شيطنة نجاد

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

بقلم / محمد كريشان

قدرة عجيبة لا تعرف الكلل تصر على تصوير الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هذه الأيام شخصا لا يطاق، لا بل وحشاً كاسراً قادماً من عالم آخر بأنياب بارزة تقطر دما وعينان جاحظتان تبحث عن الفريسة المقبلة، لا بل شيطاناً رجيماً ما زالت ألسنة نار جهنم عالقة في ثيابه... هكذا يوصف الرجل في أغلب وسائل الإعلام الدولية الكبرى بعد 'الجريمة الكبرى' التي اقترفها في خطابه في مؤتمر مناهضة العنصرية المنعقد حاليا في جينيف. انظروا فقط إلى عناوين الصحف الكبرى العالمية وافتتاحياتها ومقالاتها ورسوم الكاريكاتور على صفحاتها، كلها تفيد بأن صاحبنا ارتكب جريمة لم تعرف البشرية مثيلا لفحشها. ليس مطلوبا من أحد الافتنان بالرئيس الإيراني ولا بسياساته، أكثر من ذلك توجد على الرجل، داخل البلاد وخارجها، من الملاحظات والمؤاخذات الشيء الكثير خاصة لجهة تصريحاته النارية في مجالات عدة ولكن هذا لا يعني أن تصل حمى المبالغة في تقدير ما قاله عن إسرائيل وسياساتها هذه الدرجة من العهر، وأن تكون جوقة النفاق المصاحبة لها على هذا المستوى من الهذيان. الطريف هنا أن ما درجنا على تسميته تبسيطا بـ'العالم الحر'، في إشارة إلى الديمقراطيات الغربية، لم يشأ في مؤتمر 'ديربن 2' المنعقد حاليا أن يتورط في أي صيغة تندد بما يسمى 'كراهية الأديان' على أساس أنها منافية لحرية الرأي والتعبير المقدستين وفي ذات الوقت يقيم الدنيا ولا يقعدها على تصريحات نجاد مع أنه كان يمكن ببساطة إدراجها في ذات الباب الخاص بحرية الرأي والتعبير، ولو وصلنا بها إلى أقصاها ووضعناها في خانة حرية التخريف أو حرية الكفر والإلحاد بشيء إسمه إسرائيل طالما أن الكفر بالله ورسله حق مصان.

انتقاد إيران ونظامها، أو أي نظام آخر، حق لا يمكن لأحد أن يصادره من أي كان لكن غريب جدا أن ينتفض العالم غاضبا لأقوال في خطاب، أيا كانت حدتها أو حتى عدم صوابها، ولا يتحرك لجرائم حقيقية ومعروفة ترتكب فعليا على الأرض من قبل هذه الدولة نفسها التي ليس من حق نجاد أو أي كان أن يقترب إليها بالنقد لأنها معصومة من الخطأ ومبشرة بالجنة؟؟!! هذا كثير الحقيقة بل وكثير جدا.. لقد حـــوّل هذا العالم الحر إسرائيل إلى بقرة مقدسة، إلى طفل مدلل يمكن له أن يعربد كما يشاء ويحلو له والويل ثم الويل، ليس لمن يضربه أو يوقفه عند حده، بل فقط لمن يرفع صوته منتقدا أو حتى متأففا!! هذه 'الفزعة' العالمية مع إسرائيل كان يكفي أقل من عشرها لإيقاف ممارسات هذه الدولة التي هي آخر من بقي في عالم اليوم كقوة احتلال وقهر لشعب كامل منذ عشرات السنين والمستهترة علنا بكل القرارات الدولية. ماذا لو انطلقت هذه الجوقة الدولية تطالب إسرائيل بضرورة وقف قتل الأطفال والمدنيين العزل لأسابيع في حرب غزة الأخيرة؟! ماذا لو انطلق بعضها على الأقل منتقدا التوجهات الدينية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الجديدة وخاصة لوزير خارجيتها الذي هو أقرب لفتوة في عصابة إجرام منه إلى أي شيء يمت بصلة لعالم الدبلوماسية؟؟. لا جديد في هذا المنطق الأعوج لكثير من دول العالم لمجرد اقتراب المواضيع من إسرائيل ولكن هذه المرة فعلا...جاوز الظالمون المدى... حتى لو لم يتداعى القوم إلى الجهاد والفداء... على فكرة ما زلتم تذكرون هذه الأغنية؟!!

المصدر : نافذة مصر