شيخ خليل.. شكراً لك.. وتغمّدك الله برحمته
بقلم: الأستاذ حسين علي الصيفي

ماذا أقول؟ ومن أين أبدأ؟ من البداية أم من النهاية؟
فإذا ذكرت دعوة الشيخ خليل الصيفي في بداية حياته فهي مشابهة تماما لآخر يوم منها.
ولكن سوف أحاول أن أقدم ما أعرف عن هذا الرجل الكبير، الكبير في مشروعه والكبير في قلبه وفي سماحته.
أما همه فكان رفع كلمة «لا إله إلا الله» عالية فوق كل شعار. كانت البشرية تتغنى بالشعارات الرنانة التي كان من ورائها الأموال والمغريات، بينما كان شعار الشيخ خليل الصيفي كلمة: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» يردّدها عالية رافعاً سبابته إلى السماء غير آبه بما يجلبه هذا الشعار له من خوف ورعب وملاحقة، وقمعٍ وحبس وحتى القتل أحياناً. ولكن ذلك لم يزده إلا تصميماً وعملاً.
وما أكثر ما كان يردد باللهجة القروية: شو الإنسان جاء الى الحياة ليأكل ويشرب؟! ليُعبي بطنه؟! لكن شو الفرق بينه وبين الحيوان؟ رسالة الإنسان أسمى من هيك بكثير، إنه يحمل رسالة ربه ليبلغها للناس على هدى نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
هذه الحياة دار عمل وغداً دار حساب، إما جنة عرضها السماوات والأرض وإما نار وقودها الناس والحجارة.. يا لطيف اللهم أعذنا منها يا رب العالمين.
كان صادق اللسان قويّ اللهجة سهل الفهم، عالم متواضع، لا يلتفت إلى أمور الدنيا، همّه الدعوة إلى الله تعالى. يرى الخير في كل الناس، فإذا شكوت له أحدهم ذكر لك حسناته، لم أره يعاتب أحداً على صنيع صنعه ولو لم يعجبه، بل تراه يشدّ من أزره ويشجعه على الأعمال الطيبة.
صبور، محتسب، متفائل، دائماً يتطلع إلى غد زاهر..
كان المسلمون في غفلة عندنا في بداية دعوته. وقد تخطفتهم الأحزاب بكل أشكالها، فأخذ يدعوهم، بينما يئس منهم معظم الدعاة، كان يصلي بعز بين الناس حينما كان يصلي أكثرهم متخفياً.
نعم، إنه الشيخ خليل الصيفي، رحمه الله تعالى.
يحبه الصغير ويحترمه الكبير ويجله جميع الناس.
لقد أحياه الله عز وجل وأكرمه ليرى ثمرة عمله في بلدته الصغيرة «السلطان يعقوب» ومدينته الثانية صيدا، وصولاً الى بعلبك وجبّ جنّين وطرابلس وبيروت، وإن شئت فاذكر لبنان كله بقراه ومدنه.
هاجر إلى البرازيل داعياً، فكان يدعو إلى طاعة الله عز وجل، الصغير والكبير، العربي والأعجمي، ولطالما تجده يمشي في الطرقات يوزع المنشورات الاسلامية باللغة البرتغالية وهو يقول: «دِيْوْس أونيكو» أي «الله واحد».
فقد تعلم من اللغة البرتغالية هذه الكلمة بالاضافة الى السلام، كأنه لا يعنيه من باقي ما في هذا البلد من حطام الدنيا شيئاً.
أخيراً، رجع إلى بلده لبنان وعاش في مدينته التي أحب «صيدا» ماشياً بين الناس يعينهم على حوائج الدنيا ويصلح بينهم ويشاركهم همومهم.
ولم يختلف آخر يوم من حياته عن ذلك، فقد جمع فيه بين هذه الطاعات جميعاً، فصلى الصبح والظهر في جماعة، وزار بعض الشباب وحثهم على مواصلة الدعوة إلى الله تعالى، وعندما استأذن بالانصراف قالوا: (اجلس يا شيخ لوين رايح)؟ فقال لهم وهو يبتسم: (رايح عالجنة تفضلوا معي).
ثم خرج ليتابع طريقه إلى مدينة طرابلس للسعي في إقامة صلحٍ بين مسلمين، لولا أن أدركته المنيّة قبل ثلاث ساعات من الموعد المحدد.
تغمد الله الشيخ خليل الصيفي برحمته الواسعة، وجزاه عنا خيراً.
المصدر
- مقال:شيخ خليل.. شكراً لك.. وتغمّدك الله برحمتهموقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان