سطور من حياة المجاهدة زينب الغزالي ( 2 )

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطور من حياة المجاهدة زينب الغزالي ( 2 )
طفولة نشأت على حب المعالي ورؤية صنعت منها رائدة

بقلم/ بدر محمد بدر

بدر محمد بدر2.jpg

في السادسة من مساء الأربعاء الثامن والعشرين من جمادي الآخرة 1426هـ, الثالث من أغسطس 2005 م, فاضت الروح الطاهرة إلى بارئها, وسكن الجسد الضعيف, الذي عاش بقوة الحق وعزيمة الجهاد وإرادة الصمود وحب الشهادة, بعد رحلة طويلة من الجهاد والصبر والمعاناة والألم والكفاح.. هكذا رحلت داعية القرن العشرين السيدة " زينب الغزالي " عن عمر يناهز الثامنة والثمانين, قضته في طاعة الله والعمل على رضاه, وبذل الوقت والجهد دفاعاً عن الإسلام, وتبصيراً للأجيال بأصالة هذا الدين, وسموه وشموخه وعظمته ووسطيته وحتمية انتصاره.

ولدت الداعية الكبيرة يوم الاثنين الثاني من يناير عام 1917 م الثامن من ربيع الأول عام 1335 هـ في قرية "ميت يعيش" ـ مركز ميت غمر ـ محافظة الدقهلية (80 كيلومترا من القاهرة ) لأبوين كريمين, الأب هو الشيخ محمد الغزالي الجبيلي, العالم الأزهري وتاجر القطن بناحية ميت غمر, الذي ينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه, والأم ابنة عمدة قرية "مسجد وصيف" و"المعصرة" وعدة قرى حولها.. وكانت عائلة "الجبيلي"ـ ولا تزال ـ هي كبرى عائلات قرية "ميت يعيش", وولدت زينب الغزالي كأول بنت لأبيها بعد أشقائها: سعد الدين وعلى ومحمد, ثم جاء بعدها سيف الدين وحكمت وعبد المنعم وحياة.

الحاجه زينب.jpg

اهتم والدها بها اهتماماً كبيراً وكان يأخذها معه في مجالسه الخاصة, التي يلتقي فيها بالتجار والكبار والأعيان, وهي لا تزال في سن الرابعة والخامسة وحتى وفاته قبل أن تكمل عامها الحادي عشر, فانطبعت هذه المرحلة في ذهنها, وأثرت في تكوينها بعد ذلك أبلغ التأثير, وظلت طوال حياتها تستقي منها القوة والعزيمة والإرادة والاعتزاز برسالتها ومسئوليتها.

وفي سني حياتها الأولى رأى والدها رؤيا منامية.. رأى أنه كان يحملها بين يديه, وبينما هو يسير في طريق ملئ بالوحل والطين, سقطت منه الطفلة, فانزعج أشد الانزعاج, وقبل أن يهم بالتقاطها من الوحل والطين, إذا بيدين تحملان المولودة في لفافة بيضاء دون أن تدنس أو تقع في الطين, ويقول حاملها: لا تخف أنا جدها عمر بن الخطاب!

زادت هذه الرؤيا من تعلق الأب بابنته الصغيرة, ومن إحساسه بأنها ستكون ذات شأن عظيم, فأصبح يناديها باسم "السيدة زينب", ويقول لها: أنت تشبهين نسيبة بنت كعب المازنية, الصحابية الجليلة التي أبلت بلاء حسناً في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد, وكان الأب يعطيها سيفاً خشبياً, ويقول لها: هيا دافعي عن رسول الله, فتتخيل الطفلة أنها في حرب ضد الكفار والمشركين, وتنطلق تضرب يمنة ويسرة لتقتل أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم (!).

كان والدها الشيخ محمد الغزالي (ليس هو العالم الشهير) تاجراً معروفاً بكرمه وعطائه, وكانت الوفود والضيوف تأتيه من كل مكان, وكانت هذه فرصة لتكتسب الطفلة الصغيرة جرأتها وشجاعتها, التي ميزتها بعد ذلك طوال حياتها..

كان والدها يطلب منها أن ترحب بالضيوف بأبيات شعر علمها إياها, منها:

أهلاً بكم .. أهلاً بكم يامن بهم تم النظــام

شرفتُنا.. آنستُنــا أهل العلا وذوي المقـام

وعندما كان يذهب لصلاة الفجر في المسجد كان يصطحبها وهي في سن مبكرة, فتربت على حب المساجد والاطمئنان والسكينة في رحابها, والسعي لإعمارها والتربية من خلالها.

كان والدها ـ رحمه الله ـ يؤكد على مسامعها أنها ليست ككل البنات, لا يليق بها أن تلعب وتلهو مثلهن, ولا يرحب ـ حتى بعد أن أصبحت صبية في العاشرة من عمرها ـ أن تقوم بأعمال البيت, من ترتيب وتنظيف وغسيل وطبخ.. الخ, مادام في البيت من يقوم ـ من عاملات البيوت ـ بهذه الأعمال, فهي ـ أي زينب ـ لها رسالة أخرى.. لها مهمة كبرى وهي الدفاع عن الإسلام ونشر تعاليمه وإيقاظ الأمة من جديد.

وضع الرجل الفاضل والعالم الأزهري الجليل, الحافظ لكتاب الله, كل أمله وطموحه وأمنيته لخدمة الإسلام في هذه الفتاة الضغيرة, فصنع منها داعية ومجاهدة ورائدة في العمل الإسلامي.

وبينما كانت تخطو الفتاة زينب خطواتها الأولى في الحياة خسر والدها خسارة فادحة في تجارة القطن, فأصيب بأزمة قلبية ومات على إثرها, فحزنت عليه حزناً شديداً؛ فقد كان الأب والمربي والداعي والسند الحقيقي لها في حياتها.

وعندما بدأت صلتي بها ـ في أواخر عام 1982 ـ لمست الأثر العميق الذي تركه والدها في حياتها, والذكرى العطرة التي حولت حياتها كلها إلى الطريق المستقيم, طريق الدعوة إلى الإسلام والبذل والعطاء في سبيل نصرته.

كانت مرحلة والدها ـ على قصرها ـ هي مرحلة التكوين النفسي والوجداني والتأهيل الدعوي والتربوي, وبناء الشخصية القوية التي عاشت بها بقية مراحل حياتها, وساعدتها على النهوض والاستمرار, والصعود الدائم إلى قمة البذل والعطاء الدعوي والجهادي.

المصدر

للمزيد عن الحاجة زينب الغزالي

روابط داخلية

كتب متعلقة

مؤلفاتها

مقالات متعلقة

.

متعلقات أخرى

.

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات خارجية

.

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

وصلات فيديو