عودة مناورات “النجم الساطع”.. 6 رسائل أبرزها دعم واشنطن للديكتاتوريات العربية
كتبه: ناصر المنشاوي
بعد توقف دام 7 سنوات من 2011 حتى 2017 عادت مجددا تدريبات "النجم الساطع" العسكرية عام 2017م، وللعام الثاني على التوالي انطلقت السبت الماضي 08 سبتمبر 2018 بقاعدة محمد نجيب العسكرية غرب البلاد المناورات بمشاركة 09 دول بينها مصر والسعودية والولايات المتحدة، بجانب 16 دولة بصفة مراقب. ومن المقرر أن تنتهي الخميس المقبل.
وتشارك في التدريبات عناصر من القوات البرية والبحرية والجوية والقوات الخاصة لكل من مصر، والولايات المتحدة، واليونان، والأردن، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات، وإيطاليا، وفرنسا. ويشارك بصفة مراقب، لبنان، ورواندا، والعراق، وباكستان، والهند، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، وتشاد، وجيبوتي، إلى جانب مالي، وجنوب إفريقيا، والنيجر، والسنغال، وكندا.
وأغلب هذه الدول تشهد حروبا غير نظامية وعمليات مسلحة بعضها يوصف بخطر إرهابي، كما أنها تلعب دورا سياسيا أو عسكريا في مناطق باليمن وسوريا وليبيا، بخلاف إفريقيا التي تواجه بعض دولها تنظيمات متطرفة ونزاعات وأزمات.
رسائل التدريبات
الرسالة الأولى من هذه التدريبات أنها تمثل انعكاسا لضمان المصالح الأمريكية في المنطقة فهذه التدريبات بحسب عاطف سعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، "تعني مستوى جيدا من العلاقات المصرية الأمريكية، وتتماشى مع طبيعة المنطقة غير المستقرة المليئة بالتنظيمات والإرهاب، ومع الحاجة إلى تدريبات تتطابق في نفس الأهداف سواء في الحرب على الإرهاب أو غيره".
كما أنها وفق عسكريين أمريكيين تمثل "أمرا حيويا لتأمين مصالح بلادنا"، و"توجيه رسالة واضحة لمن يرغب في النيل من أوطاننا"، و"تعزز رؤيتنا لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا"، لكن مراقبين ومحللين يرون في هذه المشاركة الأمريكية تعزيرا للنظم الديكتاتورية في المنطقة في ظل الإدارة الأمريكية التي تنتمي لليمين المتطرف الموالي لإسرائيل داخل الحزب الجمهوري.
يعزز من هذه النظرة أن واشنطن فكت تجميد 195 مليون دولار من المساعدات العسكرية للنظام المصري، رغم أن تجميدها تم بناء على تدهور ملف حقوق الإنسان في مصر؛ وتم فك التجميد رغم ان هذا الملف يشهد تدهورا أشد ما يمثل ضوءا أخضر أمريكيا لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
الرسالة الثانية تتعلق بطبيعة المكان الذي أجريت فيه المناورات والتدريبات، فمنطقة قاعدة محمد نجيب العسكرية، وهي منطقة صحراوية تعكس طبيعة التحولات في المناورة والتي انتقلت من تدريبات ضد جيوش نظامية كما كانت قبل 2009 إلى تدريبات على الحرب ضد مايسمى بالإرهاب؛
ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية ترسم أولويات جيوش المنطقة باعتبار العدو الصهيوني بات حليفا وصديقا بينما توجه الحكومات المستبدة في المنطقة معظم جهودها نحو الحركات المسلحة سواء تلك التي تنتمي لتنظيم داعش أو الحركات التي تمثل امتدادا لإيران مثل حزب الله والحوثي وغيرها.
الرسالة الثالثة، أن هذه المناورات تجري متزامنة مع جهود أمريكية أخرى بتدشين ما يسمى بالناتو العربي حيث انعقد منذ أيام قليلة بالكويت اجتماع رؤساء أركان هذا التحالف الجديد الذي ضم رؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات والكويت وقطر بمشاركة مصرية أردنية ورعاية أمريكية وحليف سري غير مشارك هو إسرائيل.
ويهدف هذا التحالف إلى مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة التي بدأت تحاصر السعودية من الجنوب من خلال الحوثيين ومن الشمال في العراق ولبنان وسوريا.
الرسالة الرابعة، ضمان السيطرة الأمريكية على جيوش المنطقة، ففي كلمة بالتدريبات نقلها بيان سابق للجيش المصري، قال اللواء جون مات، مدير التدريب من الجانب الأمريكي، إن "هدف المشاركة في مناورات النجم الساطع هو الاستفادة من كل فرصة متاحة للتعاون المشترك، لتعزيز العلاقات وتوجيه رسالة واضحة لمن يرغب في النيل من أوطاننا".
وأكد مات أن "التدريبات المشتركة تساهم في إعداد وتدريب القوات، وتوضح قيمة العمل المشترك، كما أنها تمثل فرصة ذهبية لإيجاد أفضل الطرق لمواجه تهديدات الأمن الإقليمي". ونقل موقع "Defense media activity"، الذي يتابع شؤون وزارة الدفاع الأمريكية، عن الجنرال أيضا تأكيده على أن "تجربة هذا العام ستختبر قدرتنا الجماعية على العمل معا من أجل معالجة سيناريوهات واقعية، عبر المجالات الجوية والبرية والبحرية، وتحدي وتدريب طاقمنا المشترك بالمعارك في مناطق البعثات المحددة (لم يحددها)".
من جهتها، نقلت السفارة الأمريكية بالقاهرة، عبر موقعها الإلكتروني، عن قائد القيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، قوله إن تدريبات النجم الساطع "تعزز رؤيتنا لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا، مع إدارة فعالة على نحو متزايد، وتحسين الأمن، والتعاون الإقليمي".
ولفت إلى أن
- "القيادة المركزية ترى أن هذا التمرين المشترك الموسّع أمر حيوي لتأمين المصالح الأمريكية والمصرية، ويعبر عن عمق علاقات التعاون العسكري مع مصر، وهي شراكة تاريخية تلعب دورا قياديا في مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي".
الرسالة الخامسة، هي رسالة تهديد بالطبع ليس لإسرائيل التي تعتبر العدو الأول لشعوب المنطقة كونها باتت حليفا وصديثقا للنظام الحاكمة، لكنها رسالة تهديد أولا للحركات المسلحة في ليبيا وبعضها ينتمي للثورة ضد أطماع الجنرال خليفة حفتر الذي يمثل ذراع الإمارات ومصر لإقامة نظام عسكري شبيه بالوضع في مصر.
والطرف الثاني هو التنظيمات المسلحة في سيناء وعلى رأسها تنظيم بيت المقدس المشهور بولاية سيناء، والطرف الثالث هو الحركات الموالية لإيران في المنطقة مثل حزب الله لبنان والحوثي في اليمن. ورغم ذلك فإن بعض المحللين يستبعدون شن عملية عسكرية موسعة ضد أطراف في المنطقة لكن الاستفادة تتم من خلال نقل الخبرات من الدول التي لها باع كبير وخبرات واسعة في نظم الحرب ضد الحركات المسلحة وما يسمى بالإرهاب.
الرسالة السادسة، تتزامن هذه المناورات مع استعداد الإدارة الأمريكية لتنفيذ ما تبقى من تصوراتها لما يسمى بصفقة القرن، فالدول المشاركة فيها والتي تشترك أيضا فيما يسمى بالناتو العربي إنما تمثل تحالفا عسكريا تستهدف به واشنطن ضمان سيطرتها على رسم الخريطة الجديدة للمنطقة عبر تحالفات عسكرية واقتصادية تستهدف في النهاية ضمان أمن الكيان الصهيوني.
يعزز من ذلك أن النظام العسكري في مصر قد وقع يناير الماضي 2018 على اتفاقية "cismoa" التي تجعل من الجيش المصري تابعا للجيش الأمريكي وقت الحروب والتهديدات.
المصدر
- تقرير: عودة مناورات “النجم الساطع”.. 6 رسائل أبرزها دعم واشنطن للديكتاتوريات العربية بوابة الحرية والعدالة