ضريبة بقية العمر
غادر الشباب والكهول المدينة المنورة للمشاركة في غزوة أحد النارية الانتقامية من المسلمين وقد دُبرت المؤامرة لاستئصالهم والتخلص منهم ،وبقي رجلان اثنان ما عليهما من حرج ،ورفع الله عنهما وجوب الخروج للمعركة، حتى وإن كانت مصيرية وحاسمة فكبر السن والمرض وخروج أبنائهما مع الرسول صلى الله عليه وسلم يغني عن خروجهما، لكنهما لم يستسيغا هذا الاستثناء فقال اليمان بن حسيل بن جابر لثابت بن وقش رضي الله عنهما:- لم يبق لنا من العمر إلا كظمىء حمار؛ بمعنى أنه دنا الأجل ، فلم لا نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله يرزقنا الشهادة ، لكن هذا الحديث لم يكن للتسلي والتمني إنما كان للتنفيذ والعمل ، فخرجا ونالا الشهادة.
وقال عمرو ابن الجموح رضي الله عنه وهو في غزوة أخرى وسقط حاجباه على عينيه لكبر سنه فقيل له: لقد أعذرك الله وما عليك من حرج ، فقال :- يا ابن أخي لقد استفزنا الله صغاراً وكباراً وإني أريد أن اطأ الجنة بعرجتي هذه.
كم كانت مؤثرة تلك الكلمات الصادقة التي رددها الشيخ التونسي وهو يمسح على شعر رأسه الأشيب والمتساقط ويردد : هرمنا ... هرمنا ، أي قبيل أن نشتم رائحة الحرية والتحرر والكرامة والعزة ، لكن يشاء الله أن تقر عينه أخيراً بزوال كابوس الظلم وبداية فجر الحرية في تونس
واليوم يعم العالم العربي أو يسري في أرجائه بعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وأصغى الصغار للكبار طويلاً، يسري حراك شبابي يطالب بالتغيير الحقيقي في بلدانهم ، ولا يخلو المشهد من الكهول والكبار وإن بنسب قليلة وتسيل دماء الشباب الطاهرة ظلماً وعدواناً لكن العزاء أنها فداء لأوطانهم وشعوبهم، وأقول لنفسي وأمثالي من الكبار ومن يكبرني بعشرين أو ثلاثين سنة ماذا بقي من العمر أكثر مما قال الصحابي الجليل اليمان ؟ السنا الأحوج أن نستثمر كل ساعة مما يبقى وينفع ؟ أليس من الأمانة والواجب أن نُسلم الأمانة بعمل جاد ومحاولة انجاز واضح، ووضع قطار الإصلاح الحقيقي على السكة ليشرع الشباب بالبناء والانطلاق بعدنا.
وقالها المرشد العام محمد حبيب حفظه الله قبل أيام سمعتها منه مباشرة قال:- لقد انتظرنا الواو الثانية طويلاً طويلاً فقلت في نفسي ما الواو الثانية وما الواو الأولى ؟ وفهمت من سياق حديثه أن الشعب المصري كما الشعوب العربية عانت من مكر الماكرين ، الذي قال الله تعالى عنه: ومكروا مكراً كباراً وقال» يمكرون « وكنا نشهد مكرهم ونعانيه وكنا ننتظر الواو الثانية بعد هذا المكر الذي تزول منه الجبال .
الواو الثانية يشاء الله تعالى أن نراها قبل الموت (و) يمكرالله والله خير الماكرين .
بين الواوين العمل والصبر والتربية والبناء والتضحيات ، وهي سنة الله الخالدة التي لا تتخلف « أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ «
على كل مواطن عربي مهما كان حاله ووضعه وسنه وقدراته أن يدفع ضريبة المواطنة وحق الوطن ، وهذا الواجب لا يستثني أي شريحة من شرائح المجتمع .
حديثي موجه لمن قضى سنين من حياته في العمل الوطني بمختلف ألوانه وبخاصة الذين واكبوا قيام دولتهم فهل أعذركم الله تعالى؟؟ وإنْ كان أعذركم ألستم بحاجة ماسة إلى حُسْن الخاتمة وحسن ملاقاة ربكم؟ ألم يقض ِ عمر المختار شهيداً وهو يحمل السلاح شيخاً كبيراً جاوز الثمانين؟ ألم يَبْق الشيخ احمد ياسين قائداً للقلوب ، وهو المقعد المشلول المريض بل مستودعاً للأمراض لكنه لم يعذر نفسه حتى لقي ربه ؟؟
ولا تغيب عنا الصورة المعبرة التي يرسمها العديد من كبار السن الذين يتصدرون المسيرات الشعبية الإصلاحية والاعتصامات بل وإن بعضهم يحمل روحاً شبابية عَالِيةَ تعطي الشباب دفعة قوية للعمل الجاد ،ولكن الشباب بالتأكيد يسألون عن وجوه أخرى يتمنون أن يسائل هؤلاء الكبار الكرام أنفسهم بالقول : وماذا بقي من العمر غير ظمىء حمار؛ بمعنى لم لا نستثمرها في الطاعة ونهضة الشعوب وانتقالها إلى الحالة الجديدة المرتقبة التي أفنى هؤلاء الكبار زهرة شبابهم لتحقيقها .
يا أيها الكبار في العالم الاسلامي كله أنتم شيوخ الشباب بما قدمتم وبنيتم وأسستم وصبرتم يوم كانت الموجة طاغيةً، وصوت الحق مخنوقا، والناس في سذاجة يصدقون الوعود الكاذبة.
وأنتم شيوخ الشباب بجاهكم وسابقتكم وحكمتكم ورؤاكم ولا ينكر فضلكم إلا جاحد أو مخادع لكن دوركم لم ينتهِ ، حتى تلقوا ربكم ، وسيكون لمن بعدكم من مواقفكم وجهدكم وجهادكم ما يلهمهم استكمال البناء وإعلائه بما تقر به أعينكم.
ويمكنكم اليوم أن تكونوا شباب الشيوخ بهمتكم العالية وبحضوركم الفاعل وبمطالبكم الكبيرة وبوزنكم المقدر وليس ذلك من الأماني أو التكليف بما لا يطاق ، وقد تعلمنا منكم أن أبا بكر ( الشيخ الكبير ) رضي الله عنه كان يُمارس اندفاع الشباب وهمتهم العالية بضرورة محاربة المرتدين وانقاذ بعث أسامة وكان يستمع لنصائح الشيوخ وحكمتهم لكنه حاورهم بهمة الشباب فأقنعهم وكتب الله للأمة الخير العميم، وإن كانت الأعمار بيد الله لا تؤخرها صحة أو شباب أو راحة ولا يعجلها مَرضٌ أو شيخوخة أو مجاهدة ومكابدة فالحقيقة أنه ربما لم يبق من عمر أي منا سوى ظمئ حمار، فلنبادر جميعاً والخطاب ينطبق على كل مِنَّا وإنْ كان الأخيار على مراحل التاريخ يدعون الله أن يقر أعينهم برؤية النصر والفرج
وكما قال سعد بن معاذ رضي الله عنه وقد أحس بدنو الأجل من جراحات عميقة أصابته في الخندق فقد دعا الله أن يبقيه إن بقي قتال لأعداء الله وأن يبقيه ليرى حكم الله في بني قريظة فاستجاب الله دعاه وأبقاه حتى حُسِمَ أمر بني قريظة فانفجر جرحه ولقي الله شهيداً .
قرأت عن أحد الصحابة في القادسية كان قد فقد بصره فقال لقائد الجيش أعطني الراية أرفعها عالياً فأنا أعمى لا أرى العدو حتى ولو اقترب مني ولن أهرب، فلنرفع الراية عالية ما بقيت فينا عين تطرف وعضو يتحرك لعلنا نبعث على تلك الحياة يوم يقوم الناس لرب العالمين. «وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»
المصدر
- مقال:ضريبة بقية العمرجماعة الإخوان المسلمين -الأردن
Locally Advanced Breast Cancer..., http://www.facebook.com/notes/healthy-diet-products/smart-barleans-organic-oils-extra-virgin-coconut-oil-16-ounce-jar-price/210931995653191?ref=nf Barlean's Organic Oils Extra Virgin Coconut Oil, 16-Ounce Jar, 859618, http://www.facebook.com/notes/healthy-diet-products/today-chia-seeds-3-pound-chemical-free-coupon/210929392320118?ref=nf Chia Seeds 3 Pound (Chemical Free), ukaoxn,