زواج النبى صللى الله عليه وسلم من السيدة عائشة مصلحه لأمه
بقلم : المنشاوى الوردانى
زواج النبى صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهى بنت تسع سنين :
مصلحة للأمة !!
هب أن بمديتنا مبنى عملاق هو مؤسسة ضخمة لخدمة الناس وإنجاز مصالحهم واختلفت قلة من الناس على لونه .. بماذا تصف هؤلاء النفر ؟!!
من المؤكد أنهم تافهون وسفسطائيون – تركوا المبنى بما عظم من شموخه وبنائه وما سما من أهميته وأدائه .. وشغلوا أنفسهم بلون المبنى .. لماذا هو أصفر أو لماذا هو احمر ؟!!
هذا بالضبط ما يحدث على صفحات الجرائد الصفراء في الانشغال بما يثير البلبلة بين البسطاء ..( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ) .
الموضوع باختصار صحافيون أو أدعياء للبحث والكتابة يكذبون ويستنكرون و يسخرون من زواج النبي الأكرم ( صلى الله عليه وسلم )من السيدة عائشة (رضي الله عنها ) وهى بنت تسع سنين .
ولقد كتب في الرد على هذا الأمر كلام طيب كثير .. ولكن .. هذه واحدة من التوضيحات التي يجب أن يعلمها هؤلاء التوافه .. وهى أن من مصلحة الأمة زواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم ) من امرأة صغيرة السن – هل تعرفون لماذا ؟
لأن النبي مبلغ وصاحب دعوة ورسالة .. ومهمة زوجات النبي هي نقل العلم النبوي في بيت النبوة إلى الأمة و إيصاله للعالم من خلال ما يدور في بيت النبوة من جوانب اجتماعية وإنسانية وتشريعية وكذلك تربوية .. وقد قيل أن المرأة نصف المجتمع يعنى ذلك أن نساء النبي جعلهن الله لخدمة الدين .. فهناك الصغيرة في السن التي تعي وتحفظ المتون وتحتوى الأحداث وكأنها – بل هي بالفعل – في مدرسة تتعلم من معلم البشرية لتبليغ الناس هذا العلم .. وهناك الكبيرة التي قد يمر على ذاكرتها الأحداث و المرويات وفقا لطبيعتها ونضجها وخبرتها .. وهكذا .. هن كوكبة كانت حول الرسول – صلى الله عليه وسلم لنقل العلم والأحداث .. وهنا ينبغي أن ننظر ونتأمل في قول الله المحكم ( واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ) "الأحزاب /34 "
فقد جعل الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز الذي يتلى في بيوتهن "كتاباَ جامعاَ بين آيات الله الدالة على صدق النبوة بأوجه شتى ، وكونه حكمة منطوية على فنون العلوم والشرائع "(1) . تمثل ذلك في جعل بيوتهن مهابط الوحي ، وتنزل الحكمة البالغة والأحكام والعلوم والشرائع .(2)
وبما أنهن استقين تلك الحكمة من لسان زوجهن ومعلمهن ، وثبتت بفضل من الله ومنة ؛ أصبحن فى مكانة سامية تأخذ بأيديهن للقيام بمهمة تربوية تجاه أمة الإسلام . (3)
إن النساء يشكلن نصف المجتمع وهن بحاجة إلى الثقافة والتعليم ، كالرجال سواء بسواء ، وتعليم نساء مجتمع كامل من قبل واحدة أو اثنتين أو ثلاث أمر عسير ، لذا تطلب أن يكون عدد المعلمات مناسباَ لحاجة المجتمع .(4) وهذا ما جعل من بيوت أزواج الرسول – صلى الله عليه وسلم – مفتوحة للعلم والفقه والتهذيب .(5) ولاسيما تعليم ما يتعلق بأحكام النساء ، كالحيض و الإستحاضة والنفاس ، وما إلى ذلك ، وقد تتحرج المرأة من سؤال الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن هذه الأمور . كما أنه – صلى الله عليه وسلم – كان شديد الحياء ، يكنى عن الأمر بإجابة قد يصعب على السائلة فهمها . وهنا يأتي دور أمهات المؤمنين للإيضاح والتفصيل .. وأيضاَ لعلها مهمة كبيرة تحملتها السيدة عائشة – رضي الله عنها – فى تبليغ الكثير من مسائل العلم والفقه وقد ساعدها سنها الصغير على الاستيعاب والاستذكار وقد أمر النبي لذلك بأن نأخذ نصف ديتنا عن السيدة عائشة ..( خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء )
وقد ورد فى الصحيحين عن عائشة _ رضي الله عنها – " أن امرأة ، سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – عن غسلها من المحيض ، فأمرها كيف تغتسل ،قال : " خذي فرصة – أي قطعة قماش أو قطن – من مسك فتطهري بها " ، فقالت : كيف أتطهر بها ؟ قال :" تطهري بها " ،قالت : كيف ؟ قال :"سبحان الله !تطهري " ، قالت عائشة : فاجتذبتها إلى ، فقلت : تتبعي أثر الدم " (6)
ولقد تميزت السيدة عائشة رضى الله عنها – بالسيادة فى التربية والتعليم ، ويتجلى بعض ذلك فى مواقفها المختلفة التى وقفتها تجاه مرويات بعض الصحابة ، ذلك ما سمى بالاستدراك ، فقد ذكر الزركشى لها في كتابه " الإجابة " خمسة وسبعين حديثاَ ، استدركت فيها على كبار الصحابة وغيرهم من الرجال والنساء .(7)
ويتجلى الجانب التعليمي – أيضاَ – لديها فيما ثبت عنها أنها معلمة لمشيخة أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم ؛ يقول مسروق :" رأيت مشيخة أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – يسألونها عن الفرائض ".(8)
ومن نافلة القول ذكر الأسباب التى أدت إلى وصول السيدة عائشة – رضي الله تعالى عنها – إلى هذه المنزلة ، وهى :
استيعابها لوفرة وافرة من السنن النبوية الشريفة ، حيث روت عن النبى – صلى الله عليه وسلم ألف حديث – وعد ابن الجوزى أكثر من ألفى حديث – تشمل أغلب الفقه والتشريع .
فهمها الثاقب للسنة النبوية ، إلى الدرجة التي أصبحت بها المرجع العلمي الأول والأصيل ، لكبار الصحابة فى كثير من قضايا التشريع والفتوى .
كشفها عن كثير من شؤون الرسول – صلى الله عليه وسلم – الخاصة فى بيته ، رجلا َ وزوجاَ وإنساناَ .(9)
هذا كله يحتاج لإعداد شخصية نسائية تبدأ منذ الصغر فى مدرسة النبوة لتعلم الناس نصف هذا الدين .. فهل مازلنا ننظر الى لون المبنى العملاق .. لماذا هو أصفر – ولماذا هو أحمر ؟! وهل مازلنا نسأل أو نتنطع أو نسخر من وجود زوجة صاحبة مهمة تبليغيه عن النبي الأكرم وهى بنت تسع سنين ؟!! اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون !!
هوامش:
(1) انظر روح المعانى للألوسى ( 22/20-21).
(2) التفسير المنير (22/11).
(3) معالم تربوية من سير أمهات المؤمنين / كلثم عمر الماجد دار إحياء التراث /دبى /2003 /ص123.
(4) الحكمة من تعدد أزواج النبى صلى الله عليه وسلم – لعبد الله ناصح علوان ، دار السلام ، القاهره ،1988 ص64 .
(5) لماذا الهجوم على تعدد زوجات النبى – صلى الله عليه وسلم – لأحمد عبد العزيز الحصين ، دار الضياء ، الرياض 1990؛ص36
(6) صحيح البخارى ، كتاب الحيض ( 13 /314 ).
(7) انظر كتاب الإجابة لإيراد ماستدركته عائشة على الصحابة لبدر الدين الزركشى ، المكتب الاسلامى ، بيروت ، 2000.
(8) رواه الطبرانى فى المعجم الكبير (23/291).
انظر تفسير أم المؤمنين عائشة لعبد الله أبو السعود بدر ، دار عالم الكتاب ، الرياض ، 1416 هـ /1996 ، ص31-32 وانظر : معالم تروبية من سير أمهات المؤمنين من 96-99.
المصدر
- مقال:زواج النبى صللى الله عليه وسلم من السيدة عائشة مصلحه لأمهموقع:الشبكة الدعوية