في مواجهة الحصار

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
في مواجهة الحصار
علم فلسطين.jpg


بقلم : محمد يوسف جبارين

( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

في داخل الحصار ..لا مفر من الارادة الجماعية ، فهي وحدها الكفيلة بكسر الحصار ، فأما الصراعات الداخلية فهي آلية التفكيك للارادة الجماعية ، وهي بهكذا حال تستديم عمر الحصار ، وذلك لما تستبقيه بأثر التفكيك والهلهلة للارادة الجماعية ، من ضعف يكون مضافا ، في قوة تقيم الحصار ، وتريده قيدا ، وارادة تتسلط ، استبقاء للاحتلال .

ومما لا شك فيه هو أن الضفة الغربية و قطاع غزة في حصار ، تماما كما القضية الفلسطينية برمتها محاصرة ، ولعل فكرة الحصار الممتدة بعمق التاريخ في ادارة الحروب قد تجلت نجاعتها للغرب في ادارة الحرب على العراق وأيضا في محاولة ترويض الأخ العقيد معمر القذافي ، وفي استدراج منظمة التحرير الفلسطينية الى اتفاقات أوسلو التي أسفرت عن سلطة فلسطينية ، يحدوها أمل بأن تقيم واحة اسمها دولة فلسطين ، برغم كل الألغام التي تتربص على الطريق ، وتتخفى في سحب داكنة أو مظلمة توشك أن تتساقط نارا ، وبرغم كل الفكر الجانح في التيه لا يرى ، ما يراه عقل الثورة الفلسطينية ، فوسط الألغام يمشي المقاتل الثائر باحثا عن الأمل ، فلعله يجسده واقعا ملموسا ، يغير به مجرى التاريخ ، فهذا الثائر في حركته صوب دولة فلسطين مدرك بوعيه ، ما يدور في ظروفه ، ويريد أن يغلب ظروفه ويبدل فيها ، انه قد حسم أمره بأن يصارع من أجل الحرية ، فهو عمودها الفقري ولغتها واداتها ، واذ أقبل على مراده ..

مراد شعبه ، فهو الواعي بما يحيط به من ظروف ، ويعلم بأن ظروف الاحتلال ، ليس على أكفها غير الجفاف ، ولا شيء منها يدل على غير الصحراء . فالصهيونية كما هي لم تبدل في طموحاتها ، ولكنها برغمها تحت ضغط الزحف الثوري للثائر لا بد لها ، من أن تتراجع ولا بد لها من أن تنكفىء ، فهنا سطوة شعب ممثلة بارادة ثوار ، وليست عملية الصراع خلو من ارداة تنذر الاحتلال زحزحة الى الوراء ..الى حيث لا احتلال ، فكلمة سلطة وطنية ، مكونة من كلمتين ، فهي سلطة ( ادارة مصالح شعب فلسطيني ) ، وهي وطنية ( الوطن وأنباء الوطن تعريف لذاتها ) ، فقيامها ، وبكل ما يعنيه ، وما يتوجب على اسرائيل أن تعيه ، هو أن حل التناقض بين اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ، لا يتأتى الا بنفي الاحتلال للضفة وقطاع غزة ، فلا مفر من خروج اسرائيل من أفق الارادة الفلسطينية الحرة على هذه المنطقة من أرض فلسطين ( الضفة والقطاع ) ، فالاحتلال نفي للارادة الفلسطينية من وجهة نظر اسرائيلية ، فلا مفر من نفي هذا النفي ، بارادة فلسطينة وبخضوع اسرائيلي لهذه الارادة ، فبنفي النفي ، يتلاشى الاحتلال ،

وتأخذ الارادة الفلسطينية طلاقة حريتها ، وتكتسب السلطة الوطنية كامل معانيها ، بكل ما تعنية بشأن الضفة والقطاع ، وينشأ من جراء ذلك وضع جغرافية سياسية جديد .. توضع على الخريطة كلمة دولة فلسطين ، فمن أجل هذا وافق الثوار على أن يقيموا سلطة وطنية ، لتتدرج الى هذا ، فالثوار هم الثوار ، فلم يبدلوا جلودهم ولا في غاية ارادة الثورة التي هم روادها ، وتعرف هذا اسرائيل جيدا ، لكنها مع ذلك تريد أن تستحيل بالسلطة الى حكم ذاتي وعلى اللون الذي تريحها ، وتفعل هذا وهي مدركة بأن هذا هو الوهم الذي سرعان ما يندثر ، ومع ذلك فهي سادرة في استدامة عمر هذا الوهم ، وذلك لأنه المساحة الوحيدة المتبقية لها من الزمن لتظل تنداح نحو ما لا يفارقها من أطماع ..تتوسع في المستوطنات وتهويد القدس وتزيد في القمع لتأكيد سيادتها على الأرض ، ما يوفر لها حماية امتدادها باطماعها ،

وتتصرف اسرائيل بأسلوب الهاربة دوما من التزاماتها ، والساعية دوما الى تعزيز وجودها وأمنها ، تقرأ الظروف المحيطة بها ممتازا ، وتنتفع بما يتاح لها من الظروف ، من مثل تغييب الانقسام الفلسطيني لكل ضغط دولي عليها ، موفرة كل دهاء الافلات من قبضة التزام ، بين يدي كل لفت انتباه أو الحاح على تفاهمات مع الجانب الفلسطيني في خلال سعي الى سلام ، وكأنما السلطة الوطنية الفلسطينية ، قد وافق الفلسطينيون على وجودها لمجرد وجودها ، ولم يكن هو نفسه محمود عباس الذي ، الذي ابرم اتفاقات أوسلو ، بوعي كامل من جانب اسرائيل ، بأن الفلسطينيين ، انما بهذه السلطة يدخلون الباب المؤدي الى دولة فلسطينية ، فقد كانت هذه ارادة شعب ، توافقت مع ارادة اتفاق ، ولم يكن المقصود الاتفاق لذاته ، ليبقى نصوصا متسمرة بلا ملامسة لواقع ، وكأن السلطة الوطنية ، لم تقم انبثاقا عن ارادة انتفاضة شعب ، قام على قدميه في وجه الاحتلال ، وأرغمه على التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية ، وكأنها السلطة لم تقم باتفاق دولي ، لتستلم أدارة شؤون الفلسطينين ولتتدرج الى حكم ذاتي أو ما يشبه دولة لهم كما يريد الاسرائيليون ، أو تتدرج الى دولة مستقلة كاملة السيادة كما يريدها الفلسطينيون..

لقد أبقت اسرائيل على أطماعها وطموحاتها الاستعمارية ، كما هي برغم كل بنود الاتفاق الذي قامت بموجبه السلطة ، وذلك بفضل قوة النار التي بين يديها ، وأيضا بقوة الأطماع الاستعمارية في المنطقة العربية التي جعلت الدلال في الحضن الأميركي والأوروبي من نصيبها ، فما تريده من دعم مادي تحصل عليه ، وما ترغب فيه من مواقف سياسية مساندة تجدها ، ما أبقى السلطة الوطنية معلقة بأمل الحرية والدولة المستقلة، وسط لهب النار، ما بين دبلوماسية دولية تريدها مضافة في فعل ينضاف في زحزحة اسرائيل عن مواقفها الاستعمارية ، وبين حركة شعبية فلسطينية تقاوم وترغم اسرائيل ، على قبول مفاهيم لم تعهدها من قبل ، فتتقارب لها فكرة الرحيل الى حد القناعة بضروراتها لها ،

فهذا الالتصاق الفلسطيني ، بفكرة استخراج الدولة من فم الغول الاستعماري ، بديناميكية التحويل لفكرة السلطة الوطنية ، من زراعة فكرة الدولة في الوعي العالمي والمحلي ، الى ترجمتها بقوة التلازم بين الفعل الدولي والفعل المقاوم الفلسطيني في الواقع العملي ، هو ما استطال بزمن الحلم بدولة ، في داخل ظروف من الصحراء القاحلة والنيران الملتهبة ..فبدا القائد الفلسطيني وكأنه يرى بعمق تجربته تحت السطح ما لا يرى غيره ، فليس ثمة شواهد في الواقع ولا في الفضاء الدبلوماسي والسياسي ، ما يؤيد ويسمح بمجرد التفكير بامكانية قيام دولة فلسطينية ، من دون مقاومة ضارية تحطم المشروع الاستعماري ، وتعلي من شأن الحلم بحركة فاعلة ، تبدل في الواقع وتعيد هيكلته ،على ما يشق الطريق الى دولة ، فالاستعمار لا يفهم التنازل ، عن أطماعه بغير دحره وتخليه مرغما عن أطماعه.. ومع ذلك بقيت فكرة الدولة في تنافذها في الدبلوماسية ،على الصعيد العربي والدولي مستقاة من هذا القائد الفلسطيني، ومن تشابك المصالح الدولية في هذه المنطقة ، وبقيت تدور بالحلم الفلسطيني ، فكيف ؟

وما العمل ؟

وما هو السبيل الأجدى بالاتباع ..فلا تقدم نحو وحدة فلسطينية شاملة على خيار المقاومة كحل وحيد ، ولا وحدة على مفاهيم واحدة محددة ، بين كافة الفصائل تطرح أمام العالم طرحا فلسطينيا واحدا واضحا لحل للصراع الدامي ، بقيت حماس وطرحها الخاص بها الذي لم يجد له من يسمعه أو يستسيغه ، في غير أروقة حماس ، حيث البحث عن صياغات الاسترضاء للفكرة ، ومن يحوم بها وحولها ، ويريد الصياغة منسجمة مع ألفاظها ومشتقاتها ، ما أبقى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في جانب و حماس في جانب آخر ، فلماذا حماس خارج السرب دوما ، فهل الفكرة المنساقة بها دينيا(أخوانيا) والمال الذي يتدفق في حلقها ، يوجب تبعية ملزمة فلا فكاك منها ، وما هي صلات المتبوع بالصراع مع القوى الاستعمارية والصهيونية العالمية ، فهذا سؤال مهم ، وألاهم منه هو أن نتاج ذلك هو الانقسام في الصف الفلسطيني ، وهذا ما تريده اسرائيل والقوى العالمية الداعمة لها ، فهل ثمة لعبة استعمارية قد حيكت ولم تزل هذه المؤامرة فاعلة ضد شعب فلسطين ، فهذا الانقسام يعطل المشروع الوطني بطعنه قضية المصير في الصميم ، فهو الصياغة المحكمة والخطيرة للضعف الفلسطيني في مواجهة اسرائيل ، وهذا الضعف قد ساعد اسرائيل في جعل السلطة الوطنية الحالمة بدولة فلسطينية ،

في هامش من هوامش القدرة على تحريك مقاومة فلسطينية فاعلة على الأرض ، تبدل في القناعات الاسرائيلية والعالمية المساندة لنكران الحق الفلسطيني ، ومع ذلك السلطة ممثلة ب محمود عباس وعت التراجع في الفكرة الصهيونية ، وفهمت بأن ثمة مسافة الى الدولة ، يمكن تجاوزها بتبديل قناعات دولية واستدراجها ، في مقابل سلام مع اسرائيل الى زحزحة في مواقفها تقرب من قيام الدولة ، لكن اسرائيل من جانبها بقيت تزاوج بين فكرة الحصار مضافة الى القمع ، وبين التوسع في الاستيطان في الارض، في حركة محسوبة ومتدحرجة ، تستقبل بها فكرة الدولة الفلسطينية ، لتكون من وجهة نظرها مقصورة على حدود ترتاح اسرائيل لها ، وتصل الى ما بعد سيطرة حماس على غزة الى محاولة استدراج ل حماس تحت الضغط المتنامي ، والذي يلح على حماس بحكم مسؤولياتها المستمدة من سيطرتها ، الى تفاهمات تسهم في تبديل وتغيير في مواقف حماس من الصراع ، وفي وقت تظهر فيه اسرائيل غيرمتاهفتة على تفاهمات كهذه ، فهذه هي بعض لعبتها في استدامة الانقسام وتغذيته للاتنفاع به ، الى أبعد مدى ، لكن الذي لم تدركه حماس ، أو هي تدركه وتجانبه قصدا ، وحالها في هذا الشأن حال غيرها من مثل الجهاد الاسلامي و...

هو أن اطلاق بعض صواريخ الى هنا او هناك على هذه المستوطنة او تلك في النقب لا يستدرج اسرائيل الى ما يجعلها ، تبدل في مفاهيمها لأمنها القومي، فهي تستجيب بالرد بسفك الدم والتدمير ، وتستبقي الانقسام كمادة أساسية في حفظ أمنها وزحزحة كل ضغط عليها ، بعيدا عنها ما يضمن لها استدامتها في مشروعها الصهيوني ، فاذا اقتربت اسرائيل من تقليل مقدار الكهرباء أو الوقود او ادخال البضائع ، فقد يكون انتاج الضغط يتجه الى تثوير الناس ودفعهم الى المطالبة بما يترتب عليه تخفيف معاناتهم ، بل وفك الحصار ، وهنا ينبسط النظر الى أسئلة لا ندري كيف تجيب عليها حماس ، كيف يتناثر الحصار ويزول ، وماذا عن أحوال الناس ومعيشتهم ..وعن بناء مطار وميناء ومعابر وحركة تطوير ، ولنقل باختصار ماذا عن عملية التطور برمتها ، من يقودها وكيف.. فعلى حماس ان تجيب فما هي اجاباتها، لقد يكون الواقع قد أجاب فلدى حماس كم هائلا من الألفاظ الباهتة التي لا قيمة لها في عمل الأحرار ..فلا اجابات ..ولا حلول ..وهذا هو منطوق الواقع .

فمن لا حل لديه لمشكلة معابر أو ماء أو طعام .هل يكون لديه القدرة على قيادة التطور .كل ما لدى حماس هو ما تقدمه وهو الاستبداد والقمع بقوة مليشيات التنفيذية والسباب في فضائية الاقصى ( حتى كلمة الاقصى أصبحت في عهد حماس ، ذراع الاخوان المسلمين يافطة ، يندرج تحتها السباب والبذاءة..يا للعار ويا لقلة الحياء) والمواقع الالكترونية .

لذلك على من تبقى من شرفاء وعقلاء لدى حماس .. في مواجهة الأخطار الخطو الى الامام وتحمل المسؤولية ، في جمع شمل شعب فلسطين تحت قيادة واحدة ..لكي تستطيع حماس كجزء من شعب على مواجهة الحصار والأخطار ..لا يجوز لحماس ما تجيزه لنفسها .

لقد قامت وتقوم بتقزيم قضية شعب بحاله الى قضية فصيل منه هو حماس ..ان قضية المصير لها مقتضياتها وهي بالتالي جامعة الجميع في مواجهة الأخطار وهذه الوحدة مطلوب مواجهة الأطماع الاسرائيلية ،والرسم بالارادة الفلسطينية الجماعية الطريق الى دولة فلسطينية .

المصدر