عيون مشلولة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
عيون مشلولة

بقلم:نزار الدقروق

زيارة الي رام الله

خرجت إلى رام الله في صبيحة يوم لقضاءعمل ما،وخلال مروري بإحدى القرى المجاورة والتي تصطف بيوتها على جنبي الشارع كأحجارالدمينو في مشهد غير منظم هو اقرب للبعثرة مثله كمثل ما آلت اليه اوضاعنا، وكان أراضي البلدة اختزلت في مساحه الشارع الوحيد والضيق والذي يعتبر كورنيش أهل البلدة وساحة العاب اطفالهم أو حديثي الولادة. فمجرد أن يقوى الطفل على المشي بخطوته الأولى يكون الشارع عالمه ساحته وكيانه....

المهم لفت انتباهي رؤية أكثر من شاب مقعد أو معاق حركيا منهم من يجلس على كرسي متحرك ومنهم من يتأبط عكازتين،هذه المشاهد باتت معتادة لا تثير في النفس الغرابة،وحينما رجعت من رام الله صدف وان شاهدت معظم الأشخاص اللذين رايتهم في مروري الأول لم اسمح لذهني بالغوص في حالتهم ولا بإنشاء فرضيات للوقوف عند السبب في ما ألت إليه ظروفهم لكني قدرت من صغرأعمارهم ومن فتوه صدورهم أنهم كانوا في يوما أصحاء وحتى مميزين في لياقتهم البدنية،توقفت عند هذه الملاحظة وكما قلت تخوفت من التفكيرومن الإمعان في المشهد أكثر ليس إلا لأنني لا أريدأن استحضر شيئا مؤلما يذكرني بما عانيت وما أحاول أن أتناساه من معانيات لأكمل باقي حياتي بدون عقد أو أزمات.


عودة رام الله مرة أخري

شاءت الصدف أن أعود إلى رام الله في نفس اليوم وبعد ساعة من الإفطار توجهت قاصداوجهتي ومررت بنفس شارع القرية وإذا بشاب معاق يسير على عكازين،وهو من اللذين رايتهم في نفس اليوم في مروري الاول واقفا يستند بيده على عكازه وحينما اقتربت منه التقيت عيني بعينيه وإذا بعينيه جامدتان كالصخر الأحمر في جمالهاوقسوتها فبحثت في هذه العيون ماذا ورائها ولماذا هذه النظرة مطبوعة في حدقتاها وماذا تخبئ في مكنونها وإسرارها .

لقد كان فتيا مملوءا بالحياة مشبعا بالتمرد يخيل إليه انه يسابق الرياح ويناطح الجبال لاتقوى رصاصه على اللحاق به محترفا في استفزاز الجنود تملئه ثقته بقدميه ثقه عظيمه هو استثناء محط إعجاب الأطفال وملاحق من عيون الفتيات يمثل حاله بطوله يحلم أن ينالهاالفتيان حديثهم يرددون في حلقاتهم مشاهدالاشتباك وكيف كان مميزا .............

وفي لحظه ما وفي اشتباك ماالرصاصه سبقته وقدماه خذلته فأصبح معاقا نسبه حياته العظمى مشلولة لم يعد بطلا لم تعد نظرات الإعجاب تلاحقه لم يعد حاله بطوله،وإنما أصبح حاله يرثى لها هو رقما من تلك الأرقام المخيفة التي تعد نسبتها من أعظم النسب في العالم لوسط الشباب الذي يكثر فيهم الاعاقه والشلل لا نظره ترمقه غير نظره الرثاء لحاله والإشفاق على وضعه وهي النظرة التي تهز كيانه وتعيده إلى ما قبل ألرصاصه أصبح محطما عاجزا تمثل له فكره أن يطلب فتاه للزواج حاله مرعبه حددت نسبه عجزه وقد يكون قد حول إلى الشؤون الاجتماعية لتلقي شواقل معدودة شانه شان القتلى الشهداء.... توقفت عنده لأقول شيئا وحينما هممت خانتني الكلمات لآني حينما أمعنت النظر في عينيه وجدتها صامته مقهورة ميتة لا توجد فيها حياه فقلت في نفسي... يرحمك الله.

رئيس نادي الاسير في سلفيت

المصدر

  • مقال:عيون مشلولة موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات