شاهد.. هل يقف عبدالناصر وراء مجانية التعليم؟
(29/09/2016)
كتب: محمد فتحي
محتويات
مقدمة
لا يمل دراويش الناصرية من الزعم مرارا وتكرارا أن الديكتاتور جمال عبد الناصر هو صاحب قرار مجانية التعليم في مصر بشكل مطلق؛ الأمر الذي أتاح لأبناء الفقراء والبسطاء أن يتلقوا تعليمهم بعد أن كان في العهد الملكي محصورا بين أبناء الباشاوات والأغنياء فقط.
وعلى الرغم من أن دورة الزمان دارت وبات المصريون يئنون من مصروفات كبيرة للكتب والمجموعات المدرسية والدروس الخصوصية؛ الأمر الذي أخرج "مجانية التعليم" من معناها وحولها إلى مجرد لافتة يتم توظيفها سياسيا ودعائيا لخدمة النظام الاستبدادي العسكري..
إلا أننا في هذا التقرير وبمناسبة ذكرى وفاة الديكتاتور عبد الناصر التي حلت أمس 28 سبتمبر، سوف نناقش في هدوء بحثا عن الحقيقة وتفنيدا لمزاعم انتساب مجانية التعليم لعبد الناصر الذي حكم مصر 16 سنة، منذ 1954 حتى 1970م.
هدى عبد الناصر تتباهي بقرار والدها بمجانية التعليم
في يوم 22 يوليو الماضي 2016 استضاف حمدي رزق الصحفي الناصري المتعصب للحكم العسكري الديكتاتوري هدى جمال عبد الناصر.. عبر برنامجه على قناة "صدى البلد" المملوكة لرجل أعمال المخلوع مبارك محمد أبوالعينين.
خلال الحلقة راحت نجلة عبد الناصر تتباهى بأن والدها اتخذ أعظم قرار بمجانية التعليم وهو ما أتاح لأبناء الفقراء أن يتعملوا مثل أبناء الأغنياء.. وجاءت عبارات ابنة عبد الناصر مطلقة دون تحديد ما يوهم القارئ أن مجانية التعليم تأسست فعلا في عهد الناصرية التي جاءت بانقلاب 23 يوليو 1952م.
مؤسس مجانية التعليم في مصر الحديثة
كان هذا هو عنوان المقال الذي كتبه الخبير التربوي والتعليمي الأستاذ الدكتور سعيد إسماعيل وتم نشره في صحيفة المصريون يوم 6 ديسمبر 2013. وفي مقاله يؤكد الخبير التربوي أن مجانية التعليم تقررت في العهد الملكي، حيث تقرر مجانية التعليم الابتدائي عام 1944 والثانوي عام 1950 على يد د.طه حسين.
فيما جاء قرار عبد الناصر بفتح أبواب التعليم الجامعي أمام أبناء المصريين بعد أن ترسخت المجانية في مراحل التعليم الأساسي في يوليو 1962م.
كيف تقررت مجانية التعليم؟
يكشف الدكتور سعيد إسماعيل تفاصيل القرار عن أنه "فى الرابع من فبراير عام 1942، تشكلت حكومة الوفد، خلال الموقف الشهير، برئاسة مصطفى النحاس، (في إشارة إلى قدوم حكومة الوفد فوق دبابات الإنجليز بعد حصار قصر عابدين الشهير وتهديد الملك فاروق)، واختير أحمد نجيب الهلالى وزيرا للمعارف، الذى اختار بدوره الدكتور طه حسين مستشارا فنيا للوزارة، حيث تشير وقائع الأحداث التعليمية زمنها بأن بصمته ظاهرة، وفكره حاكم وموجِّه، وهو ما يتضح جليا من التقرير الخطير الذى صدر فى نوفمبر عام 1943 بعنوان (تقرير عن إصلاح التعليم فى مصر).
وحسب المقال
- "وفقا لما جاء فى ص 34 من التقرير المصرى، فقد لوحظ أن تلميذ المدرسة الابتدائية فى مصر كان يدفع 10 جنيهات، بينما تكلفته 24 جنيها، ويدفع 20 جنيها فى التعليم الثانوى، بينما يتكلف 43 جنيها".
ويتابع
- "ولما كانت الكثرة الغالبة من الفقراء لا يستطيعون دفع هذه المصروفات، فقد كان هذا يعنى أن الدولة تدعم الأغنياء، مما استفز التقرير وكأننا نسمع تساؤله الصارخ: "فأى عدل اجتماعى فى هذا؟ وأين مكانه من الديمقراطية التى تحرص على التزام أساليبها فى نظام الحكم؟"".
وقدم الهلالى هذا التقرير إلى مجلس النواب لمناقشته، للتعرف على آراء الأعضاء فيما جاء به، واستمرت المناقشات أيام 3، 4، 5، و10، 12 يناير عام 1944. وبالفعل صدر قرار وزارى بتقرير مجانية التعليم فى عام 1944 لطلاب التعليم الابتدائى، وكان هذا أول الغيث.. منذ أن أُلغيت المجانية فى أواخر القرن التاسع عشر، زمن الاحتلال البريطانى.
مجانية التعليم الثانوي
يكشف الخبير التربوي عن أنه بعد فوز الوفد بانتخابات 1949 تم مفاتحة الدكتور طه حسين في أمر تولي وزارة المعارف، فاشترط أن يتضمن التشكيل ما يؤكد مجانية التعليم الثانوي، وهو الأمر الذي تمت الموافقة عليه، وتم النص عليه في خطاب الوزارة في 16 يناير 1950 الذي ألقاه النحاس باشا.
ولما اقترب العام الثالث للوزارة (يناير عام 1952) واستعدت لإعداد خطاب العرش، طلب مفكرنا أن تتغير سياسة التعليم الجامعى فتقرر فيها المجانية على ألا تقبل الجامعات من أصحاب الشهادة الثانوية إلا القادرين (علميا) حقا على أن ينتفعوا بما يلقى فيها من التعليم: "ولكن القصر وقف فى سبيل هذه المجانية الجامعية.. فحال بينها وبين أن تذكر فى خطاب العرش وحال بينها وبين أن تصبح أمرا واقعا". والغريب أن وزير المعارف كان متفقا على ذلك مع الجامعات الثلاث (القاهرة وعين شمس والإسكندرية).
المصدر
- تقرير: شاهد.. هل يقف عبدالناصر وراء مجانية التعليم؟ موقع بوابة الحرية والعدالة