رسالة من المرشد العام إلى إخوان مصر

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
رسالة من المرشد العام إلى إخوان مصر

(12-11-2005)

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوان المسلمون:

أ. مهدي عاكف بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية

إنني لأسجد شكرًا لله تعالى على ما حبانا به من توفيقٍ عظيم، وجمعٍ لقلوب الناس حولنا، والتفاف حول دعوتنا، وإيمانهم بمبادئنا، الأمر الذي تجلّى في أوضح صوره في نتائج الجولة الأولى من المرحلة الانتخابية الأولى لمجلس الشعب، فحمدًا لله على فضله ونعمائه ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (الأنفال: 63).

ثم إنني لأشكر الشعب المصري الأصيل الذي أثبت أصالته ووعيه، ومنحنا ثقته الغالية ووقف وراءنا يشدُّ أزرنا، ويقوِّي ظهرنا، وأثبت للعالم كله أنه اختار منهجنا وارتضى سبيلنا وآمن بصدقنا، وأنه يتطلع لاستعادة حريته وحقوقه وسيادته ويبغي الإصلاح الحقيقي، والقضاء على الفساد والاستبداد والاحتكار، احتكار السلطة والثروة، ومن أجل ذلك اختار مرشحينا رغم علمه بموقف السلطة منَّا.

أما أنتم أيها الرجال والنساء والشباب والفتيات والأشبال والزهرات من الإخوان المسلمين الذين قدموا- ولا يزالون- الفكرَ والجهدَ والعرق والوقت والمال من أجل نصرة دعوتهم وسيادة أمتهم وخدمة شعبهم، فلكم من الله جزيل الأجر ومنِّي عظيم الشكر، ولَكَمْ وددت- علِم الله- أن أَشُدَّ على هذه الأيدي المتوضئة وأُقَبِّلَ هذه الجباه العارقة في سبيل الله، وأحيِّي هذه القلوب المخلصة والنفوس الطاهرة والهمم العالية التي واصلت الليل بالنهار وبذلت الغالي والنفيس، ابتغاء مرضات الله، ومهما قلتُ أو فعلتُ فإنني واثق أني لن أوفيكم حقكم، ومَن ثَمّ فإني أرجو الله تعالى أن يتولى جزاءكم فهو سبحانه وتعالى- وحده- القادر على ذلك.

أيها الإخوان المسلمون:

أنتم تعلمون علمَ اليقين أن الإخلاص هو قلب العمل ومعياره، وأن صلاح العمل وانضباطه بضوابط الشرع هو شرط قبوله عند الله، بغضِّ النظر عن نتيجته وثمرته، فما على المسلم إلا أن يسعى، والنتيجة على الله، ومن يفعل ذلك فقد وقع أجره على الله، ونحن نعمل لوجه الله ومن هنا كان شعارنا (الله غايتنا)، وكان الركن الثاني من أركان بيعتنا هو الإخلاص، ولقد بذلتم قصارى جهدكم ولذلك ينبغي أن تثقوا في فضل الله وأن أجركم- بإذن الله- عنده محفوظ سواء كانت النتيجة إيجابية أم سلبية.

وهي في عمومها- بحمد الله- إيجابية ولا أعني بها عدد المقاعد التي حصلنا عليها أو التي سنعيد فيها فقط، ولكن أعني عدد الأصوات التي حصلنا عليها منسوبة إلى عدد الأصوات التي حصل عليها الآخرون، والتي تدل دلالة قاطعة على تعاطف الناس معنا والتفافهم حولنا، الأمر الذي يمهد القلوب لقبول دعوتنا والتعاون معنا، وهذا أثمن عندنا من أي شيء، فنحن أصحاب دعوة وحملة رسالة، ولسنا طلاب دنيا ولا مناصب لتحقيق مصالح شخصية.

ولذلك فإنني أقول للإخوة والأخوات الذين لم يوفق مرشحوهم في دوائرهم، أقول لهم ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا﴾ (آل عمران: 139) وإذا كان هناك من قال: "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس" فإنني أقول: لا يأس مع الإيمان ولا قنوط مع الإخلاص، والله عز وجل يقول: ﴿إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: 87)، ويقول سبحانه: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ﴾ (الحجر: 56) فلا يكن عدم التوفيق سبيلاً للحزن ولكن ليكن سبيلاً للعزم على مواصلة الجهد والبذل لتحقيق الإصلاح والخير لكل أفراد الأمة، وخصوصًا وأننا نعلم تمام العلم أن عدم التوفيق هذا لم يكن لانصراف الناس عنا أو زهدهم في مبادئنا، ولكن نتيجة للتزوير والتزييف وسرقة إرادة الأمة الذي تباشره السلطة بقوتها وغوايتها.

أيها الإخوان المسلمون:

إن هناك معانيَ أود أن أذكركم بها، والذكرى تنفع المؤمنين، ينبغي أن تتذكروا أن دعوتنا- التي هي دعوة الإسلام- دعوة شاملة تشمل كل جوانب الحياة وتصلح كل دروبها ومسالكها، ومن هذه الجوانب والدروس الجانب السياسي الذي نسعى لممارسته ممارسة نظيفة ملتزمة بالقواعد الأخلاقية الإسلامية حتى نصلح الفرد والمجتمع، والانتخابات إنما هي جزء من هذا الجانب نسعى لجعلها حرة نظيفة نزيهة شفافة تعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية الصادقة، ولذلك فإنني أدعوكم لأن تعطوا لكل جانب ما يستحقه من جهد، وألا نتوقف كثيرًا بعد هذه الانتخابات وإنما ننطلق بنفس الحماسة والجهد في شتى مناحي الحياة لنصلحها بمبادئ الإسلام العظيم، حتى يرى الناس فيكم القدوة الصالحة التي تدعو الناس بلسان الحال قبل لسان المقال للإيمان بعظمة الإسلام وصدق الدعوة فينخرطوا معكم على الطريق المستقيم.

أيها الإخوان المسلمون:

علينا أن نتذكر أيضًا أن منهجنا للتغيير والإصلاح إنما يبدأ بتغيير النفوس وإصلاحها ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد: 11)، ولذلك ينبغي أن نحرص على التربية الفاضلة لأنفسنا وزوجاتنا وأبنائنا، وعلينا أيضًا أن نسعى لتربية المجتمع أفرادًا وجماعاتٍ حتى نصل إلى المجتمع الصالح المنشود.

إننا نحيا بالله ولله ونعتمد على الله ونرجو نصر الله وثواب الله، ومن يبغي ذلك عليه أن يعيش في طاعة لله ويلتزم بشرع الله في نفسه وأهله حتى يقوم هذا الشرع في مجتمعه.

أيها الإخوان المسلمون:

أكرر لكم تحياتي وإعجابي وأشواقي ودعواتي.. وفقكم الله وسدد خطاكم وحقق آمالكم، وثقوا في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر