عندما يصبح العار مقبولا
بقلم : أحمد القاعود
(15/07/2014)
الحرب الصهيونية الان علي غزة كشفت عدة متغيرات في أسلوب التعاطي مع القضية الفلسطينية من قبل العرب .فالقضية التي طالما نشأت عليها أجيال عدة بأنها قضية الشرق الأوسط و المسلمين ، و يجب العمل علي حلها لم تعد كذلك .
الخريطة السياسية العربية منذ ثورات الربيع تغيرت كثيرا ولم تعد هي تلك الخريطة التي استقرت عدة عقود ولم تتغير إلا تغيرات طفيفة . ومع هذه التغيرات كان يجب أن يتم تغير التعامل مع القضية الفلسطينية و إعادة بناء الأولويات بالنسبة للأنظمة و الشعوب أيضا .
الحرب الدائرة الأن بلا هوادة وبلا رحمة علي قطاع غزة المسالم ، كشفت عن تغير فاضح و للأسوأ من قبل الأنظمة العربية ، التي لم تكتف بالسكوت و انما أصبحت شريكة في العدوان ، و داعمة لها حتي ولو لم يكن ذلك بصورة علنية ، و تباين هذا الدعم من نظام لأخر و من دولة لأخري .
في مصر التي اتخذ رئيسها محمد مرسي موقفا قويا في عدوان 2012 ، و تمكن إجبار الكيان الصهيوني علي التهدئة ، لم تعجب اسرائيل ولا الولايات المتحدة و معها الأنظمة العربية التابعة و علي رأسها السعوديةو الإمارات و هو ما كان سببا للانقلاب علي الرئيس مرسي.
و حتي و ان كانت هناك أسباب أخري لدي هذه الأنظمة لازاحة حكم الإخوان المسلمين ، فان الموقف المصري تجاه اسرائيل كان سببا رئيسيا لحث هذه الدول علي دعم الانقلاب العسكري علي السلطة الثورية المنتخبة .
الانقلاب العسكري في مصر الذي جاء بدعم اسرائيلي و رعاية أمريكية ، عبر عنه الكثير من قادة اسرائيل في تصريحات عدة بشأن دعم عبدالفتاح السيسي في حكمه وعدم السماح مرة أخري بعودة الإخوان المسلمين للحكم . اتخذ موقفا مخزيا من القضية الفلسطينية ، لم يجروء حسني مبارك علي اتخاذه . الانقلاب الذي جاء علي جثث الآلاف من المصريين و عشرات الألاف من المعتقلين خاصة المنتمين للإخوان المسلمين ، انحاز منذ مجيئه لاسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ، و عمل علي شيطنة حركة حماس و اتهامها اتهامات غير منطقية و التحريض الاعلامي عليها ، و جعل قطاع واسع من أنصار 30 يونيو يتغيرون تجاه القضية ، و يفضلون تأييد اسرائيل للقيام بعمليات عسكرية ضد القطاع ، اعتقادا منهم و وفق ما يتم بثه أليهم أن حركة حماس ارهابية و ضد مصر ، بينما اسرائيل صديقة ، و تساعد نظام 30 يونيو الجديد . تلي هذه الحملة الاعلامية الضخمة و المحرضة علي القضية الفلسطينية ، تدمير الانفاق كاملة التي سمحت بتسهيل حياة المواطنين في القطاع ، و تشديد الحصار بشكل غير مسبوق عليه ، بالاضافة لتهديد عدد من الأبواق الاعلامية بالقيام بعملية عسكرية مصرية ضد حركة حماس .
موقف مصر لم يكن وحيدا و انما صاحبه أيضا مواقف خليجية داعمة لسحق المقاومة الاسلامية الفلسطينية لأنها تنتمي للإخوان المسلمين . علي رأس هذه المواقف الداعمة السعوديةو الإمارات .
لكن يجب الوقوف أمام عدة نقاط تمثل تغيرا جوهريا في تعامل العرب مع القضية الفلسطينية وهي :
أولا : تأييد الأنظمة العربية بصورة مباشرة خاصة مصر و السعوديةو اسرائيل و الإمارات لشن الحرب ودعم اسرائيل في ذلك ، دون خجل وللمرة الأولي منذ تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، حتي ولم يكن ذلك بصورة مباشرة أو علنية لكنه يفهم من بين السطور و التعاطي الاعلامي مع الحدث .
ثانيا : غياب أي صوت أو دور عربي تماما أو عرض أي وساطات لوقف الحرب و عدم وجود أي دعم اعلامي أو معنوي باستثناء قطر التي عرضت مع تركيا الوساطة و تدعم قناتها الجزيرة الفلسطينيين ضد الحرب
ثالثا : تغير خطاب وسائل الاعلام العربية الحكومية او الخاصة ، لمساندة اسرائيل و دعمها وتصوير قطاع غزة بانهم مجموعة من الارهابيين الذين يهاجمون المواطنين الاسرائيليين الأبرياء و يظهر ذلك جليا في خطاب قنوات العربية و العربية الحدث السعوديتين ،و سكاي نيوز الإماراتية و وسائل اعلام مصرية مثل جريدة الأهرام التي يدعم مسؤولون فيها صراحة اسرائيل في حربها علي غزة دون محاسبة لا من ادارة الجريدة أو نقابة الصحفيين ، و صحيفتي المصري اليوم و الوطن وقنوات سي بي سي و أون تي في و هي وسائل دعم مباشر وقوي لاسرائيل و أسهمت في تحويل مزاج جزء كبير من أنصار 30 يونيو لدعم اسرائيل في مواجهة الفلسطينين و تقبل فكرة أن فلسطين دولة اراهابية و اسرائيل دولة صديقة يجب الدفاع عنها .
رابعا : قوة الاعلام الشيعي المدعوم من إيران في مواجهة الحرب و فشل الاعلام السني الذي تسيطر عليه الأنظمة ورجال أعمال مقربون منها .
هذا التغيير للأسوأ يوجب صمود الثوار خاصة في مصر و المقاومة في غزة ، لأن الكثير ملقي عليهم بشأن القضية الفلسطينية و الحفاظ عليها .
https://www.facebook.com/ahmedelkaoud
المصدر
- مقال:عندما يصبح العار مقبولا موقع:نافذة مصر