صراع رمضان ضد وسائل الإعلام
لقد أقبل شهر الرحمات والغفران والعتق من النيران، لقصد أقبل شهر الصيام والقرآن والقيام، فكيف لنا أن نستقبل شهر أعطيت الأمة فيه من الخصال ما لم تعط في شهر غيره. فأبواب التوبة مفتوحة لا تغلق أمام كل تائب ومستغفر، ففي كل ليلة يتنزل رب العالمين وينادي نداء ينتظره كل إنسان، كل إنسان احترق قلبه بلوعة الذنب فوقف يناجي رب العالمين، ربا تيقن أنه غفار لمن تاب، وأصبح نداء المولى هو أحب كلمات يتلهف لها الإنسان "هل من تائب فأتوب عليه، وهل من مستغفر فأغفر له".
هذا الشهر الذي تتضاعف فيه الحسنات وتتنزل فيه الرحمات وتهفو فيه القلوب، وتصفو فيه الأرواح، ويشتاق القلب للترنم بالقرآن، ويجل العباد هذا الشهر، ويخنس فيه الشيطان، ويستحي فيه كثير من الشطار تعظيما له، وتتآلف القلوب، وتصل الأرحام، وتقل المشكلات تكريما له، وتصمت فيه الأفواه، وتفتح صفحات القرآن فيتنافس فيه المتنافسون، وتمتلئ المساجد وقت القيام، ومع نسمات الفجر الكريم تصطف الصفوف وتتصاعد الدعوات من قلوب ظلت تبتهل اللهم بلغنا رمضان.
الرسالة القاتلة
الغريب مع هذه الروح التي تغشى الجميع يحاول البعض أن يقتص من رمضان وكأنه أوقع الأمة في الجريمة لكونه يأتي فيحرمهم من اللذات والشهوات والمتع، فيتفننوا في إيصال هذه المتع بطرق كثيرة في محاولة لأن يلفتوا الانتباه لما يعرضونه من إسفاف، فلماذا يفعل هؤلاء ذلك؟ هل عن عمد؟ أم خوفا من بوار تجارتهم؟ أم تنفيذا لأشباح خفية تعمل على إفساد هذا الشهر في نفوس هذه الأمة؟ أو خوفا من وحدة الأمة فعمدوا لفرقتهم على المسلسلات والأفلام وبرامج الترفيه؟
مع حلول شهر رمضان المبارك تشحذ مختلف القنوات التلفزيونية والإذاعية العربية سيوفها للمبارزة على ساحة إعلامية ما أكثر الأعين المحدقة فيها.
وصدق الشاعر عائض البدراني:
- وهام شوقاً فمالَ القلبُ للنغمِ
يقضي لياليه في لهوٍ وفي سهرِ
- فلا يفيق ولا يصحو ولم ينمِ
يرسل هؤلاء برسائل قاتلة لصُرف الشاب عن الطاعة والدعوة إلى ملاعب الكرة ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، والعمل على صرف الفتاة إلى الأزياء والحلي والعري والخلاعة. لم يكتف الإعلام بهذا بل سارع إلى إيقاد نار العداوة والبغضاء، وأصَّلَ لكُرهٍ مفتعل بين الرجل والمرأة، وبين الزوج وزوجته، وبين الأب وأبنائه! فقيل للابن: أنت حر، وقيل للبنت: تمرَّدي على القيود، أنت ملكة نفسك.
إن الفرحة برمضان سرعان ما تغتال بتلك المخازي والمهازل التي دأبت القنوات العربية على بثها طيلة الشهر الكريم دون خوف أو وجل من الله تعالى. لقد تفننت القنوات الفضائية في إغواء المشاهد وإرغامه على البقاء ذليلاً أمام شاشاتها؛ بفضل الإخراج المتطور في صوته وصورته ، المنحط في هدفه وفكرته إلا ما رحم الله.
ولذا فكثيرا من القنوات لا تألو جهدا - ماديا أو لوجيستيكيا- لتقديم كل ما يمكن أن يقتنص أكبر عدد ممن يسيل لعابهم على ما تقدمه القنوات من موائد إعلامية إبان الشهر المبارك. أيها المشاهدون أما تخشون على دينكم وأنتم تشاهدون؟ وربما تضحكون ممن يسخر ويستهزئ بالله ورسوله وشعائر دينه.
لقد عمد الإعلام إلى تشويه معنى شهر رمضان، تشويه صورة المجتمع المسلم، وإدخال مفاهيم غربية في ثقافتنا، تشويه صورة المرأة والتي اختزلها فقط في المرأة المتبرجة والمتحررة، كما عمد الإعلام إفساد الوقت بالملاهي والعبث. وللأسف نجد بيننا ومن أموال بعض أثريائنا من يقوم بهذا الدعم لهذا الإعلام السيئ والمبتذل الذي (يفترض) أن يحاسب عنه كل صاحب قناة تصر على هذا الإفساد من خلال برامجها أو ما يبث في قنواتها.
ولذا لابد من التصدي لما يقومون به، ولوضع الأطر التي تحمي بيوتنا، ومنها:
- استشعارنا بوجود هذا الداء في جسد الأمة.
- العودة إلى الإيمان الحقيقي بالله سبحانه وتعالى.
- إطفاء الفتنة وإخمادها بتقوى الله سبحانه وتعالى.
- محاربة العري وأخذ المجتمع بكافة طوائفه هذا الأمر على عاتقهم.
- تقديم مادة إعلامية دينية ترشد الأطفال وتحببهم في الإسلام ويكون ذلك بمسلسلات بثلاثية الإبعاد وكذلك أناشيد.
- تثقف المجتمع دينيا وتعرفيهم فوائد الصيام وتنمية الوازع الديني في نفوسهم.
- توجيههم للقنوات الهادفة والتي تعمل على تعليمهم الصلاة والفقه وأركان الإيمان و الحج ....والتي تبث تعليم القرآن الكريم والأحاديث النبوية بطريقة محببة للنفوس.
- عرض أفلام وثائقية تجذب الأسرة لمعرفة قصص الرسل والديانات مع حبكة طرح الموضوع بموضوعية وطريقة شيقة جدا.
- مراقبة دور التمثيل وأفلام السينما والتشديد فى اختيار الروايات والأشرطة.
- تهذيب الأغاني واختيارها ومراقبتها والتشديد فى ذلك.
- حسن اختيار ما يذاع أو يعرض على الأمة من برامج ومحاضرات وأغاني وموضوعات واستخدام الإذاعة والتلفاز فى تربية وطنية خلقية فاضلة.