رسالة دكتوراه من باحثة ألمانية حول الإمام البنا وجماعة الإخوان
محتويات
مقدمة
باحثة ألمانية تُعِد رسالة دكتوراة حول الإمام "حسن البنا" و"جماعة الإخوان المسلمين" الباحثة "إيفيزالوين" تؤكد:
- الإعلام الغربي يكتب عن جماعات العنف ويتجاهل الحركات الإصلاحية.
- "حسن البنا" كان لديه إستراتيجية شاملة للإصلاح.
- أدبيات الإخوان ليس فيها ما يدعو إلى العنف.
منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد الإمام الشهيد "حسن البنا" عام 1928م، وهي تشغَل الناس بفكرها وعملها الدعوي والاجتماعي وتأثيرها في الواقع المصري والعربي والإسلامي على الأصعدة كافة.
وعلى مدى خمسة وسبعين عامًا تنامَت الأدبيات التي سطرها منكرو الجماعة؛ مما أتاح الفرصة أمام الباحثين والمحلِّلين للدراسة والبحث والتحليل، وحصل عدد كبير من الباحثين على درجات الماجستير والدكتوراة في جماعة الإخوان المسلمين، وشخصية مؤسسها الإمام الشهيد "حسن البنا" وتنوَّعت هذه الدراسات ما بين تاريخية وفكرية وسياسية
ودخل هذا المجال من البحث كتابٌ وباحثون غربيون، أشهرهم "ريتشارد ميتشل" و"جون سبوزيتو"، أما أحدث باحثة في هذا المجال فهي الألمانية "إيفيزالوين" من جامعة برلين، التي تُعِد رسالة دكتوراة في شخصية الإمام "حسن البنا" والجانب الاجتماعي في حركة الإخوان المسلمين.
تقول الباحثة:
- إنها ليست مستشرقة، بل تريد أن تدرس الآخر، حيث إن الاستشراق ينطلق من هذه النقطة؛ مما يجعل هناك جدلية الأنا والآخر في عقلية المستشرق عند دراسته الحضارة الإسلامية أو الشرق عمومًا.
"إيفيزا" كانت تعمل بالصحافة، ولها اهتمام خاص بمنطقة الشرق الأوسط، وقضية الصراع العربي - الصهيوني، فقررت دراسة اللغة العربية في بلد عربي، واختارت دمشق؛ مما أثَّر على حديثها بالعامية العربية، وجعلها تتحدث باللهجة الشامية التي كانت واضحة تمامًا في حديثها لـ"حقائق مصرية".
تقول الباحثة:
- لقد كان لجماعات العنف في مصر صدىً كبيرٌ في الثمانينيات، وكان الإعلام في أوربا يتحدث عنها بشكل كبير، ويخضم من حجمها - رغم أن أوربا نفسها بها جماعات عنف مماثلة في ألمانيا وأسبانيا وغيرهما - ولا يخلو منها مكان.
وتضيف:
- وعندما جئت إلى القاهرة لم أجد حقيقةً لما كنت أسمع عنه في وسائل الإعلام الغربية، كما أن هذا العنف لا يساوى شيئًا إذا وضعناه في مقارنة مع ما جرى في أوربا، التي تم تدميرها مرتيْن في حربيْن عالميتيْن، وهذا نوع خطير من العنف.
ندرة الدراسات
أولى المشكلات التي واجهت الباحثة هي ندرة الدراسات الغربية، التي تهتم بحركة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية في العالم العربي، حيث كانت المقالات الصحفية والتقارير تهتم فقط بالكتابات المثيرة غير العميقة عن جماعات العنف، وفي نفس الوقت يتمّ تجاهل الأوضاع الطبيعية والحركات الإصلاحية السلمية.
تقول الباحثة:
- لقد تصورْت في البداية أن هناك عشرات الدراسات لباحثين أوربيين حول الحركات الإسلامية، لكن لم أجدْ إلا كتابات قليلة غير كافية؛ لأنني كنت أريد الرجوع إلى تاريخ هذه الحركات، وهنا وجَّهت "حقائق مصرية" سؤالاً للباحثة حول سبب اختيار جماعة الإخوان المسلمين والإمام الشهيد "حسن البنا" كموضوع للدراسة
فقالت:
- عندما عملت خريطة للحركات الإسلامية وجدت أن الإخوان المسلمين جماعةٌ إصلاحية غير راديكالية - غير متطرفة -، واكتشفت أنها ذات جماهيرية لم تتوفر لغيرها، حيث إن الحركات الراديكالية العنيفة تكون قاصرة على عدد محدود من المؤيدين لها، وتواصل الباحثة: وعندما بدأت في دراسة جذور حركة الإخوان المسلمين توقَّفت عند شخصية مؤسسها الشيخ "حسن البنا"، وهنا واجهْت مشكلة الحصول على مراجع، فلم أجدْ إلا دراسة لـ"طارق رمضان" حفيد "حسن البنا"، يتناول فيها منهج جده، والشيخ "جمال الدين الأفغاني" و"محمد عبده".
قلنا لها:
- لكن هناك دراسات كثيرة عن الإخوان المسلمين كتبها باحثون مشهورون، مثل "ريتشارد ميتشل" و"جون سبوزيتو"، فقالت: رغم ذلك فإن هذا لا يعني أن هناك كتابات كثيرة تتناول "حركة الإخوان باستثناء بعض المقالات عن الإسلام والشخصيات الإسلامية بشكل عام".
وتتعجب الباحثة:
- من قلة الاهتمام البحثي في أوربا بدراسة حركة الإخوان الضخمة في الشرق، رغم أن هناك دراسات كثيرة ومتنوعة حول النقابات المهنية والعمَّالية.
وردًا على سؤال حول جوانب الإصلاح الاجتماعي في حركة الإخوان المسلمين قالت "إيفيزا لوين":
- دراستي لحركة الإخوان من زاوية التحليل الاجتماعي، وأنا قارنت بين حركة الإخوان والحركات الإصلاحية في أوربا، فوجدت تشابهًا كبيرًا بعيدًا عن المسائل الدينية، فقد كانت في أوربا حركات تدعو إلى تحرر الشعوب من النظم الإقطاعية
وكذلك كانت حركة الإخوان تدعو إلى إصلاح الأوضاع الاجتماعية، وقام الشيخ "حسن البنا" بتعليم بناته على خلاف ما كان سائدًا في هذا العصر من عدم تعليم البنات؛ مما يؤكد أنه كان لديه نظرة متقدمة للنهوض بالمجتمع عن طريق الاهتمام بتعليم المرأة، وتضيف: لذلك أرى أن الشيخ "حسن البنا" كان لديه إستراتيجية إصلاحية شاملة، رغم ما يذكره البعض من اتهامات
فمنهج الشيخ "البنا" كان يشمل إصلاح الفرد، وتطهير النفس، ثم إصلاح الأسرة، وبعد ذلك المجتمع؛ مما يجعله مشروعًا إصلاحيًا بعيدًا عن النهج الثوري أو الانقلابي أو التغيير الفوقي، وكان "حسن البنا" يتحدث عن النهضة والرقيّ والتقدّم، وكان يسعى إلى تحديث المجتمع الإسلامي، والأدبيَّات التي خلَّفها "حسن البنا" تؤكد أن مشروعه الإصلاحي كان كاملاً.
وتؤكد الباحثة أنها استفادت كثيرًا من لقاءات شخصية، أجرتها مع عدد من الذين عاصروا الإمام "حسن البنا"، مثل المرحوم "محمود عبد الحليم" والحاج "عباس السيسي" و"محمد فريد عبد الخالق" وغيرهم ..
العنف والإرهاب
وحول اتهامات البعض للإخوان المسلمين بأنهم الجماعة التي أسست للعنف والإرهاب، قالت الباحثة: من خلال دراستي لتاريخ الحركة ومعاصرتي لأحداث العنف التي جرت في أواخر القرن العشرون أؤكد أن اتهام الإخوان بالعنف والإرهاب لا وجود له في أدبيات الإخوان المسلمين، وخاصةً كتابات الشيخ "حسن البنا"، وعلى العكس من ذلك نجد أن جماعات العنف التي جاءت بعد ذلك مارست الإرهاب، بناءً على فتاوى وأدبيات كبار قياداتها من المتشدّدين.
النظام الخاص
سألناها حول الاتهامات التي يروِّجها البعض حول ممارسة النظام الخاص للإخوان للعنف فأجابت: ليس صحيحًا أن هذا الجهاز مخصصًا للعنف والإرهاب، وإنما كان لمقاومة الاحتلال الإنجليزي، أما بعض العمليات الخطأ المنسوب إليه فهو لم يكن موضع رضا أو إقرار الشيخ "حسن البنا" نفسه مرشد الجماعة، وهذا ما أكدته الممارسات التالية للجماعة بعد ذلك، فعندما قتل "الخازندار" عارض ذلك "حسن البنا"، واستنكر الحادث وتبرّأت الجماعة من مرتكبيه.
انجازات اجتماعية
وحول سؤال عن أهم الانجازات التي حققها الإخوان المسلمون على الصعيد الاجتماعي قالت: أعتقد أن أهمية الإخوان المسلمين في هذا المجال أنهم أسسوا للعمل الأهلي والخيري، وقد لاقت جهودهم قبولاً جماهيرًا كبيرًا لم يتوفر للأحزاب السياسية، التي كانت في الأربعينيات، ولم يكن لديها وجود حقيقي في الشارع المصري.
شخصية الإمام
من الموضوعات الهامة في دراسة الدكتوراة التي تجريها الباحثة: هي شخصية الإمام "حسن البنا"، الذي تصِفُه بأنه كانت لديه القدرة على تبسيط الأفكار المعقدة، وتقديمها إلى الجماهير بشكل مبسط، ولم يكن يدعو إلى قداسة معينة أو كهانة باسم الإسلام، وإنما كان يدعو إلى فهم الإسلام ببساطة دون وِصاية من المؤسسات الدينية.
وتضيف:
- إن من أبرز سمات شخصيته - رحمه الل ه- أنه كان قادرًا على تجاوز الاختلافات الكثيرة، التي كانت واضحة بين الاتجاهات والتنظيمات الإسلامية في ذلك الوقت.
- وتوضح ذلك بأنه نشأ في طريقة صوفية، لكنه كان يجمع إليها السلفية - الإسلام النصّ - على حد تعبيرها، وهو في ذلك يختلف عن الاتجاهات التي ترفض الصوفية تمامًا، كما كان يجمع بين الآراء الفقهية ويؤكد فائدة تنوعها، وعندما ذهب إلى الحجِّ التقى مع المرجعية الشيعية لتجاوز الخلافات بين السُّنَّة والشيْعة.
قضية المرأة
وفي نهاية اللقاء سألت "حقائق مصرية" الباحثة الألمانية عن رأْيها في تعامل الإخوان المسلمين مع قضية المرأة، وهل ترى في موافقتهم الأخيرة على ترشيحها في البرلمان خروجًا على خطِّ الإمام حسن البنا؟؟! فقالت الباحثة: الشيخ "حسن البنا" كان يتحدث في المبادئ، وترَكَ التفصيلات لمن يريد البحث فيها بعد ذلك، وكانت عنده مرونة، مثل مذهب الإمام "الشافعي"، الذي كانت فتاواه مرنة، ولا تتسم بالجمود.
وبالنسبة لقضية المرأة عند الإخوان فإن المجتمع المصري في الأربعينيات كان محافظًا، ومن النادر أن تجد فتيات متعلمات؛ لذلك عندما يسمح الإخوان يومَها بترشيح امرأة للبرلمان، فهذا لا يتعلق بمسألة الشريعة، وإنما يرتبط بالعادات والأعراف، والدليل على ذلك أن الإخوان المسلمين في الكويت لا يسمحون حتى هذه اللحظة بترشيح امرأة في الانتخابات
المصدر
- تقرير: رسالة دكتوراه من باحثة ألمانية حول الإمام البنا وجماعة الإخوان موقع أمل الأمة