شاهد.. 3 مشاهد روسية تفضح الفارق بين "الحليف القوي" و"العميل المتسول"

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
شاهد.. 3 مشاهد روسية تفضح الفارق بين "الحليف القوي" و"العميل المتسول"


الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و قائد الانقلاب العسكري.jpg

(24/11/2015)

كتب: هيثم العابد

مقدمة

احتاج النظام العسكري الانقلابي لوضع صور الرئيس الروسي على رءوس الجسور وأسطح البنايات من أجل التعبير عن الحفاوة بالقادم من موسكو وتقديم قرابين الولاء من أجل الحصول على رضا الكريملين، فغابت الندية وطغت مصلحة العسكر على التعامل بين البلدين، فكان من المنطقي أن ينهار التحالف الهش وتبقى الإهانة الروسية عالقة فى جبين السيسي كلما حل وارتحل.

قائد الانقلاب الذى دخل موسكو من الباب الواسع ليقدم نفسه حليفًا منتظرًا للروس بعد تردي الأوضاع فى سوريا التى خسرت معها روسيا آخر أوراق الوجود فى المنطقة، لم يكد يختال بالدور الجديد الذي يمكن أن يلعبه لصالح فلاديمير بوتين، حتى سقطت طائرة "كاجوليم أفيا" فوق رأسه لتدير زاوية الأحداث على غير ما يشتهي الجنرال.

دور المبتز الذي يجيده السيسي فى علاقته الإقليمية بالضغط على السعودية بالورقة الإيرانية من أجل زيادة غلة الرز، ومحاولة استفزاز الولايات المتحدة عبر التقرب إلى روسيا، لم تفلح فى كل الأحوال فأدارت المملكة ظهرها للجنرال وبدت تفتش عن حليف حقيقي لمواجهة التحديات الحقيقية وتهدد استقرارها، بينما أظهرت روسيا العين الحمراء سريعا لتؤكد أن قائد الانقلاب لا يمثل فى خانة الدبلوماسية الروسية سوى تابع متسول فى لعبة المصالح فى الشرق المتوتر.

ولم يخطئ إعلام السيسي حينما تعامل مع صفعة بوتين بحظر الطيران على مصر ومنع الطيران المصري من الهبوط فى روسيا، وعزل العسكر معلوماتيا خلال تحقيقات حادث سقوط الطائرة فى سيناء، مع تناول الملف الأمني والبحث عن الجناة بمعزل عن الأمن المصري، بأن موسكو ليست حليفًا لمصر، أو حتى دولة صديقة فى محاولة للهجوم على بوتين -قبل أن تعود للتغزل فى الرجل على وقع "فنكوش الضبعة"- خاصة أن زيارة الرئيس الروسي الأخيرة إلى طهران فضحت مدى تقزم العسكر فى عين الغرب والشرق.

3 مشاهد كاشفة كانت حصيلة المقارنة بين قائد الانقلاب فى علاقته المتوترة بموسكو ومحاولات استجداء حليف قوي ليدعم شرعيته المزيفة، وتعامل بوتين مع الحليف الإيرانى، التى تعكس الواقع المرير لدولة حاول الرئيس الشرعي محمد مرسي أن يعيد إليها البريق المفقود، قبل أن يتدخل العسكر لإعادة الوطن إلى حظيرة التبعية.

الحرب على الإرهاب

تبقي الحرب على الإرهاب هى التميمة التى يلجأ إليها الجميع من أجل تبرير العدوان فى الخارج أو القمع فى الداخل، إلى أن البضاعة الفاسدة التى ضمها السيسي فى كافة أسفاره من أجل اكتساب تعاطف العالم، كانت دائما وأبدا ما تنتهي عند حدود تسول قائد الانقلاب لمساعدات ووعود من الغرب بمناقشة الأوضاع فى مصر.

وحاول السيسي أن يجاري جميع الأطراف فى الحرب على الإرهاب، وحتى وإن أيد المتنافرين ودعم المتناقضين، فقرر الموافقة على حرب تحالف أمريكا على الإرهاب فى سوريا مقابل حفنه من المساعدات، قبل أن يركض إلى جوار بن زايد إلى موسكو من أجل تأييد حرب تحالف روسيا على الثورة فى البلد الشامي لإنقاذ رقبة بشار.

ولأن السيسي لا يملك رؤية واضحة لتلك الحرب التى لن تجلب الخراب إلى مصر بعد تدمير عمق أمنها القومي فى الشمال، فى ظل تكاتف قرابة 30 دولة للقضاء على سوريا فى الوقت الذى لم تحتج فيه إلا لساعات قليلة للإطاحة بالقذافي فى ليبيا، ما يفضح الدوافع والنوايا، إلا أن الجنرال لا يفتش عن مصلحة الدولة العليا بقدر ما يستجدي ما يخدم على مصالحه الشخصية ومن خلفه عصابة الجنرالات.

بينما تبدو الأمور مختلفة فى طهران، التى فرضت أجندتها الواضحة فى سوريا ودعمها اللامحدود لبشار على مائدة بوتين ومن قبله مفاوضات فيينا المتعثرة، وهو ما أجبر الجانب الروسي على تبني ذات الرؤية والتماهي معها من أجل توثيق عري العلاقات مع إيران، فى ظل التعامل معها باعتبارها القوى الصاعدة فى المنطقة المتوترة.

وتتطابق الرؤية بين موسكو وطهران حول الحرب على الإرهاب بتوحيد العدو المشترك والمتمثل فى "الدولة الإسلامية" بداية والمعارضة المسلحة فى سوريا، مع غض الطرف عن ممارسات حلفاء إيران فى صنعاء وبيروت وبغداد، بينما تبدو الرؤيا مشوهة فى مصر بعدما اعتبر السيسي كافة تيار الإسلام السياسي إرهابًا وجب قتاله، بينما يدرك الغرب خطورة الإطاحة بتلك الفصائل المعتدلة من رقعة الشطرنج، وفى ذلك التوقيت تحديدًا خاصة بعدما نالت ثقة الشعوب من المحيط إلى الخليج.

تلك الرؤية ترجمها دميتري بيسكوف -الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي- بعد قمة "بوتين- روحاني":

"ركز النقاش بدرجة كبيرة على الأزمات في المنطقة، وتناول الحديث الأوضاع في سوريا خاصة، وجرى تبادل مفصل للآراء، وشدد الطرفان على تطابق مواقف موسكو وطهران باعتبار أن إملاء خيارات التسوية السياسية من الخارج أمر مرفوض، ولا يوجد بديل لتطبيق أساليب التسوية السياسية من قبل الشعب السوري نفسه"، وفضحها التعامل الروسي أحدي الجانب مع حادث الطائرة فى سيناء ورصد مكافئة ضخمة لمن يرشد عن المتورط فى الحادث دون الرجوع إلى مصر.

التخصيب والترقيع

يأتي الملف النووي على رأس أولويات الجانب الإيراني، فيما طفح فى مجاري الانقلاب مؤخرًا كأحدث الفناكيش لجذب أنظار الرأي العام، وفى كل كانت روسيا هى العامل المشترك بين الطرفين، ولكن كان المشهد من التضاد بمكان ليكشف الفارق الشاسع فى تعامل موسكو مع الحدث هنا وهناك.

فى مصر كان السيناريو أشبه بترقيع لصورة سابقة التقطها الرئيس المخلوع مبارك ومع ذات الرئيس الروسي، بتوقيع على الورق لم يخرج قط إلى النور، بشأن تولي موسكو مهمة بناء المفاعل النووي المصري فى مدينة الضبعة والإشراف عليه، على الرغم من أن الشكوك لا تزال تحيط بموقع المفاعل الجديد، الذى يرى الخبراء عدم جدواه لمثل هذه المنشأة الحيوية.

وفى الوقت الذى لم يجد بوتين مانعًا من تكرار التقاط الصور التذكارية لذات المشروع مع مصر كل 10 سنوات دون جديد، كان يوقع مرسومًا يرفع بموجبه الحظر المفروض على تزويد إيران بمعدات تخصيب اليورانيوم، وهذا المرسوم مرتبط بمسألة استيراد روسيا لليورانيوم المخصب من إيران.

ووفقًا للمرسوم الذي نشر على موقع الحكومة الرسمي فإن الحظر على توريد السلع والمواد والمعدات لم يعد ينطبق على "صادرات اليورانيوم المخصب من جمهورية إيران"، بما يمثل امتدادًا للدور الذى لعبته موسكو في إطار اتفاق بين إيران ومجموعة (5+1) في يوليو الماضي.

دور روسيا فى المسارعة لتقديم يد العون والدعم الجاد للجانب الإيراني فى مجال الطاقة وتخصيب اليورانيوم، وترقيع الصورة القديمة لذات المشروع فى مصر، يكشف مدى الجدية فى تعامل موسكو مع الحليف الإيراني والتابع المصري.

المصحف والجاكت

عند زيارة السيسي إلى موسكو عقب الانقلاب العسكري من أجل التقرب إلى روسيا لمواجهة العزلة الدولية أو –هكذا حاول أن يروج- كان بوتين سخيًّا مع الجنرال عندما استدعاه عقب الخروج من قاعة الاجتماعات ليقدم له "معونة الشتاء" هدية عبارة عن جاكت يحمل النجمة السوفيتية والخاص بفرق هوكي الجليد فى روسيا، بينما جاء إلى مصر لينال التكريم اللائق والحفاوة المبالغ فيها دون أن يفكر فى تقديم مقابل لائق لهذا الانبطاح الذى يليق بالعسكر.

وفى المقابل كان ذات الرئيس حريصًا على كسب ود الحليف الإيراني، وقام بإهداء نسخة تمثل أقدم نسخة للقرآن كريم محفوظ في روسيا إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، خلال لقاء جمع بينهما في طهران.

هدايا يوتين وكيفية التعبير عن الترحيب هنا وهناك، والتعامل اللافت مع الملف النووي فى بوشهر والضبعة، والتنسيق الأمني حول الحرب على الإرهاب وفقًا للأجندة الإيرانية والموائمات الانقلابية، يكشف الفارق الشاسع بين الحليف والتابع فى قاموس المعاملات الروسية مع العالم الخارجي.

المصدر