في ذكرى اغتصاب فلسطين 15 مايو 1948م

في مثل هذا اليوم منذ ستة وخمسين عامًا أعلن اليهود عن قيام دولة لهم على أرض فلسطين بعد أن أمعنوا قتلاً في شعبها،وتشريدًا له في ظل دعم غربي وأمريكي سافر،وفَّر لهم السلاح والعتاد والمال والرجال؛ليقترف الغرب وأمريكا واليهود أبشع جريمة في حق العرب والمسلمين بعد أن صادروا حق شعب عربي مسلم في دياره وأرضه وحريته وأمنه،وغرسوا خنجرًا مسمومًا في ظهر الأمة بأسرها سيظل يهدد وجودها ومصيرها ودورها الحضاري حتى توحد صفها وكلمتها،وتحشد كافة إمكاناتها؛لتحرر بالجهاد أرضها وديارها،وتسترد وتؤكد عزتها وكرامتها،وحريتها وأمنها.
لقد جسدت بريطانيا غدرها بالعرب وعدوانها على حقوقهم يوم أن أعطت دون حق،وعدًا لليهود بإقامة دولة لهم على أرض عربية إسلامية،وعلى حساب حق شعبها العربي المسلم،وفتحت أبواب فلسطين ليتدفق اليهود على أرضها من كل صوب غاصبين ومغتصبين، وأمدتهم ودول أوروبا بالسلاح؛ ليبنوا المستوطنات العنصرية، وليمارسوا عمليات التصفية والإبادة والمجازر الوحشية في الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق،وليرغموا مئات الألوف على الهجرة من أرضهم،ثم ليعلنوا عن قيام كيانهم الصهيوني الغاصب في قلب العالم العربي والإسلامي في الخامس عشر من مايو 1948 م.
وعلى مدى الأعوام التي تلت قيام هذا الكيان الغاصب الدخيل في فلسطين تولت أمريكا- وما زالت- دعمه بالمال والسلاح والتكنولوجيا، وأسفرت في انحيازها له على حساب الحقوق العربية بتأكيدها على تفوقه عسكريًّا واقتصاديًّا وتكنولوجيًّا على سائر العرب والمسلمين، الذين واصلت وما تزال تواصل الضغط عليهم لتجريدهم من كافة حقوقهم في أرضهم وديارهم وحريتهم، مع تبني كافة الخطط لتصفية القضية، وإغلاق ملفها، بدءًا من اتفاقيات أوسلو حتى مشروع خارطة الطريق، وفي إطار ذلك أمدت اليهود بكافة أشكال أسلحة الإبادة والدمار ليواصلوا حصارهم الخانق للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وتصفية واعتقال وتعذيب شبابه، وتجريف أرضه وهدم مساكنه؛ لإجباره على الهجرة من مدنه وقراه.
إلا أن الشعب الفلسطيني الأبي- رغم وحشية الصهاينة، ورغم دعم أمريكا لهم، وهجمتها الشرسة على العرب والمسلمين، والتي وصلت إلى حد إعلان الحرب على العراق واحتلاله وتوجيهها التهديد والوعيد لكافة العرب والمسلمين- أكد تمسكه بأرضه، وحرصه على حقوقه، وتفانيه في الذود عن مدنه وقراه، فواصل جهاده ومقاومته تأكيدًا لحقه في الأمن والحرية وسط دياره، فقدم الألوف من الشهداء والجرحى، وتعرض للتشريد والحرمان والحصار دون أن تلين له قناة، رافضًا في إباء وشمم الرضوخ أو الاستسلام للهجمة الأمريكية الصهيونية؛ امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ (آل عمران: 173- 174).
وقد تجاوبت الشعوب العربية والإسلامية مع الشعب الفلسطيني الشقيق، فأعلنت غضبتها وثورتها ونصرتها له، خاصةً بعد اغتيال الشهيدين أحمد ياسين والرنتيسي ورفاقهما الأبرار، كما أكدت رفضها الصريح والقاطع لكافة مشروعات السلام الزائف، مؤكدةً أن الجهاد هو الطريق لتحرير الأرض وطرد العدو الغاصب، والثأر لأرواح ودماء الأبرياء، واسترداد الحقوق.
إن العرب والمسلمين اليوم- حكامًا وشعوبًا- صاروا أمام حقيقة أكثر من واضحة وجلية؛ وهي أن أمريكا والغرب غرروا ويغررون بهم، فاستخدموا ومازالوا يستخدمون أساليب الاحتيال والخداع، مع اتباع سياسة البطش والقوة ودعم العدو الصهيوني في مجازره وعدوانه الهمجي الوحشي؛ وهو يسعى لانتزاع كل أرض فلسطين ، ثم الوصول إلى حدود الوطن القومي المزعوم من النيل إلى المدينة إلى الفرات، وليس هناك أمام ملوك ورؤساء العرب والمسلمين وكافة شعوبهم بعد أن تم اجتياح أمريكا للعراق، وأعمال القتل في الفلوجة والنجف، والفضائح التي ارتكبت في حق السجناء العراقيين، وإيقاع العقوبات الاقتصادية على سوريا والتهديد باجتياح غير العراق إلا سبيل واحد يتمثل في المصالحة مع الشعوب واتخاذ إجراءات جادة وحقيقية للإصلاح، يتحقق بها وحدة الصف وحشد كافة إمكانات الأمة والتفافها حول راية الجهاد والتضحية، مع دعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة، وتعزيز عروبة وإسلامية القضية، ورفض كافة حلول الاستسلام والضغوط، مع التصميم على تحرير الأرض في ثقة تامة في نصر الله، الذي وعده من ينصرونه، فقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).
المصدر
- بيان:في ذكرى اغتصاب فلسطين 15 مايو 1948مإخوان أون لاين