رسالة من المرشد العام لقادة الدول العربية والإسلامية
06-12-2005
رسالة إلى ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية والإسلامية
بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الطارئ في مكة المكرمة
السادة المحترمون أصحاب الجلالة والفخامة والسمو/ ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية والإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
استبشرنا كثيرًا بانعقادِ مؤتمر القمةِ الإسلاميةِ الطارئ في مكةَ المكرمة، فاجتماعٌ على هذا المستوى وبهذا العدد من القادة والزعماء في هذه اللحظاتِ التاريخية الفارقة جديرٌ بأن ترنو إليه الأبصار وتهفو إليه القلوب وتتعلق به الآمال، واستبشرنا لكونه طارئًا؛ الأمر الذي يقطع بشعوركم بثقلِ التبعةِ والمسئوليةِ التي في أعناقكم وخطورة التحديات التي تواجهونها ويواجهها معكم العالم الإسلامي كله.
واستبشرنا كذلك لكونه في مكةَ المكرمة البلد الحرام- وفي جوار بيتِ الله العتيق الذي بناه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام- وفي مهبط الوحي ومبعث النور وموئل الرسالة الخالدة الخاتمة التي جاءت بالهداية والمنهج، جاءت بالتوحيد الخالص ووحدة الرسالة، ووحدة أصل البشرية والتي أقامت دولة امتدت من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وأنشأت حضارة نشرت الحق والعدل والعلم والمساواة بين البشر، واستمرَّت نحو عشرة قرون، واليوم تقف البشرية حائرة- رغم التقدم العلمي المادي والتقني غير المسبوق- تبحث عن منهجٍ يُمازج بين المادةِ والروحِ ويربط الدنيا بالآخرة ويقرن العقل بالعاطفة ويوازن بين الفردية والجماعية ويساوي بين الأجناس والقوميات والأعراق، وما ذلك إلا في دينكم وحضارتكم، وحتى نصل إلى هذه المكانة، لا بد وأن نُقيم هذه الحضارة في أنفسنا، فإنَّ الناس لا يؤمنون الآن إلا بأعينهم، وكي نُحقق ذلك في أنفسنا فإننا ندعوكم إلى ما يلي:
- إطلاق الحريات العامة: حرية العقيدة والعبادة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي، واعتبار الأمة هي مصدر السلطات، وتداول السلطة عبر الاقتراع الحر النزيه، وتمثيل الشعب عبر مجلسٍ نيابيٍّ منتخب انتخابًا حُرًّا، وانتخاب رئيس الدولة انتخابًا حُرًّا مباشرًا ولمدة محددة، واستقلال القضاء، والفصل بين السلطات، وتعديل القوانين وتنقيتها بما يؤدي إلى تطابقها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، واحترام كافة حقوق الإنسان التي جاء بها الإسلام وطبَّقها قبل أن تعرفها البشرية بقرونٍ عديدة، وذلك كله حقيق بالقضاءِ على الاستبدادِ ومن ثَمَّ إزالة الاحتقان وتوطيد الصلة بينكم وبين شعوبكم الأمر الذي يؤدي إلى الأمن والاستقرار والولاء للأمة ويفتح الباب أمام التغيير السلمي ويُفرِّغ طاقاتِ الشباب بعيدًا عن الغلوِ والتشدد، وبعيدًا عن مسارات العنف والتكفير.
- الانطلاق في مجال تنمية مجتمعاتكم: التنمية البشرية والإدارية والتعليمية والعلمية والتكنولوجية، ومكافحة الفساد والجهل والبطالة والفقر والمرض، والتعاون فيما بينكم في هذه المجالاتِ وغيرها من المجالات للنهوضِ بالأمةِ وتحقيق التكامل بين دول العالم الإسلامي، والاستغناء ما أمكن عن الحاجةِ للدول الأخرى لتحرير الإرادة الوطنية والإسلامية من الهيمنة الغربية، ورفع مستوى معيشة الأفراد، وتحقيق التقدم العلمي والتقني الذي هو سبيل القوة والمنعة، وهذا كفيل بتوظيفِ طاقاتِ الشباب وهم أمل الأمة في البناء والإعمار بديلاً عن الانصرافِ إلى تلمُّسِ فرص العمل خارج الوطن.
إنَّ ذلك من شأنه أن يقضي على التطرفِ الذي يؤدي إلى الإرهابِ الذي يُشوه وجه الإسلام ويصدُّ عنه ويُسيء إلى المسلمين في كل مكانٍ في العالم.
- إنكم مطالبون اليوم بإنقاذِ العراق : إنقاذه من الاحتلال الغربي، وإنقاذه من حماماتِ الدم وحملاتِ الإبادة والتدمير، وإنقاذه من الاعتقالاتِ والتعذيبِ الوحشي الذي يطال الأبرياء، إنقاذه من تكريس الطائفية والعداوة والكراهية، إنقاذه من خطر التفتيتِ والتقسيم، إنقاذه من استنزافِ الثروات والسيطرة على المقدرات، فأجمعوا أمركم، وأصلحوا بين فئاته وطوائفه وشجعوا المقاومة الشريفة وعجِّلوا بإخراجِ قواتِ الغزاة المفسدين، وإذا قُمتم بدوركم المأمول منكم كقادة للأمة فإنَّ كل الطاقات ستكون رهن إشارتكم وإلا فلا نلوم المقاومة الشريفة التي ترفض الاحتلال.
- إنكم مطالبون بالوقوف بجانب إخوانكم الفلسطينيين في محنتهم التي زادت على نصف قرن؛ لتحرير أرضهم وإقامة دولتهم وتطهير مقدساتنا جميعًا: يجب أن تظلوا على مواقفكم من رفضِ الاعتراف بذلك الكيان الصهيوني ورفض التعامل معه حتى يحصل إخوانكم في فلسطين على حقوقهم وتتحرر أرضهم وإرادتهم، وهذا أضعف الإيمان في هذه الظروف الدقيقة.
- إنكم مطالبون بالوقوف صفًا واحدًا في وجه التهديدات الأمريكية ل سوريا و إيران بغية إخضاعها وتمهيدًا لتحقيق الهيمنة الأمريكية التي تستهدف القضاء على الثقافةِ والقيم والسلوكيات الإسلامية واستبدال الثقافة وأنماط المعيشة الغربية بها، وكذلك استنزاف الثروات وتحقيق التبعية الكاملة لها في كل المجالات.
- إنكم مطالبون بحماية السودان من خطر التفتيتِ ومؤامرات الحروب الأهلية، والعقوبات الأمريكية الجائرة.
- إنكم مطالبون بالتكافل المالي مع الدول الإسلامية الفقيرة مثل النيجر و فلسطين ، وتلك التي أُصيبت بالنكباتِ مثل باكستان و كشمير ، ومحاربة الفقر والجفاف؛ وذلك بتشجيع وإخراج الزكاة وجمعيات العون والإغاثة ورفض الضغوط الخارجية الهادفة إلى تجفيف منابع خير الأمة.
- إنكم مطالبون ببحث مشكلاتِ الأقليات الإسلامية في الغرب وإيجاد حلولٍ لها والاتصال بالحكوماتِ الغربية لتحسين معاملة هذه الأقليات.
إننا نحن الشعوب والجماعات والأفراد على طول العالم الإسلامي وعرضه، لننظر ما سيصدر عنكم من قراراتٍ نرجو أن تكون على مستوى التحديات، لتحرر الأرض والإرادة وتوحِّد الهدف والعمل، وتحقق العزة والقوة والتقدم، كما ننتظر تفعيلها وتنفيذها مع ما سبقها من قرارات لقمم أخرى.
وفقكم الله وسدد خطاكم.. ﴿وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105)، ﴿واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القاهرة في: 4 من ذي القعدة 1426هـ
6 من ديسمـبر 2005 مالمصدر
- بيان:رسالة من المرشد العام لقادة الدول العربية والإسلاميةإخوان أون لاين