قمة أممية لم تنعقد الأخوة الإنسانية
(11-12-2015م)
هذا الأسبوع تنتهي أعمال القمة الأممية الواحدة والعشرون الخاصة بالتلوث البيئي في فرنسا، ويعود باقي الأربعين ألف مندوب وزائر وصحافي وإعلامي إلى أوطانهم وهم المجموعة التي صاحبت الرؤساء والملوك أو مندوبيهم في حفلات الافتتاح وهم الذين وقفوا صفوفا متراصة أمام كاميرات المصورين ليُوْصل كل واحد منهم رسالته إلى شعبه أنه هناك (باريس)
وهي المناسبة التي ينتهزها البعض منهم ليقول في رسالته هذه أنه زعيم أممي إذا حظي بالتقاط صورة مع كبير أو أكثر من كبار المـُلَوِثين في العالم إضافة إلى الصورة الجماعية وهو يعلم وشعبه يعلم وهؤلاء المـُلَوِثين يعلمون أن هذا الزعيم لا ناقة له ولا جمل في الثلوت البيئي الكوني فلا مصانع يملكها تبث سمومها في الكرة الأرضية ولا منتجات تخشى البيئة منها في رفع حرارة الأرض التي تتسبب في ذوبان الجليد في القطبين مهددة أراض ودولا بالغرق
ولولا الأممية المجني عليها ما تمت دعوته ولا انشغل مندوبو الزعيم الأممي (بان كي مون) باستقبالهم بعد أن اكتفى هو نفسه ومعه الرئيس الفرنسي باستقبال كبار المـُلَوِثين وأنصافهم، ويعود الآن إلى مكتبه في مدينة نيويورك الأمريكية سعيدا بهذا الحشد الأممي الرسمي الغير المسبوق الذي يؤكد زعامته لمؤتمر لم تخدش فعالياته أثناء لقاءاتها وصول درجة التلوث في بكين عاصمة الصين أكبر ملوث للبيئة في العالم إلى الدرجة الحمراء
تماما مثل مشاعر الرئيس الفرنسي أولاند الذي نجحت بلاده في استضافة المؤتمر حشدا وأمنا وتغطية إعلامية بعد أزمة ضحايا العمل الإرهابي في باريس 14 – 11 – 2015م لترتفع نسبة شعبيته بين شعبه من 30% إلى 50%.
هذا الأسبوع حمل مفارقتين
- أولاهما: أن يوم 10 ديسمبر من كل عام هو يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تناساه الزعيم الأممي وباقي الزعماء الحضور في باريس
- والثانية: هي الأزمة العالمية في منطقة الشرق الأوسط التي تحركت في سبيلها أساطيل بحرية وحاملات طائرات وتصاعد الحرب في جنوب الجزيرة العربية والقصف الجوي على الساحة المحدودة في الأرض السورية والعراقية من عشرات الطائرات التابعة للتحالف الدولي الذي زاد عن 65 دولة
والعدد غير المسبوق للبراميل المتفجرة التي تم إسقاطها على الثلث السوري المتواجد فيه داعش وداعموه ومناهضوه والمدنيين العزل التي وصل عددها في الشهر الأخير إلى 1000 برميل، ومع كل ذلك فلم نسمع أو نقرأ أن الاجتماع الأممي المنعقد في باريس رغم تجاهله لتاريخ اليوم العالمي الأممي لحقوق الإنسان قد أعار اهتماما لما يحدث من نتائج هذه الحرب
بإعطاء الاعتبار لهذه القضية وتأثيرها على البيئة بما تستحقه من اهتمام والذي وصل إلى حد في انتظار أن تعلن منظمة الصحة العالمية (إذا تحقق استقلالها) أن مياه البحر المتوسط قد وصلت إلى الدرجة الحمراء مع جثث اللاجئين الهاربين من المحارق الإنسانية على شواطئه ومع ما تنفثه في كل دقيقة محركات السفن والبوارج الحربية النووية وغيرها من سموم.
قد يصدر الأمين العام الأممي رسالة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقد يقيم حفلا (كوكتيل) لمجموعة من الطبقة العليا من البشر التي اعتادت صياغة الكلمات والحديث في مثل هذه المناسبات، وقد يتعرض أحدهم بالأصالة عن نفسه أو بالنيابة عن رئيسه أو زعيمه إلى موضوع الكراهية الجديد الذي رفع لواءه الساعي إلى ترشيح نفسه عن الحزب الجمهوري الأمريكي (دونالد ترمب) والذي بلغت نسبة التأييد له داخل حزبه إلى 35% !!
وستأتي الكلمات الساخنة المستنكرة التي لن تكون أقل سخونة من كلمات الرئيس الأمريكي أوباما الرافضة لهذه الكراهية والتي أدلى بها بمناسبة الذكرى السنوية الـ150 للتعديل رقم 13 الذي ألغى العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية
ولن تكون بالتأكيد أقل مصداقية من استنكار بعض الزعماء الدوليين من أمثال رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون أو الفرنسي أو حتى الرئيس الروسي، أو من أصوات قرابة نصف مليون بريطاني طالبوا دولتهم بمنع هذا الساعي إلى رئاسة الولايات المتحدة من دخول بريطانيا، وهي أصوات ليس من العدالة تجاهلها.
وتبقى حقوق الإنسان التي ضاعت أمميا بين تلوث بيئي وحروب وسفك دماء وبين تلوث فكري تجاوز محرمات الأديان بالزور والبهتان وبالحقوق التي تفرضها أصل الآدمية في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم لآدم وآدم من تراب) لتقفز في السنوات الأخيرة إلى حروب طائفية داخل الأمة الواحدة التي تشهد بأن لا إله إلا الله محمدا رسول الله
والتي هي أشد وقعا وقسوة على البيئة والإنسان التي جمعت (دونالد ترمب الأمريكي) مع (عبد الفتاح السيسي المصري) صاحب المقولة الشيطانية التي يتهم فيها زورا وبهتانا المليار و600 مليون مسلم بسعيهم إلى قتل باقي بني آدم، وهي المقولة التي فتحت له أبواب ونوافذ وأحضان وخزائن كل القوى الملوثة.
وفي انتظار قمة أممية تنعقد لحقوق الإنسان لا يحضرها أمثال ترمب والسيسي تؤكد الأخوة الإنسانية ومبادئ العدالة لكل ما خلقه الله على الأرض على الأسس الربانية وما انتهت إليه الإنسانية من خلالها لا تقف فقط على المسؤول الأممي ولا كل المـُلَوثِين يبقى التكليف قائما والحساب قادم لا مهرب منه (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم من فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون).
المصدر
- مقال: قمة أممية لم تنعقد الأخوة الإنسانية موقع إخوان برس