شهر على الثورة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
شهر على الثورة
٢٧/ ٢/ ٢٠١١

بقلم :سحر الموجى

شهر على الثورة

مر على ثورة ٢٥ يناير شهر كامل، ثلاثون يوما أحدثت قفزة مارد تاركة وراءها مستنقع الماضى خاطية أعواما إلى الأمام.

شهر واحد لكنه بدّل الكثير فى أحوالنا وداخلنا.

وإن كان الحديث فى هذه اللحظة عن الإنجاز السياسى صعباً لأن مطالب الثورة لم تتحقق كلها، إلا أن النصر الأكبر يكمن فى مكان آخر غير السياسة.

على المستوى السياسى تمت الإطاحة برئيس الدولة الذى أفاق فجأة من أوهام السلطة التى ظنها أبدية على صوت هادر يسمعه للمرة الأولى فى عمره المديد، وعليه الآن أن يأخذ نَفَسًا عميقاً من هواء شرم الشيخ النقى كى يساعده على استيعاب ما حدث.

تم إجهاض حلم الابن الأصغر أن يتسلم التركة من أبيه، الله لا يسهّل له.

تم حل مجلسى الشعب والشورى بعد شهرين فقط من بداية عمل مجلس الشعب المزور الفاجر فى تأكيداته على النزاهة والحرية ولا عزاء للنواب غير الأفاضل الذين أنفقوا الكثير كى يجنوا الأكثر فوجدوا أنفسهم على قارعة التاريخ. تجرى الآن تحقيقات مع «كبار» رجال الدولة (السابقين والحمد لله)،

وبالرغم من أخلاق الثورة النبيلة فإنه لا يمكن إنكار شعورنا بقدر من التشفى فى كل من أذلّنا وعذّب وقتل أبناءنا، لكننا سنحاول تخطى هذا الشعور المزعج حتى نكون جديرين بالثورة، وفى انتظار وقوع الصف الأول من رجال السياسة الذين أفسدوا حياتنا بقدر مذهل من الصلف وموت الضمير. قول يا رب.

تبقى الإنجازات السياسية منقوصة بسبب عنصر الوقت من ناحية ولأن مرحلة البناء لا تزال فى طور التحضير والتخطيط والشحذ. لكن الثورة على مستوى آخر حققت انتصارا مطلقا وكاملا.

لقد جاءت هتافات الثوار فى أول أيام الثورة وما تلاها من أحداث ملاحقة ودامية لتزلزل أركان الشخصية المصرية، تنفض عنها ما تراكم فوقها من نفايات ثقافية، تزيح أنقاض ثلاثين عاما من الذل والهوان وانعدام الأمن كى نعود إلى جمال أخلاقنا وبهاء عشقنا لتراب مصر.

ولأنه لا يمكن عزل شخصية المصرى عن السياقات السياسية والاجتماعية التى يعيش فيها فقد فهمنا الآن لماذا بهتت ألوان تلك الشخصية وصدأت تحت أطنان الفساد وغياب الكرامة الوطنية.

وفى أيام الثورة المعدودات كنا قد عدنا إلى جوهرنا الحضارى الذى يضرب بجذوره إلى حضارتنا الأولى، وقفزنا إلى الأمام عقودا كى نلحق بركب الحضارة الحديثة.

ولأن هذا الجوهر الثمين للشخصية المصرية قد عاد إلى سابق عهده وكامل بهائه فأنا لست قلقة على تطورات الوضع السياسى.

هناك لا شك عناصر مثيرة للقلق فى المشهد السياسى، وهناك شغف بالغد يريد أن يحقق كل المكاسب التى غابت ثلاثين عاما، وهناك ثعابين العصابة القديمة التى أخرجتها نيران الثورة من جحورها تبغى فرارا أو تلونا كى تتماشى مع الوضع الجديد.

لكن ما يحدث بإيجابياته وسلبياته هو مخاض موجع يرج جسد الوطن كى يلد غدا يليق بنا.

كلما زارتنى الهواجس عاد إلىّ ٢٥ يناير ككيان حى واضح الملامح نبيل الصفات حاد الذكاء لا يمكن مراوغته أو خداعه. لابد أن نقلق حتى نخطو إلى المكان الصحيح.

لكن دعوا القلق يتجاور مع صورتنا عن أنفسنا الآن وإيماننا بجسد وعقل وروح الثورة، ودعوا هذا الكيان يأخذنا إلى حيث تشير حكمته.

المصدر