غزة والحسم القادم
محتويات
مقدمة
ما زال الجميع ينتظر ما تأتي به الأيام القادمة على غزة خاصة وعلى الشعب الفلسطيني عامة، فغزة تعيش مرحلة حاسمة من مراحل حياتها خاصة بعد حرب الفرقان التي أذاقت الجيش الإسرائيلي فيه الذلة والمهانة بعد أن أذاقت السلطة الفلسطينية وعلى رأسها عباس أبو مازن جرعات متتالية من الهوان بسبب تعامله مع المحتل وخيانته للقضية الفلسطينية، بعد موقعة حاسمة شهد لها العالم سواء كان لها ايجابيتها أو سلبيتها إلا أنها رحمت غزة كثيرا مما كان يمارسه المحتل الغاشم ضد أهلها بل كانت تمارسه السلطة الفلسطينية في حق هذا الشعب.
عاشت غزة شهور في حرب ضروس لكسر شوكة المقاومة جميعا، غير أنها فاجأت المحتل بما لم يتوقع من صمود المجاهدين، والأسلحة التي كان يمتلكها وتهديدها اكبر المدن الإسرائيلية بالقصف والضرب، حتى أنها أجبرت الإسرائيليين على الاختباء في الخنادق أيام الحرب كلها وكأنهم هم المحاصرون، مما دفعهم لمطالبة حكومتهم لوقف الحرب وسحب الجيش الإسرائيلي ليس خوفا على أهل غزة وما يحدث لهم لكن بسبب ما فاجأتهم به المقاومة من صمود وقوة ضارية أفزعت الجنود أنفسهم.
توقفت الحرب، لكن لم تتوقف العقول عن التفكير في القضاء على هذه النفوس الأبية داخل غزة، التي صمدت على الجوع والقتل والاعتقال في سبيل نيل الحرية المنشودة، حتى إن كثير من الفلسطينيين الموجودين خارج فلسطين حينما سئلوا عن حماس قالوا حماس منا ونحن منها وإن كانا لا نشاركهم قواسم المقاومة إلا أن حماس وأفرادها من شعب غزة وغزة هي حماس، هذا هو الشعور السائد بين الغزاويين جميعا الآن ولذا كان لابد من كسر شوكة الشعب كله لا المقامة فحسب.
المشهد الأول لعام الحسم القادم
يتوقع أن يكون عام 2010م عام حسم ضد غزة وأهلها خاصة في ظل عدم تحقيق أهداف الحرب الماضية من قبل إسرائيل، فبدأ التفكير في عمل شيء يجبر هذا الشعب على رفع الراية البيضاء وتسليم نفسه لليهود ولكي تعود السلطة الفلسطينية وعلى رأسها أبو مازن إلى غزة على أسنة الرماح، فاجتمع وزراء كثيرين من الدول واتفقوا على بناء جدار يرونه أهم شئ في عام الحسم حيث سيقطع أي زاد يدخل إلى غزة ومن ثم يضمنون عدم تدفق مواد الغذاء والعلاج لأهل غزة، وبدأ النظام المصري على قدم وساق وبمعاونة إسرائيلية وأمريكية في بناء هذا السور الفولاذي، وحشد النظام كل مقوماته فسخر مجالسه النيابية لتبرير هذا الفعل الشنيع بحجة تأمين حدوده مع أهل غزة، ولم يكتف بذلك بل حشد رجال الدين ليعطي الأمر شرعية من قبل الدين –وإن كان شرع الله منه برئ والإنسانية كلها- بل شغل الرأي العام المصري بقضايا لا تهم إلا أفراد معينين حتى لا يلتفتوا لما يحدث على الحدود فلا تتكرر المظاهرات أو الاعتصامات أو الاضربات، بل سيطر على كل المؤسسات الفعالة داخل مصر من مجالس محلية بعد عملية تزوير واسعة المفعول، ثم النقابات كنقابة المحامين والتي أقام عليه حرب ضروس حتى سيطر عليها مرورا بنقابة الصحفيين التي حشد لها الجنود من كل مكان في العالم سواء مراسلين أو صحفيين، ثم اختتمها مع أرقى الطبقات في المجتمع مع أساتذة الجامعات خاصة جامعة القاهرة والذي تعامل معهم كما يعامل الطلبة تمام من شطب الأساتذة الإسلاميين في انتخابات كان يحشد لها هؤلاء العلماء بالعصا والجزرة والتهديد والتزوير حتى مرت الانتخابات وبذلك استطاع أن يحجب أي صوت ينادي بالحرية لهذا الوطن السليب، أو يقول غزة .. غزة.
المشهد الثاني لهذا الحسم
مع استمرار مصر في بناء هذا الجدار الفولاذي الذي سيمنع مرور أي شيء من الغذاء والدواء، قررت إسرائيل إغلاق معبر الشجاعية الواقع شرق مدينة غزة والمعروف إسرائيليا باسم ناحال عوز بشكل كامل، ليكون بذلك ثاني معبر يغلق نهائيا من المعابر الخمسة بين إسرائيل وقطاع غزة.
وبذلك يكون الخناق على غزة يضيق أكثر فأكثر خاصة أن إسرائيل تسيطر على المعابر كلها ما عدا معبر رفح التي تسيطر عليه مصر، وهذه المعابر هي معبر المنطار ويعرف إسرائيليا باسم (كارني) وهذا المعبر مغلق بشكل شبه نهائي.
ومعبر بيت حانون ويعرف إسرائيليا باسم (إيريز) الواقع شمال مدينة غزة، و معبر العودة ويعرف إسرائيليا باسم (صوفا) ويقع شرق مدينة رفح. و معبر كرم أبو سالم ويعرف إسرائيليا باسم (كيرم شالوم) ويقع على نقطة الحدود المصرية الفلسطينية الإسرائيلية.
ومعبر القرارة ويعرف إسرائيليا باسم (كيسوفيم) ويقع بين منطقة خان يونس ودير البلح، ومعبر رفح ويقع جنوب القطاع وعلى الحدود المصرية الفلسطينية وهو ما تشرف عليه مصر.
المشهد الثالث
تكاد المعابر بين قطاع غزة والحدود الإسرائيلية مغلقة خاصة بعد سيطرة حماس على القطاع وبعد انتصارها في حرب يناير 2009م، ومن ثم لم يتبق للقطاع إلا معبر رفح على الحدود المصرية، وهذه الحدود أصبحت غير آمنه في نظر النظام المصري فأقام جدار فولاذيا فلا حرج إذا انتهي من بناء الجدار أن يغلق المعبر غلقا كاملا ولا يسمح بمرور شيئا وذلك بالاتفاق مع الجانب الإسرائيلي لكي يقطعوا كل سبل الإمدادات عن القطاع، ليموت شعب القطاع في نظرهم موتا بطيئا قبل أن تجهز إسرائيل جيشها ليدخل ليحصد ما تبقي من حطام الشعب، ويطبقوا السياسة التي مورست ضد محمد صلى الله عليه وسلم في شعب أبى طالب.
فالنظام المصري الذي لم يتورع أن يبنى جدارا فولاذيا وأن يستخرج الفتاوى الشرعية التي تجيز له بناء هذا السور لن يتورع عن غلق المعبر غلقا تاما ولن يسمح بفتحه مهما كانت الظروف حتى تأذن بذلك أمريكا أو إسرائيل، ومن ثم يضغط على الوضع الداخلي سواء على الإخوان الذين يحركون المظاهرات فيتنازلوا عن أشياء لصالحه في سبيل فتح المعبر، أو يقوم باعتقال كل من يحرك المظاهرات حتى يملئ بهم السجون ليخرص كل صوت خاصة مع تواطأ الصوت العالمي معه سواء أمريكا والغرب ومن يسير في فلكهم، ويكن من السهل على إسرائيل في ظل غياب تام لهذه القضية أن يقضى على المقاومة أو حماس وكل غزاوي لا يتعاون مع الاحتلال أو السلطة الفلسطينية.
المشهد الرابع
لقد عرفت إسرائيل في الحرب الماضية قوة وقدرة حماس والمقاومة العددية والعدة ولهذا ستضع خططها للتعامل مع هذا الوضع خاصة في ظل المتغيرات الجديدة بعد منع الطعام والدواء عليهم، وستشن حربا جديدة تحاول فيها السيطرة على القطاع أو تدميره ليدخل رجال السلطة الفلسطينية أثناء أو بعد الحرب في محاولة للقضاء والقبض على رجال المقاومة جميعا.
هذا متوقع من تسلسل الأحداث الجارية ولو نظرنا للأحداث نظرة مادية، ولابد للحماس أن تتعامل مع هذا الوضع فترجأ صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وتخرج مصر من حساباتها في المفاوضات حتى يتضح لها الموقف، بالإضافة للوحدة مع الشعب جيدا ومع رجال المقاومة الموجودين في غزة حتى تستعيد بعض القوة التي سلبت بعض قطع الإمدادات عنها.
المصدر
- مقال:غزة والحسم القادمموقع:الشبكة الدعوية