سياسة الترقيع لن تجدى

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سياسة الترقيع لن تجدى

٢٢/ ٢/ ٢٠١١

بقلم  : د.حسن نافعة

سياسة الترقيع لن تجدى.jpeg

تسربت مساء أمس الأول، الأحد، أنباء تشير إلى وجود نية لتعديل وزارى وشيك، وأن الوزارة بعد التعديل ستضم شخصيات سياسية معروفة، بعضها مستقل، كالدكتور يحيى الجمل، المرشح لشغل منصب نائب رئيس الوزراء، وبعضها الآخر يشغل مواقع مسؤولة فى أحزاب «معارضة»، كالدكتور منير فخرى عبد النور، سكرتير عام حزب الوفد، المرشح وزيرا للسياحة، والدكتور جودة عبد الخالق، رئيس اللجنة الاقتصادية فى حزب التجمع، المرشح وزيرا للتضامن، بالإضافة إلى عدد من «التكنوقراط» المرتبطين بالحزب الوطني الذين شغل بعضهم مناصب وزارية سابقة، كالدكتور عمرو عزت سلامة، المرشح وزيرا للبحث العلمى، والدكتور أحمد جمال الدين، المرشح وزيرا للتعليم والتعليم العالى. ورغم أن الأنباء الخاصة بالتعديل الوزارى لم تكن قد تأكدت بعد حتى كتابة هذه السطور، إلا أنه كان لافتا للنظر أن يكون الدكتور يحيى الجمل هو أول مصدر يتحدث عن التعديل الوزارى، كما كان لافتا للنظر أكثر أن ينقل لسانه تأكيده أن الوزارة المقبلة ستأخذ شكل «الوزارة الائتلافية»، وهو وصف ليس دقيقا من الناحية العلمية وربما يكون مضللا من الناحية السياسية.

فالوزارات «الائتلافية» تتشكل فى الدول الديمقراطية حين تتطلب الحاجة تأمين أغلبية برلمانية تحول دون سحب الثقة منها وإسقاطها. أى أنها وزارات تنشأ فى ظروف خاصة حين يعجز الحزب الرئيسى عن تشكيل حكومة منفردة بسبب عدم حصوله على أغلبية برلمانية كافية، وهو وضع لا ينطبق على الحالة المصرية الراهنة.

ففى الانتخابات التشريعية الأخيرة، التى جرت فى نوفمبر الماضى، حصل الحزب «الوطنى» رسميا على ٩٧% من مقاعد مجلس الشعب. ولأنه لم يكن فى حاجة إلى حكومة ائتلافية فقد رُئى استمرار حكومة نفس الحزب، وهى حكومة منفردة شُكلت قبل الانتخابات، إلى أن اندلعت ثورة ٢٥ يناير فاضطر الرئيس مبارك إلى تكليف الفريق أحمد شفيق بتشكيل الحكومة، وهى حكومة منفردة أيضا. ولأن الهدف من التغيير الوزارى لم يتحقق، فقد استمر ضغط الثورة المتصاعدة إلى أن أُجبر الرئيس مبارك على التنحى عن السلطة وعهد بمسؤولية إدارة البلاد إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أوقف العمل بالدستور وقام بحل مجلسى الشعب والشورى.

كان يفترض، بعد أن أدت ثورة ٢٥ يناير إلى تنحى الرئيس مبارك وانهيار حزبه وتقديم بعض أهم رموزه إلى المحكمة وحل برلمانه المزور، أن يقدم الفريق شفيق استقالته، وأن يقوم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف شخصية مستقلة بتشكيل وزارة محايدة تدير المرحلة الانتقالية إلى أن يتم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة، وهو ما لم يحدث. لذا فإن إدخال تعديل محدود على وزارة شكّلها رئيس مخلوع وتضم أغلبية من وزراء ينتمون لحزب منهار، يبدو فى مثل هذه الظروف أمرا محيرا للغاية ويعكس حالة من الارتباك السياسى، إذا أحسنا الظن، وربما الشكوك إذا أسأنا الظن، وذلك لأسباب عدة أهمها:

١-أن وزارة أحمد شفيق نفسها تشوبها شبهة عدم الشرعية، خصوصا أنها لم تحلف اليمين أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

٢-أن تطعيم هذه الوزارة بوزيرين أو ثلاثة من المستقلين أو من أحزاب «المعارضة الرسمية» لا يحولها إلى وزارة ائتلافية بأى معنى من المعانى، لأن أحدا لا يعرف بالضبط من يأتلف مع من فى وزارة كهذه ولا من يمثلون.

٣-يعد تعيين الدكتور يحيى الجمل نائبا لرئيس الوزراء دون أن تسند إليه وزارة بعينها سابقة لا نظير لها، فيما أعتقد، ومن ثم ستبدو كأنها محاولة مكشوفة لاستخدام اسم الرجل لإضفاء مسحة من المصداقية على وضع أقل ما يقال فيه أنه مريب. لذا أخشى أن يكون الدكتور يحيى، وهو صديق شخصى يعلم قدر احترامى وتقديرى له، قد تورط وانزلق إلى وضع لا يرضاه لنفسه ولا يرضاه له محبوه.

متى ندرك جميعا، خاصة قيادات مصر المسؤولة عن إدارة هذه المرحلة، أن الترقيع لن يفيد فى هذه المرحلة، وأن ضرره أكثر بكثير من نفعه، ومتى ندرك أنه لن يصح فى النهاية إلا الصحيح؟

المصدر