سيف عبدالفتاح يكتب: في ذكرى جريمة التفويض الدموي.. "اسحب تفويضك وارجع إنسان"

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سيف عبدالفتاح يكتب: في ذكرى جريمة التفويض الدموي.. "اسحب تفويضك وارجع إنسان"


(7/26/ 2015)

سحب التفويض أقل وأول درجات التعويض، قلنا من قبل إنه (لا تفويض في الدم)، وصرخنا بكل وسيلة وبأعلى صوت في المهووسين بالمجهول: أن في التفويض في الدماء تقويضا للوطن الواحد والمجتمع المتماسك وطريقا إلى الخراب الذي يحرص عليه الانقلاب ومن وراءه من الخونة الغادرين، والذين نزعت الإنسانية من نفوسهم.

حذرنا مرارا وتكرارا من الاندفاع إلى هذا النفق المظلم باسم التفويض، وأنه لن يقف عند حد ضرب المسار الديمقراطي ومكتسبات ثورة يناير مهما كانت قليلة ومشوشة أو مشوبة بالأخطاء، ولن يكتفي بالانتقام من ثورة يناير نفسها ومن ثوارها ومن كل من آزرهم وعزز مسيرتهم، بل سيواصل مسيره في تخريب العيش المشترك في مصر، ويستحث الخطا نحو حرب أهلية مصنعة؛ بتصنيع وفبركة وتخليق وتحريك وإدارة (إرهاب محتمل) وتحويله إلى (إرهاب مفتعل) على أمل أن يتولد عنه (إرهاب حقيقي).

بحت أصواتنا وتمزقت حناجرنا من الصراخ: يا قوم أفيقوا.. يا قوم انتبهوا.. يا قوم احذروا.. إنكم تصعدون إلى الهاوية، وتشترون الأوهام بثمن غال جدًّا؛ بالوطن ومستقبله وشبابه وأمنه وحريته وثورته العظيمة..

يا قوم تدبروا.. إن الأمور تتضح كل يوم، والمستور ينكشف شيئًا فشيئًا.. والمجهول أضحى معلوما، ولم يعد لأحد حجة في الاستمرار داخل المذبحة المعدة للقطيع والكمين المنصوب للجميع.. من تفوضونه ليس مخلصا ولا منقذا ولا صادقا ولا عاقلا ولا تقيا نقيا، بل هو مغرق محرق، قاتل سفاح، كذاب محتال، أحمق أعمى، عدواني دموي، أقرب إلى العميل الذي ينفذ أجندة خفية ليس فقط لحساب نفسه ولحساب عصابة من الأشرار المتدثرين بزي العسكرية المصرية وبرداء المسئولية الوطنية.. بل لارتباطات خارجية تفيض عليه بالأموال، وتوسوس له ولمن معه بالمؤامرات والتوريطات.

مع كل ذلك، أصر فريق منا على تفويض العصابة وتقويض الثورة، حتى باتت مؤامرة وتم تحرير أعدائها ليعودا إلى مقاعدهم، وخرج وزير داخلية المخلوع يتلو علينا بيان ثورتهم المضادة أمام منصة باعت ضميرها، تخاطبه بخشوع وخنوع، وتحرص على حسن إخراج الصوت والصورة..

وبسبب من هذا العناد والكبر، تحول الثوار إلى خونة متآمرين وألقي بهم في غياهب السجون، وتقدم سيناريو الانتقام من الثورة ومن الأحرار ومن كل من طالب يوما بالتغيير ونزل التحرير وحمل بين جوانحه بعضا من الضمير..

وتحولت مصر إلى سلخانة تعذيب وتنكيل وقتل بلا رقيب ولا حسيب، وانتقلنا إلى أبشع صورة لمنظومة استبداد عسكري بوليسي قمعي.. اغتال السياسة، واعتقل الساسة، وفرق المجتمع، ويدمر الاقتصاد، ويتلاعب بالعقول، ويكمم الأفواه، ويكسر كل الحدود أما مشروعه لتركيع مصر وإذلالها.

واليوم، وبعد عامين من التفويض لا يزال في الجسد رمق من روح حية، لا نزال نسمع ونرى كل حين من يفيقون وينتبهون – ولو متأخرين جدا - ومن يراجعون أنفسهم ومواقفهم، ويمتلكون شجاعة الاعتراف بالخطأ والخطيئة، ويعربون عن استعدادهم لتصحيح المسار ولو تحملوا في ذلك الضريبة الكبرى والثمن الباهظ.

وعلى هؤلاء المصححون أن يجعلوا من مواقفهم حقيقة لا خيالا عابرا، يطلقوا منها (ثورة تصحيح)، وموجة ثورية تحفظ ما تبقى من قطرات النهر، وتجدد ما خفت من صوت الحرية، وتشق طريقا جديدا لنصرة ثورة لن تتكرر في تاريخ مصر الحديث.

نعم، لا تزال أيضا مشاهد الخزي تتجلى، وتتكشف كل يوم أبعاد من المؤامرة كانت خفية، ويشعرنا بالخزي أن تنفتح أعيينا كل يوم على تربيطات واتفاقات تمت بين متزعمين وأطراف خارجية وخفية لحسابات آنية وأنانية..

ونأسى لتسريبات هنا وهناك توضح أن كثيرين كانوا على علم بخيوط المؤامرة وإعدادات للإرهاب المصنوع وأن ناسا سوف يقتلون في بيوتهم وأسرّتهم، وسوف يقطع كل لسان يتفوه بكلمة، وسوف ترى مصر سنتين من إرهاب غير مسبوق.. ثم لا تجد من هؤلاء العارفين أي شعور بتأنيب الضمير أو رغبة في التحرر من هذه الارتباطات الآثمة، بل يتقلبون بين الخوف والجشع، وبين الخيانة والرقص على الجثث.

لكننا نعود ونقول: إن الحديث لا يزال جاريا مع ثوار التصحيح، والباحثين عن الطريق الصحيح، المنحازين إلى الحرية بلا تردد، والمادين باصطفاف وطني عاقل شامل لوقف طوفان الاستبداد الدموي الماثل قبل أن يفوت الأوان.

إن أول التصحيح هو سحب التفويض من كل من وقع في فخ التفويض، سحب التفويض أول وأدنى درجات الاعتذار والمراجعة، والتعويض. وبالطبع لن يعوض الدماء التي سفكت ولا الأعراض ولا الحريات التي انتهكت شيء، لكن الرجوع عن الخطأ خير من التمادي في الباطل.. لا يعني ذلك أن الأطراف الأخرى كانت مبرأة من كل عيب أو من الأخطاء والخطايا، لكن خطيئة التفويض في الدم، ثم التهليل له والتحريض عليه لا تدانيها غلطات ولا سقطات.. ومن ثم فسحب التفويض أول الطريق الذي لا بديل عنه: ثورة التصحيح من أجل تصحيح مسار الثورة.

على الجميع أن يعلن ويدعو إلى سحب التفويض، وأن يبعث برسالة مدوية للانقلاب ومنظومته وعصابته وحواشيها: إنا برآء منكم ومما تفعلون، إنا برآء من كل جرائمكم اليومية من القتل والتعذيب والخطف والاعتقال وانتهاك الحرمات والدهس على الحقوق والحريات.. إنا برآء من فسادكم وإفسادكم، من سلبكم ونهبكم، من قسوتكم على الفقراء وإهانتكم للضعفاء وإذلالكم للأحرار وتآمركم على الشباب والمستقبل.

على الجميع أن يصرخ بها مدوية: لا تفويض بعد اليوم، ولا تحريض على القتل، ولا بديل عن القصص العادل لكل قطرة دم أريقت بغير حق، لا لتعريض جيشنا للدمار بتلاعبات من عصابة العسكر ووحدات القتلة التي تم تشكيلها بعد الثورة.. لا لاغتيال الحقوق السياسية والمدنية، ولا للاستخفاف بالضرورات المعيشية والحياتية للمصريين.

أول تعويضك أن تسحب تفويضك، وأن تصحح طريقك، وتعلن عدم تعاونك مع من اغتصبوا البلاد وأذلوا العباد، وأن شعارنا من اليوم هو ما واجه الشباب به الطاغية بعدما استبانت حقيقته: ضدك .. ضدك.. ضدك..، أما نحن فمعًا حتى نستعيد ثورتنا، ونسترد حريتنا، ونعيد بناء وطننا دولة ومجتمعا وإنسانا.

إذا كان التفويض سار ضمن مسار التقويض لشبكة العلاقات الإنسانية والمجتمعية فى الوطن باستخفاف شديد طال إزهاق الأرواح وإراقة الدماء واستباحة الحرمات والنفوس وهى أمور لا يجوز فيها التفويض ،فإنه من الواجب علينا أن نعدل المسار الى تقويض التفويض بكل شكل ومن كل باب" توبة" وعودة عن أكثر الخطايا إثما التى تتمثل فى إراقة الدماء والإعانة عليها والسماح بها أو السكوت عنها وعليها..( اسحب تفويضك..وارجع إنسان).

المصدر