قصص البطولة في حرب الفرقان
قصص البطولة في حرب الفرقان
عهدا على الأيام ألا تهزموا ... فالنصر ينبت حيث يرويه الدم
القسام – خاص
- لا تعرف الرجال إلا في المواقف الصعبة، حينما تخرس الألسنة وتتكلم الحراب والسيوف ، حينما يحين الانتقام والثأر من قتلة الأطفال والنساء والشيوخ.
- يا لها من لحظات، حينما يحين الميعاد للانتقام من الأوغاد، حينما يغتروا بقوتهم الكبيرة، ويتقدموا إلى مخيماتنا، فلا يجدوا إلا ثبات أبناء القسام الذي لم يكن في حسبانهم، ولا يجدوا إلا قذائف الإيمان تنطلق نحوهم لتدمر آلياتهم، وتسحق جنودهم، وتقلب المعادلة رأسا على عقب.
- ومن رحم المعاناة والألم، ومن بين حجارة البيوت المتناثرة، ومن بين وليد يبحث عن أبيه الشهيد، وعن ثكلى تبكي ابنها الفقيد، وعن أرملة ترثي زوجها الذي غاب في الثرى البعيد، أطل رجال القسام الميامين الذين باعوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله عز وجل.
- هم القساميون الذين تركوا زوجاتهم وأبناءهم وبيوتهم منطلقين نحو الجهاد في سبيل الله عز وجل حاملين أرواحهم على أكفهم، الذين يمضون على درب من سبقهم من الشهداء، وعلى خطى القادة الأبرار الشهداء الذين خطوا بدمائهم طريق المجد والكرامة والعزة والإباء.
- ومن هنا من البقعة الصغيرة على الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط، الذي زرع الاحتلال فيها الموت في كل مكان، فاحتلها عام 1967م، وقتل الكثير من أبنائها، وهدم الكثير من بيوتها، واعتقل الكثيرين من أبنائها الميامين.
- فخرج له المجاهدون من كل صوب يطلبون دماء الجنود الصهاينة، ومدافعين عن ثرى غزتهم الحبيبة، وكيف لا وهي التي احتضنتهم وفيها ترعرعوا، ومن مائها شربوا.
- ومن السابع والعشرين من شهر ديسمبر لعام 2008م، بدأت حكاية التضحيات، وكانت وحدها المدافع تحكي الحكاية، وعبر البنادق كان الحوار، وكان سجل المفاوضات مع العدو مكتوبا بالدم القاني الأحمر، الذي هو عنوان هذه المرحلة، لا المفاوضات عبر طاولات الخزي والمهانة عندما يصافح من يدعون أنهم ينتمون إلى قضيتنا يصافحون أعداءنا وقاتلي أطفالنا.
- في ذلك اليوم كان الهدوء منذ الصباح سيد الموقف، وكان الناس يسيرون في الطرقات مطمئنين هادئين، وكان طلاب المدارس حينها عائدين من مدارسهم سالمين، ينتظرون عودة آبائهم من عملهم في الشرطة الفلسطينية.
- وعندما حان موعد الظهيرة، علت أصوات القصف أرجاء قطاع غزة بأكمله، ودوت أصوات سيارات الإسعاف في كل مكان، إنهم الجبناء الغادرون إخوان القدرة والخنازير، وكان في ذلك اليوم قد قام الصهاينة باستهداف 60 موقعا للشرطة الفلسطينية والقسام خلف مئات الشهداء.
- وكان أول الرد من القسام بإطلاق العشرات من صواريخ العز القسامية، لتحيل أوكار العدو نارا وركاما، ويهجر الصهاينة من بلادنا المحتلة ويختبئون مثل الجرذان في جحورهم، في حين كان أطفالنا في وسط الحرب يلعبون في شوارعنا لا يأبهون بالقصف الصهيوني، فشعبنا شعب الإرادة القوية التي تتحكم عليه كل المؤامرات.
- وبعد أيام من الحرب، أعلن الصهاينة بدأ الحرب البرية،وهنا طار أبناء القسام فرحا،لأنهم سيواجهون الصهاينة على الأرض وجها لوجه، على الرغم من التفوق العددي والعتاد لصالح المحتل الذي يمتلك الدبابات المحصنة والدروع القوية والوسائل القتالية الحديثة.
ومن هنا تبدأ حكاية البطولات والتضحيات في سبيل الله عز وجل.
المكان : جبل الريس: حي التفاح شرق مدينة غزة
الزمان : صباح يوم الاثنين الخامس من يناير 2009
محتويات
المشهد وتفاصيله
- مجموعات من العناصر الاستشهادية هؤلاء الاستشهاديون الذين بكوا كثيرا حتى قبلهم إخوانهم ليكونوا في المقدمة وليفجروا أنفسهم في الصهاينة، حاملين أحزمتهم الناسفة في كل وقت وفي كل حين من الحرب مستعدين لأن يفدوا الدين بأرواحهم، و كل مجموعة منهم تضم استشهاديين اثنين والأولى في المقدمة، والثانية في القلب، والثالثة في المؤخرة، كل مجموعة منها تحمل عدتها العسكرية، ومن ضمنها عبوات مضادة للأفراد وأسلحة رشاشة متوسطة وقذائف "آر. بي. جي" مضادة للدروع، مع تفاصيل أخرى صغيرة، مثل أكف ضارعة بالدعاء إلى الله بالتوفيق و شفاه تقرأ القرآن الكريم بصوت منخفض، و أصوات بعض أجهزة الاتصال اللاسلكية و بعضها ينقل تعليمات، وبعضها يضلل العدو الآخذ في الاقتراب.
واقتربت المعركة المرتقبة
- الهدوء يلف المكان باستثناء أصوات صرير جنازير بعض الدبابات والآليات العسكرية الصهيونية التي تقترب من بعيد، ينكسر الهدوء مع هدير بعض الطائرات الإسرائيلية القادمة وهي تقصف المكان المفتوح لتأمين تقدم الرتل العسكري البري الصهيوني بعتاده الضخم، المكان يستحيل جحيما، ولا أحد يصدق أن جوانب الممر البري يضم كامنين متأهبين لا يزالان على قيد الحياة.
الصهاينة إلى الجحيم
- وما إن دخل الرتل العسكري الصهيوني إلى الممر في جبل الريس، حتى عاد الجحيم يفتح أوسع أبوابه.. عبوات مضادة للأفراد تنفجر لتحيل الأرض لهيبا قساميا تحت أقدام الصهاينة الغزاة و طلقات نيران المقاومة تحصد من استطاعت حصده من العناصر الصهيونية الهاربة وقذائف الـ"آر. بي. جي" تعطب ما تبقى من الآليات الصهيونية.
معركة حربية
- وبعد أن تقدمت الدبابات الصهيونية في منطقة جبل الريس، شرع في تطبيق الخطة الموضوعة سلفا على مستوى غزة كلها؛ تحسبا من جانب المقاومة الفلسطينية سلفا للغزو البري الصهيوني.
ويوضح (هـ. ص) أن الخطة تبدأ بإجراء مناورات وهمية عبر أجهزة الاتصال التابعة لكتائب القسام، التي تعرف سلفا أنها مراقبة من جانب القوات الإسرائيلية: "أوهمت تلك المناورات القوات الإسرائيلية أن جميع الطرق يصعب الدخول من خلالها ما عدا طريقا واحدا، وكما هو مخطط تم استدراجهم للدخول من هذا الطريق الذي نصب فيه الكمين، بعد أن أوهمناهم أنه طريق سهل المرور فيه".
- بدأت الطائرات الصهيونية بمختلف أنواعها بعملية تطهير لمنطقة التوغل؛ تحسبا لوجود عناصر المقاومة عبر قصف متقدم للمنطقة بكل أنواع الصواريخ وجميع الأماكن التي يتوقع أن يتواجد بها مقاومون، ثم بدأت قوة مكونة من 10 دبابات و4 ناقلات جند في التقدم عبر الطريق المراد استدراج العدو فيه، تحت ستار من القصف المدفعي الكثيف، وقنابل دخانية كثيفة للتعمية عن رجال الرصد التابعين للمقاومة والمنتشرين على خطوط متقدمة.
وتقدمت القوات الصهيونية بحذر، وبعد أن اطمأنت من خلو المنطقة من المقاومين ترجلت عناصر الوحدات الخاصة الصهيونية من ناقلات الجند، فتخطت المجموعة الأولى من الاستشهاديين دون أن تكتشفها. وبعد أن أصبحت في مواجهة مجموعة الاستشهاديين الثانية، ضغط الاستشهادي الأول على زر تفجير العبوات المضادة للأفراد، بينما ضغط الثاني على زر تفجير العبوات المضادة للدروع، فتطايرت الأشلاء، وعلا الصراخ في وسط القوة الخاصة الإسرائيلية.. أربكت صفوفهم وعلا صراخهم، ووقع عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم.
- ثم خرج الاستشهاديان من مكامنهما وتقدموا من القوة الصهيونية الراجلة مسافة لا تزيد عن 10 أمتار، واشتبكوا معها عن قرب بالرشاشات المتوسطة التي يحملونها.
- وشلت قدرة الدبابات الصهيونية عن استهداف الاستشهاديين بقذائفها؛ نظرا لقربهما من القوة الصهيونية الراجلة، بينما عجزت الطائرات الصهيونية التي كانت ترافق الدبابات عن تحديد أماكن المجاهدين، أو قصفهم خوفا من قتل مقاتليها.
- وشرعت القوات المساندة، والتي ترابط في أماكن بعيدة، وبالتنسيق مع مجموعات الاستشهاديين عبر أجهزة اتصال خاصة في إطلاق نيران المضادات الأرضية تجاه الطائرات الصهيونية في المنطقة، وإطلاق قذائف الهاون لإشغال الدبابات الصهيونية وزيادة ارتباكها.
- وخلال اشتباك المجاهدين مع القوة الراجلة حاولت دبابة صهيونية من نفس القوة الالتفاف على الاستشهاديين لقتلهما، فكانت المجموعة الثالثة لها بالمرصاد، فلاحقها أحد الاستشهاديين وضربها بقذيفة (بي- 29) المضادة للدروع ذات الرأسين المتفجرين؛ مما أدى إلى اشتعال النار فيها، وشل حركتها قبل أن يعود إلى مكمنه من جديد.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت في وقت سابق استخدامها للقذائف (بي- 29) لأول مرة في الحرب كأحد مفاجآتها التي وعدت بها قوات الاحتلال.
- المعركة استمرت 15 دقيقة، وحاولت فيها القوة القسامية الحصول على أسرى من بين الجنود الصهاينة المصابين، لكن إحدى الطائرات قتلت أحد عناصر القوة القسامية والجندي الصهيوني الذي كان قد سيطر عليه العنصر القسامي وأسره.
- وتمكنت ذات الطائرة من تحديد مكان استشهادي آخر؛ فلاحقته بصواريخها؛ مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة، لكنه تمكن من الفرار والاختباء في مكمن بديل كان قد أعد سلفا، بينما لم تتمكن الطائرات الصهيونية في عملية تطهيرها للموقع من إصابة أي عنصر من العناصر القسامية الباقية.
وجن جنون الصهاينة
- وتحت تغطية نيران الطائرات الإسرائيلي الكثيف، تمكنت مروحيات صهيونية من نوع "أباتشي" من الهبوط في المنطقة لنقل الجنود الجرحى، وبعد ساعتين تقدمت قوة صهيونية أخرى لسحب الدبابات الصهيونية التي أعطبت، وسلكت الطريق الذي توقعته خطة كتائب القسام، فوقعت في كمين آخر من قذائف الهاون والألغام الأرضية، بتنسيق بين فرق المدفعية التابعة لكتائب القسام والمجموعة المتقدمة من الاستشهاديين في منطقة الكمين؛ مما أدى لإعطاب عدد آخر من الدبابات الصهيونية.
- في هذه المرحلة تدخل الطيران الصهيوني بجنون بكافة أنواعه وضرب كل المناطق بشكل عشوائي لتطهير المنطقة بشكل أكبر، ووصل القصف لينال عشرات المنازل المحيطة بالمنطقة.
- وبعد 36 ساعة من وقوع الكمين الذي استمرت اشتباكاته ما يقارب 4 ساعات، تمكن مجاهدو القسام من الانسحاب بسلام مخلفين وراءهم أعدادا من القتلى والجرحى الإسرائيليين، وشهيدا قساميا رفض الاستشهادي "هـ. ص" الإفصاح عن اسمه، وترك ذلك لقيادة كتائب القسام.
المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي