زينب الغزالي .. صمود إمرأة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
زينب الغزالي .. صمود إمرأة


( 17/03/2014)

مقدمة

زينب الغزالي .. صمود إمرأة

محنة تحوّلت إلى منحة، عندما أراد الله لزينب الغزالي - رحمها الله- أن تغيّر مسيرة حياتها، وتتوجه إلى الله بكليّتها؛ وتدعو إليه على بصيرة لمدة ثلاثة وخمسين عاماً، فقد تعرضت لحادث حريق في منزلها، كادت تفقد حياتها بسببه، ونذرت -إن عافاها الله من الحروق- أن تعمل لدينه، وتسعى لما فيه خير المرأة المسلمة، وتترك الاتحاد النسائي، وتتوجه إلى الدعوة الإسلامية، وأكرمها الله بالشفاء، وبدأت مرحلة جديدة في مسيرتها الدعويّة.

إن من يتعمق بدراسة مراحل حياة الداعية زينب الغزالي، يدرك أنه أمام امرأة عظيمة، عمَر الإيمانُ قلبها، فقرّرت أن تسير في طريق الحق، دون الالتفات لزينة الحياة الدنيا، وبهرجها الخادع، رائدها الإخلاص، وأمنيتها أن تفوز برضا الله تعالي ، وتطمع أن تحظى في الآخرة بجنّته.

كما أنه لايمكن لهذه الشخصية العظيمة أن تتشكل لولا عوامل تضافرت مجتمعة، فجعلتها نسيج وحدها؛ فهي بنت أسرة كريمة، اجتمع لها أصل عريق يمتد إلى الخليفة عمربن الخطاب رضي الله عنه، من جهة أبيها، وإلى الحسن بن علي - رضي الله عنهما- من جهة أمها.

حين يخفت نضال الرجال!!

هكذا بدأت زينب العزالي طريق نضالها لتمثل إجابة مبكرة لدعوات تحرير المرأة برؤية إسلامية..

وردا مفحما على كل التيارات التي حاولت ربط تخلف المرأة بالإسلام.. بل أثبتت الدور الدعوى للمرأة المسلمة وأن دورها الرسالي لم يتراجع.. فقد أسست جمعية السيدات المسلمات في عام 1937م..

وحصلت على التصريح من وزارة الأوقاف ولم يتجاوز عمرها الثمانية عشرة ربيعا.. وكان معها موافقة على إنشاء خمسة عشر مسجدا خرجت في وقت قصير الواعظات.. وأقامت الكثير من المساجد الأهلية.. وكانت تعقد 119 اجتماعا في السنة.

وأصدرت مجلة لقيت ترحيبا واسعا... وخلال عقدين من الزمان جذبت خلقا كثيرا منها بعض قيادات الثورة.

وقد زارت الكثير من الدول العربية والإسلامية لنشر الدعوة الإسلامية وإلقاء المحاضرات الدينية، وأوضحت الكثير من المفاهيم حول فقه الدعوة إلى الله..

وأمضت في حقل الدعوة 53 -أكثر من نصف قرن- التقت خلالها بأبرز رجال الدعوة الإسلامية في ذلك الوقت، وتأثرت كثيرا بفكر الشيخ حسن البنا تأثرا أثمر عن ضم جمعيتها إلى جماعته..

ومما تجدر الإشارة إليه أن حركة الأخوات المسلمات شكلت كجماعة مستقلة من قبل زينب الغزالي قبل أن تنضم إلى جماعة الشيخ حسن البنا (الإخوان المسلمين) ما يبرهن على استقلال الفكر النسائي الإسلامي..

ومقدرته عن التعبير عن نفسه بنفسه دون وساطة الرجل.. ومما يؤسف له الآن أن تمثيل النساء في المؤسسات العاملة للإسلام بشتى اتجاهاتها لا يعدو أن يكون قسما للنساء لا يمثل النصف ولا يعتبر جزءا منها قدر ما يعد ملحقا إضافيا صغيرا يتسم بالتبعية وليس له الفعالية المطلوبة ولا يسمح له بأكثر من معالجة ما يسمونه قضايا النساء..!!

لم يقتصر عمل الجمعية على أعمال الخير.. بل اتجهت للعمل السياسي الذي لا يمكن فصله عن العمل الاجتماعي.. فالسياسة تلقي بظلالها على العمل الثقافي والاجتماعي الخيري..

ولما كان هدف الجمعية الدفاع عن الإسلام والمطالبة بالشريعة ودعوة المسلمين إلى كتاب الله.. فقد اصطدمت مع جميع الأحزاب السياسية ومع السلطة الحاكمة..

وبلغ ذلك الصدام ذروته باعتقالها من منزلها في 20 أغسطس من عام 1965م إثر رفضها مقابلة جمال عبد الناصر.. حين قالت لرسول الرئيس بجرأتها المعهودة أنا لا أصافح يدا تلطخت بدم الشهيد عبد القادر عودة..

وقد تعرضت في السجن للتعذيب الشديد التي تعجز الكلمات عن وصفه ، لكن ذلك لم يكتم صوت حزبها الإسلامي المطالب بإعادة مبدأ الشورى في الحكم..

وقد سجلت زينب محنتها الأليمة وما تعرضت لها في سجون عبد الناصر في كتابها الشهير "أيام من حياتي" والذي يعد وثيقة تاريخية هامة لحقبة تاريخية مهمة من حياة الدعوة الإسلامية المعاصرة في الفترة ما بين (1964-1971م)..

كما وثق فيه أسماء بعض رواد الدعوة الذين أسهموا في بقاء بعض التشريعات الإسلامية.. وللكتاب قيمته وأثره في الحركة الإسلامية.. وله كذلك قيمته الأدبية إذ يزخر بعبارات تشع بالإيحاء والتأثير.. تنم عن قلم أدبي مؤثر وحس مرهف.

ولزينب الغزالي نظرة وأمل في مستقبل المرأة المسلمة.. وترى ضرورة أن تكون القيادة النسائية للمرأة المسلمة.. ولا عجب في ذلك فإن تطوير العالم الإسلامي وتحديثه يمر عبر المرأة والنهضة بالمجتمع تبدأ وتنتهي عندها..

لقد حاول دعاة التحرير تضليل وعي المرأة بإشغالها بصراعها مع الرجل وإغفال القيم الاجتماعية والدينية.. إنهم يحاولون سرقة الجوهرة النادرة منذ سنوات..

لكنهم يفشلون.. فقد سحبت هذه الموجة الكثيرات، بينما رفضت زينب أن تبتلعها الأمواج الخبيثة التي تبدو وكأنها تبتسم لها وتداعبها، بينما تجرها إلى قاعها السحيق.. وتمسكت بالدين الإسلامي، ومنه انطلقت وبه حققت ذاتها، وأصبحت نموذجا بعد أن حطمت أساطيرهم..

وصنعت أسطورتها ، التي خلدها التاريخ ، لتغير مسار تاريخ المرأة المسلمه لما يجب أن يكون ، وها ونحن اليوم نعيش ايام مماثلة وكأن التاريخ يعيد نفسة فنجد الكثير من نساء العرب المسلمات قابعين خلف سجون الطغاه الجبابرة دون مراعاه للحرمات ، فتتعرضن لتعذيب واهانه يندي لها الجبين ، وسط صمود واصرار وعزيمه منهن علي استكمال طريق نضال وكفاح المرأة المسلمة ، للدفاع عن الهوية الإسلامية مهما كلفهم هذا من تضحيات في سبيل دينهم ووطنهم ، فصمودهن هذا تعجز كلامتنا عن وصفه، بل ويرسل رساله قوية لكل حكام العرب الطغاة ومن والاهم ،ألا يظنون انهم مخلدون ، بل ينظروا الي التاريخ قليلا ويسألوا انفسهم اين هو عبد الناصر الان ومن والاه ؟!

المصدر