شلال الدم يحفر خندق الانتصار!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث


شلال الدم يحفر خندق الانتصار!

بقلم/ د. سميحة غريب

إستراتيجية المقاومة الفلسطينية (3).jpg

لم تنشأ عمليات القتل التي تتم على أرض فلسطين المباركة من فراغ؛ ولكنها مخطط طويل ساهمت فيه أمريكا وأوروبا، وكل حكام العرب منذ بدأت الحرب ضد ما أسموه إرهابًا، وتمَّ خلط الأوراق وإعادة ترتيبها من قبل الكيان الصهيوني، بحيث شمل هذا الإرهاب المزعوم كل من يرفع رأسه، أو صوته ضد الكيان الصهيوني.

وسار العرب على الخط بحيث شمل الإرهاب كل من يطالب بحقه ويظهر فسادهم، فاكتملت المعادلة وتبادل المجرمون الأوراق، وصار الإرهاب تهمة جاهزة للقضاء على كل صوتٍ حرٍّ شريف.

لقد ساعد أيضًا على هذا القتل وشارك في الجريمة كل من أضعف مقاومة الشعب الفلسطيني، وحاول إجباره على الاستسلام سواء بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، أو بالانسحاب من المعركة بحجة العهود والمواثيق مع اليهود، أو بالاتجاه نحو سراب السلام الكاذب، أو بالمبادرات العربية على حساب الشعب الفلسطيني، أو بتقليص وتقزيم القضية من قضية إسلامية إلى عربية إلى فلسطينية، وصولاً إلى حصرها فيمن يحكم غزة بعد الانسحاب، وما إلى ذلك من سخافات وتفاهات.

يحمل وزر دم الشهداء أيضًا من قطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني بحجة تنظيم التبرعات وعدم تسييسها، ومن قام بتجميد حسابات المنظمات الخيرية في العالم العربي والغربي، ومن أعلن عن إنشاء صندوق فلسطين في مؤتمرات القمة السابقة، ثم أغلق فم هذا الصندوق بحيث لم يدخله قرش واحد.

إن شلال الدم المتدفق على أرض فلسطين هو الذي سيحفر في الأعماق خندق الانتصار الكبير، إننا اليوم نتطلع إلى نصر عاجل يرفع عن أمتنا الذل والهوان وينقلها إلى درجات العزة والرفعة والسمو.. ولا شك أن الناصر هو الله تعالى وحده، فهذه عقيدة الموحدين.

وقد جعل الله للنصر أسبابًا وأمرنا بالأخذ بها، ولنعلم جميعًا أن دين الله منتصر لا محالة، وسيعلو أهله بإذن الله، شاء من شاء وأبى من أبى.. فلنكن جميعًا من أهل هذا الدين.. يقول تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: 40) ومن الذين ينصرون الله: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ (الحج: 41).

ومن عوامل النصر أيضًا: الابتعاد عن المعاصي والذنوب.. لقد كان عمر بن الخطاب– رضي الله عنه– إذا ودَّع الجيش يقول لقائده: أوصيك ومن معك بتقوى الله، فإن تقوى الله أقوى من العدة على العدو، وأحذرك ومن معك من المعاصي، فإن معاصي الجيش أخوف عليهم من عدوهم.

لذلك.. نريد شبابًا متمسكًا بدينه، معتزًّا به، متدينًا تدينًا عميقًا، مسلمًا إسلامًا حقًّا، ولنعلم أن النصر لا يتنزل على قوم لاهين عابثين، وإنما يتنزل النصر على المؤمنين الصادقين، الذين يتسابقون لنيل رضا الله، المحافظين على صلاة الجماعة المواظبين على جلسات الذكر وتلاوة القرآن، المداومين على صيام النوافل وقيام الليل.

لقد تتبعت حياة الشهداء في فلسطين حتى أعرف كيف ينتقي الله هؤلاء الشهداء، فوجدت عجبًا: وجدت شبابًا عشقوا الجهاد، وتغنوا بالشهادة، أحبوا حياة الخنادق وظلمة الليل، كرهوا النوم الهادئ والفراش الوثير، تربوا في المساجد على موائد القرآن.

تحكى أم أحد الشهداء تقول: عندما استيقظ في منتصف الليل، أسمع صوت ابني وهو يصلي ويبكي من شدة الخشوع.. وتكمل: كان ابني يحضر الشبان من أماكن اللهو، ويأتي بهم إلى المسجد ويقوم بتوعيتهم وحثهم على الالتزام بدين الله، إنه إنسان خلوق كثير الحياء، رقيق القلب.. يحب المجاهدين.. هذا هو طريق الشهادة، من سعى إليها نالها.. فكثيرون يتمنون الشهادة؛ ولكن لا يسعون لها سعى الطالب الحثيث.

شهداءنا: لن نبكيكم وإن بكينا.. ونقرئكم السلام ولا سلام لقاتليكم، ونبلغكم الأمان ولا أمان لغادريكم.. ونشهدكم الوفاء ولا بقاء لشانئيكم، ونقسم على مسمع من أرواحكم الطاهرة بأن الدنية منا هي المستحيل، ونجدد العهد ونؤكد الوعد بأن كامل التراب وكامل الثأر هي الوصية حتى نلتقي مع النبيين والشهداء والصالحين.. اللهم آمين..