رغم كل السلبيات.. مواجهة العدوّ الصهيوني تبقى في موقع متقدم

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
رغم كل السلبيات.. مواجهة العدوّ الصهيوني تبقى في موقع متقدم


بقلم: الأستاذ إبراهيم المصري

الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان

رغم استغراق معظم الأقطار العربية والإسلامية في هموم يومية ومشاغل داخلية وانقسامات اقليمية، الا أن الهم الفلسطيني يبقى هو الأكبر، وتبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعرب والمسلمين، بل لأحرار العالم من حولنا، لأنها تلخص ظلامة شعب اغتصبت أرضه وجرى تشريده في كل أصقاع الأرض، ليس بسبب استعمار يريد مصادرة حقوقه والسطو على خيرات البلد ومقدّراته.

ولكن من قبل مجموعات بشرية تدّعي أنها تطالب بأرض مملكة تقوّضت منذ الاف السنين، وهم يحملون جنسية الكيان الذي أقاموه في جيب، وفي الجيب الآخر جنسية البلد الذي كانوا يقيمون فيه ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة السياسية والإنسانية، فهو استعمار اقصائي عنصري غير انساني يقوم على كراهية الآخر، كل من سواهم، بدواعي الاضطهاد والظلم والتشريد والمذابح..

الشعب الفلسطيني يعاني هذه المحنة وحده، بعد أن تخلى عنه محيطه العربي الذي تواطأ مع الكيان الغاصب حيناً، ومع القوى الكبرى المتآمرة معه في زرع هذا الكيان العنصري في قلب العالم العربي حيناً آخر، حتى يحول دون أي امكانية لوحدة أو لتكامل أو تواصل في هذا العالم العربي.

ولا يخجل هذا العدوّ من أن يقتحم القرى الآمنة ومنازل الفقراء ودور العبادة، سعياً الى ملاحقة المواطنين من أهل البلد الحقيقيين والزج بهم في غياهب السجون، واذا قاوموا عمليات القمع والاعتقال فهم ارهابيون متطرفون، يتعرضون للحصار السياسي والتمويني، ويطلب من العالم مقاطعتهم وتشديد الحصار عليهم.

بالأمس أعلن العدوّ أنه أقام في القدس المحتلة كنيساً على أنقاض معبد جرى تقويضه منذ مئات السنين، على بعد عشرات الأمتار من الحرم القدسي الشريف.

وأن افتتاح ما يسمى «كنيس الخراب» يوم 16 آذار عام 2010 يبشرهم بإقامة هيكلهم عام 2020، لذلك فقد واجه الشعب الفلسطيني المحاصر محاولات اقتحام الأقصى بكل ما استطاع من قوة، فتعرّض لعمليات منع من دخول الأقصى، وحظر دخول مدينة القدس، بمن في ذلك الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية من عرب 1948، وكذلك تظاهر أهالي قطاع غزة قرب الحدود التي تفصلهم عن المناطق الفلسطينية المحتلة.

في جانب آخر من القضية، ما زالت رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله تتعلق بأذيال التفاوض مع الكيان الغاصب.

وبعد يأس المفاوضين باسم السلطة من أي تقدم أو تنازل من قبل العدوّ، حتى مجرد وقف الاستيطان لمدة أربعة أشهر لا اكثر، تجري خلالها مفاوضات غير مباشرة باشراف الوسيط الأمريكي (النزيه).. في هذا الوقت أوفد الرئيس الأمريكي باراك أوباما نائبه جو بايدن لزيارة فلسطين المحتلة، على أمل أن يستطيع تحريك المفاوضات، التي يتنقل خلالها من تل أبيب الى رام الله، وكان وقف الاستيطان هو الشرط المتفق عليه كي تجري المفاوضات في ظله.

لكن فجأة، وبعد وصول بايدن الى فلسطين المحتلة بيومين، يصدر عن مكتب رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتن ياهو بيان يقول ان قراراً بالموافقة على انشاء 1600 وحدة سكنية صدر عن الجهة المختصة، وهنا شعر الوسيط الأمريكي بالاهانة، واضطر لتجميد وساطته حتى يقوم نتن ياهو بسحب قرار استئناف الاستيطان أو مجرد تجميده.

لكن هذا الأخير لم يفعل، وهو يصر على أن الاستيطان، وفي مدينة القدس تحديداً، هو حق للمستوطنين.

في هذا الوقت كان مبعوث الرئيس الأميركي الى الشرق الأوسط جورج ميتشل على وشك الوصول الى المنطقة، فيصدر بيان عن السفارة الأمريكية في تل أبيب يقول انه أجّل رحلته بانتظار معالجة الإهانة التي تعرض لها نائب الرئيس.

طبعاً اعتبر الجانب الفلسطيني المفاوض ما حدث فرصة يثبت من خلالها وطنيته أمام الشعب الفلسطيني الذي يتهمه بالتفريط بالحقوق.

لكن رئيس السلطة لا يملك ورقة أخرى سوى المفاوضات، باستيطان أو دون استيطان، لذلك فهو ينتظر الموقف الأمريكي ليعلن عودته الى المفاوضات، المباشرة أو غير المباشرة.

وأمام تصلب الموقف الاسرائيلي، بدأت وزيرة الخارجية الأمريكية رحلة التراجع بالنيابة عن نائب الرئيس بايدن، فقد صرحت بأن ما حدث هو مجرد «خلاف عائلي»، وأضاف بايدن خلال محاضرة له في جامعة تل أبيب قائلاً: «ليس في أسرة الشعوب صديق أقرب الى الولايات المتحدة من اسرائيل». لكن يبقى الجانب الشخصي، فنائب الرئيس الأميركي ما زال يشعر بالإهانة.

هنا يتوقع المراقبون الوصول الى حل لهذه الاشكالية، ففي وقت قريب سوف ينعقد مؤتمر «ايباك»، اللوبي اليهودي الأمريكي في واشنطن، وسوف يكون لكل من الرئيس الاسرائيلي نتن ياهو ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كلمة في المؤتمر، وهما سوف يلتقيان ويتصالحان، وبالنتيجة فإن الدور الأميركي (كوسيط نزيه) في المفاوضات غير المباشرة سوف يستعاد دون شروط هذه المرة. واذا ما رضي محمود عباس وأركان سلطته بالعودة الى مسار المفاوضات، بغطاء عربي أو أمريكي، فلن يتظاهر فلسطيني أو عربي واحد احتجاجاً على هذه العودة.

تبدو الرؤية شديدة القتامة في الواقع العربي، وازاء القضية الفلسطينية على وجه التحديد. يبدو ذلك صحيحاً، لكن لو نظرنا الى النصف المملوء من الكوب فسوف نرى واقعاً مختلفاً.

لقد اغتصب اليهود جزءاً من فلسطين عام 1948، وأجهزوا على القسم الباقي في حرب حزيران عام 1967، وجرى إبعاد الثورة الفلسطينية عن الحدود بعد العدوان على لبنان عام 1982، هنا ولدت مقاومة فلسطينية اسلامية جديدة في الداخل الفلسطيني هذه المرة، بعد اطلاق حركة حماس آخر عام 1987بعد أن ظن العدوّ أن الداخل الفلسطيني أصبح اسرائيلياً، وكانت نشأت قبلها مقاومة إسلامية كذلك في الجنوب اللبناني باتت تشكل أزمة كبيرة للكيان الصهيوني..

فضلاً عن أن قطاعاً فلسطينياً كاملاً (قطاع غزة) استطاع تحرير أرضه واقامة حكومة حرة فيها، وان يخوض مواجهة عسكرية لأول مرة داخل الساحة الفلسطينية ضد العدوّ الاسرائيلي، يثبت خلالها بعد هجمات متوالية لمدة 22 يوماً أنه قادر على الصمود وافشال الغزو الاسرائيلي عبر البر والبحر والجو.

أما المشاعر الشعبية الفلسطينية، فقد أثبتت مظاهرات واعتصامات يوم الثلاثاء الماضي أنها حيّة وجاهزة في كل أنحاء فلسطين، في الضفة الغربية وقطاع غزة كما في مناطق 1948، رغم الانقسام الفلسطيني والتخلي - أو التواطؤ - العربي.. وسوف يرى العالم أن الشعب الفلسطيني لا يزال وسيبقى في مستوى المواجهة.

المصدر