عين على الأقصى

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث


محتويات

أولاً: تطوّر فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى:

Palestine 3.jpg

مثّلت فكرة الوجود اليهوديّ في القدس هاجساً لدى العقل الصهيونيّ منذ نشأته، فهو ظلّ يُحاول على الدوام ومنذ أيّامه الأولى مروراً بإنشاء دولته وسيطرته على كامل القدس وحتى اليوم أن يُثبت أنّ اليهود أصحاب حقٍّ في هذه المدينة وأنّهم كانوا موجودين فيها وكان لهم فيها مقدّسات لا تقلّ أهميّة عن المقدّسات القائمة فيها اليوم للمسلمين والمسيحيّين، بل ويُحاول أن يثبت أنه صاحب "الحق الحصري" فيها وأن مقدسات الآخرين، وبخاصة المسلمين، لا تعدو كونها إحلالاً مكان مُقدّسه الأصيل.

الرواية التوراتية للتاريخ تقول إن الوجود اليهودي في المدينة بدأ بسيدنا داوود والمملكتين من بعده، وأنه بعد سقوط المملكتين عاد الوجود اليهودي بشكلٍ متقطع وبسلطة سياسية تتفاوت من عهدٍ إلى عهد. ويُجمع المؤرّخون أنّ الوجود اليهوديّ في مدينة القدس انتهى بقمع الإمبراطور الرومانيّ هادريان للثورة اليهوديّة الثانية عام 132م، وقد انقطع الوجود البشري والدينيّ لليهود في المدينة منذ ذلك التاريخ وحتى منتصف القرن السادس عشر، عندما هاجرت مجموعةٌ من يهود الأندلس إلى القدس هرباً من اضطهاد الملوك الإسبان، وابتدعت هذه المجموعة فكرة تقديس حائط البراق أو الحائط الغربيّ للمسجد الأقصى.

تطور الموقف السياسي:

وطوال ثلاثة قرون ظلّ حائط البراق مركزَ النشاطات الدينيّة اليهوديّة في القدس، ومحور اهتمام المتدّينين اليهود، إلى أن ظهرت الصهيونيّة اليهوديّة في منتصف القرن التاسع عشر، وتبنّت الأفكار اليهوديّة الرومنسيّة المنادية بالعودة إلى "أرض الميعاد"، وإحياء ارتباط الشعب اليهوديّ بمدينة القدس، وإعادة بناء ما يُسمّى بـ"هيكل سليمان". عندها تحوّل الاهتمام الصهيونيّ واليهوديّ من الحائط الغربيّ إلى المدينة بكاملها، كمدينةٍ مقدّسة لليهود بما فيها المسجد الأقصى المبارك. وقد بقيت الصهيونيّة تُداعب مشاعر اليهود حول العالم بهذه الوعود حتى عام 1967م، عندما أكمل الصهاينة سيطرتهم على الجزء الشرقيّ من المدينة، وأصبح المسجد الأقصى في قبضتهم، وكان عليهم أن يواجهوا الواقع، ويوازنوا بين الأحلام التي وعدوا بتحقيقها، وبين قدرتهم الفعليّة على تحقيق تلك الأحلام.

تحت تأثير صدمة الصهاينة بانتصارهم الساحق والسهل في عام 1967م، وبدافع حرصهم على الحفاظ على المكتسبات العملاقة الناتجة عنه، اختار القائمون على المشروع الصهيونيّ حينها أن يعملوا بكل الطرق على تثبيت سيطرتهم على الأرض التي احتلّوها بدلاً من أن يخوضوا مواجهةً غير معروفة العواقب مع أهلها، لذا فقد حافظوا على الوضع القائم في المسجد الأقصى ومنعوا اليهود من دخوله، وركّزوا بدلاً من ذلك على مشاريع الاستيطان، وإثبات "الحقّ اليهوديّ" في الأرض التي احتلّت من خلال جهود البحث عن الهيكل. بالفعل شكّلت حكومة الاحتلال عام 1967م بعثةً ضخمةً من علماء الآثار برئاسة "بنيامين مزار"؛ للبحث عن آثار الهيكل تحت المسجد الأقصى، ومنحت الحكومة هذه البعثة صلاحيّاتٍ واسعة وتمويلاً ضخماً، على أمل كشف آثار الهيكل اليهوديّ، لكنّ هذه البعثة -وبعد ما يُقارب 30 عاماً من العمل- أعلنت عجزها عن العثور على أيّ أثرٍ يهوديٍّ من أيّ نوع تحت المسجد الأقصى، وفيما نعتقد فإنّ هذا الإعلان مثّل صدمةً حقيقيّة للصهاينة، لأنّ الكثير منهم كانوا يعتقدون حقّاً بوجود الهيكل في هذا المكان، ومثّل هذا الاعتقاد في حينه مصدراً للاطمئنان بالنّسبة للقائمين على المشروع الصهيونيّ ولسكّان المدينة اليهود.

وفي محاولةٍ للهروب إلى الأمام قرّر القائمون على المشروع الصهيونيّ خلق "أورشليم المقدّسة" بأنفسهم إن لم تكن موجودة، وذلك من خلال مسارين أساسيّين، هما: تثبيت "حقّ اليهود بالصلاة في جبل الهيكل"، وخلق آثار "أورشليم المقدّسة" في هذا الجبل، كما وردت في الروايات التوراتيّة والتلموديّة.

تطور الموقف الديني:

لتنفيذ هذا المشروع بالسرعة المطلوبة، كان لا بدّ من تغيّر الموقف الدينيّ اليهوديّ التقليديّ الذي تبنّته الغالبيّة العظمى من الحاخامات اليهود منذ عام 1967م والقاضي بتحريم دخول اليهود إلى "جبل الهيكل". وبعد أن كانت مسألة "حقّ اليهود في الصلاة في جبل الهيكل" دعوةً تحملها مجموعةٌ صغيرةٌ من الحاخامات المتموّلين من أثرياء الولايات المتّحدة، تحوّلت هذه المسألة -وبشكلٍ متلازمٍ مع التحوّل الذي طرأ على المشروع الصهيونيّ- إلى تيّارٍ سريع النموّ في صفوف المتديّنين اليهود أصبح يضمّ في عام 2001 عدداً كبير من النشطاء والحاخامات بينهم 11 من الحاخامات الكبار في دولة الاحتلال.

ورغم خيبة الأمل التي تعرّض لها مناصرو هذا التيّار عام 2005 إثر فشل تحقيق نبوءة بناء الهيكل في ذلك العام، وإثر تجديد الحاخاميّة الرسميّة الإسرائيليّة لمنع الدخول إلى "جبل الهيكل"، إلا أنّ أعداد الحاخامات المنضوين تحت لوائه ظلّت تتزايد بشكلٍ سريع، وقد شهد العام 2007 وحده انضمام 5 من أبرز حاخامات دولة الاحتلال وأكثرهم تأثيراً إلى تيّار المنادين بـ"حق اليهود بالصلاة في جبل الهيكل". في الوقت ذاته، أصبحت نشاطات مناصري هذا التيار على الأرض أكثر تنظيماً وعدوانيّة، وهذا التغيّر السريع في موقف المتديّنين اليهود يقودنا إلى الاستنتاج بأنّ الفتوى الدينية تابعةٌ ومتماهية مع الموقف السياسي الصهيوني وتطوراته، وأن الشريعة اليهوديّة لم تكن العائق الحقيقيّ الذي منع دولة الاحتلال من إدخال اليهود إلى المسجد الأقصى أو من هدمه منذ عام 1967م وحتى اليوم.

تطور الموقف القانوني:

ولمّا كان موقف القانون الإسرائيليّ لجهة منع اليهود من دخول "جبل الهيكل" مشابهاً للموقف الديني اليهوديّ السائد كان لا بدّ من تغييره هو الآخر، لكنّ ذلك لم يكن ممكناً عن طريق برلمان الاحتلال الذي شرّع بالأصل قوانين المنع، لأنّ إقرار قانونٍ يسمح لليهود بدخول المسجد الأقصى في البرلمان سيُثير ضجّةً واسعة ويستثير العديد من ردود الفعل الغاضبة، لذا لجأ المتطرفون اليهود بناءً على ترتيب ضمني مع القيادة السياسية للاحتلال إلى "المحكمة العليا"، التي كانت ترفض التدخّل في هذا الموضوع منذ عام 1967م.

في عام 1993 كسرت المحكمة العليا للمرّة الأولى الحظر المفروض على دخول اليهود إلى المسجد الأقصى، معتبرةً أنّ دخولهم إلى "جبل الهيكل" يقع تحت بند حريّة العبادة التي تكفلها قوانين دولة الاحتلال لكلّ سكّانها، لكنّ قرار المحكمة هذا بقي مجمّداً حتى عام 2003، حينما أعادت المحكمة تأكيدها على "حقّ اليهود بالدخول إلى جبل الهيكل". بعدها بعامين، وتحديداً في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر 2005 طوّرت المحكمة قرارها هذا لتسمح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى وليس فقط بالدخول إليه، وهي تنظر اليوم في دعاوى متتالية يُقدّمها المتطرّفون اليهود للسماح لهم بتقديم القرابين في "جبل الهيكل"، وليس هناك ما يمنع المحكمة من الموافقة على ذلك في المستقبل القريب، فتسلسل الأحداث السابق يثبت أنّها ليست سوى أداةً في يد السلطة السياسيّة توافقها في المنع إن منعت كما كان الحال في النصف الثاني من القرن الماضي، وتوافقها في السماح إن سمحت، كما هو الحال منذ عام 2003 وحتى اليوم.

ثانياً: الحفريات في المسجد الأقصى ومحيطه:

ترافقت كلّ هذه التغييرات السياسيّة والدينيّة والقانونيّة الهادفة إلى الوصول إلى "أورشليم المقدّسة" مع تسارعٍ محمومٍ لإجراءات التهويد على الأرض، وتطوّرٍ جديد في الجهات التي تنفذ أعمال الحفر والبناء، فسلطة الآثار أصبحت توكل أعمال البناء للجمعيات المتطرفة الداعية لبناء الهيكل، مثل "جمعية الحفاظ على تراث الحائط الغربي" بعد أن كانت توكل هذه الأعمال لبعثة علميةٍ متخصصة من الجامعة العبرية، وأصبحت هذه المواقع تفتتح للجمهور تحت اسم وزارة السياحة.

خلال الفترة التي يُغطّيها تقريرنا والممتدّة من 22/8/2006 إلى 21/8/2008 كانت فرق الحفريّات التابعة لدولة الاحتلال والجمعيّات المتطرّفة تنشط في 7 مواقع من أصل 18 موقع حفريّاتٍ تُحيط بالمسجد الأقصى، وقد توزّعت هذه الحفريّات الهادفة لإنشاء مدينةٍ يهوديّة تحت الأرض على مختلف جهات المسجد الأقصى:

حفريات الجهة الجنوبيّة للمسجد:

حيث يعمل المحتلّ على بناء "مدينة داوود"، وتوجد في هذه الجهة 7 مواقع حفريّات منها 4 نشطة، وأكبر هذه الحفريّات وأخطرها على الإطلاق هو الطريق الهيروديانيّ الذي يمتدّ لمسافةٍ تزيد على 600 متر ويربط ساحة البراق بالمدخل الجنوبيّ لمدينة داوود وفي ظنّنا فإنّ هذا الطريق سيُشكّل عند انتهائه المدخل الجنوبيّ للمدينة اليهوديّة التي يبنيها الاحتلال تحت المسجد الأقصى، وسيدخل منه المستوطنون الآتون من البؤرالاستيطانيّة في سلوان ومن مستوطنات "تلبيوت الشرقيّة" و"جيلو" و"هار جيلو" و"هار حوما" وبقيّة المستوطنات جنوب البلدة القديمة في القدس.

حفريات الجهة الغربية للمسجد:

تُعدّ هذه الجهة العصب الرئيس للمدينة اليهوديّة التي يبنيها الاحتلال تحت المسجد الأقصى، فهي تحتوي على 10 مواقع للحفريّات، منها موقعان نشطان، هما؛ حفريّات ساحة البراق والتي اشتملت أيضاً على هدم أبنيةٍ إسلاميّة تاريخيّة، وشبكة أنفاق الحائط الغربيّ، وهي تُعدّ أكثر الحفريّات نشاطاً وعمقاً في الجهة الغربيّة للمسجد الأقصى، وهي تقع أسفل الحفريّات الأخرى جميعاً، وتمتدّ بعدّة اتجاهات؛ فأوّلها يبدأ أسفل باب الحديد ويتجه شمالاً باتجاه المدرسة العمريّة، وثانيها يبدأ أسفل باب الحديد ويتجه جنوباً باتجاه ساحة البراق، وثالثها يبدأ أسفل حائط البراق ويتجه شرقاً نحو متوضّأ سبيل الكأس، الذي يتوسّط المسافة بين المسجد القبلي وقبّة الصخرة، ومن أسفل منطقة سبيل الكأس يتفرّع هذا النفق جنوباً باتجاه المسجد القبليّ وشمالاً باتجاه قبّة الصخرة. ولم يتّضح بعد بشكلٍ قاطع هدف الاحتلال من هذه الأنفاق، إلاّ أنّنا نعتقد أنّها تخدم هدفين رئيسين، بحسب التقسيم الآتي:

أولاً: الأنفاق الممتدّة تحت باحات المسجد الأقصى:

وتهدف في ظنّنا إلى توسيع المدينة اليهوديّة لتصل جنوباً إلى الباب الثلاثيّ المغلق الذي يُسمّيه اليهود بـ"بوّابات هولدا"، ويدّعون أنّه كان مدخلاً للأنفاق التي تصل بين مدينة داوود والهيكل، بينما تصل شمالاً إلى قبّة الصخرة التي يدعي اليهود أنّها "قدس الأقداس" وفيها توجد "صخرة الخلق" المقدّسة التي بدأ منها خلق الكون، وفي حال وصلت الأنفاق فعلاً إلى أسفل مصلّى قبّة الصخرة، يكون الاحتلال قد بلغ مرحلةً متقدّمةً من مشروع تقسيم المسجد الأقصى، وأنهى في الواقع الخطوة الأصعب في التمهيد لهذا المشروع، وهي إيصال الحاخامات اليهود إلى "قدس الأقداس" لإقامة طقوسهم فيها، وهي الطقوس التي تُعد ذروة صلاة اليهود في جبل الهيكل، أمّا إقامة الطقوس نفسها فلن تُشكّل عائقاً بعد ذلك لأنّ حاخامات اليهود لا يُصلّون في "قدس الأقداس" إلاّ لأيّام معدودةٍ في السنة وبالتالي يُمكن للاحتلال أن يُغلق المصلّى السفلي لقبّة الصخرة في هذه الأيّام، ويُمكّن الحاخامات من دخوله دون أن يحتاج ذلك إلى كبير عناءٍ منه.

ثانياً: الأنفاق الممتدّة على طول الحائط الغربيّ:

ولها عدّة مداخل على طول الحائط، وهي متّصلة مع الحفريّات التي تعلوها من خلال فتحات مربّعة تشبه في شكلها وحجمها بئر المصعد. وهذه المواصفات يُمكن أن توفّر لقوّات الاحتلال حريّة حركةٍ كبيرة تحت "المدينة اليهوديّة" تُمكّنها من أن تتدخّل وتصل سريعاً إلى أيّ من مواقع المدينة في حال وقوع أيّ حادث، كما تُمكّنها من تسيير دوريّات في هذه المدينة دون أن تزاحم السيّاح والمصلّين اليهود في المساحات الضيّقة التي يتحرّكون خلالها داخل مواقع الحفريّات المختلفة.

حفريات الجهة الشمالية للمسجد:

تتركز حفريات الجهة الشمالية في الزاوية الشماليّة الغربيّة للمسجد الأقصى، وتحديداً في منطقة المدرسة العمريّة الملاصقة لدرب الآلام، وتشمل موقعاً واحداً تنشط فيه الحفريّات، هو موقع "بركة القبّرة" والتي يدّعي الاحتلال أنّها كانت بركةٌ عامّةً تبلغ مساحتها 825 متراً مربّعاًً، مما يعني أنّ الحفريّات في هذه المنطقة ستستمرّ لفترةٍ طويلة حتى كشف كلّ المساحة المدّعاة للبركة، وفي ظنّنا فإنّ الأنفاق التي تُحفر في هذه الجهة ستُشكّل المدخل الشماليّ للمدينة اليهوديّة التي يبنيها الاحتلال تحت المسجد، وقد اختار الاحتلال مكان المدرسة العمريّة المطلّة على درب الآلام بالذات لوصل المدينة اليهودّية بهذا الطريق، ولربط التاريخ اليهوديّ للمدينة بتاريخها المسيحيّ، وتوحيد الجولات السياحيّة بين المزارات المسيحيّة والمدينة اليهوديّة لتظهر كجزءٍ لا يتجزّأ من مدينة القدس.

ثالثاً: الوجود اليهودي في ساحات الأقصى ومحيطه

إضافةً إلى الحفريّات فإنّ الاحتلال حاول توسيع وجوده في ساحات ومحيط المسجد الأقصى بشكلٍ كبير خلال الفترة التي يُغطّيها التقرير:

مخطط السيطرة على الجزء الجنوبي الغربي للمسجد:

بعد منع ترميم طريق المغاربة وتركه ينهار في 15/2/2004، وتجديد منع ترميمه بعد انهياره وإقامة جسر خشبي مؤقت بدلاً منه، بدأ الاحتلال في شهر شباط/فبراير 2007 بهدم هذه الطريق لتوسيع مكان صلاة النساء اليهوديات أمام حائط البراق ليصل إلى أقصى الطرف الجنوبيّ للمسجد الأقصى، وأقرّ خطّة لبناء جسرٍ حديديّ مكانه بمسارٍ يصل مدخل ساحة البراق بباب المغاربة، وفي اعتقادنا أنّ الاحتلال يهدف من بناء هذا الجسر إلى تثبيت واقع دخول اليهود إلى المسجد الأقصى، تمهيداً لمحاولة اقتسام الجزء الجنوبيّ الغربيّ من ساحات الأقصى وتخصيصه لصلاة اليهود، لكنّه في اعتقادنا لن يكتفي بذلك، بل سيسعى في المستقبل لبناء جسرٍ على الطراز "الهيروديانيّ" يصل بين الكنيس الموجود تحت حائط البراق "قنطرة ويلسون" وباب المغاربة مباشرة، ليُصبح الجزء الجنوبيّ الغربيّ من ساحات المسجد الأقصى جزءاً لا يتجزأ من المدينة اليهوديّة المقدّسة تحت المسجد الأقصى وفي محيطه.

وقد أعلنت بعض صحف الاحتلال في 13/4/2008 أنّ أحجار حائط البراق بدأت بالتفتّت، خصوصًا تلك الحجارة الواقعة في أعلى السور، أي أحجار مصلّى البراق، الذي يقع في أقصى الطرف الغربيّ للمسجد الأقصى. ويُمّهد هذا الإعلان في غالب الظنّ لإغلاق مسجد البراق، ومنع المصلّين من الوصول إليه، تمهيداً لتحويله إلى كنيسٍ يهوديّ أو موقعٍ أثريّ متصلٍ بالمدينة اليهوديّة المفترضة.

ولا بدّ أن نشير هنا إلى أنّ حفريّات الاحتلال في باب المغاربة مثّلت علامةً فارقة في تاريخ استهداف الاحتلال للمسجد الأقصى، فباب المغاربة هو أقرب نقطةٍ فوق الأرض إلى المسجد الأقصى يستهدفها الاحتلال في تاريخه، ورغم ذلك فقد اتّسمت ردود الفعل الشعبيّة والرسميّة على ذلك بضعفٍ وتشتّتٍ بالغين، الأمر الذي شكّل مؤشّراً إيجابيّاً للاحتلال، شجّعه على تسريع وتيرة مشروع المدينة المقدسة اليهودية بما فيه اقتسام المسجد، وهذا ما يظهر في تكثيفه لنشاط الحفريّات والبناء في المسجد الأقصى ومحيطه خلال الفترة التي يُغطّيها التقرير، وإن لم يُتدارك هذا الأمر بالسرعة اللازمة، فإنّ ميزان الربح والخسارة لدى الاحتلال سيختلّ، وستصبح منافع الاعتداء على المسجد الأقصى أكبر من مضارّه بالنسبة إليه، ما سيدفعه إلى تغيير الأسلوب البطيء الحذر الذي كان يتبناه حتى عهدٍ قريب، والذي كان السبب الرئيس وراء الفشل في تحقيق أحلام التهويد والسيطرة وتحقيق القدسية اليهودية في المدينة على مدار الأعوام الأربعين الماضية، إلى أسلوبٍ سريعٍ مباشرٍ يرسم الشكل النهائي لـ"أورشليم المقدسة" كما يتبناها في أسرع وقتٍ ممكن.

مخطط السيطرة على محيط باب السلسلة غرب المسجد:

غير بعيد عن ساحة البراق كُشف في 10/1/2007 عن مخطط يُكمّل خطوة هدم طريق باب المغاربة، ويتمثل ببناء كنيس في حارة باب الواد غرب سوق القطّانين، أحد أبواب المسجد الأقصى، تحت اسم "خيمة اسحاق"، وذلك في مكان مبنى حمّام العين، الذي أنشأه الأمير تنكز الناصريّ خلال الفترة المملوكيّة سنة 737هـ/1337م، ليبتلع إلى جنوب المبنى أرضاً تُسمّى البيّارة أو الحاكورة تتبع دائرة الأوقاف الإسلاميّة، ومن المفترض أن يتحول هذا المكان إلى معهدٍ دينيّ يهودي من 4 طوابق تعلوها قبّةٌ ضخمة، وبالتالي سيكون هذا البناء أعلى بكثير من كلّ المباني المحيطة، وسيُغطّي قبّة الصخرة بالكامل للناظر من جهة حارة الشرف "الحيّ اليهوديّ"، ومن الجهة الجنوبيّة الغربيّة للحيّ الإسلامي في البلدة القديمة.

وبالتوازي مع بدء بناء هذا الكنيس، كثّفت "جمعيّة الحفاظ على تراث الحائط الغربيّ" حفريّاتها الهادفة إلى إنشاء متحفٍ ضخم تحت حمّام العين والتي بدأت في الأساس عام 2004، كما بدأت بحفر نفقٍ يبلغ طوله حوالي 200 متر يصل بين المتحف والكنيس من جهة وبين معرض سلسلة الأجيال الموجود تحت ساحة البراق من جهةٍ أخرى، وإذا ما استمرّت هذه الحفريّات بشكلها الحاليّ فإنّ عدداً كبيراً من سكّان حارة باب الواد المقدسيّين سيُغادرونها إمّا بسبب أنّ منازلهم قد أصبحت آيلةً للسقوط، وإمّا بسبب اعتداءات المستوطنين المتمركزين في الكنيس عليهم أو حتى احتلالهم المباشر للمنازل أثناء غياب أصحابها. وإذا ما حصل ذلك بالفعل فإنّ الاحتلال يكون قد وسّع الحيّ اليهوديّ باتجاه الشمال ليصل إلى باب المطهرة على موازاة النصف الجنوبي من المسجد بكامله، وذلك على حساب الحيّ الإسلاميّ وسكّانه المقدسيّين. وإذا ما أنهى الاحتلال بناء كنيسه بالشكل الذي طرحه، يكون قد خطا خطوةً كبيرةً نحو فرض الطابع اليهوديّ على المسجد الأقصى وخصوصاً الجزء الغربيّ منه، لأنّ من ينظر من الجهة الغربيّة لن يرى قبّة الصخرة المعلم الإسلاميّ الأبرز للمدينة، بل سيرى كنيساً يهوديّاً هائل الحجم يُغطّي عليها.

مخطط السيطرة على مقبرة الرحمة شرق المسجد:

استكمال فرض الطابع الديني اليهودي على المسجد يتطلب بالضرورة إحداث تغييرٍ في محيطه من الجهات الأربع، ولما كان الصهاينة لا يملكون مرتكزاتٍ توراتية لبدء أعمال تنقيبٍ وحفر شرق المسجد، فقد استعاضوا عن ذلك بإجراءاتٍ أمنية وسيادية، فقد كانت سلطات الاحتلال قد أعلنت هذه المنطقة "متنزهاً قومياً" في عام 2005، وصادرت في منتصف عام 2008 أكثر من 800 متر مربّع من أراضي مقبرة باب الرحمة المُلاصقة للسور الشرقي للمسجد، وفي 16/7/2008 أدخلت عدداً من الجرّافات إلى هذا الجزء من المقبرة، فخلعت ودمّرت عدداً من القبور، وغطّت معظم المكان بالرمل الأحمر، وقد عدّ الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلاميّة في فلسطين المحتلّة هذا الأمر خطوةً أولى في مشروعٍ يهدف لتحويل المقبرة إلى حديقةٍ عامّة، وإقامة تلفريك يربط بينها وبين جبل الزيتون، لتكون بوابةً للقادمين من التجمعات الاستيطانية الهائلة شرق المدينة في مستوطنة "معاليه أدوميم" ومحيطها.

رابعاً: التدخّل المباشر في المسجد الأقصى:

تتّخذ تدخّلات دولة الاحتلال المباشرة في المسجد الأقصى شكلين أساسيّين؛ أوّلهما التدخّل في عمل إدارة الأوقاف التابعة للحكومة الأردنيّة والتي من المفترض أن تكون صاحبة الحقّ الحصري بالعمل في المسجد الأقصى، والثاني هو التدخل في حركة المصلين كماً ونوعاً واتجاهاً:

التدخل في عمل دائرة الأوقاف الإسلامية:

تمنع حكومة الاحتلال دائرة الأوقاف من إجراء أي ترميمٍ أو تأهيل في المسجد الأقصى دون الحصول على إذن سلطة الآثار التابعة لدولة الاحتلال، وخلال الفترة التي يُغطّيها تقريرنا منع الاحتلال إدارة الأوقاف من ترميم تشقّقاتٍ خطرة في الجدار الجنوبيّ للمسجد، كما منعها من إعادة تبليط المواقع التي حُفرت خلال مشروع إعادة تأهيل شبكة الكهرباء الرئيسة في المسجد الأقصى، مستنداً في ذلك إلى إعلان علماء الآثار اليهود عن اكتشاف آثارٍ تعود لعهد الهيكل الثاني في المكان، وفي ظنّنا فإنّ خطوة الاحتلال هذه هدفها وضع إدارة الأوقاف بين فكّي كمّاشة، فإمّا أن تقبل بالوضع القائم وتمتنع عن إجراء أيّ عمليّة ترميمٍ أو تأهيل في المسجد الأقصى، أو تُصرّ على تنفيذ مشروعاتها وتُمنع من إكمالها وبالتالي تُلحق الضرر بالمسجد الأقصى بدلاً من إفادته.

التدخّل في حركة المصلين:

تتفاوت إجراءات الاحتلال في المسجد الأقصى بين منع المصلّين من الوصول إليه، وبين تقييد حركة المصلّين في محيط المسجد وداخله، ومراقبة جميع تحرّكاتهم فيه من خلال شبكةٍ من الكاميرات والمجسات الحرارية موزّعة في أرجائه، وقد استمرّ الاحتلال خلال الفترة التي يُغطّيها التقرير في محاولة تقليص أعداد المصلّين في المسجد الأقصى إلى أدنى حدٍّ ممكن لأنّ وجودهم بأعدادٍ كبيرة يُمثّل عائقاً في وجه مشاريع الاحتلال في المسجد الأقصى عموماً وفي وجه مشروع التقسيم خصوصاً، ويعمل الاحتلال على تقليص أعداد المصلّين من خلال عدّة وسائل أبرزها؛ المنع المستمرّ منذ عام 2000 لأهالي الضفّة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى المسجد الأقصى، وفرض الحواجز والقيود على وصول المقدسيّين إليه، وقد رتّبت هذه الإجراءات مسؤوليّةً كبيرة على أهلنا في الأرض المحتلّة عام 1948 كونهم أصبحوا الوحيدين القادرين على الوصول إلى المسجد الأقصى وبالتالي باتوا يُشكّلون حائط الدفاع الأوّل وشبه الوحيد عن المسجد، وتقوم مؤسسة الأقصى لرعاية المقدسات الإسلاميّة في الأراضي المحتلّة عام 1948 بالجهد الأكبر في رصد تحركات الاحتلال التي تستهدف المسجد الأقصى وفي تأمين وجود المصلين داخل المسجد الأقصى على مدار العام من خلال مشاريع عدّة أبرزها؛ مشروع "مسيرة البيارق" ومشروع "رباطٌ باكر، حفظٌ أكيد" الذي يهدف لحماية الجهة الجنوبية الغربية من المسجد، والمستهدفة على وجه التحديد بمشروع التقسيم.

خامساً: التوصيات:

بناءً على كل هذه التحولات والتطورات في الفكر السياسيّ والإفتاء الدينيّ والموقف القانونيّ، وأمام كل هذه الأعمال المتسارعة والجديّة والواضحة أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه من الجهات الأربع والتي رصدناها بوضوحٍ وتفصيل، والتي تهدف لخلق مدينة يهوديّة مقدّسة بموازاة البلدة القديمة مركزها المسجد الأقصى، وأمام ما تقودنا إليه الاقتحامات والتصريحات من استنتاجٍ يفيد بأن السقف الزمني لتحقيق هذا المخطط لم يعد مفتوحاً، وهو في ظننا محدّدٌ بالعمر الذي كان مقترحاً لخطة الحل الأحادي والذي لا يتجاوز العام 2010، فإننا نعتقد أننا في مرحلةٍ حاسمةٍ من عمر السباق على السيطرة على الأقصى، وأن ما سيحصل في السنوات القادمة من شأنه أن يحسم مصير المسجد، إما لجهة نجاحِ مخطط "أورشليم المقدسة" واقتسام المسجد، أو لجهة خلق قناعةٍ راسخةٍ لدى المحتلّ بأنه أعجز من أن يتمكن من تحقيق القدسية اليهودية على حساب المسجد.

إن المؤشر الأساس الذي يحسب المحتل من خلاله تحركاته تجاه المسجد الأقصى هو حساب الربح والخسارة، فكلما أحدثت تحركاته ردود فعلٍ غاضبةٍ وعالية الوتيرة ترسل رسائل واضحة حول خطورة التحرّك على كل المستويات، لجأ الاحتلال إلى تخفيض سرعة ونوعية التحرّك ضد المسجد خوفاً من أن يتسبب التصعيد في ردود فعلٍ أكبر وأعظم أثراً يكون ثمنها غالياً بالنسبة له، وكلما خفّت وخفتت ردود الفعل وتشتّتت- كما كان الحال بعد حفريات تلة المغاربة في شهر شبط/فبراير 2007- فإن المحتل سيتشجّع أكثر للمضي بمخططاته قُدُماً، وعلى توثيق التحالف المتنامي بين المؤسسة السياسية والجمعيات اليهودية المتطرفة المنادية ببناءِ الهيكل.

ونحن على هذا الأساس نضع التوصيات التالية بين يدي كل المهتمين بالمسجد ومصيره ومستقبله، ونعلن كمؤسسةٍ مدنية مكرّسةٍ للقدس استعدادنا للتعاون مع كل من يريد العمل لحماية المسجد الأقصى ودعمه، بكل الوسائل الممكنة:

‌أ- توصيات للجماهير العربية والإسلامية:

إن التظاهر والتجمع والحشد الشعبي ليست وسائل عديمة الجدوى، بل هي عوامل أساسيةٌ في قراءة مؤشر الربح والخسارة لدى المحتل، وعند أي اعتداءٍ مقبلٍ على المسجد –وهو قادمٌ بحسب تقديرنا خلال الفترة المقبلة- فإننا ندعو كل الجهات الفاعلة إلى ردود فعلٍ عملاقةٍ حاشدةٍ منظمةٍ توجّه رسالةً واضحةً بهذا الصدد، وندعو إلى أن يكون هذا التحرّك وحدوياً خالصاً لنصرة المسجد وخالياً من كل استخدامٍ سياسيٍّ داخليّ. كما ندعو إلى العمل على المدى الطويل على رفع الوعي والمعرفة بالمسجد وأوضاعه، لأنه الضامن الوحيد للفعل والتحرّك لنصرة المسجد.

‌ب- توصياتٍ للجماهير الفلسطينية:

إن أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948 هم خط الدفاع الأول، مع أهل القدس الصامدين فيها، الذي يتحرّك ويتفاعل مع التهديدات المحدقة بالمسجد بشكلٍ يومي، وإننا نثنّي على جهدهم وندعوهم إلى تكثيفه، وتكثيف المشروعات الجماهيرية لحماية المسجد، خصوصاً في الأجزاء الجنوبية الغربية قبالة باب المغاربة والغربية قبالة باب السلسلة. أما أهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإننا نناشدهم أن لا يشغلهم شاغلٌ عن متابعة وضع المسجد الأقصى الذي من أجله انطلقت انتفاضتهم الثانية، وهو اليوم في وضعٍ أخطر كثيراً مما كان عليه عند انطلاق الانتفاضة.

‌ج- توصيات لقوى وفصائل المقاومة:

إن قوى المقاومة هي لاعبٌ أساس، إن لم تكن الأساس، في رسم توجه مؤشر الربح والخسارة لدى المحتل، وهو الذي يحدّد منهج تعامله مع المسجد، وعليه فإننا ندعو قوى المقاومة بشتى أطيافها إلى أن تمارس دورها في تحديد وجهة مؤشر الربح والخسارة. كما أننا ندعوها لتبني استراتيجية مشتركة تتجاوز التجاوب العفوي مع الأحداث، في مواجهة الصورة المنظمة المتصاعدة التي رسمناها لطبيعة التهديدات المحيطة بالمسجد.

‌د- توصيات للسلطة الفلسطينية:

في مواجهةِ ما يحصل في محيط المسجد بشكلٍ متواصل، بل ومتزامنٍ مع اللقاءات التي تعقد على أعلى المستويات مع قيادة الاحتلال في القدس، وأمام الدور الأساسي والمباشر للمستوى الرسمي الصهيوني في كل ما أسلفنا من مخططات وأعمال ضد المسجد، وبغض النظر عن الموقف من منهج التفاوض الحالي، فإننا لا نجد جدوىً ولا مبرراً لعقد هذه اللقاءات في القدس تحديداً، وندعو بأقوى العبارات إلى الوقف الفوري لهذه الاجتماعات في القدس. إلى جانب ذلك، ومع علمنا بأن الصيغة التي نشأت بموجبها السلطة تحرمها من أية قدرة على التواجد أو التأثير الفعلي في القدس، والقيود التي أضافتها الاعتقالات على تحركها في القدس، ندعو السلطة لاستحداث بدائل خلاقة للعمل في القدس حتى لو كانت بطرق غير تقليدية بمفهوم العمل الحكومي والبيروقراطي.

‌ه- توصيات للحكومة الأردنية:

تُعدّ الحكومة الأردنية، بموجب الوضع القائم بعد العام 1967، وبموجب ما طلبته لنفسها في معاهدة وادي عربة التي وقعتها مع حكومة الاحتلال، الوصيّ الرسميّ الوحيد على المسجد الأقصى وسائر المقدسات في القدس عبر دائرة الأوقاف الإسلامية. ونحن إذ نؤكد أن خدمة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية تكليف يقتضي جهداً وعملاً ويُحمّل من يتبنّاه عبئاً سياسياً وبيروقراطياً ومدنياً، فإننا ندعو الحكومة الأردنية إلى الإصرار على مناهضة أي تغيير يجريه الاحتلال في القدس، وإلى بذل كل الجهد الممكن وتعبئة كل أجهزتها ومؤسساتها بما يتجاوز المشاريع المتفرقة للإصلاح والإعمار، لأن الخطر المحدق أكبر وأشمل، وندعوها خصوصاً إلى الاهتمام بتوسيع كادر حرّاس المسجد الأقصى وتحسين أدواتهم وقدراتهم.

‌و- توصيات للحكومات العربية والإسلامية:

بناءً على التشخيص بأن الحكومات العربية والإسلامية تتعامل مع قضية المسجد الأقصى وكأنه مسألة داخلية فلسطينيةٌ أو أردنية، أو كأنه مسألةٌ تختص بلجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، فإننا ندعو الحكومات العربية والإسلامية إلى تغيير هذا الأسلوب والعمل ضمن استراتيجية واضحة ومحدّدة لحماية المسجد من مصير التقسيم بالحد الأدنى إن لم تكن قادرة على تحريره، كما ندعوها إلى دعم وإسناد الدور الذي يجب أن تضطلع به الحكومة الأردنية بصفتها الوصية على الأماكن المقدسة، وإلى تشكيل جبهةِ ضغطٍ مشتركةٍ على مختلف اللاعبين الدوليين، وعلى الاحتلال في موضوع القدس على الأقل.

‌ز- توصيات للهيئات والمنظمات الدولية:

تتفق الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي على موقفٍ واضحٍ من المسجد والأحقية التاريخية العربية الإسلامية فيه، وتشكل كل منهما مكاتب أو هيئاتٍ يفترض أن تتولى مسؤولية دعم القدس والمقدسات، وبخاصة منظمة المؤتمر الإسلامي التي قامت على أثر إحراق المسجد الأقصى عام 1969، وتبثق عنها لجنة القدس التي يفترض أن تقود تحركاً رسمياً منهجياً لحماية القدس، بناءً على ذلك فإننا ندعو إلى عملٍ مشتركٍ وفعال بين المنظمتين، وإلى ممارسة لجنة القدس لدورها المفترض مستثمرةً القرارات الدولية التي تؤكد الأحقية التاريخية في القدس وفي الأقصى في مختلف المؤسسات الدولية. كما أننا بعد التذكير بأهم قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالمسجد الأقصى ومضامينها، وبعد تشخيص حقيقة انتقائية مجلس الأمن في تطبيق القرارات، وعجز الأمم المتحدة عن تطبيق قراراتها المذكورة، ندعو إلى تحقيق الحد الأدنى على الأقل، وندعو الأونيسكو والمؤسسات المعنية إلى إبقاء المسجد الأقصى والقدس على رأس مواقع التراث العالمي المهدّد، وإلى توثيق ما يتم تدميره من تراث إنساني على يد سلطات الاحتلال والعمل الفعلي على مواجهتها بالسبل الممكنة.

‌ح- توصيات للجهات العاملة لأجل القدس:

المؤسسات الأهلية والمدنية، والهيئات المقدسية، مدعوّة إلى اعتبار جهد حماية المسجد الأقصى والمقدّسات الأولوية الأولى ضمن عملها، ومدعوّةٌ إلى اعتبار الأعوام القادمة أعوام استنفار في دعم ونصرة مشروعات حماية المسجد الأقصى بالمال وبالمواكبة الإعلامية والتعبوية اللازمة، وتقديم كل ما يلزم لإنجاح هذه المشروعات التي تعمل على تأمين أسباب تواجد المصلين في المسجد الأقصى على مدار الساعة، أو تلك التي تعمل على تنفيذ ما يمكن من أعمال الصيانة والتصليح والترميم. كما أنها مدعوّة إلى إطلاق جهد علاقاتٍ عامة مكثّف، لحثّ المنظمات والهيئات والدول على التحرّك بهذا الشأن، لرفع مستوى الضغط على الاحتلال والتأثير على مصالحه.

‌ط- توصيات للمرجعيات الدينية:

إن الاهتمام بالمساجد والمقدسات وأوضاعها هو أحد ثوابت الاعتقاد الديني، والعلماء والمفتون والمرجعيات الدينية هي الجهة الأولى التي يفترض أن تتصدى لحماية المقدّسات، وإننا نناشد العلماء والمرجعيات أن يعتبروا الإفتاء بخصوص وجوب الحفاظ على المسجد ووجوب نصرته ضرباً من ضروب تأكيد المؤكد، لأننا نرى لاستمرار التأكيد دوراً كبيراً في نصرة المسجد، وإحداث التحرك المطلوب لحمايته، خصوصاً في اللحظات التي يتعرض فيها للاعتداء. كما أن المسجد الأقصى هو عنوانٌ عريض جامعٌ للمسلمين بشتى مذاهبهم، في لحظةٍ هم في أحوج ما يكون للوحدة، والمسجد فيها أحوج ما يكون للدعم والنصرة.

‌ي- توصيات للهيئات والمنظمات الحقوقية:

إن قضية المسجد الأقصى هي قضيةٌ متعلّقةٌ بحرية الاعتقاد وحرية العبادة، وهي حقوق كفلتها مواثيق حقوق الإنسان، ولا يصح التعامل معها على أنها قضية دينيةٌ تختص بالمرجعيات الدينية وحدها، وهذه المؤسسات والمنظمات والهيئات مدعوّة إلى تفعيل هذه القضية في مختلف المستويات القانونية الدولية، لزيادة الضغط وتضييق الخناق على تحرّكات الاحتلال ضد المسجد الأقصى.

‌ك- توصيات لوسائل الإعلام والإعلاميين:

بناء على الملاحظة المتأنية لضعف تغطية شؤون القدس والمسجد الأقصى كماً ونوعاً في وسائل الإعلام العربية والإسلامية، وعدم وضعهما في رتبة الأولويات حتى عندما يحظيان بالتغطية، وهو ضعفٌ لا يستثني إلا عدداً قبليلاً من وسائل الإعلام التي تضع القدس فعلاً ضمن قائمة أولوياتها، فإننا ندعو إلى إيلاء اهتمام خاص لتغطية أخبار القدس والمسجد الأقصى وخلق الآليات اللازمة لذلك، وإبقاء هذه القضية ضمن القضايا الأساسية في مختلف أنواع التغطيات الحوارية والوثائقية والثقافية ليتأكد في الوعي أن كل التضحيات والإنجازات في مواجهة مشروع المحتل يجب أن تصب في النهاية تغيّراً للأحسن في أوضاع القدس والمسجد الأقصى.

ملخصات رقمية:

الحفريات تحت الأقصى وفي محيطه:

نوع الحفريّات عددها

حفريّات مكتملة 11

حفريّات نشطة 7 المجموع 18

الوجود اليهوديّ في ساحات المسجد الأقصى ومحيطه:

نوع الاعتداء تكراره

عمليّات بناء 3

مصادرة أراضٍ 1

المجموع 4


المسجد الأقصى والتصريحات البارزة ضده:

اقتحامات

شخصيّات رسميّة 3

متطرّفون 12

أجهزة أمنيّة 6

المجموع 21

تصريحات عدايئة

صادرة عن شخصيّات رسميّة 2

صادرة عن متطرّفين 5


صادرة عن أجهزة أمنيّة 0

المجموع 7

أفعال عدائيّة أخرى

-- 6 المجموع 6 الإجمالي 34