في أزمة الدولار .. لماذا استجاب الأتراك لأردوغان ولم يستجب المصريون للسيسي
نافذة مصر - صحافة
محتويات
الأتراك يتجاوبون مع دعوة أردوغان لتحويل مدخراتهم إلى الليرة
ارتفع سعر الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي ليسجل الدولار الواحد 3.47 ليرة، مقارنة بسعر الإثنين الماضي الذي سجل 3.60، وذلك بعد أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء الماضي، مبادرة دعا فيها مواطنيه إلى تحويل ما لديهم من دولارات إلى العملة الوطنية الليرة والذهب.
وأبدت مؤسسات حكومية ورجال أعمال وتجار ومواطنون أتراك استجابة واسعة لدعوة أردوغان، حيث شهدت محال الصرافة التركية إقبالا كبيرا الأربعاء الماضي على تبديل العملات، ما انعكس على تراجع سعر صرف الدولار بشكل سريع ولافت للأنظار.
الحوافز
وبادرت العديد من المؤسسات إلى تقديم حوافز لتشجيع المواطنين على شراء "ليرتهم الوطنية" لتقليل الطلب على الدولار الشحيح في الأسواق المالية المحلية.
فقد أعلن رئيس شركة "مترو" للقطارات والنقل عن تقديم تذكرة مواصلات مجانية لكل من يقوم بتصريف مبلغ 500 دولار فأكثر إلى العملة الوطنية.
ونشر غالب أوزتورك في تغريدة على حسابه بــ"تويتر" رقم هاتف خاص مع خدمة "واتساب" لاستقبال صورة عن إيصال الصرف من المواطنين، ولتزويدهم بالتذاكر المطلوبة.
وفي مدينة إسطنبول، قدمت بعض مراكز التسوق و"المولات" خدمة إعفاء المتسوق من أجرة موقف السيارة في مرآبها إذا أبرز إيصال صرف عملة بقيمة تزيد على المئة دولار عند دفع تذكرة المرئاب.
كما قدمت بعض المحال عروضا طريفة مثل تقديم وجبة مجانية أو حلاقة مجانية مقابل تحويل العملة، وقد قيل إن بعض المطاعم أعلنت عن "أطباق حلوى" مجانية لكل من يأكل لديها ويثبت أنه قام بصرافة الدولار إلى الليرة.
الحكومة
وعلى الصعيد الحكومي، حوّلت البورصة التركية في إسطنبول جميع أصولها النقدية إلى الليرة التركية، بينما قررت هيئة تنظيم أسواق الطاقة إجراء مناقصات توزيع الغاز الطبيعي بالعملة المحلية.
كما أعلنت شركة الخطوط الجوية الوطنية عن تحصيل أجور النقل والضرائب المترتبة على سفر الحجاج والمعتمرين بالليرة، في حين ألغت مؤسسة البريد والتلغراف الضريبة على تحويل العملة الأجنبية إلى الليرة، وقدمت تخفيضا بنسبة 10% على مصاريف الشحن لكل من يحول عملة أجنبية إلى المحلية.
أما وزارة الدفاع فحولت موجودات صندوق دعم الصناعات الدفاعية، والتي تبلغ قيمتها 262.7 مليون دولار أميركي و31.1 مليون يورو إلى الليرة، وأعلنت أنها ستتعامل منذ الآن بالعملة المحلية فقط.
إيصال تحويل الرئيس يحرج للمعارضة
ودخل موضوع سعر صرف الليرة على خط المناكفات الحزبية والسياسية، وفي مجادلات رموز الدولة والمعارضة.
فقد اتهم رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو الرئيس أردوغان، بأنه يحتفظ بحساب جار له بقيمة مئتي ألف دولار في بنك البركة، رغم دعوته للمواطنين باستبدال عملتهم. لكن وزير العدل بكير بوزداغ أظهر أمام البرلمان إيصالا بنكيا يثبت تحويل أردوغان حسابه المذكور إلى الليرة.
تحرك شعبي واسع
وقال الخبير الاقتصادي بمركز "ستا" التركي أردال كاراجول في تعليق له إن التحرك التركي لوقف تراجع الليرة أمام الدولار ينسجم مع العوامل السياسية التي تسببت بذلك التراجع.
وأوضح كاراجول أن الشعب كان قد تصرف بكيفية مغايرة في الأزمتين الاقتصاديتين اللتين شهدتهما البلاد عامي 1994 و2001، مبينا أن الجمهور هرع وقتذاك إلى المصارف لشراء الدولار والعملة الأجنبية.
واعتبر التحرك الشعبي والمؤسساتي في مواجهة ارتفاع سعر الدولار بــ"المجدي" وقال إنه ساهم بشكل إيجابي في عودة الليرة إلى التعافي، متوقعا أن يتواصل ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار.
وأوضح كاراجول في معرض تعليقه أن سبب هبوط قيمة أي عملة مالية هو الاختلال بالاقتصاد أو تراكم الديون الخارجية أو الأزمات الداخلية، وهي ثلاثة عوامل لا تتوفر في تركيا، ما يعني أن تراجع الليرة يعود لأسباب أخرى.
وسجلت الصادرات التركية ازديادا بمعدل 6.9% خلال شهر أغسطس الماضي، مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي.
وبحسب تقرير صادر عن مجلس المصدرين الأتراك، أوضح فيه أن قيمة الصادرات التركية خلال شهر أغسطس بلغت 11 مليار و157 مليون دولار.
وأضاف التقرير أن حصيلة الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، تراجعت بمعدل 3.1% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وبقيمة بلغت 92 مليار و652 مليون دولار.
وفي سياق الموارد الدولارية لتركيا، أعلنت وزارة السياحة التركية، في أكتوبر الماضي، انخفاض أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى تركيا بمعدل 25.8%، مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي.
وسجل عدد السياح الوفدين إلى تركيا 2.45 مليون سائح، فيما بلغ عدد السياح الذين زاروا تركيا في العشرة أشهر الأولى من العام الجاري 22.7 مليون سائح انخفاضا بنسبة 31% مقارنة بالعشرة أشهر الأولى من العام 2015.
وفي إطار المقارنة بين نجاح دعوات تغيير العملة الأمريكية إلى الليرة التركية ونجاحها مقارنة بالفشل الذي لاقته الدعوات نفسها في مصر لخفض سعر الدولار أمام الجنيه.
ويقول الدكتور خالد عبد الفتاح أستاذ التمويل والاستثمار، إن الحديث عن استجابة الأتراك لدعوات قيادتهم هو مجرد أثر نفسي قصير الأمد ولن يستمر طويلا، مضيفا أن الصادرات والموارد الدولارية هي المحك الرئيسي لتحديد سعر الدولار مقابل العملات الوطنية.
وأضاف في تعليق صحفي أن أزمة العملة في مصر تختلف عن نظيرتها في تركيا، منوها بالمشروعات القومية التي وصفها بـ"الفاشلة" التي شرعت فيها النظام بمصر وأنفقت الكثير من العملة الصعبة عليها من دون عائد.
وأوضح أن المشروعات التي أنفقت مصر عليها الكثير من العملة الصعبة لم تكن مدروسة مقارنة بدخل البلاد، فيما كان تراجع الليرة التركية، حسبما يرى عبد الفتاح نتاج زيادة الطلب على الدولار نتيجة لزيادة استيراد المواد الخام وأدوات الإنتاج.
المصدر
- تقرير: في أزمة الدولار .. لماذا استجاب الأتراك لأردوغان ولم يستجب المصريون للسيسي موقع نافذة مصر