عوامل الفناء وأسباب البقاء
بقلم : خميس النقيب
الزهو والعلو ، الظُّلم والطُّغيان ، الفساد والاستباد ، الوأد والذبح عوامل التلاشي والفناء ، وبذور الضياع والهلاك ، عواقب وخيمة ونهايات أليمة تجتاح المحافظين علي هذه الصفات المحققين لتلك العوامل ..!! وتاريخ الأُمَم شاهد علي ذلك كيف ؟!! " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "(القصص :4)كان الذبح والقتل عنوان المرحلة لكن الله يُعلِن هنا إرادته هو، ويَكشف عن تقديره هو، ويتحدَّى فرعون وهامان وجنودَهما بأنَّ احتياطَهم وحذرهم لن يُجْدِيهم فتيلاً: " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ " [القصص: 5 - 6]. ..وأصدر الله أمره علي لسان موسي لقومه بالاستعانة به الصبر علي قضاءه وقدره فكانت اسباب النصر والبقاء " قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " [الأعراف: 128]وهذه من عوامل النصر والتمكين ..!!هؤلاء المستضْعَفون يريد الله أن يَمُنَّ عليهم وأن يُورِثهم الأرض المباركة التي أعطاهم إيَّاها عندما استحقُّوها بعد ذلك بالإيمان والصَّلاح، وأن يمكِّن لهم فيها، فيجعلهم أقوياء راسِخِي الأقدام مطمئنِّين، ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7] ، ولذلك كانت النتيجة، نتيجة الصِّراع بين الحقِّ والباطل، وهي أنَّ الحقَّ دائمًا في انتصار وانتشار، وأن الباطل دائمًا في اندِثار وانكِسار، ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [الدخان: 25 - 28]، ورَّثَ الله للمستضعفين جناتهم وعيونَهم، وزُرعوهم ومقاماتهم، ونعمهم ذهب المستكبِرون غيرَ مأسوف عليهم لا تتَّسِع لهم قبور، ولا تبش لهم أرض ، ولا تبكي عليهم سماءُ؛ ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان: 29].، أما المستضعَفون طالما أَخَذوا بالأسباب، وطرقوا الأبواب، واتَّبعوا ربَّ الأرباب، فلهم النَّجاة في الدُّنيا والآخرة، إنه الطريق المرسوم والاختيار المعلوم؛ ﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الدخان: 30 - 33]. وكان في نهاية الأمر تخليص الأرض من الطَّاغية فرعون للأبد، ﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴾ (الدخان: 24) .. فكان ميلاد موسي عليه السلامسببا في القضاء علي فرعون عليه لعنة الله .
ثم مرحلة ما قبل الميلاد والبعثة ، والتي كانت تتسم بالوأد والقتل ايضا .. قتل المولد اذا كان انثي وقتل المولود اذا كان رقم 10 تقربا للالهة .. و امتلأ المجتمع الجاهلي بالتخبط في العقيدة متمثلا في عبادة الاوثان ، وتقديس الاصنام حتي زعموا " مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى"( الزمر) .. ثم انتشرت عبادة النار والاحجار والاشجار والابقار ، وتشوه اجتماعي تمثل في ظلم المرأة في كبرها ووأدها في صغرها " وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ "(التكوير) و كان الإنسان يباع ويشترى في سوق النخاسة والعبيد ، وكذلك كان الزنا انواع وكانت تنشب الحروب دهورا علي اتفه الاسباب ، وفشل اقتصادي ظهر في التعامل بالربا واحتكار فئة قليلة للمال وحرمان الباقي ، وانحلال سياسي تمثل في احتكار السلطة لبعض زعماء القبائل في عصبية مقيتة أفسدت القيم والأخلاق ، و بين هذا الحال المؤسف والواقع المرير يخرج الأمل متمثلا في مولد خير البشر صلوات ربي وسلامه عليه ، فكان ميلاده ميلاد امة ، ومولده مولد رسالة ، نعم رسالة بيضت وجه التاريخ ، وأضاءت ربوع الدنيا ، وغيرت هذا الواقع السيء ، ورفعت المعاناة عن كاهل البشر ، وأثمرت دعوة الإسلام التي بعثت الأمل من جديد " كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"( المجادلة) .. "ِ إ نَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ"( غافر) اراد الله ان يخلص الدنيا من هؤلاء ويقطع دابرهم فكان ذلك علي يد محمد في موقعة الفرقان " وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ "(الأنفال:7) ..وكان النصر المؤزر " وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "(آل عمران:123) .. وكان ميلاد محمد صلي الله عليه وسلم سببا في القضاء علي ابوجهل وأتباعهة .
وفي العصر الذي نحياه تأله بعض الحكام فكانوا افسد من فرعون واظلم من ابو جهل كيف ؟!! اذا كان فرعون يقتل الذكور ، واذا كان ابوجهل وقومه يقتلون الاناث فإن الفراعنة الجدد كانوا يقتلون الذكور والاناث لايفرقون ..!! وليست ليبيا أو اليمن أو مصر منا ببعيد ...!! عندما تجبر القوم واستبدوا بمواطنيهم وقتلوا الاطفال والنساء والشباب والشيوخ تربعت العناية الالهية ، وتدخلت الايات الكونية ، فاسقطت الثورت العربية هؤلاء هروبا او قتلا او اعتقالا ...!! والجزاء من جنس العمل ...!! لان قتل الانسان خط احمر وحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة البيت ...!! وكان ميلاد الثورات العربية سببا في سقوط المتألهين بن علي .. المخلوع الاشهر .. القذافي .. صالح وأتباعهم ..وغيرهم في الطريق آيلون باذن الله ..!! اللهم فقهنا في ديننا ، وفهمنا شرعة ربنا، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ،ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ،وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أهله وصحبه وسلم،والحمد لله رب العالمين
المصدر
- مقال:عوامل الفناء وأسباب البقاءموقع:الشبكة الدعوية