في مواجهة التهديد

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
في مواجهة التهديد

بقلم : محمد السهلي

بوابة التهديد العسكري

اسرائيل العسكرية

الحكومة الإسرائيلية لا ترى مدخلا إلى الحلول السياسية سوى بوابة التهديد العسكري في محاولة لإرساء قواعد أية مفاوضات وفق إيقاع هذا التهديد وتوجيه نتائجها جاءت تصريحات ليبرمان في إطار جوقة حربية رسمية تناوب على أداء مفرداتها الرئيسية أركان الحكومة الإسرائيلية وفي المقدمة رئيسها الذي حاول فاشلا أن يظهر كرجل إطفاء في مواجهة وزير خارجيته «مشعل الحرائق» كما وصفه أحد المعلقين.

وعلى الرغم من سوابق ليبرمان في تهديد مدن وعواصم عربية وإقليمية،إلا أنه كان الخيار الائتلافي المفضل لدى نتنياهو في سياق تشكيل حكومته،ومنح حزبه امتيازات أثارت غضب قادة «الليكود» قبل غيرهم.

ويدعونا تعدد المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية التي انتقدت تصريحات ليبرمان إلى التساؤل عما إذا كان هؤلاء مقتنعين فعلا ـ كما صرحوا ـ بخيار المفاوضات على المسارات العربية كافة، أم أنهم يقصدون أن خطاب التهديد هو الحامل المناسب والوحيد للحديث عن حلول تفاوضية؟.


موقف بنيامين نتنياهو

ألقت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (5/2) الضوء على حقيقة موقف بنيامين نتنياهو من تصريحات ليبرمان عندما نقلت عن مصدر حكومي إسرائيلي قوله «إن رئيس الحكومة ووزير خارجيته متفقان على مضمون التهديدات .. والاعتراض الوحيد هو على توقيتها».

وكان من الطبيعي ألا تنجح موجة الانتقادات الإسرائيلية لليبرمان في منع هبوب عاصفة ردات الفعل الحادة في مواجهة تهديداته،وقد رأت فيها توتيرا إضافيا للأوضاع في المنطقة،وتعاملت عواصم عربية وإقليمية بشكل جدي معها،وخاصة أنها جاءت في سياق تطبيق سياسات استفزازية متواصلة، واستعدادات عسكرية واسعة،من بينها المناورات التي أجراها الجيش الإسرائيلي في صحراء النقب (2/2/2010) ولم تخل من تصريحات التلويح بالحرب، وهو ما ورد على لسان غابي أشكنازي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عندما قال «إن الهدوء على الحدود الشمالية وهمي وقد تتدهور الأمور في أية لحظة».

وتزامن هذا مع تصريح لوزير الحرب الإسرائيلي،إيهود باراك،متحدثا عن «إمكانية اندلاع حرب مفتوحة بين إسرائيل وسورية..»، وتابع «.. إذا لم يتوصل البلدان إلى تسوية سياسية بينهما»، وهو ما يؤكد الاستخلاص القائل بأن الحكومة الإسرائيلية لا ترى مدخلا للحلول السياسية سوى بوابة التهديد العسكري في محاولة لإرساء قواعد أية مفاوضات وفق إيقاع هذا التهديد وبالتالي توجيه نتائجها.


تصريحات اصبحت بضاعة رائجة

ومن الملاحظ أن تصريحات ليبرمان قد دخلت بضاعة رائجة في بازار المزايدات الحزبية الإسرائيلية ليحاول حزب كاديما،على سبيل المثال،إظهار صورة «اعتداله» في خطاب ليبرمان،والتذكير بأهليته في إدارة أية مساع قادمة لإنجاز التسوية السياسية على مختلف جبهات الصراع دون أن يعني ذلك ـ بالنسبة لنا على الأقل ـ وجود تمايز حقيقي في عناصر التسوية التي تتبناها كل من الحكومتين الإسرائيليتين القائمة وتلك التي سبقتها.

وعندما دعت هذه الأصوات نتنياهو إلى إقالة وزير خارجيته فإنما هدفت إلى وضع نتنياهو أمام احتمال نشوء أزمة جدية في ائتلافه الحكومي.

من جهة أخرى، لا يمكن أن نقفز عن المتاعب التي يعانيها أفيغدور ليبرمان داخل حزبه «إسرائيل بيتنا» وقد خاض الانتخابات السابقة ومن ثم دخل الائتلاف الحكومي تحت شعارات القطع مع أية حلول سياسية مع الجانب الفلسطيني بخصوص مستقبل الأراضي الفلسطينية ومناقشة أية انسحابات إسرائيلية محتملة (مهما كان حجمها) في إطار أية تسوية سياسية قادمة.

وعلى الرغم من تشدد نتنياهو في موضوعة الاستيطان وقضايا أساسية أخرى إلا أن أنصار ليبرمان يرون حتى في مجرد الإشارة إلى إخلاء بعض البؤر الاستيطانية إخلالا بشعارات الحزب وأهدافه. من هنا، يسعى ليبرمان إلى التقدم (ولو في الفراغ) ليظهر مجددا كـ«رجل مبادئ» أمام أنصاره دون أن يعني ذلك أنه بعيد في طبيعته وأيديولوجيته عن إطلاق تهديداته بل وتكرارها لاحقا.


الجبهة الفلسطينية

على الجبهة الفلسطينية،صعدت إسرائيل من إجراءاتها القمعية في مختلف أنحاء الضفة الفلسطينية و القدس، فقام جيش الاحتلال بقمع التظاهرات السلمية المنددة بجدار الفصل العنصري في محاولة لقطع الطريق على تصاعد التحركات الجماهيرية في مواجهة سياسة التوسع الاستيطاني خوفا من تعاظمها بكل ما يعني ذلك من لفت انتباه المجتمع الدولي إلى خطورة الوضع هناك.وهذا يفسر اعتداءات جيش الاحتلال بشكل مباشر على طواقم الصحفيين ورجال الإعلام و بشكل غير مسبوق.

فالجانب الإسرائيلي يود أن يبقي المعادلة مستقرة على مشهد الرفض الفلسطيني «الرسمي» للمفاوضات والرغبة الإسرائيلية في استئنافها،وهي المعادلة التي تمكنه من تحويل الضغط الدولي إلى الجانب الفلسطيني حصرا لحمله على دخول المفاوضات بالشروط الإسرائيلية.

وفي القدس،اقتحمت قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين المسلحة مخيم شعفاط شمال القدس تحت عنوان مريب يتعلق بملاحقة المتخلفين عن تسديد الضرائب ـ كما ادعت المصادر الإسرائيلية ـ وشنت سلطات الاحتلال هجمة مسعورة على سكان المخيم يسبقها «المستعربون» وعصابات المستوطنين في اعتداءات سافرة لم تستثن الأطفال.

وفي حي سلوان برز الحديث عن مقايضات مستهجنة عندما اشترط رئيس «بلدية القدس» إخلاء المنزل المسمى «بيت يونتان» الذي يقطنه ثلاثون مستوطنا بهدم مئتي منزل لعائلات فلسطينية تحت دعوى أنها أقيمت بدون تراخيص على الرغم من أن المحكمة الإسرائيلية العليا أقرت إخلاء البيت المذكور في وقت سابق.

مع الإشارة إلى أن قوات الاحتلال تحرس هذا البيت الاستيطاني على مدار الساعة. فالقدس باتت عنوان إجراءات التهويد الصهيونية وينبئ تصاعد هذه الإجراءات بأن مستقبل المدينة في خطر حقيقي.

كل هذا يجري في الوقت الذي تقول فيه مصادر فلسطينية مطلعة بأن الجانب الفلسطيني ينتظر إيضاحات من البيت الأبيض حول بعض التفاصيل تمهيدا لقبول الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل ولا نعلم هنا مستوى الإيضاحات الذي يمكن أن يرقى إلى بديل مكافئ عن المطالب الفلسطينية بالوقف التام والشامل للاستيطان في الضفة الفلسطينية و القدس وتحديد مرجعية المفاوضات.

ما سبق يظهر أن المواقف الإسرائيلية تتحول إلى سياسات ميدانية تسعى لفرض شروطها كوقائع على الأرض بكل ما يعنيه ذلك من خطر على القضية الوطنية بينما لن يفعل انتظار الجانب الفلسطيني سوى إتاحة المزيد من الوقت أمام التوسعية الإسرائيلية وخسارة المزيد من الوقت الفلسطيني.. الحرج.

لذلك، دعونا مرارا إلى إنهاض الحركة الجماهيرية وتثميرها ليزداد الموقف السياسي الفلسطيني قوة، وهو أمر انتبهت له عمليا سلطات الاحتلال فتحولت بقمعها ووحشيتها نحو حركة هذه الجماهير. فهل يتم تدارك الأمر والاستقواء بالشارع الفلسطيني، أم ستتم إدارة الظهر له مرة أخرى؟.

المصدر