سجــن صحــراوي الإنسانــية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سجــن صحــراوي الإنسانــية

2008-09-11

بقلم : الأسير باسم الخندقجي*

إنها صحراء النقب ... محيط هائل اصفر اللون ... مبعثرة على جسده التلال والسهول الجرداء الخالية من أي شيء يشي بالخضرة التي تبعث في النفس شعور ضئيل في الطمأنينة ... لوهلة.. يعتقد الأسير الفلسطيني وهو في طريقه إلى سجنه الجديد انه قد وصل إلى حدود العالم ... حيث لا شيء ورائها سوى هاوية سحيقة ....

إذ أن الأسير المنقول من سجن يقع في أقصى الشمال إلى سجن يقع في أقصى الجنوب ... غالباً ما يكون نقله نقلاً تعسفياً عقابياً بسبب إثارته لحفيظة وغضب إدارة السجن المنقولة منه .. ومن هنا لا يجد الأسير سوى أسير مرة أخرى وفي سجن بعيد .. بعيد جداً لدرجة انه سجن نفحة الصحراوي الذي يجاور هاوية العالم السحيقة ...

بناء وحشي ... ضخم .. لا شيء يحيط به سوى الصحراء ولا احد يسكنه سوى السجناء والسجانين ..

أما الطريق إليه فهي صعبة للغاية .. ويكتشف الأسير اقترابه من السجن من خلال الكثبان الرملية التي تحاصر حافلة السجن " البوسطة " التي تخترق درب الإسفلت الكافر دون رحمة ..

فهذه الكثبان الرملية ترحب بالأسير بكل أنانية وكأنها تطرب لوصول الزائر الجديد الذي سيقيم في سجنها لفترة تحددها مصلحة السجون ..

ما قبل الوصول ... وأثناء الطريق التي تأخذ منحاً مستقيماً يخترق قلب الصحراء دون هوادة يحلق الأسير عبر النافذة الحديدية التي هي كناية عن صندوق معدني مفترس .. يحملق بالأصفر العملاق من حوله ليستنتج عدة أسئلة منها :

هل هذه الأرض كانت جزء من فلسطين أم أنها أضيفت حديثاً كوسيلة عقاب جلبها الغزاة معهم لتشييد سجن عليها بهذه السادية ؟ وكيف لا تخجل الإنسانية من نفسها عندما يسجن أبناؤها بعضهم البعض في جحيم ارضي مثل هذا ؟

هي أرضه وارض أجداده ولكن الغزاة عندما احتلوها جعلوها تقسو عليه بسجن رهيب ربما لبعض الوقت وهو سيسعى جاهداً في مكان الإقامة الجديد إلى المحافظة على بقايا إنسانيته رغم الظلام القاتم الذي يحيط به وبها .

وصلت الحافلة إلى نفحة وما على الأسير الآن سوى معانقة حقائب قدره ومواجهة مصيره الصحراوي الإنسانية بكل تحد وأمل

  • الأسير باسم الخندقجي

عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني

سجن جلبوع المركزي

الحكم مدى الحياة

المصدر

المركز الفلسطسني للتوثيق والمعلومات