فوائد الانقلاب .. بقلم أحمد عميش
الانقلاب العسكري الذي حدث في 3 يوليو 2013 وما تبعه من أحداث سياسية ودموية هو حدث جلل في تاريخ مصر المعاصر وأحدث زلزالا عنيفاً على الساحة أدى لكشف جملة من الحقائق كانت غامضة أو خادعة في وقت سابق.
كشف الانقلاب أن قوات الأمن ليست منكسرة أو منهارة كما ادعت عقب جمعة الغضب 2011 ولكن "جهة ما خفية" طلبت منهم ألا يقوموا بدورهم حتى إشعار آخر ، وظلت كذلك حتى 3 يوليو 2013 ثم ظهرت فجأة وبقوة وشراسة وعنفوان أكثر مما كانت عليه قبل ثورة يناير.
كشف الانقلاب عن جوانب من المؤامرة التي تحاك لمصر وأطراف هذه المؤامرة من الأشخاص والدول والأجهزة التي تحيك وتدبر من خلف ستار منذ شهور ، وأن القضايا التي أثيرت خلال حكم مرسي لم تكن قضية مرسي أو الإخوان ولكنها معركة بين استقلال الارادة واستمرار التبعية للغرب ، قضية صراع على هوية الدولة بين أن تكون إسلامية أو علمانية ، قضية مصالح لفاسدين يقاتلون من أجل استمرار مصالحهم من النظام البائد في أجهزة الدولة السياسية والاقتصادية والقضائية والأمنية والاعلامية بل والعسكرية ، صراع بين ثورة وثورة مضادة.
كشف الانقلاب عن بسالة ونضال الشباب المصري وخاصة المنتمين للتيار الاسلامي الذي لم يمنعه الرصاص الحي والتعذيب والمجازر المتتالية من أن يقف أمام ظالم خائن ليرفع كلمة الحق ويدفع حياته فعلا لا كلاما من أجل قضية حق عادلة ويقدم نفسه ودمه رخيصة من أجل الدين والوطن.
فضح الانقلاب رموزاً سياسية ودينية تورطت فيما يخالف دينها ومبادئها وكشف عن زيف وخداع حركات وأحزاب سياسية ترفع شعارات ومبادئ لكنها لا تطبقها إلا من أجل أفرادها فقط ومصالحها فقط ، وأشهر أمثلة لذلك: حقوق الشهداء ، حكم العسكر ، الحرية والكرامة الانسانية.
الانقلاب وحد الإسلاميين تحت جبهة عمل واحدة لأول مرة (باستثناء قيادات حزب النور التي تناغمت مواقفها مع الموقف الرسمي للمملكة السعودية الداعم للانقلاب) وكشف عن أصالة الإسلاميين والمبادئ والأخلاق والقيم التي عاشوا بها وناضلوا من أجلها فلم يغيرهم المال أو المنصب أو الاختلاف السياسي ولم يخضعوا لضغوط لإجبارهم على سلوك يتنافي مع قيمهم.
أظهر الانقلاب خطورة الإعلام ودوره في توعية أو تزييف الحقائق ، وتحويل المصلح لمفسد ، والقاتل لبرئ ، والسلميين لمجرمين ، والثورة لنكسة ، وأن أكثر خطورة رأيتها أنها تهدد بحق السلم الاجتماعي والعلاقات بين أبناء الوطن وتحطم القيم الانسانية في تحليل الدماء التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، والفرح والشماتة عند الاعتداء على المخالفين في الرأي ، وتصديق وسائل إعلام رموزها مشهود لهم بالنفاق والتدليس والتلون والكذب ورأس مالها من جيوب أشخاص وجهات من رموز النظام البائد ، والله تعالى يقول : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"
تكفل الله بحفظ مصر وعباده المؤمنين ووعد بنصر هذه الأمة ، والانقلاب هو ابتلاء كبير من الله ليكشف الصادق من المنافق والمجاهد من المدعي ويغذي هذه الثورة وهذه الأمة بدماء شهداءها لتمهيد الساحة لأمر جلل كبير "وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ".
كشف الانقلاب أن المعركة الدائرة ليست صراعاً سياسياً ولا منافسة بين مؤيد ومعارض وإنما هى صراع بين حق وباطل ، وإذا كانت كذلك فإن الله يؤيد الحق وأهله ويتوعد الباطل وحزبه ، وقد قرأت عن احتمالات السيناريوهات المتوقعة للمشهد المصري المعقد لكنها جميعاً لم تذكر احتمالاً أظنه الأقوى وهو السيناريو المفاجأة والغير متوقع ولا يخضع للحسابات السياسية "وَمَكُرواَ مْكراً وَمَكْرنَا مْكراً وھُم لا یَْشعُُروَن"
كشف الانقلاب عن مزايا وعيوب الشخصية المصرية ، فأما عن العيوب فقد ظهر جلياً ضيق الصدور عند الاختلاف ، وتجاوز الألفاظ في الخطاب وتراجع اللياقة في الحوار وضعف التواصل وتجاوز الخلاف إلى قطع العلاقات واضطرابها ، والمصريون بحاجة ضرورية للانتباه لهذه العيوب وتداركها واليقظة لخطورتها حتى نستأهل توفيق الله ونصره وتأييده ، ونرى نتائج السيناريو المفاجأة.
المصدر
- مقال:فوائد الانقلاب .. بقلم أحمد عميش موقع: إخوان الدقهلية