رحيل الشيخ "البري" الذي حارب لاستقلال الأزهر
محمد هانى
(17/08/2016)
مقدمة
فقدت مصر والأمة الإسلامية، الثلاثاء، الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم البري، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، والرئيس الأسبق لجبهة علماء الأزهر، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذى وافته المنية، عصر اليوم، وسيصلى عليه الأربعاء بمسجد (السلام) بمدينة نصر بالقاهرة.
من جانبها، نعت حركة أبناء الأزهر العالم الكبير، وتقدمت بخالص التعازي لأسرته وتلاميذه لوفاة فقيد الأمة، الذى أفنى عمره فى خدمة دينه وأمته، مؤكدة أنه من أوائل العلماء الذين دافعوا عن الأزهر واستقلاله فى مواجهة الأنظمة العسكرية.
وكان الفقيد قد شارك في إعادة النشاط لجبهة علماء الأزهر عام 1994، وبعدها انتخب بالتزكية رئيسا للجبهة لدورتين متتاليتين، وانتخب الشيخ يحيى إسماعيل أمينا عاما لها، وقاد الشيخان حملات ضروسة ضد شيخ الأزهر الشريف في العديد من المواقف، ما عرض الجبهة للتضييق من قبل الأجهزة الرسمية والحكومة المصرية.
ولعل أشرس هذه الحملات، موقف الجبهة الرافض للقاء شيخ الأزهر الشريف الشيخ الراحل محمد سيد طنطاوي، وكانت هذه الحملة سببا في قيام محافظ القاهرة اللواء عبد الرحيم شحاتة بحل الجبهة في عام 1998 وإغلاق مقرها وحظر نشاطها، كما أعلنت مشيخة الأزهر عن أنه لا اعتراف رسمي بالجبهة، وقام شيخ الأزهر برفع دعوة قضائية على الجبهة، حكمت المحكمة فيها بحل الجبهة، وأكدت المحكمة الإدارية العليا الحكم فأصبح نهائيا.
ورغم ذلك أعاد الدكتور العجمي دمنهوري رئيسها الحالي (رغم حلها قضائيا وإداريا) ومعه الدكتور يحيى إسماعيل (أمينها العالم الحالي) نشاط الجبهة من خارج مصر، مستفيدين من الفضائيات وشبكة الإنترنت، مؤكدا أن جبهة علماء الأزهر كيان شرعي له تاريخ.
من هو الشيخ الراحل؟
ولد الشيخ محمد عبد المنعم البري عام 1932 ميلادية في مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، وترعرع في بيئة صافية لأسرة محافظة، والتحق بالأزهر الشريف، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره.
التحق الشيخ الراحل بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، وعين معيدا بها، ثم حصل على درجة الماجيستير ثم درجة العالمية (الدكتوراة)، ثم ارتقى أستاذا مساعدا، فأستاذا بالجامعة. انتقل الشيخ ليعيش في قلب القاهرة في حي الزيتون ليستكمل رحلته في الأزهر ودوره في الدعوة والعمل الإسلامي.
شارك بالحياة السياسية كرجل دين منفتح مساهم في نهضة مصر والأمة الإسلامية، شأنه شأن الغالبية من علماء الأزهر الشريف، وخلال حكم جمال عبد الناصر كان هناك خلاف بين مؤسسة الأزهر الشريف والنظام السياسي في مصر في هذه الفترة، تعرض خلالها الكثيرون من علماء الأزهر للسجن والاعتقال، ولكن لم يتعرض الدكتور للسجن رغم التحقيق معه لمرات عدة.
فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وافق الشيخ على دعوة من قائمة حزب العمل المصري، وهو الحزب الذي تبنى الأيدلوجية الإسلامية بعد تطوره السياسي والأيدلوجي على يد رئيسه إبراهيم شكري، وخاض الشيخ الانتخابات النيابية تحت قائمة حزب العمل، ضمن تحالفات قومية وإسلامية ضمها الحزب في هذه الانتخابات، ورغم نجاح الشيخ في دائرته بالزيتون إلا أنه لم يتمكن من دخول مجلس الشعب المصري، وذلك لعدم نجاح القائمة في هذه الانتخابات التي اعتمدت نظام القوائم الانتخابية.
سافر الشيخ محمد البري للعديد من الدول العربية والأوروبية والآسيوية خلال نشاطه الأكاديمي الشرعي أو الدعوي الاجتماعي. للشيخ العديد من المؤلفات المطبوعة في الجامعات أو في دور النشر المختلفة، كما أن له العديد من المقالات والكتابات التي أثرت القارئ الشرعي والطالب الأزهري.
أهم مواقفه
تعد مبادرة تدول الأزهر إسلاميا أسوة بالفاتيكان من أبرز مبادرات الدكتور محمد عبد المنعم البري. حيث طالب المخلوع مبارك بتدويل الأزهر إسلاميا كما هو شأن الفاتيكان، وقد أعد الشيخ لهذا الطرح كتابات عدة ونداءات متكررة، لعل أبرزها ما نشرته جريدة آفاق عربية، والتي طبعت له مقالات عدة في هذا الشأن، وقامت بحوارات لبلورة فكرته ومبادرته التي ما زالت لم تتوج بالقبول بعد.
كما أن للدكتور البري موقف صارمة في قضية الاعتقاد في المذهب الشيعي، ويعتبر الكثير من مريديه أن الشيخ أحد أعمدة حماية المذهب السني، والتصدي لمعاول الهدم الشيعي في العالم العربي بل وفي ساحات الفقه، لا سيما المقارن منه، وللشيخ عشرات الكتب والمقالات التي تدحض الفقه الشيعي والمذهب الشيعي وولاية الفقيه، ما جعل الشيخ أحد أبرز المتحدثين في المنابر المناهضة للشيعة، وضيفا دائما في القضايا التي تمس الشيعة والدور الإيراني.
المصدر
- تقرير: رحيل الشيخ "البري" الذي حارب لاستقلال الأزهر موقع بوابة الحرية والعدالة