عصام العريان.. وإهانة الأحرار

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
عصام العريان.. وإهانة الأحرار
08-08-2006

بقلم: وصفي عاشور أبو زيد

لكل أمةٍ رجالُها وعظماؤها وقادة الرأي فيها الذين تُجلُّهم وتحترمهم وتبوئهم مكانتهم اللائقة بهم، تصدرهم أمام الأجيال الصاعدة يورثون لها خبرتهم وعلمهم وفكرهم.

ولن تتقدم أمة تعقُّ عظماءها وتهين رجالها، وتعامل قادة الرأي فيها معاملة لا تليق بالبشر، غير أنَّ هذا السلوك أصبح مألوفًا في مصر، التي أصبحت- ويا للأسف- طاردة لعلمائها ودعاتها، وعاقة لأبنائها الذين يحبونها ويضحون من أجلها، وقد صدق الشاعر حين قال:

فيا مصر ما أنت ببلد الأديب ولا أنت بالبلد الطيب

أقول هذا الكلام بمناسبة المظاهرات التي خرجت يوم الخميس 18/5، والخميس قبله 11/5 متضامنةً مع القضاة الشرفاء الذين قُدموا لمحاكمةٍ جائرةٍ من أجل كشفهم التزوير وفضحهم للفساد المبين.

وكان ضمن المقبوض عليهم يوم 18/5 القيادي والسياسي البارز د. عصام العريان الذي اقتيد- مثله مثل مئات الشباب الحر- بطريقةٍ غير آدمية، وحُشر بطريقةٍ غير شرعيةٍ في معسكرات أمن طرة بالقاهرة.

ومما أثَّر في نفسي وأحزنني افتراشه الأرض ومجيء أحد عساكر الشرطة ينهره ويصرخ به ويأمره بتعصيبِ عينيه، فقلتُ في نفسي: يا ويح مصر!! كيف تعامل أبناءها وقادة الرأي فيها؟

إنَّ الدكتورَ عصام العريان معروفٌ باعتداله واتزانه في كلِّ الأوساط، فهو مثالٌ للحركي والسياسي والوطني والنقابي والبرلماني، ونموذجٌ للرجل المثقف الواعي المتزن صاحب العقل الراجح والأدب الوفير.

ولِمَ لا، وقد حصل على شهاداتٍ علميةٍ تُؤهله لذلك وأكثر منه وأهم؟!! فهو حاصلٌ على بكالوريس الطب، وماجستير فيه، وليسانس الحقوق، وليسانس الشريعة من جامعة الأزهر، وليسانس الآداب قسم التاريخ، ودرس في معهد القراءات وغيرها من الخبراتِ والتجارب الوطنية والدعوية التي يتشرف أي وطن بأن ينتمي إليه مثل هذا الرجل.

ومع ذلك يُستقبل ليفترش الأرض، ومثله يستقبل في قاعات كبار الزوار، في حين يُمنع هو من السفر بلا أسبابٍ حقيقية، فهو يحيا بين سجنين: سجن صغير (طرة) وسجن كبير (مصر).

والأمر ليس مقصورًا عليه فقط بل يتعدى لأساتذةٍ جامعيين علماء، وأطباء ومهندسين كبار، وكل مَن تُسوِّل له نفسه أن يُحبَّ وطنه ويجاهد من أجل رفعته وازدهاره، ويفضح تلك الممارسات الآثمة المجرمة التي لا تخشى خالقًا ولا ترحم مخلوقًا، حتى بلغ التحدي وانتقلت المعركة إلى ساحة القضاة الذين أثبتوا أنهم عظماء وشرفاء وأحرار بكل ما تحمل الكلمات من معنى.

لكن عجلة الإصلاح انطلقت بلا هوادة، وتقدمت بلا تراجع، واقتربت ساعة الصفر غير أنَّ عُمر الأمم لا يُقاس بالساعاتِ والشهور وإنما يحسب بالسنين والدهور، وتلك الأيام نداولها بين الناس.

المصدر