رغم تسلط الأغلبية.. الإخوان وراء تعاظم الدور الرقابي للبرلمان

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
رغم تسلط الأغلبية.. الإخوان وراء تعاظم الدور الرقابي للبرلمان

تحقيق- أحمد رمضان

2006-19-08

مقدمة

مجلس الشعب المصري

- د. الكتاتني: قدَّمنا أكثر من 6000 طلب و60 استجوابًا

- ضياء رشوان: المعارضة لعبت دور المشاكس وانتظروا الانتخابات القادمة

- د. حمدي السيد: نشاط الإخوان جعل الحزب الوطني في استنفارٍ دائم

(ماذا لو لم تكن المعارضة والإخوان تحديدًا في مجلس الشعب الحالي؟) سؤالٌ يفرض نفسه هذه الآونة بعد انتهاء الفصل التشريعي التاسع لمجلس الشعب المصري يوم الخميس 13 من يوليو.. قد تكون الإجابة لا شيء لعدم وجود تغييرات تشريعية ملموسة كما يريدها رجل الشارع المصري خاصةً الثورة التي صاحبت إقرار مشروع قانون السلطة القضائية وقانون إلغاء الحبس في قضايا النشر وغيرها من تمديدِ حالة الطوارئ وقانون الإرهاب والإسكان.

كل هذه القوانين تمَّ إقرارها بالصورةِ التي يريدها النظام عبر أغلبيته المسيطرة على المجلس، وبالتالي أجهض أية محاولة للمعارضة بقيادة الإخوان لإصدار أي تشريعٍ يُمثِّل خطوةً نحو إصلاحٍ حقيقي، ولكن هل الصورة قاتمة بهذه الدرجة أم أنَّ لغة الأرقام وإحصائيات الدورة السابقة لها كلامٌ آخر.

لقد عقد مجلس الشعب خلال هذه الدورة 121 جلسةً مسجلاً بذلك ثاني أكبر عددٍ من الجلسات على مدى عدةِ فصولٍ تشريعيةٍ متتالية.. وقد استغرقت هذه الجلسات 558 ساعةً مسجلةً بذلك أعلى عددٍ في ساعات عمل المجلس على امتدادِ التاريخ الطويل للحياة البرلمانية في مصر.. وبلغ عدد المتحدثين 415 عضوًا بينهم 300 من الحزب الوطني و5 أعضاء من حزب الوفد وعضوان بحزب التجمع و108 أعضاء من المستقلين.

كما عقدت اللجان النوعية للمجلس 1149 اجتماعًا استغرقت 2058 ساعة.. وبلغ مجموع التقارير التي نظرها المجلس 775 تقريرًا، وهي أرقام لم يعهدها المجلس من قبل.

كما عقدت اللجنة العامة 8 اجتماعاتٍ، ونظر المجلس تقريرين لها بشأن استطلاع رأي نواب الشعب حول معالم الإصلاح الدستوري.

وحول الأداء التشريعي ناقش المجلس 33 مشروعَ قانون فضلاً عن 113 مشروعَ قانون مالية وحسابات ختامية للموازنات.. كما ناقش 94 اقتراحًا بمشروع قانون و45 اتفاقية، وأقر قرارًا جمهوريًّا واحدًا وقرارين بقانونين.

وبالنسبة للأداء التشريعي ناقش المجلس 2275 طلب إحاطة منها 1181 أُجيبَ عنها شفاهةً، وهو رقم غير مسبوقٍ في الحياةِ النيابية في مصر.. كما ناقش 616 بيانًا عاجلاً وأحيل 1739 بيانًا آخر للجان المجلس، وبلغ عدد الاستجوابات التي نظرها المجلس 16 استجوابًا و163 سؤالاً منها 45 أُجيب عنها شفاهةً، وناقش المجلس 6 طلباتٍ للمناقشة العامة وشكَّل لجنتين لتقصي الحقائق، وناقش 327 اقتراحًا برغبة.

وأوضح د. فتحي سرور- رئيس المجلس- أنه يأتي في مقدمةِ التشريعات التي أقرَّها المجلس تعديل قوانين الإجراءات الجنائية والعقوبات والسلطة القضائية، وإصدار قانون حماية المستهلك وإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم وتنظيم هدم المباني غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري.

يرى ضياء رشوان- الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام- أنَّ المعارضةَ في البرلمان المصري لعبت دور المشاكس أو المشاغب.

ويؤكد أن المعارضةَ في أي برلمانٍ على مستوى العالم تسعى لأن تكون أغلبية في يومٍ ما وليس التفاوض مع الأغلبية، لكن هذا يستحيل فعله في مصر بسبب السيطرةِ الطاغية للحزب الوطني الحاكم، موضحًا أنَّ دور المعارضة الرئيسي الذي لعبته في الدورةِ السابقه كشف الكل على حقيقته.. مَن مع الشعب ومَن ضده.

وأشار إلى أنَّ ذلك يُؤتي بثماره في الانتخابات القادمة؛ حيث ينتخب الشعب على ضوءِ هذه الفعاليات ونشاط كل من المعارضة والأغلبية، وبالتالي قد تُصبح المعارضة أغلبية إلا أنَّ ذلك لا يحدث إلا في المجتمعات الديمقراطية، مشددًا على أهمية دور المعارضة في تمهيد الرأي العام لكي تكون أغلبية في البرلمان القادم بدلاً من الحالةِ القائمةِ من سيطرة طاغية للأغلبية، وبالتالي يقتصر دور المعارضة على إيقاف ما يمكن إيقافه.

ويطالب ضياء رشوان جماعة الإخوان المسلمين صاحبة أكبر مقاعد المعارضة في البرلمان (88 مقعدًا) بالمطالبةِ بتشكيل حزب سياسي في إطار المطالبة بتداول السلطة.

شبكة أمنية

أما عبد الحليم قنديل- رئيس تحرير جريدة الكرامة- فيرى أنَّ هذا البرلمان أغلبيته ميكانيكية، وأن نواب الحزب الوطني عبارة عن شبكة أمنية وشبكة مصالح، وأنه لا يمكن الحديث عن تقييمٍ لمجلس الشعب الحالي في ظل هذه الأغلبية التي تمرر ما تشاء عبر شعارهم الدائم (موافقون موافقون)، وهو ما حدث في قانون السلطة القضائية والمهزلة التي شهدها قانون الحبس في قضايا النشر خاصةً فيما يتعلق بقبول المادة 303 الخاصة بالتعرض للذمة المالية ثم حذفها بعد أمر الرئيس مبارك، وهو ما يعكس حالة الجهالة الكاملة التي يعيشها نواب الحزب الحاكم، أما المعارضة فهي تلعب دورها قدر المستطاع وهو الدور الذي أطلق عيه قنديل وصف (دور الضمير) الذي يُعبِّر عن نبض الشارع والناخب الذي أعطى ثقته للنائب البرلماني.

تعاظم الدور الرقابي

ويتفق د. محمد سعد الكتاتني- رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين مع الرأيين السابقين، موضحًا أنَّ دور الإخوان والمعارضة كان يُركِّز على تعريةِ هذه القراراتِ للرأي العام، بالإضافةِ إلى الدور الفعال الذي لعبته قوى الإخوان والمعارضة في تنشيطِ فعاليات المجلس وآلياته الرقابية؛ حيث وصلت طلبات الإحاطة إلى 6000 طلب، والتي لم تكن تتجاوز 1000 طلب في البرلمانات السابقة، فضلاً عن 60 استجوابًا لم يناقش منها سوى نحو 15 استجوابًا، بالإضافةِ إلى العديد من مشاريع القوانين التي لم تتم مناقشتها أيضًا، وبالتالي تضاعف الدور الرقابي يدل على فعاليةِ البرلمان عبر معارضته إخوان ومستقلين وأحزاب المعارضة.

وهو الأمر الذي أكد عليه النائب الوفدي محمد مصطفى شردي؛ حيث شدد على أن هناك تنسيقًا قويًّا بين قوى المعارضة والتي لولا وجودها لما كان للبرلمان صوتٌ مسموعٌ، ولما كانت تلك الحشود الأمنية التي تُحيط بالمتظاهرين الذين حرَّكهم نواب المعارضة في البرلمان عبر إثارة العديد من القضايا كمشروعِ قانون السلطة القضائية والحبس في قضايا النشر وغيرها من قضايا الإصلاح، وهو ما لم يكن يحدث من قبل في البرلماناتِ السابقة بهذه الصورة.

ويشير النائب الوفدي محمد عبد العليم إلى أن نواب الأغلبية كانت تجهض دائمًا أي دورٍ برلماني يحاول أي نائبٍ معارضٍ ممارسته، وأنه كان يتم دائمًا الانتقال لجدول الأعمال إلا أن المعارضة لم تترك آلية رقابية أو تشريعية رغم كل هذه المضايقاتِ إلا ومارستها، مطالبًا بأن يكون الإصلاح شاملاً وكاملاً وليس بالقطعة كما يتعامل النظام مع قوى المعارضة.

ولا يختلف د. حمدي السيد- رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب- مع الآراء السابقة، ويؤكد أن المعارضة بقيادةِ الإخوان في مجلس الشعب قدَّمت دورًا مليئًا بالحيوية والنشاط والتفاعل بين الرأي والرأي الآخر، مشيرًا إلى أن هذه الدورة البرلمانية من أنشط دورات البرلمان، والسبب كما يقول د. حمدي السيد اتساع عدد مقاعد المعارضة في مجلس الشعب؛ حيث بلغ عدد المعارضين في مجلس الشعب المصري لأول مرة في تاريخ العمل البرلماني 122 معارضًا، وهو ما جعل نواب الحزب الوطني في حالةِ استنفارٍ دائمٍ؛ وذلك لكي يكون هناك توازن بين القوى السياسية المختلفة داخل المجلس ولم يعد مجلس الشعب بمنظره المعهود خاليًا من النواب كالسابق، وهذا بفضل نشاط الإخوان- على حدِّ قول د. حمدي السيد الذين استغلوا كل وسائل الرقابة البرلمانية من استجواباتٍ وطلبات إحاطة والمشاركة في كل الفعالياتِ واستخدام كل الآليات.

وأشار إلى أنَّ الدورَ الأول الذي لعبته المعارضة هو كشف وتعرية كل مشاريع القوانين المشبوهة للرأي العام وكشف كل الجوانب السلبية للحكومة وأدائها، مؤكدًا أن هذا هو الدور المنتظر من المعارضة وليس إسقاط النظام أو الحكومة وبالتالي سينعكس ذلك على شعبية الحزب الحاكم في الانتخابات القادمة؛ لأن المواطن هو الحكم في نهايةِ المطاف في المجتمعاتِ الديمقراطية، وقد تنقلب المعارضة لأغلبية.

المصدر