رهانات عباس... المصرية
بقلم : معتصم حمادة
محمود عباس في القاهرة بدعوة رسمية هذه المرة، نقلها وزير الخارجية نبيل العربي.
زيارة عباس، قبل ثورة «25 يناير » لم تكن تخضع للبروتوكولات الرسمية.
كان يرتادها مع كل جولة خارجية له، ومع كل حدث فلسطيني. المحطة المصرية كانت قبلة مشاوراته العربية، والملزمة في كثير من الأحيان.
القاهرة تمسك بالعديد من الملفات الفلسطينية: الحوار الوطني قبل الانقسام وبعده.
بوابة غزة والقدرة على التأثير على « حماس »، دور مميز في لجنة المتابعة العربية.
دور الوسيط مع إسرائيل وأميركا. القدرة على فتح بوابات عواصم عربية ودولية يصعب على عباس ولوجها وحيداً.
عباس في القاهرة ليستكشف الجديد فيها، بما في ذلك «ميدان التحرير» و الدور الذي يلعبه في صياغة القاهرة لقرارها الفلسطيني.
مراد الموافي، خليفة عمر سليمان، لم يحدث انقلاباً في جهاز المخابرات العامة.
وهذا مطمئن لعباس.
هذا الجهاز هو الحاضن للحوار الفلسطيني.
نبيل العربي رجل يؤمن بالمفاوضات وبالحلول السلمية.
وهذا أيضاً مطمئن، أن المفاوضات ما زالت هي الخيار المصري. كما يطمئنه التزام طنطاوي الاتفاقات والمعاهدات المبرمة مع الآخرين (ألا يشمل هذا أوسلو وخريطة الطريق وغيرها؟).
ومع ذلك فإن مصر تغيرت، هناك أصوات بدأت تدعو إلى «تطبيع» العلاقة مع « حماس »، بكفالة « الإخوان المسلمين »، الذين نالوا شرعيتهم. و تدعو لإعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل وفي صفقة الغاز معها.
ولأول مرة تشهد سفارة تل أبيب في القاهرة تظاهرة احتجاجاً على قصف غزة .
إسرائيل أدركت المتغيرات، وهي نصحت يهودها بعدم السياحة في سيناء لأسباب أمنية.
ماذا قالت مصر لعباس؟ قالت له (ولـ« حماس » أيضاً): لا حوار بعد الآن في القاهرة ، قدمنا ما فيه الكفاية، اذهبوا وتحاوروا، واتفقوا، وتعالوا لنحتفل معاً بالاتفاق.
معبر رفح يخضع لاتفاقية مع إسرائيل، نلتزم ما تلتزمونه.
العملية التفاوضية لم تمت وإن كانت الجولات المباشرة قد توقفت.
رهانكم على أيلول لقيام الدولة خيار سياسي ضعيف.
القوي في مجلس الأمن قوي إلى طاولة المفاوضات. إما المفاوضات والتزام متطلباتها، وإما خيار سياسي جديد، والقرار لكم.
قد يكون عباس ارتاح فأبواب القاهرة لم تغلق أمامه، خاصة بعد انحيازه المعلن لمبارك ضد «ميدان التحرير». وقد يكون في المقابل قلق لما سمعه من جديد.
ومع ذلك حرص على الاحتفاظ، بابتسامة أمام عدسات المصورين. لعله كان يراهن على أن الإدارة المصرية الحالية هي إدارة انتقالية، وأن القادم سيكون أكثر إيجابية. لكن مأساة عباس أن سياسته صارت تقوم على رهانات، ما من شيء يؤكد أنها ستكون رابحة.
المصدر
- مقال:رهانات عباس... المصريةالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات