قنبلة غزة الموقوتة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
قنبلة غزة الموقوتة
علم فلسطين.jpg


بقلم : باتريك سيل

بعد انتهاء التهدئة بين إسرائيل و" حماس "، أصبحت غزة أكثر النقاط التهاباً في الشرق الأوسط، وهو ما حدا بالسكرتير العام للأمم المتحدة "بان كي مون" إلى إصدار صيحة تحذير، ودفع توني بلير موفد "الرباعية" للشرق الأوسط إلى حث إسرائيل على نزع فتيل التوتر من خلال رفع الحصار عن القطاع.

والجميع يعرف أن الأمر لن يتطلب أكثر من شرارة تتمثل في صاروخ "قسام" يسقط فوق سطح منزل في "سيدروت"، كي يشعل نار حرب شاملة، تكمن المفارقة أن أياً من الطرفين لا يريدها في الحقيقة.

ففي يوم الجمعة التاسع عشر من ديسمبر الجاري، أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لـ" حماس "، أن التهدئة لن تجدد، كما أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي " إيهود أولمرت " أن الهدنة "قد فقدت أي معنى لها".

" حماس " لا تزال "منظمة إرهابية" في نظر إسرائيل، وهذه الأخيرة تنظر إليها " حماس " على أنها لا تزال "العدو الصهيوني " الذي اغتصب فلسطين العربية.

أما وزير الدفاع الإسرائيلي " إيهود أولمرت " فيدرك جيداً المخاطر العسكرية والسياسية التي يمكن أن تترتب على قيام جيش بلاده بأي عملية عسكرية شاملة ضد القطاع مما يدفعه للتفكير جيداً قبل الإقدام على مثل تلك العملية.

ولكن موقفه هذا يعرضه إلى انتقادات مستمرة واتهامات بالمبالغة في الحرص من قبل المنافسين له مثل "تسيبي ليفني"، رئيسة حزب "كاديما"، ناهيك عن تلك التي يتلقاها من زعيم "الليكود" المتشدد "بنيامين نتينياهو".

في الجانب الآخر، يواجه إسماعيل هنية ، ضغطاً من العناصر الأكثر تشدداً في معسكره، سواء من الجماعات المسلحة المتلهفة لمعاقبة إسرائيل، أو من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة في دمشق.

وإسرائيل و" حماس " يوجهان اللوم لبعضهما بعضاً على انهيار التهدئة. فإسرائيل تشكو من أن الهجمات الصاروخية على جنوب إسرائيل لم تتوقف في أي وقت، في حين ترى " حماس " أن إسرائيل لم تف بتعهداتها بموجب التهدئة منذ توقيعها، وأنها بدلاً من تخفيف الحصار على القطاع، كما تنص بنود التهدئة، عملت على مضاعفته، مما أوصل القطاع إلى حالة من الفقر المدقع.

ووفقاً لمصادر الأمم المتحدة، فإن 76 في المئة من سكان القطاع البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة هم الآن في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة... وقد أدى إغلاق إسرائيل لنقاط العبور إلى غزة ، إلى إجبار القطاع المحاصر على الاعتماد في بقائه على البضائع المهربة من مصر عبر مئات الأنفاق السرية، دون أن يدفع ذلك مصر إلى فتح معبر رفح لأنها تشك أن إسرائيل ترغب في أن تحول إليها المسؤولية الكاملة عن إدارة القطاع المضطرب.

بأي حال من الأحوال، يمكن القول إن مصر تحمل قدراً كبيراً من عدم القبول ل حركة المقاومة الإسلامية حماس التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع جماعة الإخوان المسلمين المعارضة داخل مصر.

إلى ذلك، تتهم مصر إيران ، منافستها الإقليمية بأنها تستغل القضية الفلسطينية كوسيلة لتحقيق أغراضها الخاصة، وهو ما أدى إلى تدهور حاد في العلاقات المصرية- الإيرانية المتوترة أصلاً.

ومن المعروف أن مصر هي التي توسطت من أجل التوصل إلى التهدئة الأولى بين إسرائيل و" حماس " منذ 6 أشهر. ولكن، نظراً لعدم قدرتها على فرض شروط ملزمة على الطرفين، فإنها اضطرت تسييراً للأمور إلى القبول على مضض بتعهدات غير مؤكدة من الجانبين.

وكان السبب في ذلك أن كل طرف من الطرفين كان يرفض منح الاعتراف للطرف الآخر، ناهيك عن الشرعية. فـ" حماس " لا تزال "منظمة إرهابية" في نظر إسرائيل، التي تنظر إليها " حماس " في المقابل على أنها لا تزال "العدو الصهيوني "، الذي اغتصب فلسطين العربية.

ولكي يتم التوصل إلى تسوية سلمية بأي صورة من الصور بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أو يتم وضع الرئيس المنتخب تحت ضغط دولي لإعطاء الصراع بين الجانبين أولوية خاصة عندما يتسلم مهام منصبه في يناير، فإن كلاً من الطرفين بحاجة إلى تغيير لهجة خطابه.

ولكي تكتسب " حماس " دعماً دولياً، فإنها بحاجة إلى إعادة التأكيد العلني لمضمون الرسالة التي سلمتها في أبريل الماضي إلى الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر ، وفي فترة أحدث إلى "إيف أوبان دو لا ميسوزير" الدبلوماسي الفرنسي السابق.

مضمون هذه الرسالة هو أن " حماس " لم تعد تتمسك بميثاق 1987 الذي يدعو إلى تدمير إسرائيل، وأنها تدعم إقامة دولة فلسطينية داخل حدود 1967 شريطة أن تتم الموافقة على هذا الحل من خلال استفتاء عام للشعب الفلسطيني.

مثل هذا المضمون، إذا ما تم تكراره بوضوح وتأكيد كافيين، فإنه سيعني أن " حماس " قد أصبحت متماشية مع الإجماع الدولي، وأنها مستعدة لفتح باب الحوار مع الاتحاد الأوروبي، ومع الولايات المتحدة ذاتها.

من الناحية الأخرى، إذا ما كانت إسرائيل تريد السلام، فإنها ستحتاج إلى الاعتراف بأن " حماس " رقم صعب في المعادلة الفلسطينية، وأنه لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال.

والقادة الإسرائيليون الذين يستعدون للانتخابات العامة في العاشر من فبراير القادم يدركون جيداً أن بلدهم من المحتمل أن يواجه ضغطاً متزايداً خلال السنة القادمة للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ومع سوريا.

والشواهد المبدئية لهذا الضغط أصبحت واضحة للعيان بالفعل. فهي تشمل قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 16 ديسمبر الحالي، برعاية الولايات المتحدة وروسيا، اللتين أعربتا عن دعمهما لفكرة إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش في سلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل.

وهناك أيضاً وثيقة الاتحاد الأوروبي، التي توصي بتكوين قوة دولية لحفظ السلام تعمل في الأراضي الفلسطينية، وإنشاء صندوق لتعويض اللاجئين الفلسطينيين.

ومن الشواهد الأخرى لتصلب الرأي العام الغربي ضد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ذلك التحذير الذي أصدرته وزارة الخارجية البريطانية للبريطانيين بعدم شراء أي أراض أو منازل في المستعمرات الواقعة في الضفة الغربية، أو في هضبة الجولان، لأن أي تسوية سلمية يمكن أن تترتب عليها "نتائج" تتعلق بهذه العقارات.

إن غزة يمكن أن تتحول إلى واحدة من أكبر مشكلات أوباما، ولذلك فهو مطالب بالعمل بسرعة إذا ما كان يريد حقاً تجنب انفجار يمكن أن يعيد قضية سلام الشرق الأوسط إلى الوراء لفترة طويلة قادمة.

المصدر