قمة «سرت» العربية تلقي كل العبء على الشعوب والمقاومة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
قمة «سرت» العربية تلقي كل العبء على الشعوب والمقاومة


بقلم: الأستاذ إبراهيم المصري

الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان

الجامعة الجامعة العربية تلقي كل العبء على الشعوب والمقاومة

انتظر العرب طويلاً مؤتمر القمة الثاني والعشرين.

وقد انعقد هذا العام في «سرت» لمجرد أنها مسقط رأس العقيد معمّر القذافي، الزعيم الثوري الجماهيري الذي يفاخر بأنه بات عميد الملوك والرؤساء العرب، وقد تربع على عرش السلطة قبل أكثر من أربعين عاماً.

لكن القمة العربية اقتصرت هذه الدورة على جلسة افتتاحية (استمرت ثلاث ساعات) في اليوم الأول، وجلسة ختامية، ظهر فيها القذافي وحده، ثم أسند الى الأمين العام للجامعة عمرو موسى تلاوة البيان الختامي. وقد جاء تقليدياً ليس فيه جديد.

كان يمكن لبيان القمة العربية أن يكون تقليدياً في ظروف عربية عادية، لكن العالم العربي يعاني أزمات حادة، سواء في بنية النظام العربي أو على مستوى علاقات الدول العربية بعضها مع بعض، وصولاً الى الخطر المصيري الكياني الصهيوني الذي يتهدد الوجود العربي كله، بما في ذلك المقدسات الإسلامية والمسيحية.

وقد جاءت القمة بعد محاولات تهويد المسجد الأقصى وبعد انكفاء محاولات التفاوض التي يقوم بها رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته (محمود عباس)، وبعد الصفعة التي وجهتها حكومة الكيان الصهيوني بإصرارها على استمرار الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، لا سيما في القدس، واصدارها بياناً يقضي بإقامة 1600 وحدة استيطانية، في وقت كان يقوم نائب الرئيس الأميركي (جو بايدن) بزيارة الكيان الصهيوني في محاولة لاطلاق المفاوضات غير المباشرة مع السلطة الفلسطينية، شرط وقف الاستيطان لمدة أربعة أشهر.

ومع هذا فإن القمة العربية لم تسحب مبادرتها التي سبق لها أن أطلقتها في قمة بيروت عام 2002، وهي تنص على التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني مقابل الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي العربية التي احتلت عام 1967، مع أن الملك عبد الله بن عبد العزيز كان أعلن في خطاب سابق له أن «المبادرة العربية لن تبقى طويلاً على الطاولة» بعدما رفضها الجانب الاسرائيلي بشكل قاطع.

بعض العرب كانوا يراهنون على الخلاف الذي نشأ ما بين حكومة نتن ياهو وادارة الرئيس باراك أوباما، وأن الأخير سوف يمارس ضغطاً على اسرائيل يلزمها بوقف الاستيطان لا سيما في القدس المحتلة.

لكن نتن ياهو رفض التراجع، وسافر إلى واشنطن ليشارك في أعمال اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (ايباك)، وهناك التقى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وتصافح معها، ثم أدلى من هناك بتصريح قال فيه «ان القدس خارج النقاش والمفاوضات، وان عملية تهويدها لن تتوقف». بماذا أجاب الملوك والرؤساء العرب؟ لا شيء.

ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ما زال مصراً على اعتبار التفاوض مع سلطات الاحتلال هو المسعى الوحيد المجدي، وهو ما زال ينتظر.

لكن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان وجه اليه صفعة مؤلمة، جديرة بالملاحظة في هذا الوقت بالذات.

فقد أدلى بحديث الى صحيفة «معاريف» يوم الاثنين الماضي قال فيه «ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حض اسرائيل على اطاحة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في حرب غزة العام الماضي».

وأضاف: «شاهدت عباس في أحسن حالاته، خلال عملية الرصاص المصوب اتصل بي شخصياً ومارس ضغطاً وطالبنا بأن نطيح بحماس ونقصيها من السلطة..»، وكان عباس قد حرص على أن يستأنف اتهامه لحركة حماس من موقعه في قاعة المؤتمر، فتحدث عن الانقلاب العسكري الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة، مما فوّت عليه فرصة اجراء مفاوضات باسم كل فلسطين مع سلطات الاحتلال الصهيوني.

بالأمس (30 آذار) مرت ذكرى يوم الأرض، اتحد فيها الشعب الفلسطيني في كل الأراضي الفلسطينية، وتظاهرت كل القوى الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة ومناطق 1948، وتأكد للعالم أن الشعب الفلسطيني الأعزل يواجه وحده قوات الاحتلال وآلته الحربية، والعرب من حوله يتفرّجون، والقمة العربية التي انعقدت وانفضت منذ أيام لم تقدم (بل لم تقل) شيئاً يذكر.

وقد نقلت جريدة «الشروق» المصرية أن اللوبي الصهيوني (ايباك) وجه في مؤتمره الأخير التحيّة الى مصر لقيامها ببناء السور الفولاذي العازل بين سيناء وغزة.

وقبل ذلك بأيام (19/3) نشرت صحيفة «المصري اليوم» أن وفداً عسكرياً أمريكياً قام بزيارة منطقة الحدود المصرية مع القطاع لتفقد المرحلة الأخيرة من الجدار الفولاذي والاطمئنان الى حسن سير العمل في المشروع.. وبعد كل هذا يقول مرتزقة النظام ان الجدار العازل هو من ضرورات الأمن القومي المصري.

هذه هي حال الأمة إبّان عقد القمة العربية، لذلك فإن الملوك والرؤساء العرب لم يجدوا ما يقدمونه لشعوبهم سوى وعد بعقد قمة استثنائية بعد خمسة أشهر.

والمقترحات (غير الناضجة) التي طرحها عمرو موسى جرى صرف النظر عنها في الجلسة الختامية، فقد اقترح اقامة اطار جديد سماه «الجوار العربي» يضم تركيا وإيران وتشاد، وان يجري فتح حوار عربي مع إيران لمعالجة اشكالياتها مع بعض دول الخليج، كقضية الجزر وغيرها، لكن وزير الخارجية المصري (أحمد أبو الغيط) علّق على ذلك بقوله: ان غالبية الدول العربية لا ترحب بذلك!!

لم يبق في القمة سوى خطاب رئيس وزراء تركيا طيب رجب أردوغان، فقد عقب على قول وزير داخلية الكيان الصهيوني بأن القدس ستبقى عاصمة اسرائيل الأبدية، واصفاً ذلك بأنه جنون.

وأضاف أردوغان: «ان مصير استامبول كمصير دمشق وبغداد والرياض ومكة، ومن دون شك مثل مصير القدس كذلك»، وقال: «ان القدس قرّة عين لكل العالم الإسلامي».

يقول خصومه من الأتراك إن الرجل يراهن على مصالحه الانتخابية، وهو يريد أن يرفع مستوى تأييده في الشارع التركي.

قد يكون هذا صحيحاً، لكن ماذا عن الملوك والرؤساء والعرب؟ لماذا لا يراهنون على جماهيرهم العربية فتمنحهم تأييدها وتستقبلهم في المطارات؟!

قد تبدو الصورة في الساحة العربية قائمة، هذا صحيح، لكن هناك وقائع لم تكن موجودة باتت تشكل رقماً أساسياً في المعادلة، سواء داخل الساحة العربية أو في الصراع مع المشروع الصهيوني. إنه المقاومة، الإسلامية هذه المرة.

فقد بدأت وطنية وفلسطينية، لكن جذورها الإسلامية باتت عميقة بحيث لا يمكن تجاوزها أو اجتثاثها.

وغزة الصامدة التي استعصت على أيّ اختراق اسرائيلي (كما حدث في الضفة الغربية) شاهد على ذلك.

هذا في جنوب فلسطين، أما في شمالها فإن المقاومة الإسلامية التي نجحت في تحرير معظم الجنوب اللبناني باتت تشكل رقماً أساسياً في المعادلة الاقليمية.

والأمل كبير في أن يتسع نطاق المقاومة، لتشكل حالة عامة في كل أنحاء الوطن العربي.

المصدر