قصـة اغتيـال حســـن البنا

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

فهرس الكتاب

وتعتقل وزارة النقراشى كل المعروفين من الاخوان عام 1949 وكنت من بين المعتقلين . فلما قتل النقراشى بدأت وزارة إبراهيم عبد الهادى تدبر مؤامرة اغتيال الامام الشهيد لا انتقاما لمقتل النقراشى ولكنه طمأنة لفاروق حيث أن فاروق شعر أن دعوة الاخوان المسلمين تستهدفه ولا أنكر أن " مصر الفتاة " لعبت دورا فى المجال نفسه ولو طال وجود فاروق لقتل " أحمد حسين " كذلك .

وقد حدث أن اتصل أحد الوزراء بالامام الشهيد فى 12 فبراير ( شباط ) 1949 ليلقاه فى مبنى جمعية الشبان المسلمين وهو يقع فى أزحم شوارع القاهرة وظل الامام ينتظر هناك ومعه زوج شقيقته الأستاذ عبد الكريم منصور ولما غابت الشمس ولم يف الوزير المنتظر بوعده خرج الامام والأستاذ عبد الكريم منصور واستوقفا تاكسيا وما أن استقر فيه حتى أطفئت أنوار الشوارع وأقبل اثنان أو ثلاثة من المخبرين وأطلقا سيلا من الرصاص على الأستاذ ومرافقه ورغم أن إصابة الامام كانت قاتلة إلا أنه تحامل على نفسه وعاد الى جمعية الشبان المسلمين واستدعى الاسعاف بنفسه ونقلتهما سيارة الاسعاف الى قصر العينى وكانت الأوامر قد صدرت بعدم إسعاف الامام وتركوا جراحه تنزف وقبل أن يلفظ النفس الأخير جاء فاروق الى ا لقصر العينى شامتا ومتشفيا وبصق على ا لامام ففتح عينيه وقال لفاروق : مزق الله ملكك . وكانت أبواب السمكاء مفتحة فاستجاب الله الدعاء وتمزق ملك فاروق الى ا لأبد .

وهكذا فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وقد أقسم بعزته وجلاله لينصرن المظلوم ولو بعد حين . ومع هذا الوعيد الربانى فلا يزال الظالمون فى كل مراحل التاريخ لا يتعظون أو يرعوون .

ما من شك أن فى هذا حكمة علوية لا تدركها عقولنا القاصرة وكل ما نستطيع أن نقوله فى حدود هذه العقول المخلوقة لآ الخالقة أن النهار لا يعرف إلا بزوال الليل وأن الحق لا يتجلى إلا عند انتشار الباطل وأن العدل لا يعرف إلا إذا كان هناك ظلم وأن ا لحرية لا تعشق إلا إذا ساد قهر أو استبداد ..

لقد أفضى الامام ا لشهيد الى ما قدم من خير ولا نزكى على الله أحدا بعد أن ملأ طباق الأرض بدعوة الاخوان المسلمين . وما أسعدنا وأسعد حكام المسلمين يوم أن يتبنوا هذه الدعوة التى تجعل قوائم حكمهم أرسخ من الشم الرواسى وما ذلك على ا لله بعزيز .

إننا نؤكد لهم أننا أخلص جند لهم إذا ما حكمونا بشرع الله المنصف ليصبح كل منا عن أخيه راضيا . رحم الله إمامنا الشهيد بعدأن تركنا على محجة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ليلها كنهارها بعد أن أزال من فوقها غبش القرون وغفلة المسلمين .

بعد وفاة ا لامام الشهيد رضوان الله عليه حدث ما يحدث فى كل جماعة وحزب وهل نحن إلا بشرا حدث أن تباينت الأراء فيمن يخلفه فى قيادة الجماعة فقد كان هناك المرحوم الأستاذ صالح عشماوى وكيل الجماعة وهو متخرج من كلية التجارة وكان ترتيبه الأول على دفعته ولكنه آثر العمل الحر فى صفوف الجماعة على قيود الوظيفة .

وكان هناك الأستاذ عبد الرحمن البنا شقيق الامام الشهيد وهو أهل لكل مكرمة وكان هناك المرحوم الأستاذ عبد الحكيم عابدين سكرتير الجماعة وهو حاصل على شهادتى الأداب والحقوق وكان شعلة من الذكاء والحركة وخطيبا مفوها وكان هناك الأستاذ الباقورى بلباقته وعلمه وإسلوبه الأدبى .

وكان لكل من هؤلاء من يفضل انتخابه مرشدا عاما . وقد يشتد الخلاف حينا وقد تخف حدته حينا آخر ولكنى على الحالين لم أكن أرى موجبا لهذا الخلاف فلم أفضل واحدا على الآخر وكنت أرى أيهم ينتخب ففى قيادته الخير . وطالت مدة الخلاف دون أن يؤثر ذلك على تمسك الاخوان بدعوتهم مترقبين مرشدهم الجديد .

وأخيرا رأى المرحوم الأستاذ منير الدلة المستشار فى مجلس الدولة والأستاذ فريد عبد الخالق وهو من رجال التدريس والأستاذ صالح أبو رقيق المستشار فى الجامعة العربية رأوا ومعهم آخرون أن يحسم هذا الخلاف برجل من رجال القضاء ليس من الاخوان ظاهرا وإن كان فى صميمهم حقيقة وصادف هذا الاختيار أهله واجتمعالاخوان فى منزل المرحوم الأستاذ صالح عشماوى وبايعت الهيئة التأسيسية الأستاذ الهضيبى مرشدا للإخوان المسلمين عام 1952.

وفضيلة الأستاذ الهضيبى كان وكيلا لمحكمة النقض وقد قرأ كتاب الفقة ويعجب بأراء ابن حزم حتى أنه قرأ المحلى كله والوسيط وكان فقيها فى الشريعة دائم الربط بين أحكامه وقواعد الاسلام وكانت حيثيات أحكامه تمتاز بالأسلوب البلاغى البديع وكانت أحكامه على الأغلب مبادىء قانونية يرتاح اليها القضاة من أقرانه .

ولقد رأيت بعينى رأسى فضيلته يحضر بعض مؤتمرات الاخوان المسلمين وأذكر أننا فى حفل بمركز شبين القناطر وكان يحضره دعيت الى القاء كلمة بدأتها بأن دعوة الاخوان المسلمين تمتاز عن غيرها بعد تجريح الآخرين أو مهاجمتهم لأننا لا نرضى لطهر دعوتنا أن يعكر صفاؤها بالنيل من أحد . بيد أن حماس الموقف دفعنى الى كلمات لا تتفق مع ما بدأت به من احتراز فإذا بفضيلته وكان إذ ذاك لا يزال مستشارا بمحكمة النقض إذا به يقول : عد الى ما كنت فيه فتنبهت الى المزلق ورجعت الى ما أخذت نفسى به .


فهرس الكتاب