فإنه لا يفعل ذلك إلا سافلا
بقلم : السعيد الخميسي
فإنه لا يفعل ذلك إلا سافلا...!؟
- نهضت ذات صباح مسرعا من نومي ,
فبحثت عن بطاقة الرقم القومي , فوجدت فيها بعد اسمي , أربعة أسماء , جد أبى , وأبيه , واسم أبى وكلهم أموات , فتساءلت متحسرا : كيف أهنأ بعيش , وكل أسماء بطاقتي أموات غير أحياء . لم يبق غير اسمي , وغدا أنا من الأموات .
- اسمي لم يكن أبدا حقيقة , بل هو طيف خيال ,
فغدا أنا منسي , ولن أخطر لأحد على بال , فالموت غدا يطوينا , مهما طال الزمان , سأصبح حتما ورقة باهتة , فى صحيفة النسيان , سيقبر جسدي يوما , وستبقى الذكرى للإنسان . بيتي هو قبري , وترابه وسادتي , وبابه هو العنوان . فمن كان بالدنيا ملتحفا , فسيعيش دائما عريان .
- سأظل أتلوا آيات الموت , لن أنساه ,
هو كأس مرير بالأمس واليوم تجرعناه , كم من مغرور ظن أن الدنيا بدونه , وكل شئ معها فقد معناه , هو اليوم تحت الثرى , لا شفيع له ولا صديق , يسأل عنه ويرعاه , هو الموت , حقيقة خالدة , ومكتوب على الجباه . كم من ظالم تمنى , لوعاد إلى الدنيا , ليخشى الله ويتقه ويرد المظالم , ولا يعصاه . لكن كلمة ربك فى اللوح المحفوظ سبقت , أنه من خرج منها , لن يعود إليها أبدا , ليحصد ماجنته وما عملته يداه .
- هو الموت , يقين لاريب فيه ,
من فر منه اليوم , فغدا سيلاقيه , فدنيانا غدارة لا أمان لها , فمن كان لك اليوم صديقا , فربما غدا تقاطعه وتعاديه , فكن من الدنيا على حذر , فليست بمقر تستقر فيه . واعلم أنك اليوم حى ترزق , وغدا فى قبرك تحاسب حسابا لاهوادة فيه , فويل للظالم من المظالم , فاليوم عمل وغدا حساب لاعمل فيه .
- الظلم شؤم , والظلوم غشوم ,
كيف تهنأ بعيش يا ظالم , وغدا فى قبرك أنت معدوم , من يفك قيدك غدا وأنت حبيس , لا جليس لك ولا حميم ولا أنيس , الموت كأس أنت شاربه , مهما طال بك الزمان , فحرر نفسك اليوم من المظالم , قبل أن ينصب لك الميزان , وقدم لنفسك اليوم عملا , تموت عليه وأنت إنسان ..!
- فقم بالأسحار وتهجد لله خاشعا ,
وادخر فى صحيفتك عملا نافعا . فكم من امرأ قضى ليله نائما , هو اليوم متحسرا , وفى قبره نادما . فالموت يأتى إليك بغتة , ولايستأذن أحدا , جاهلا كان أو عالما , فكن من الحياة على حذر ولاتأمن , فإنه لايأمن الحياة إلا غافلا . ولاتبيع دينك بدنيا غيرك , فإنه لايفعل ذلك إلا سافلا...!.
المصدر
- مقال:فإنه لا يفعل ذلك إلا سافلاموقع:نافذة مصر