شهيدات مسيرة فدائيات الحصار..تاج عزة على جبين حرائر فلسطين
شهيدات مسيرة فدائيات الحصار..تاج عزة على جبين حرائر فلسطين
- القسام ـ خاص:
مخطئٌ من كان يظن أن هذه الأمة قد ماتت ، وكيف تموت وفيها مثيلات حرائر فلسطين ، فهن وسام شرف و عز و شهامة، وهن من يحملن روح الإباء، ومن صرخن في زمن الصمت ، ومن تحركن في زمن الموت،وهنّ من كتبن التاريخ بالدم ،حملن أرواحهن على أكفهن و لبين نداء المجاهدين المحاصرين مرددات" إنا معكم مقاتلون" .
الشهيدة ابتسام يوسف أبو ندى (مسعود)- أم ثائر- كانت حرة من الحرائر ولبت نداء إخوانها المجاهدين ، وخرجت في مسيرة الحرائر.
ولدت الشهيدة ابتسام في عام 1962 في مخيم جباليا، ومنذ صغرها وهي محبوبة جدًّا لدى إخوتها وأخواتها، وكانت طيبة الحديث تسر السامعين إليها ، ويحب من حولها السماع لكلامها، عملت كمربية ومحفظة للقرآن في العديد من مساجد شمال قطاع غزة، وكذلك في دار القرآن والسنة، حيث تميزت كثيرًا في علوم القرآن من حيث التلاوة والتجويد وأنواع القراءات ، فأعطت الكثير من الدورات في هذا المجال ، حتى عندما كانت صغيرة كان والداها يلاحظان عليها المداومة على الصلاة ،وكذلك قربها من القرآن .
دماثة الخلق
- عرفت أم ثائر بدماثة خلقها بين أهلها ، وجيرانها وعائلتها ، وكذلك بين أخواتها وتلميذاتها في المسجد، كانت طيبة القلب ،رحيمة جدًا ،حنون، هادئة، صبورة، مطيعة قضت عمرها مخلصة لوالديها وزوجها وأبنائها وإخوتها.
- الحاج أبو عصام أبو ندى يتحدث عن استشهاد ابنته فيقول:" في يوم معركة تحرير الشبان المجاهدين من أبناء هذا الشعب الذي كانوا محاصرين في مسجد النصر في بلدة بين حانون، يوم أن استنفر رجال المقاومة سكان المنطقة، فلبت نساء شمال غزة النداء، وكانت ابنتي أم ثائر من بينهن، فذهبت برفقة عدد كبير من نساء مخيم جباليا، إلى بيت حانون واستطعن بفضل الله وقدرته أن يخلصن شباب المسجد المحاصرين ، وبعد أن خرجت من محيط المسجد وهي في الطريق صوب إليها أحد الجنود بسلاحه من على دبابته فأصابها بطلقة في رأسها، وأتبعها بطلقتين أخريين جانب أذنها و بعد نقلها إلى المستشفى بلحظات فارقت الحياة واستشهدت رحمها الله، لم نعلم باستشهادها إلا في اليوم الثاني للمعركة حتى أنني لم أكن أعلم أين ذهبت؟".
- ويضيف:" قمنا بدفنها ومواراتها التراب وسط مشاعر الحزن الشديد على فراقها ، فراق الابنة المطيعة البارة بوالديها، وأذكر أنها وقبل أن تستشهد بيوم سلمت علينا وقبلت يد أمها وكانت صامتة واستغربت أمها من ذلك وكأنها تشعر بأن شيء ما سيحدث"
الأم الحنون
- أما حنين مسعود ابنة الشهيدة فتقول:" تتوافد علينا في هذه الأيام ذكرى استشهاد أمي الغالية، وتلك الأحداث لم تفارق مخيلتي من حينها، فعندما سمعت أمي بحصار المجاهدين خرجت دون أي تردد ،وكانت تردد في المسيرة وتقول للنساء المشاركات وبصوت قوي:" لم الخوف ..تقدمن تقدمن ..فاليوم عرسي والشهادة أمنيتي..هكذا كان ينطق لسانها "، وربما تعجز الكلمات عن وصف ما شعرت به أنا وإخوتي حين سمعنا نبأ استشهادها فكأنها صاعقة وحلت بنا ، وعندما خرجت صباح ذلك اليوم وبالتحديد الساعة السابعة كان أخي الكبير هو من قام بإيصالها إلى مكان تجمع الباصات المنطلقة للمسيرة ، كانت قد نظرت إلينا نظرات حنونة للغاية وبالذات نظرتها لأخي الكبير وكأنها توصيه علينا ، ولم يخطر ببالي للحظة بأنها قد تكون آخر نظرات وأني لن أراها بعدها".
- وتتابع حنين الحديث:" لا توجد أي دموع ولا كلمات يمكن أن تعبر عن مدى حزننا لفراق والدتي الحبيبة ، كيف لا وهي من كانت الحضن الدافئ والملجأ الأول لنا من كل الهموم والكدر، ووهي التي وبالرغم من كثرة مسؤوليتها وأعبائها في المساجد ودار القرآن ، كان همها الأول الاهتمام بنا ورعايتنا والتشجيع دومًا على الاجتهاد في المدرسة والمسجد، لا يمر علينا موقف ومهما كان صغيرًا إلا ونتذكرها فيه ومن شدة افتقادنا لها نشعر وكأننا لا نستحق الحياة من بعدها..."
- وتتحدث الحاجة أم عصام والدة الشهيدة عن ذلك فتقول:"ابنتي لا تغيب عني دقيقة ، وكل حين أتهيئها تدخل على الباب بابتسامتها المشرقة التي ما كانت تفارق وجهها البشوش، أتذكرها كلما ذهبت للمسجد للصلاة وأرى الفتيات التي كانت تدرسهن القرآن ، أتخيل أن إحداهن ستسألني عنها ، ثم أعود لأتذكر أنها فارقتنا إلى حيث لا عودة لهذه الدنيا "
- أي كلام هذا يمكن أن يقال بعد هذه الكلمات التي تدمي الفؤاد ، وتُدمع المقال، وحتى تلميذات الشهيدة في المسجد يفتقدنها في كل حلقة قرآن ، في كل مجلس ذكر، فجدران المسجد تبكيها، وليالي رمضان افتقدتها وهي من كان يعمر مساجد الله بذكره ،رحمها الله تعالى .
- وكانت أيضًا قد استشهدت في هذه المعركة المجاهدة روضة جابر من بلدة بيت لاهيا، والتي تبلغ من العمر ما يقارب الخمسين عامًا ، وكانت قد خرجت لوحدها من البيت بدون تنسيق مع أي أخت من اللواتي خرجن للمسيرة، فقط خرجت ناصرة لإخوانها وطالبة للشهادة ، وقد رزقها الله ما أرادت، حتى أنها حين استشهدت بقيت لساعات ملقاة على الرصيف قبل أن تأتي سيارة الإسعاف لنقلها ، وبقيت في المشفى مجهولة الهوية لساعات حيث أنه لم يكن أحد من أهلها يعلم بخروجها رحمها الله .
المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي