا أسباب العمل بها وهو الموفق المستعان. "سعيد رمضان"
الأستاذ: سعيد رمضان
هذه الجملة السهلة مفتاح تاريخى لكل نهضة فى الشرق والغرب، لا يختلف فى ذلك اثنان ممن قرأوا التاريخ، ولا يجهله أحد ممن يحفظون طبائع الناس وسبيل تربيتهم وما يقوم فى ذلك من صعاب ومزالق ومر مرير.
وكما أن لكل زرع محترم "بذرة" لا يقوم بغيرها، ولا يكتمل نموه إذا نقص عنصر من عناصرها، فكذلك لكل نهضة "إمام" تبدأ من عنده طلائع النهضة، وتلتقى فيه أصولها، وتستوى عليه فروعها وأوراقها، وتظل جميعها دائما مدينة للبذرة بالحياة وبأسباب الحياة، ومشدودة إليها بكل ما أفاضته البذرة من مظاهر هذه الحياة، سواء أكانت جذورا ضاربة فى الأرض تمتص أسباب النماء، أو ثمرا يانعا "مختلفا ألوانه" يملأ الفضاء.
ولا يكون الإمام إماما إلا حين يتم به كيان البذرة للمجد الجديد، وهو بهذا التمام يمكن أو يجب أن يكون طليعة عهد زاخر بالخير والبركة لأنه مستودع حياة كاملة العناصر والأسباب.
قد يبشر بهذا المجد دعاة كثيرون، يعرف كل منهم أمرا من أموره أو وجها من وجوهه، فيدعو إليه ويجمع عليه ويحترق فى سبيله، ولكنهم جميعا يظلون دائما فروعا وأوراقا من شجرة المجد القديم، تصلح للذكرى والحماسة ولكنها لا تكفى أبدا لإنبات مجد جديد، لأنها فروع وأوراق، بل إن آلاف البذور لا يصلح منها إلا البذرة التى اكتملت لها كل العناصر، ولو كانت بذرة واحدة، وهى وحدها تكفى لتنبت الشجرة وتصنع المجد.
وما دام الإمام هو البذرة، فإن مهمته دائما أن "يذوب" فى الشجرة كلها، وأن يفنى فى جذورها وفروعها وأوراقها، ويكون ذلك منه عملا سهلا لأنه مهيأ له، وحتما لازما لأنه سنة الحياة.
ومهما كبرت الشجرة وورف ظلها وكثر ثمرها، فإن هذا الثمر يظل دائما من جنس البذرة الأولى.. يحمل ريحها وروحها وإن طال بينهما الفرع واستعرض الورق، ويكون ذلك هو المستساغ فى حياة الشجرة، لأنها ذات أصل واحد بعضه من بعض، ولا يكون المجد إلا كذلك، وكذلك كان صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم، كلهم حول رسول الله، وكلهم مؤمن بعمل الصالحات ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما﴾ (الفتح: 29).
ليست المشكلة أن يعلو الصوت ولا أن يجتمع الناس، ولكن المشكلة أن يوجد "الإمام"، فإذا وجد الإمام فكل أمر بعد ذلك سهل، وكل واجب بعد ذلك طاعة، وكل الذى ينقصنا "الزمن" لأن التربة والحمد لله خصبة والخير فى أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.
ولقد أراد الله "لإمامنا" أن ينطلق عوده الأخضر فى الإسماعيلية، ويمتد نوره بعد ذلك فى كل قطر ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ (إبراهيم: 24-25).
بارك الله جهده، وزكى عمله، ورزقنا معه حسن الثبات.
من مذكرات شريد يجوب الآفاق (3)
مقال الأستاذ:سعيد رمضان
صليت الفجر وجلست أكتب على الآلة الكاتبة بعض أشياء للمؤتمر ثم عدت فوجدت في انتظاري خبر الفاجعة الكبرى أكاد لا أصدقها! يدي لا تستطيع أن تحرك القلم!
مقتل حسن البنا
لا أكاد أصدق كذب لا بل حق، بل هو خبر أذيع أصيب الرجل العظيم بالرصاص مساء أمس، ثم نقل إلى المستشفى مضرجًا بدمه الطاهر، ثم فاضت روحه أثناء الليل إلى عليين وتركنا على الأرض نعاني شرها ومرها قتلته يد آثمة أساءت إلى الإسلام الإساءة الكبرى.
مات حسن البنا مات الحبيب مات العظيم بل هو حي في القلب في أعصاب كل ابن من أبنائه، حي لم يمت ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾ (البقرة: 154).
يا فضيلة الأستاذ أنت معنا دائمًا، وسنظل أوفياء صادقين، رزقنا الله الصبر والثبات.
هيه يا فضيلة المرشد، سلام عليك حيث أنت في قدسك وعليائك، وجزاك الله خير ما جزى إمامًا عن تلامذته وأتباعه، في نشاطه، في حدة ذكائه، في دقة ملاحظته، في قلبه الضخم، وروحه الكبيرة، كان حسن البنا حجة الله في نفس، على أن الإسلام يصنع الرجل، ويحقق المثل العليا، ويصوغ النور المصفى في لحم ودم، كان عملاقًا فارعًا من حيث نظرت إليه، كان عقلا هائلا، وروحًا موصولا بالسر الأعلى، لا يفتر عن ذكر الله، كان قمة شامخة فيها العلو وفيها الثبات، وفيها قوة الجبل، كان موفقًا لا يخطئ الوجهة، كان حلوًا جميلا رائعًا، ملأ قلوبنا بحب الله، وأشعل صدورنا بحب الإسلام، وصهرنا في بوتقة طاهرة لا تشوبها شائبة.
قتل حسن البنا في يوم أسود من أيام التاريخ، وفقدت الإنسانية بفقده "إنسانًا" قلما يجود الزمان بمثله، وسقط بعد ظهر السبت مضرجًا بدمه أمام جمعية الشبان المسلمين في شارع الملكة نازلي بالقاهرة بست رصاصات أطلقتها عليه يد شيطان أطل من عربة سوداء ثم هرب، فأصابت رصاصتان منها صدر حسن البنا فنزف دمه الطاهر، وأصابت أخريان الأستاذ عبد الكريم محمد المحامي زوج أخت فضيلة المرشد فنقلا إلى المستشفى وفضيلة المرشد يردد:
عرفت النمرة هاتو لي مية فأجريت له عملية نقل دم، ولكنها لم تُجدِ! وفاضت روحه العالية إلى بارئها في منتصف الليل!
آه.. قتل حسن البنا بعد عشرين عامًا قضاها في جهاد مرير متصل الأيام والليالي، لن أنسى جولاته في الأقاليم لا ينام إلا ساعتين أو ثلاثة كل يوم وليلة، ولن أنسى سهره الليل عاكفًا في المركز العام أو في منزله أو في الشهاب على أعمال الدعوة، ولن أنسى دموعه التي طالما هتفت في غفلة من الناس على الإسلام والمسلمين، هذا الصوت العميق الرخيم، وهذا الإيمان الحي الغامر، وهذه الروح الفارعة التي عرفت بها الله وطوتني أشعتها، ونشرتني سبع سنين كانت حلمًا عزيزًا.
هذا الرجل العجيب الذي بعث الأمة من أعماقها، وهزها هزة عنيفة أسالت الحياة في وجدانها، ولم يتركها حتى خلف فيها جيلا كريمًا حيا، هو الآن بين جدران السجون يتأوه آهات تزلزل قوائم عرش الله عز وجل.
هذا الإمام الذي كان أملا خفاقًا ساقته رحمة الله في عصر مظلم داعر أمره فرط، هذا الإمام الذي قتل قتلة ستظل وصمة عار في جبين مصر والمصريين، جوزي بها جزاء سنمار، وأذاع راديو لندن وصحف يوم الاثنين أن تشييع جنازة الشيخ حسن البنا اقتصرت على بعض أقاربه في حراسة عشرين جنديًا، وبلغ الظلم والافتراء مداه فزعم مراسل "الدون" في القاهرة أن القاتل يرجع انتماؤه إلى الإخوان، وأنه قتل المرشد لأنه كان قد عزم على الإفشاء بأسرار الإخوان
خانتك فطنتك أيها الغر الخبيث، فاعترفت بأن الإخوان لا زالوا يغارون على دعوتهم وأنك لا تزال تؤمن أنت ومن دفعك أو أشاع ما تشيعه بأن الإخوان باقون، ونسيت أن حسن البنا هو دعوة الإخوان، هو بذرتها وعصبها، ابحثوا عن غير هذه يا إخوة يوسف، ولا تجعلوا "السفرجي" المسكين الذي قبضتم عليه قميص يوسف البريء، أما "السند أبزرفر" فقد نشرت نبذة ممتازة عن حياة المرشد.
يا أيها المرشد: أنت معنا فاسعد بجنتك، وستعلم الدنيا كيف يجاهد الشهيد.
كنت أنظر الآن من شرفة غرفتي بفندق "سرتاج" بكراتشي فرأيت شابًا ينحني انحناءة ذكرتني بأخ عزيز من إخوان مصر.هيه يا إخوة مصر، يا شبابها الطاهر، يا نور النبوة، وميراث المجد الغابر، وعزاء القلب الجريح.
ما كان يدور بالبال أن يومًا سيأتي يحال فيه بيننا بهذا السياج الآثم من زبد الرياح الهوج، كان هذا الشهر الماضي شهرًا أسود، كنت أخشاه من يوم بدأت أتنسم الحق بين يدي الرجل العظيم، كان حسن البنا نسمة حلوة جادت بها رحمة الله على الإنسانية الظامئة، ثم مرت عابرة بعد أن ذكرتنا بأيام الأنس الأولى، أيام الأنبياء والمرسلين وأحباب الله في أرضه، وحببت إلينا الجنة والخير والمثل العليا والسمو، وكل ما بينه وبين الله نسب من القبول والرضا، لأن حسن البنا كان نسبة خالصة ليس فيها لغير الله شيء، كان روحًا نَعُبّ منه ولا يغيض، وبحرًا ضافيًا تذوب فيه كل أوساخنا ويظل هو هو طهورًا مرسلا لا يضيق ولا يتعكر.
هيه يا فضيلة المرشد، أحق ما يقولون من أنك مت؟ مت قتيلا في شارع من شوارع القاهرة، ودفنت بعد أن صلى عليك في مسجد قيسون؟ وكان المشيعون من أهلك وأقربائك؟
لم تمت يا فضيلة المرشد لا والذي خلقك لا والذي أنعم علينا بك ومتعنا بصحبتك لقد فتحت قلوبنا على النور، ووضعت أيدينا على أول الصراط، وجمعتنا يا حبيب من شتات، سنمضي إلى حيث كنت تدعو وتربي وتحترق بالليل والنهار.
لا زالت دروس الثلاثاء، وكتائب المركز العام وأحاديثك الخاصة، وخطب السرادقات وهمسك في لحظات الصفاء صفاءنا، فلكم عانيت من كدر أنفسنا، والتواء طباعنا، وقسوة قلوبنا، وجحود بعضنا، لا زال ذلك كله طي قلوبنا، وأمانة الله في أعناقنا والضرام المشتعل في سرنا وأنفاسنا.
لقد تركتنا يا فضيلة الأستاذ بعد أن حملتنا العبء القاسي، وجعلته شهدًا مذابًا في طوياتنا وأعصابنا! فاهدأ يا حبيب الروح في جنة الخلد، واسعد كفاء ما كافحت الكفاح المرّ الطويل.
نجوى
سيدي فضيلة الأستاذ المرشد. السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله صباحك أيها العظيم، وهل في الجنة صباح ومساء؟ هكذا أراد الله لك الجنة وأن تتركنا هنا حيارى بين ظلمة ونور، كنا معك يا فضيلة الأستاذ طيورًا أطلقتها بإذن ربك من أقفاصها، فراحت تخفق بأجنحتها في هواء طلق، ولكنها كانت لا تلبث أن تعود إليك تخفق خفقة الولاء لله بين يديك، أما الآن بعد أن تركتها يا أستاذ وطرت إلى أقدس جوار وأصدق منزل، تناوشتها الرياح وهي الآن تبحث عن وكر هادئ تجتمع لديه.
ليس يعلم إلا الله يا سيدي ما تخبئه الأيام لنا، إلا أننا نسائل الله أن يثبتنا على العهد الذي عاهدنا. أين روحك يا سيدي تزيل الران عن قلوبنا؟ أين عيناك نقبس منهما نورًا من أنوار السماء؟ أين سرك الرائع الذي كان يجعلنا دائمًا في ثقة من أننا على الصراط، وفي اطمئنان إلى أن حسن البنا ليس فيه لغير الله شيء؟ كنت يا سيدي الرجل الذي أومن به وأطمئن إليه وأجد الراحة كاملة في صدق الفناء فيه.
أصبح علينا يا سيدي أن نخوض في هذا البحر اللجي مستعينين بالله، أصبح علينا أن نفكر فنصيب ونخطئ، ونمضي فنخطو ونتعثر، ونستنزل نصر الله بما فينا من نور باهت كنت أنت العوض عن نقصنا فيه، والقربة العزيزة على الله التي يستحي الله أن يردها خائبة.
قتلوك يا أستاذ ليريحوك وأراد الله أن تقتل لتكون مع النبيين فضلا وكرامة ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ (الزمر: 69)، وبقينا نحن يتامى حيارى وينكل بنا من كل جانب، وما رأينا إلا القليل مما يضمرون لنا، ولكنه لله وفي سبيله ورحمة الله واسعة، ولا زلنا نذكر كلماتك:
"أيها الإخوان: إني لا أخشى عليكم الدنيا مجتمعة، فأنتم بإذن الله أقوى منها، ولكني أخشى عليكم أمرين اثنين: أخشى أن تنسوا الله فيكلكم إلى أنفسكم، أو أن تنسوا أخوتكم فيصير بأسكم بينكم شديدا".
يا فضيلة الأستاذ: لن ننسى الله، ولن ننسى أخوتنا، وما فعل أعداء الله أكثر من أن ذكرونا بهما.
سيدي الأستاذ: تذكر يوم جاءك خبر استشهاد الكرام في أول معركة في فلسطين؟ وتذكر أنك قلت ساعتها "اشتقنا إلى الجنة، لا إلى خيراتها وفواكهها، ولكن إلى أبي بكر وعمر وعلي والصحب الكرام، وهؤلاء الشهداء الأعزاء.
استجاب الله لك.. هل رأيتهم؟ وكيف وجدتهم؟
هنيئًا لك ما أنعم الله به عليك، عزة في الدنيا، وكرامة في الآخرة ﴿فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 148).
آه يا أستاذ لم تعد مكلفًا فأسألك ولسنا نعلو إليك فنسمعك أصبح علينا أن نواجه الحياة بإيمان وعزم، وبذرك الذي بذرته سيؤتي أكله ومع اليوم غد، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ (الأحزاب: 23) والسلام عليك يا حبيب الروح ورحمة الله وبركاته.
وأنا أغسل يدي في ركن يطل على شارع محاذ لحديقة "أرمباغ" لمحت عربة تشبه عربة فضيلة الأستاذ المرشد التي تعود أن يركبها، خفق قلبي وغار بين جنبيّ، وأحسست بلفح الذكرى يهز نفسي هزًا، يا لله من هذا الزمن ما كان يخطر بالبال أن يحدث شيء مما حدث، لا زلت أذكر آخر لحظات رأيت فيها فضيلة المرشد الشهيد أعزه الله كأنها منذ لحظات فقط، أو كأنها لا تزال، وكل ما اشتهر من الأنباء حلم لا ينال منها، ولا يؤثر فيها.
هو ذا فضيلة المرشد الحبيب جالس بجلبابه الأبيض وعباءته البيضاء إلى مكتب في الحجرة القريبة من مسجد المركز العام للإخوان، وجه مشرق حلو، وسمات ربانية عالية، وبعض نور النبوة الصادق، تغشى النفس منه أنسام تغسلها وتعلو بها علوًا بعيدًا، وجمال لا يوصف بغيره؛
لأنه وحده الجمال الحق الذي أبدعه الله، وأفرغ فيه سره الصادق، وملائكية حببت إلينا كل سماوي، وحسرت عن قلوبنا الزمان والمكان لنعيش أبدًا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين أحضان هدايته المشرقة المليئة بالنور، وصوت حلو عذب فيه رضاب النبي الحبيب وجرس السماء الحلو، والكهرباء الدافقة من قلب لا يقربه السوء لأنه الوصلة التي اصطفاها الله لذاته، واختصها من دون الله بعينه وفيضه، وبما لا يعلم سره إلا هو.
انتهى فضيلة الأستاذ لتوه من محاضرة ألقاها بالمركز العام ودّع فيها الإخوان لعزمه السفر إلى الحجاز صبيحة الغد دعاني إليه، وطلب منى أن أستعد للسفر إلى شرق الأردن وزودني بخاصة أمره في ثقة غالية سأظل أعتز بها العمر كله، ثم قبلت يده وقبل رأسي، وما كنت أعلم أن هذا آخر لقاء لنا في الدنيا إلى أن يجمعنا الله مرة أخرى في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
اللهم تقبل حسن البنا أحسن قبول، فقد كان وأنت أعلم به عبدًا صادقًا أمينًا وإمامًا، جمع كثيرين من فرقة وطهرهم من دنس، وهداهم بإذنك من ضلال.
اللهم ارفع درجاته عندك، واجعله مع النبيين والصديقين، وأسعده بالنظر إلى وجهك الكريم، واجزه عنا خير ما أنت أهل له وأكرمه الإكرام كله، اللهم أسعده، اللهم أسعده، اللهم أسعده.
اللهم ألحقنا به في الصالحين، وثبتنا على العهد الذي عاهدناه، وعوضنا عنه خيرًا، وألقي في قلوبنا نورًا ينير لنا الطريق. اللهم آمين.
في الذكرى الـ 39 لاستشهاد الإمام البنا (4)
مقال الأستاذ: سعيد رمضان
في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 شباط (فبراير) سنة 1949، أمام مركز الشبان المسلمين بالقاهرة أشرف المجرم الأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية المصرية!
على إنفاذ اغتيال الإمام الشهيد "حسن البنا"، واستخدم في ذلك عصابة من ثمانية مجرمين كلهم من رجال الأمن العام المصري(!)، كما وضع تحت تصرف القتلة سيارته الرسمية الخاصة رقم 9979.
عرف أكثر الناس "حسن البنا" من خلال الحوادث والأنباء، ولم يتح لهم أن يجتمعوا به أو يستمعوا أو يقرأوا له، لذلك تصوروه "ثائرًا" و"داعية انقلاب"، وغلب عليهم في هذا التصور ما غلب على مجتمعاتهم من مفاهيم "الثورة والانقلاب"، وساعد على ذلك ما تعرضت له حركته خلال عمره القصير من سجن وتشريد واضطهاد، فقد استشهد، رضوان الله عليه، وهو بعد في الثانية والأربعين؛
وكان آخر عهد الناس به جنازة رهيبة ستظل سبة الدهر في تاريخ مصر والمصريين، جنازة من النساء ليس فيها رجل غير أبيه العالم الجليل المفجوع، وغير ابنه الصغير المشدوه، أما الأب الشيخ فقد أبى أن يحمل جثة ابنه الشهيد، وصرخ في رجال البوليس والجيش الذين ملأوا بأسلحتهم وسياراتهم ودباباتهم ودرجاتهم كل شارع وميدان:
- "أنتم قتلتموه فاحملوا جثته على أعين الناس! وهكذا حملت جثة "حسن البنا" على أكتاف النسوة من أهله منذ خرجت من البيت إلى أن وصلت مسجد قيسون حيث صلى عليه، ومن هناك فرضت السلطات أن تحل الجثة إلى المقابر في "سيارة نقل الموتى" تحرسها قوات من الجيش والبوليس، ثم ظل القبر زمنًا تحيط به أفواج هذه القوات بالليل والنهار، فكان بذلك كما كان البيت وكما كانت الجثة بينهما: كلها مصائد لاعتقال كل من بدرت منه بادرة أسى على "القتيل"!!.
ومضت السنون وتغير ظاهر الحال وأطلق آلاف السجناء، وظنوا حسنو الظن أن جهاد حسن البنا قد آتى أكله أو كاد، فإذا الأمر غير ذلك، وإذا حياة التشريد والتنكيل تعاود رفاق حسن البنا وأبناءه أشد مما كانت وأظلم وأطغى! كل ذلك زاد في صورة "الثورة" و"الانقلاب" عند الذين لم يعرفوا حسن البنا من قريب.
أما الذين عرفوه من قريب، فقد عرفوا فيه "إمامًا" أحث تيارًا، وأرسى دعائم مدرسة، وأنشأ جيلا، بل أجيالا، وأرسل في الأعماق زلزالا لم يخل منه قطر من أقطار الإسلام.
كان صاحب حركة
كان صاحب حركة تحدت طاغوتًا ماردًا وفرعونية باغية، وتحدت سيلا جرف في مسيله الزبد أكثر التراث والقيم، بل كان تحديًا فيه كل الملامح الإيجابية التي هي شأن أهل الحق، فيه أصالة الرأي، وفيه وضوح الغاية، وفيه ترفع الطبع، وفيه إشراقة العزم، فهو تحد لا يهدهده إلا أن ينهد بنيان الأعداء، ولا يقنعه إلا أن يقوم للحق بناؤه على أنقاض الباطل المنهار ذلك أن الهدم وسيلة لغاية، أو هو منعرجها إلى مرضاة الله على قدر استقامة البناء: (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ). (5)
ما أكثر الذين قابلوا بينه وبين عدد المصلحين الثائرين ذوي السمت الإسلامي في هذا القرن والقرن التاسع عشر، وقد كان بينه وبين بعض هؤلاء لا شك أوثق نسب من وشائج الروح والفكر والتاريخ، ولكن شتان ما بينهم ومنهم السابقون بالفضل لا ريب وبين حسن البنا شتان ما بين حالهم وحاله، وجهادهم وجهاده، وآثارهم وآثاره.
شتان في نواميس الحركة التي غيرت التاريخ بين سمتين: السمت العلمي أو الفلسفي أو السياسي الثائر الذي كل عتاد صاحبه "جرأة الكلمة" و"تحدي القديم" ثم "الثبات الآخر الذي يمتاز صاحبه فوق "جرأة الكلمة" بالقدرة على تركيزها بالأسوة الماثلة، ويجعل منطلقه في "تحدي القديم" من خلال بواكير من إنتاجه هو يزجيها على أعين الناس أصيلة متجددة، ثم لا يقف فقهه لمعنى "الثبات" عند إطارات البطولة التي تجلجل القادة الأفذاذ الذين صبروا على أشد الأذى، بل يجاوز ذلك عن طريق الخصيصتين السالفتين:
الأسوة الماثلة، والبواكير المزجاة فيبتعث خوالج التجاوب ويوثق العرى بين أمته الكبيرة وحقيقة المعركة، ويستبدل بإطارات المجد الفردي إطارًا عامًا واحدًا هو إطار الرسالة الماجدة الباقية، ويحتال لتركيز ذلك بكل سبيل حتى تنفعل النفوس المؤمنة مع المعركة في كل تضاعيفها، وحتى يستقر في وعيها أن المعركة معركتها جميعًا، لا معركة أفراد من القادة بذواتهم، فإذا طاقات الثبات تجد أمدادًا جديدة لا تنقطع ما دامت المعركة، وإذا بطولات الأفذاذ التي كانت تكاد ترتبط بأشخاصهم وحدهم ولا تستدير دوائرها إلا على هيئاتهم، إذا بها تتضامن في محض الإطار العام الذي يتحد فيه أهل المعركة كلهم، وإذا حصيلتها تنخلع عن إسار التمجيد الشخصي كي تستجن في مثل الرحم بين ضلوعهم أليست بعض تجربتهم ووعيهم؟!
هنالك يغدوا هؤلاء بحق جديرين باستشراف كفاح متصل الحلقات متسامي الذرى: كلما سقط على بعض دروبه ركب زاحف خلفه على الزحف ركب منتظر، وكلما اشتد البأس فتساقط في عجيجه كوكبات فرسان متفانية ابتدرت مكان كل منها كوكبة غراء حاضرة: (فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً). (6)
خلف وراءه جيلا
لذلك بلغ سلفه الثائرون ما قد علمه سائر الناس من جرأتهم في الحق، وتحديهم للباطل، وثباتهم على البلاء، وخلفوا من بعدهم هزات في جوانب من حياة قومهم، ولكنها هزات لم تلبث مع الزمن أن تكشف عن حقيقة عجب، تلك أن ذبذباتها الساريات مختلفات قوة ومدى بل واتجاهًا!
وبحسبك أن تستحضر مثل الزعيم المصري الخطيب "سعد زغلول" ومثل العالم السلفي المجاهد السيد "محمد رشيد رضا"، ثم تتأمل كيف ساغ أن يكون هذان الصنفان من البشر تلميذي مدرسة تحتضنها زعامة واحدة؟!.
أما حسن البنا الذي اغتالته فرعونية مصر فقد خلف وراءه جيلا من مئات الألوف لا تكاد تخلوا منهم مدينة أو قرية، ويكادون يعمرون كل جامعة ومعهد ومدرسة، وكل مسجد ومصنع ومزرعة، جيلا موحد النبض متميز السمت متكافل الكيان، حتى لم يعد يفوت المراقب البصير تمييز ملامح هذا الجيل في كل فرد من أفراده في مصر أو غير مصر.
لم تكن وحدة هذا الجيل، وتميز سمته، وتكافل كيانه أمورًا نظرية يدور بها حول نفسه في عوالم من الخطابة والكتابة والأماني، أو من تطيرات تستهلكه في استغراق نفسي وإصلاح جزئي، بل كانت قوى عميقة الجذور رحبة المدى قوي جعلت من فتى مصر الوادع، ومن شباب جامعاتها خاصة وأكثره ناعم شارد جند الفداء وطلاب الاستشهاد، في القناة وفلسطين؛
فكان تلاميذ حسن البنا، في المعركتين، من أعز نماذج الإخلاص والقتال والبأس بل كانوا في أكثر جبهاتها هم وحدهم المقاتلين في الله بحق الذين احتسبوا له الروح والدم، فإن أنت علمت أن منطقتنا العربية المتوسطة لم تشهد في هذه الحقبة من تاريخها معركة حربية حقيقية سوى هاتين المعركتين، وأنه لولا جيل حسن البنا لما كانت روائع البطولة الربانية في أكثر الملحمتين، إذن لأدركت مغزى الانقلاب الهائل الذي أحدثه هذا الرجل الفذ في واقع العرب المعاصر، ثم لتبدى لك أن مصرعه على ما فيه من أقبح الخساسة والغدر إنما كانت الخاتمة السواء لحياة سامقة أذن الله أن تمتزج في تجربتها حقيقتان كبيرتان، متجاوبتان متساندتان:
إحداهما تدرج عن طريق مهيب صاعد يعج بأطياف الشهداء من تلاميذ حسن البنا الذين وفوا بالعهد ولبوا داعي الله فجزاهم حسنى الشهادة على ربى فلسطين وضفاف القناة، وثانيتهما تنحدر من هذا الطريق المضيء ويندفع دفقها الجار على دروب المستقبل الممتد لمعركة الحق والباطل، في الحقيقة الثانية مجتلى العبرة الباقية من خلال ذلك ومجتلى سلطانها النافذ على الذين لم يقضوا نحبهم ولا يزالون ينتظرون، هناك تجربة الصدق مكتوبة بالعزم المنقدح على خط النار، وبالبذل العملي على عين الله، وبالدم العزيز المهراق حقًا مشهودًا لا أخيلة يسمر بها الأدعياء، وهنا الثمرة الحتم لكل ذلك:
استواء طريق الغد على هاتف دماء الأمس، واستقرار الأساس مهما تقلبت غواشي الضعف وغلبت فتن الحيرة أو العافية إلى حين، على فلسفة الكفاح ولغة البذل والدم وعلى رفض كل نهج يخالف عن نهج الأمس قد تقصر الحيلة حينًا، وتقضي الحكمة بضروب من الكر حينًا آخر، أو قد يصبح الجهر بالحق والإصرار على معالمه هو قصارى الطاقة وحق الوقت حتى يأذن الله بقارعة تفسد سحر السحرة وتشق للكفاح طريقًا قد يعرض كل ذلك، ولكنها دائمًا عوارض طارئة لا تمسخ فقه الجيل الذي يستمد حقيقته الثابتة المتحركة من حقيقة مباركة عاشها بالأمس: حقيقة لا تزال مشاهدة أشلائها ودمائها وجراحها وقتلاها ملء العين والنفس.
لذلك كان من ذروة التوفيق أن يكون آخر العهد بحسن البنا تلك اللوحة البارقة القانية من إرعاد الغدر ودوي الرصاص وسفك الدم البريء على أعين أهل مصر، ألست ترى في هذه اللوحة شهادة الله له بأنه أهل ما قدم وأولى بمقعد الكرامة في موكب أبنائه الشهداء الذين رباهم على حب الله وطلب الشهادة ولقنهم كيف يحسنون "فن الموت" وجعل من هتافهم:
"الموت في سبيل الله أسمى أمانينا"! ثم ألست ترى فيها شاهدًا آخر خلفه رضوان الله عليه مركزًا في كل واعية وقلب شاهدًا يؤجج طويات تلامذته ما بقي منهم تلميذ!– ويحفر فيها بقدر ما شهدته يعاني من صنوف الأذى والكيد، وبما سفك على عينيها من زكي الدم، شاهدًا كأنه يهتف في صدور تلامذته أبدًا.
"هذا هو طريقنا، لا طريق سواه" لو رضيت أن أصانع الطاغوت فيما ندعو إليه من الحق، أو ربما في بعض منه، ليسارع إلى مصانعتنا بالمغنم البخس، ولما فاتني أو فاتكم ما أهلك الناكثين دائمًا من مفاتن العافية ومراتع الذل، لقد دعوتكم فيشهد الله أني ما كذبتكم،،
واستنفرتكم فيشهد الله أني حرصت ألا يسبقني إلى مظان الأذى أحدكم، وهاأنذا أودعكم وملء أعينكم دمي، وهو مني بعد ما جهدت في تحرير النية لله غاية ما وهب لي من الطاقة والجهد، فإن أنتم حملتم الراية واستمسكتم على معالم هذا الطريق، طريق البلاء والبذل والصبر، مهما بعدت الشقة ولزلتكم قوراع البأس، فذلك عهدكم الذي عاهدتم الله من قبل، وهو هتافكم الذي صرختم به وتحملتم دعواه على رءوس الناس من أول يوم، أما إن نكثتم، فلن يكون نكثكم إلا على أنفسكم وحدها، والله لا يحب الخائنين، يعلم الله أني لم آل جهدًا في أن أمحصكم النصح وأبثكم خالصة القلب،
ولست أملك بعد إلا أن ألوذ ضارعًا بكنف الله فهو وحده الخليفة على كل نفس، وحسبي منه، إن هو تكرم وشاء، أن يتقبل مني صالح القصد، وأن يجعل ما أكرمني به من الشهادة كفارة لما بدر من الذنب ومصداقًا لما يعلم كم تشوقت له دائمًا من كل الوفاء والحفاظ على العهد، أما موعدنا، غدًا أو بعد غد، فقد قضى الله أن يكون المصير حيث تنتهي بنا عزائم الصدق، ودرجات الثبات على الأمر، ومعارك الاستقامة على نهج نبينا الذي جعل مشارف الجنة تحت ظلال أسلحة الحق، والذي عاش عمره المليء المبارك يسبق أصحابه إلى كل موطن فزع ورعب، ويتقدمهم على خط النار في كل معركة مجلجلا صوته الرباني بأذان الجهاد وجلال الاستشهاد وأبدية سنته جل علاه في ضرب الحق والباطل،
وفي محيص دعوى الإيمان دائمًا بمحنة المال والنفس، محنة البذل والدم، وصدق الله: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). (7)
ولن أنسى موقفه رضوان الله عليه في أمسية مشهودة بمدينة طنطا في دلتا مصر، وقد احتشد أمامه قرابة أربعين ألفًا من فئات الناس، بينهم جمهرة من أتباع عدة طرق صوفية درج بعضهم على النفرة من طابع الحركة المتحمسة كأنهم يرونه يجافي وداعة معنى العبادة على ما لقنوه وتحد مفهومهم به، فإذا به استرسال روحي خالج غائر النفوس في صفاء ويسر، يقول لمستمعيه فجأة في إشراقه كأنها السحر:
ألا تعجبون معي من إخوتنا العباد الذي لا ينقطعون عن تلاوة دعاء الشيخ أبي الحسن الشاذلي في حزب البر، ويرددون من ذلك دائمًا: "اللهم ارزقنا الموتة المطهرة" ماذا تراهم يستحضرون في معنى الموتة المطهرة؟ ألا إن أطهر موتة يحبها الله هي هذه ورفع يده فمر بها على رقبته إشارة إلى قطع الرقاب في سبيل الله عز وجل فكأنما والله مست الناس كلهم كهرباء واستعلن أمامهم مشهد الفداء والذبح رأي العين فسالت دموع وثارت عواطف وتعالت هتافات!
إن رجلا بلغ هذا المبلغ في استثارة مشاعر الفداء من الأعماق، وفي الحفاظ عليها دائمًا روحية صافية مبرأة من كل حمية تنازع حقيقة الفرار إلى الله، واستطاع بدعوته وتربيته أن ينشئ جيلا مؤمنًا جديدًا سرعان ما استبق إلى جبهات الكفاح وتنافس في طلب الموت، إن رجلا هذا شأنه لجدير أن يكون وداعة وجهًا أخيرًا من وجوه عبقريته التي تحدت طواغيت وزلزلت مجتمع مصر، وداعًا يجلله دم الشهادة وآية البغي وأسوة الثبات الفذ، الثبات المطمئن في وجه كل ضروب الغدر والأذى والكيد!!
باكستان تحيي الذكرى الثانية للإمام (8)
في مساء الاثنين 12 فبراير الماضي نظمت جمعية الطلبة الإسلامية بكراتشي احتفالا مهيبًا للذكرى الثانية لاستشهاد الإمام حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين.
وكان من بين المتكلمين في الحفل سماحة الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر، والدكتور مصطفى السباعي عن سوريا، والدكتور مصطفى الرفاعي من باريس، والأستاذ محمد المبارك من سوريا، والأستاذ سعيد رمضان عن مصر، والأستاذ جلال الدين الأستاذ بكلية كراتشي.
وقد أكد سماحة المفتي أن مستقبل العالم الإسلامي يعتمد على الشباب، وقد عبر عن أمله في أن يؤدي الشباب المسلم واجبه نحو الإسلام ونحو العالم الإسلامي.
الإيمان بالمبدأ
وقال الدكتور مصطفى الرفاعي إن عظمة حسن البنا ليس مردها إلى الثروة أو القوة أو الشهرة، ولكن عظمته في إيمانه بالدعوة التي يهتف بها، كان يؤمن بالإسلام فدعا الشباب المسلم إلى أن يتعرفوا مسئولياتهم وليعملوا على رفع مستوى الطبقات الفقيرة والجاهلة، ثم أعلن أنه ما من أمة تستطيع التقدم إذا نسي شبابها واجباتهم نحو أمتهم.
ثم قال زعيم الإخوان المسلمين في سوريا إن واجب الشباب المسلم اليوم هو أن يقدموا للعالم مثلا حيًا للمسلم الحق.
وقال الدكتور مصطفى السباعي إن حسن البنا أخذ على عاتقه إحياء الروح الإسلامية الحقة بين المسلمين رغم الإغراء والاضطهاد، ثم قال إن الشباب عليهم مسئوليات جسام وعليهم أن يهيئوا أنفسهم لتحمل هذا العبء.
ذكرى
أوقفت جلسات المؤتمر الإسلامي إجلالا لذكرى فقيدي الإسلام الإمام الشهيد حسن البنا وشيخ الإسلام بباكستان شبير أحمد العثماني.
أخبار الباكستان
كراتشي لمراسلنا الخاص
الرأي العام الباكستاني يجمع على أن مسألة كشمير بالنسبة لباكستان مسألة حياة أو موت ويرى في الاستفتاء الضمان الوحيد لحرية أبناء كشمير في تقدير مصيرهم وقد كان موقف باكستان دائما واضحا ل الوضوح فهي تطالب بالاستفتاء وترى تأخيره مماطلة من الهند لضعف مركزها في كشمير وخوفها من نتيجة الاستفتاء وقد أعلن دولة لياقت على خان قبل سفره إلى أمريكا وفي أثناء رحتله فيها أن باكستان تؤثر السلم في علاج قضية كشمير وترى الاستفتاء هو الأسلوب الوحيد الذي يقر السلم فإذا منع أهل كشمير هذا الحق وأريد أن يفرض عليهم وعلى باكستان حل بالقوة فإن باكستان ستناضل في سبيل حل عادل حتى آخر رجل من رجالها.
رحب شعب باكستان وشعب الهند باتفاق لياقت –نهرو واعتبروه خطوة إل جو يمهد لحل المشاكل القائمة بين البلدين، وكان من أثره أن تغيرت لهجة الصحافة القاسية التي استمرت منذ التقسيم وذهب وفد صحفي باكستاني لزيارة الهند وسيردا ليزراة وفد هندي آخر في القريب ولكن لم تنقطع رغم ذلك هجرة المسلمين من الهند إلى باكستان وسبب ذلك أن الفائظع التي حدثت أثناء التقسيم والحوادث التي وقعت من ثلاثة أشهر في كلكا جعلت المسلمين لا يأمون على نفسهم وقد كان من بين الحوادث الأخيرة هجرة قرية مسلمة كاملة بعد أن إنذرت إما أن
ولما لجأوا إلى البوليس لميتهم من القرى المجاورة اعتذر أن الأمر ليس في إمكانه ومما يجعل المسلمين قلقين هو أن في الهند الآن جماعة اسمها (المحاسبة) تحمل للمسلمين أشد المقت ولا تقر نهروا على سياسته البطيئة وهي التي قتل بعض أعضائها غاندي لأنه رغم اعتقادهم بإخلاصه للهندوكية وحدها ليس إيجابيا كما يجب، وهذه الجماعة تدرب أعضائها على استعمال السلاح وتؤمن أن في كتابتها المقدس وعدا أن تصبح الأرض كلها هندوكية وأن الجهاد في سبيل ذلك فريضة وهي هيئة خطيرة ولها أتباع كثيرون ويشفق البعض أن تتطور إل حد يفلت الزمام عه من يد نهرو وسيكون ذلك خطرا على الهند وباكستان كليهما ويلاحظ الباكستانيون ما يجري في الهند ولا يتوقعون شيئا هاما في القريب ويؤمون إيمانا راسخا أن جيش باكستان لا يغلب وقد صرح لياقت في أمريكا بأن في باكستان أقوى جندي في العالم.
أعلن سعادة أهد حسين الحاكم العام لبنك الدولة في اجتماع كبير بكراتشي أن اللغة العربية يجب أن تكون لغة باكستان الرسمية لأنها اللغة الوحيدة التي تجعل الباكستانيين يتصلون مباشرة بالقرآن والسنة وتسهل ارتباطهم بمسلمي العالم العربي ولأنها اللغة التي يعشها أهل مقاطعات باكستان جميعا على اختلاف لغاتهم المحلية
وقد بدأت أثر ذلك مناقشات كثيرة في الصحف ويبدو بوضوح أن أنصار اللغة العربية أكثر عددا وأقوى حجة واللغة الرسمية الآن هي اللغة الإنجليزية واللغة المقترحة لتحل محلها هي الأردية إلا إذا نجح هذا الاتجاه الجديد إلى اللغة العربية.
تكونت لجنة من الوزراء العرب المفوضين برئاسة معالي السيد عمر بهاء الأميري وزير سوريا بالمساعدة حكومة باكستان في نشر اللغة العربية وقدمت بذلك تقريرا إلى وزارة المعارف وقد أعلن وزير المعارف أن التقرير موضع اهتمامه الشديد.
أصدر سعيد رمضان رسالة باللغة الإنجليزية وزعت في جميع باكستان تحدث فيها عن رأيه في باكستان وعن أهمية تكوين الفرد المسلم في (بعث) حضارة الإسلام وقد قوبلت الرسالة بإعجاب شديد، وتأييد واسع النطاق.
أقامت الكلية العربية بكراتشي حقلا خطابيا كبيرا برئاسة وزير المعارف خطب فيه معالي السيد عمر الأميرى والأستاذ سعيد رمضان والدكتور حميد الله عضو لجنة الاتحاد للمجلس الدستوري وكان حديثهم عن رسالة الإسلام وأمل العالم الإسلامي في الباكستان.
تشرف الأستاذ سعيد رمضان بمقابلة حاكم السند مقابلة طويلة دعاه فخامته أثرها إلى مأدبة غداء خاصة وقد أهداه الأستاذ سعيد نسخة ممتازة من القرآن الكريم المطبوع في مصر.
وصل إلى القاهرة بسلامة الله حضرة الأستاذ سعيد رمضان مندوب الرابطة الإسلامية بالباكستان في مهمة خاصة بالرابطة.
ولا صحة لما نشرته بعض الصحف من القبض على الأستاذ سعيد في المطار. وحضرته في طنطا في زيارة عائلية، يعود بعدها إلى القاهرة..
المباحث القضائية
العدد33 - 26 رمضان 1369ه -11 يوليو 1950 السنة السابعة
الأستاذ سعيد رمضان
مندوب الرابطة الإسلامية في الشرق الأوسط
التقى مندوبنا بالأستاذ سعيد رمضان مندوب الرابطة الإسلامية في الشرق الأوسط نزيل القاهرة الآن ودار بينهما الحديث التالي:
- كيف ذهبت إلى الباكستان؟
- تركت فلسطين بعد الهدنة الثانية مقروح النفس وآثرت أن أزور بعض الأقطار الإسلامية قبل عودتي إلى مصر فذهبت إلى شرق الأردن ثم سوريا فالعراق ومن بغداد ذهبت إلى باكستان مع فضيلة الأستاذ الشيخ أمجد الزهاوي رئيس محكمة النقض العراقية السابق تلبية لدعوة شيخ الإسلام في الباكستان لحضور المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في كراتشي في فبراير سنة 1949.
- ولماذا طالت إقامتكم في الباكستان حتى الآن؟
- أمران أولهما الحاجة إلى وقت طويل لزيارة أنحاء الباكستان ودراسة أحوالها واضطراري في ذلك إلى تلبية دعوات كثيرة أخذني بعضها إلى جهة القتال في كشمير.
- الأمر الثاني طلب كريم من حكومة الباكستان بأن أتحدث في إذاعتها العربية.
- هل صحيح ما أشيع من تجنسك بالجنسية الباكستانية؟
- غير صحيح وليس لذلك من داع فنحن والحمد لله مسلمون والإسلام هو الجنسية التي تربط المسلم بالمسلم.
- المسلمون في الهند منذ قديم شديدو التعصب للإسلام والحرص على تقاليده وهذه الروح فيهم هي التي جعلتهم يرون تقسيم الهند وإنشاء باكستان أمرا لا مفر منه ليبقوا بذلك على موروثات الإسلام العزيزة عليهم وليتهيأ لهم في دولتهم الإسلامية الحديدة جوا حر تتنفس فيه مشاعرهم المسلمة وحياة تكون كما قال زعيم الباكستان العظيم محمج علي جناح رحمه الله (إنما أردنا الباكستان وجاهدنا في سبيلها وبذلنا الدم الغالي من أجلها لنؤسس لأنفسنا حياة وفق ما يريد الله في قرآنه وسنة رسوله)
- والحق أني ذهبت إلى الباكستان وما كنت أتوقع أن أرى الوعي الذي وجدته في مسلميها كنت أنتظر ولا شك أن أرى سلمين طيبين ولكن ذلك ما كان يتعدى في نفسي الصورة المريرة التي ترادفت على نفسي في كل مكان زرته فإذا بي أفاجأ بوعي إسلامي واضح في كل صحيفة وفي كل مجتمع وعلى لسان كل خطيب وفي المسئولين وغير المسئولين لقد كدت أكذب نفسي وأنا جالس أستمع إلى كلمات أعضاء المجلس الدستوري وفيهم رئيس الوزراء والوزراء في جلسة مشروع القرار الذي قدمه دولة ليقات علي خان ليكون القرآن والسنة أساس دستور باكستان الجديد.
- إن فقه الإسلام الذي كان يتبارى في عرضه أعضاء المجلس المسلمون جميعا أمر أدهشني وأصابتنى منه إذاك نشوة جعلتني أدعو الله أن يبارك هذا الفهم لدينه والتحمس له.
- أما عامة الشعب فحدث عن إسلامهم ولا حرج إن رجل الشارع في الباكستان يؤمن بالله ويدرك أن الإسلام دين ينتظم شؤون الحياة جميعها ويشعر أن المسلمين في جميع بقاع الأرض أمة واحدة ثم هو يذكر دائما أن الباكستان ما أنشئت إلا من أجل الإسلام وأن حياتها ومستقبلها يتوافقهان على صدقها في إسلامها. أما المثقفون فستعجب حين تعلم أن ثقافتهم لم تستطع أن تطفئ في أنفسهم الغيرة على الإسلام ولا أن ترفع من رؤوسهم الإيمان بكماله وروعته.
- إن إقبال شاعر باكستان وفيلسوفها الذي تخرج في الفلسفة من كمبردج وانتدب للتدريس فيها هو الذي يقول:
(أضحى الإسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطنا)
(توحيد الله لنا نور أعددنا الروح له سكنا)
(الكون يزول ولا تمحى في الدهر صحائف سؤددنا)
(إن اسم محمد الهادي ورح الأمال لنهضتنا)- هكذا رأيت الإسلام والمسلمين في الباكستان أو ليس ذلك مما يبعث الرضا في النفس والإعجاب بهذا الإسلام العظيم الذي استطاع أن يظل نابضا في قلوب هؤلاء المسلمين بعد مائة وخمسين سنة من الاستعمار الإنجليزي البغيض الذي تعتبر صفحاته في الهند أسوأ صفحات الاستعمار في التاريخ.
- وكيف حال المسلمين في الهند بعد التقسيم؟
- هم لا يقلون عن إخوانهم في الباكستان إيمانا بالإسلام وتحمسا له وإنما أقعدتهم ظروف حياتهم عن الهجرة كما أن باكستان لا تستطيع أن تستوعب عددهم الضخم الذي يبلغ أربعين مليونا. قود كانوا قبل اتفاقية لياقت نهرو الأخيرة يعانون خطرا شديدا على حياتهم حتى أن قرية كاملة هاجرت لأنها أمرت أن تتهندك وتترك دينها وإما أن تهاجر فآثرت دينها وهاجرت، وسبب الخطر الشيد على المسلمين جمعية هندوكية متطرفة اسمها المهامسبابا وهي التي قتل عضوان منها غاندي الزعيم الهندوكي لأنه رغم هندوكيته التي لا يشكون فيها بطيء في التنفيذ ولكن الأمل كبير في أن تنجح الاتفاقية الأخيرة في تحسين اللاقات بين الهند والباكستان وقد زار وفد من الباكستان ووفد من الباكستان الهند يحمل كل منهما إلى بلد الآخر تحيات شعبه وترحيبه بالعلاقات الطيبة بين البلدين ولاشك أن في استمرار العلاقات الطيبة بين الباكستان والهند خير لهما كليهما.
- هل لباكستان جيشا قويا؟
- أجل، واهتمام الحكومة الأكبر موجه إلى الجيش وقد استطعت أن اطمئن إلى أن الجندي الباكستاني من أقوى جنود العالم.
- ما الموقف في قضية كشمير؟
- مسألة كشمير بالنسبة لشعب باكستان مسألة حياة أو موت كمسألة السودان لمصر وموقف الباكستان فيها موقف واضح بسيط فهي تطالب بالاستفتاء وتصر عليه وتكرر دائما أنها لن تسمح بأية محاولة لعلاج قضية كشمير يحرم فيها شعب كشمير من حقه الطبيعي في تقرير مصيره. مندوب هيئة الأمم يزور الآن كشمير ويتصل بحكومتي الباكستان والهند ليكتب تقريره
- لقد زرت كشمير ولمست بنفسي ولاء أهليها لباكستان وأطربتني روح المجاهدين المتطوعين الذين لا يزالون يرابطون على جبال كشمير ووديانها ويتعالى تكبيرهم هناك صباح مساء.
- ما هو حزب الرابطة الذي جئتم تمثلونه في هذه الرحلة؟
- هو الحزب الذي كان يرأسه المرحوم محمد على جناح والذي سهر على قضية الباكستان حتى أنشئت ورئيسه الآن السيد خليق الزمان ومن أعضاءه رجال الحكومة وهو الحزب الوحيد في البلاد.
- وكيف حدث اختياركم لهذه المهمة؟
- طلب إلى الحزب أن أقوم برحلة في الشرق الأوسط لأنقل إلى أهله الصورة التي رأيتها عن الباكستان تحقيقا لمعنى التعارف الذي يحتاج إليه المسلمون في هذه الفترة من حياتهم وقد اتصل الحزب بالحكومة المصرية ليعرف رأيها في هذا الأمر فوافقت مشكورة عليه.
- ما برنامجكم في هذه الرحلة؟
- سأقضي في مصر إن شاء الله حتى حوالي منتصف شوال ثم أذهب إلى سوريا وتركيا والعراق وشرق الأردن وفلسطين ثم أعود إلى مصر لأواصل الرحلة إلى مراكش إذا سمحت السلطات الفرنسية ثم أؤدي فريضة الحج وأعود بعد ذلك إلى الباكستان إن شاء الله.
المراجع
- المسلمون – العدد (4) – جماد آخر 1371هـ مارس 1952م.
- كان من شباب الإخوان المسلمين النشيطين فى كليه الحقوق، حيث تخرج فيها، ثم تولى إدارة مجلة الشهاب الشهرية التى أصدرها الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله عام 1948م ساهم فى تأسيس رابطة العالم الإسلامى بمكة المكرمة، كما كان الأمين العام للمؤتمر الإسلامى للقدس، وأسس المركز الإسلامى فى جنيف، وواصل إصدار مجلة المسلمون كبديل لمجلة الشهاب تزوج من الابنة الكبرى للإمام الشهيد وخرج من مصر فارًا بدينه هربًا من الطاغوت عام 1954 وحوكم غيابيًا وصدر ضده أكثر من حكم، حصل على درجة الدكتوراه فى الاقتصاد، وعمل فى بعض الجامعات الأوروبية وتوفى عام 1995م.
- مجلة الدعوة – العدد (3) – 7جماد أول 1370هـ 13 فبراير 1951م - ص(12، 31).
- لواء الإسلام – رجب 1408هـ 19/2/1988م.
- سورة الأنفال الآية 39.
- سورة الأحزاب الآية 23.
- سورة التوبة الآية 111.
- الدعوة – العدد (5) – 21 جمادى الأولى 1370هـ 27 فبراير 1951م.