رحم الصحوة يلد الحركات الجهادية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
رحم الصحوة يلد الحركات الجهادية

مجلة المجتمع

ما زالت وقائع الصحوة الإسلامية وأحداثها ونتائجها الطيبة في الساحة الإسلامية تشد إليها أنظار العالم بأسره بما فيه من شعوب ومؤسسات وأجهزة انبهرت كلها بما أحدثه انبعاث الإسلام في النفوس...

وبما واكب ذلك من جهود لإعطاء الإسلام دورًا ذا فاعلية كبيرة في حياة الأمة وواقعها... فكان أن ولدت من رحم الصحوة هذه الحركات الجهادية في أفغانستان وفلسطين وأرتيريا وغيرها من مواقع أخرى على الساحة الإسلامية.

وحول طبيعة هذا الواقع وما له وما عليه... استضافت "المجتمع" سعادة الأمين العام لشؤون المساجد برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة المستشار عبد الله عقيل سليمان العقيل وأجرت معه الحوار التالي:

* لعلكم تبذلون وإخوانكم في رابطة العالم الإسلامي جهودًا كبيرة من أجل تأصيل الدعوة الإسلامية في حياة المجتمعات المسلمة... فهل لكم أن تعطونا فكرة عن آثار الجهود المبذولة من أجل إعطاء الإسلام دورًا أكثر فاعلية في توجيه واقعنا الإسلامي؟

    • إن واقع الجهود المبذولة لإعطاء الإسلام دورًا أكثر فاعلية في توجيه حياة الأمة وواقعها، قد تمثل في مظاهر شتى تنتظم العالم الإسلامي كله بل والأقليات المسلمة، وفي مناطق المهجر، فقد أقبل الشباب والشابات على الإسلام، وعكفوا على دراسته والالتزام بتعاليمه والتمسك بأخلاقه وآدابه حتى نشأ جيل مسلم مثقف واعٍ لأحداث أمته يعايشها، ويسهم في النهوض بها، ويتحمل الكثير من مسؤولياتها، فكانت إسهاماته في مجال التعليم والدعوة والبناء والتشييد والثقافة والفكر وعلاج المريض وإطعام الجائع وكسوة العاري وري العطشان والوقوف إلى جانب المظلوم والتصدي لغزوات الفكر المادي والعلماني والمبادئ المستوردة والأفكار الملحدة ومقارعة الحجة بالحجة والوقوف أمام التيارات الهدامة وكشف عوارها وبيان زيفها وفضح أساليبها التي أعلنت فشلها وإفلاسها، وأصبحت تراجع موقفها حيث عكف أساطين الدعوات الشرقية والغربية أنفسهم ينقضون ما نسجوه طوال السنين من الدعايات البراقة والأكاذيب الملفقة عن فردوسهم الموعود وجناتهم الخيالية التي اصطدمت بالواقع، وتعارضت مع الفطرة، فكانت سرابًا وأحلامًا وآمالاً وتمنيات وكلامًا معسولاً لا نصيب له من الحق أبدًا.

* لا بد وأن لأهل الباطل وأهل الكفر الذين يراقبون وقائع الصحوة الإسلامية موقفًا من ثمرات الصحوة... فهل لكم أن تشرحوا لنا شيئًا عن ذلك؟

    • لقد ظن دعاة الباطل أنه بانقراض جيل كبار السن يخلو لهم الجو ليعملوا عملهم مع الناشئة، فيصوغوا عقولهم وفق مبادئهم ويغذوها بأفكارهم ومناهجهم ويخرجوها عن دينها إلى كفرهم وإلحادهم، ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحرهم وأبطل سحرهم وأفشل كل مؤامراتهم الصليبية والشيوعية واليهودية، وبقى أبناء الإسلام بدينهم متمسكين، ولرسولهم متبعين، وبشريعة ربهم ملتزمين، فطار صواب الشرق والغرب على حد سواء، وأجلبوا برجالهم للوقوف أمام هذه الصحوة الإسلامية، وتداعوا من هنا وهناك، وتناسوا خلافاتهم، وعكفوا مجتمعين للتآمر على هذا التيار الإسلامي الجارف الذي أتى على كل مخططاتهم من القواعد، وضاعت كل الجهود والأموال التي بذلوها لصرف شباب الأمة عن دينها وعقيدتها، وبدءوا بأساليب جديدة وخطط ماكرة لإحداث الجفوة بين العاملين للإسلام، وصنفوا الدعاة إلى متطرفين وسلفيين، ليخيفوا الناس من هذا الشباب الطاهر الملتزم الحريص على دينه، العامل لدعوته، وانطلق إعلامهم المقروء والمسموع والمشاهد في كل ديار الغرب يشهّر بهؤلاء الشباب ويغمزهم ويلمزهم ويتهمهم بصنوف الاتهامات، ولم يترك مجالاً من مجالات السخرية إلا وسلكه، فالسخرية من الحجاب، ومن اللحية، ومن الالتزام بالسنة والتشكيك في القرآن الكريم والسنة النبوية والانتقاص من لغة القرآن والتاريخ الإسلامي والأدب العربي والشعر الموزون المقفى، واحتقار التراث الإسلامي والتقاليد والأعراف الأصيلة والمجاهرة بالكلام الساقط في القصيدة والقصة والمقالة وترجمة المئات بل الألوف من كتابات المستشرقين والمبشرين الذين يحقدون على الإسلام وكتابه ونبيه، وتوزيعها بكميات كبيرة وأسعار ميسرة، وبلغات مختلفة، فضلاً عن الأناجيل التي تطبع بالملايين وبمئات اللغات لصرف المسلمين عن دينهم.

إن هذه الحرب الضروس والهجمة الشرسة في العقد الأول من هذا القرن الخامس عشر الهجري كلها بسبب هذه اليقظة الإسلامية والنهضة الشبابية والصحوة الإسلامية التي أصبحت مسموعة الصوت، بالغة الأثر في عقر ديار الكفر في الشرق والغرب والحمد لله.

* ألا ترون أن نتائج الصحوة حصيلة طيبة لعمل سابق؟.. وهل لكم أن تلمحوا لقرائنا عن مقدمات الصحوة؟

    • إن تلك الصحوة الإسلامية المباركة هي حصيلة جهود كبيرة قام بها دعاة ومؤسسات وهيئات وجمعيات وعلماء وأغنياء في جميع البلاد الإسلامية صدقوا مع الله، وبذلوا جهدهم، وأنفقوا أموالهم، وعلموا الناس واجبهم نحو دينهم، وشحذوا هممهم للوقوف أمام أعداء الإسلام، وذكروهم بأمجاد السلف الصالح وجهاد الآباء والأجداد، وأشعلوا جذوة الجهاد في نفوسهم، وثقفوهم في دينهم، ووجهوهم لاتباع كتابهم ومنهج نبيهم وسيرة سلفهم، فكان هذا الخير العميم والفضل السابغ والجيل المؤمن العامل المتوكل السائر في طريق الله، لما فيه خير البلاد والعباد، وتحقيق الهدى والرشاد.

* يبدو أن جهود الدعاة كانت مؤيدة من عدد من المؤسسات العلمية والجمعيات الخيرية والدعوية، فماذا قدمت هذه المؤسسات والجمعيات؟

    • لقد انتشر الدعاة إلى الله في كل مكان من العالم ينشرون رسالة الإسلام، ويبلغون دعوته إلى الناس كافة، حيث أثمرت دعوتهم الثمار الطيبة في أفريقيا وآسيا، بل وأوروبا وأمريكا، وكان لجهود الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامي والرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والندوة العالمية للشباب الإسلامي، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت ومنظمة الدعوة الإسلامية في السودان وجماعات الإصلاح في الخليج والدعوات السلفية والجماعات الإسلامية والحركات الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية، الأثر النافع المفيد في رفد الدعاة وإسنادهم، وشد أزرهم، وتوجيههم، كما كان للمعونات المادية والعينية المقدمة للمسلمين والمتضررين في أنحاء العالم من جراء الكوارث والفيضانات والجفاف والزلازل والأوبئة والجوع والمرض، والتي كان معظمها من المملكة السعودية ودول الخليج، أبلغ الأثر وأعظمه حيث كان مردودها عظيمًا وحصيلتها جيدة، أشعرت المسلمين في كل مكان بأنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

* حركات الجهاد الإسلامي هي المولود الأصيل الذي أتى به رحم الصحوة المباركة... ولقد انبهر العالم بحركة الجهاد في فلسطين المحتلة.. فما تقييمكم لواقع هذه الحركة الجهادية؟

    • إن حركة الجهاد من أجل إزالة العدوان في فلسطين هي حركة مباركة وشعلة مضيئة في ظلام الواقع، وغرسة طيبة من غراس الدعاة الصادقين والمجاهدين المخلصين، وعلامة حياة هذه الأمة المسلمة واستعدادها الدائم للبذل والعطاء والجود بالمال والدم والنفس في سبيل العقيدة؛ لأنها تعلمت من رسولها (صلى الله عليه وسلم) أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، وأن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وأنه ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا.

وهذه النماذج الرائعة من أطفال الحجارة الذين تربوا في حجر الطاغوت الصهيوني والذين خُيِّل للأعداء أنهم قد انسلخوا عن دينهم، وصاروا على شاكلة مستعمريهم، قد أدهشت العالم كله ببطولاتها وبسالتها وقوة إيمانها وعزيمتها وصلابتها واستمرارها أمام جحافل الأعداء المدججة بأحدث الأسلحة وأفتك الأساليب، فلم تلن قناتها، ولم تضعف عزيمتها؛ بل زادها بطش الأعداء قوة وثباتًا، وتنكيل الخصوم صبرًا ومصابرة، فكان الشهيد تلو الشهيد والجريح إثر الجريح والسجناء بالمئات والألوف تعج بهم السجون، وهم ينشدون نشيد الإيمان، ويصدعون بالتكبير، ويزلزلون دولة الباطل من داخلها.

* ما النتائج التي تتوقعونها؟

    • إنني لألمح بوارق النصر ومقدمات الفوز وبشائر النجاح، وإن طال الصراع، واحتدم النزاع بين الحق والباطل، فالطريق شاق وطويل، ولكن العاقبة مأمونة (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق).

* لكم رأي في شباب الجهاد الفلسطيني نود أن يطلع قراؤنا عليه؟

    • نعم... إن هذا الجيل الجديد من الشباب المسلم الفلسطيني الذي نزع الله مهابة اليهود من قلبه، وقذف في قلبه الشجاعة والبسالة وحب الموت والاستشهاد أو استشراف النصر، لهو الجيل الذي تعقد عليه الآمال، وتناط به مهمات الأمور، وينتظره المسلمون؛ ليرفع راية الإسلام في فلسطين المحررة من رجس اليهود وأعوانهم وعملائهم وأذنابهم (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا).

* ما زلنا في الشهر الأول من العام الهجري الجديد... فما أمنياتكم مع بداية هذا العام؟

    • إن أمنياتي للعام الهجري الجديد كثيرة وطموحة، وما ذلك على الله بعزيز. فمن هذه الأمنيات:

1 - تحقيق نصر المجاهدين بأفغانستان وإقامة دولتهم الإسلامية على ضوء الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة.

2 - تصاعد الانتفاضة في أرض الإسراء والمعراج، ونجاح المجاهدين الفلسطينيين في قهر اليهود وإذلالهم وكسر غرورهم وكبريائهم، وإجلائهم من فلسطين كلها، ورفع راية التوحيد والعمل بمضمونها، ونبذ كل الطروحات العلمانية من الشرق أو الغرب، واستمداد العون من الله وحده ونصرة دينه وإعلاء كلمته وتحكيم شريعته.

3 - العمل على نصرة المستضعفين المسلمين في كل مكان ومساعدتهم على نيل حقوقهم المشروعة في الحياة الحرة الكريمة، والوقوف إلى جانبهم في المحن والملمات والابتلاء والأزمات.

4 - العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في كل البلاد الإسلامية؛ لأن كل الأنظمة والقوانين المستوردة قد أثبتت فشلها، ولم تزد الشعوب الإسلامية إلا ضياعًا وتفرقًا وشتاتًا، والعيش في ظل الإسلام وأحكامه التي تشيع العدل والأمان والسلامة والاطمئنان.

5 - تحسن الأوضاع الاقتصادية لبلدان العالم الإسلامي والخروج من الأزمات الخانقة التي سببتها الديون الربوية المحرمة؛ حيث عم الخراب والإفلاس الدول الفقيرة والغنية على حد سواء.

6 - إعمار ديار المسلمين وإحياء أراضيها وزراعتها حتى يتحقق اكتفاؤها الذاتي، وبخاصة في ضرورات الحياة من الغذاء والكساء والدواء والبناء والزراعة والصناعة ووسائل الدفاع ضد الأعداء.

7 - أسلمة المناهج التعليمية في البلاد العربية والإسلامية وإبعاد كل ما يخالف العقيدة الإسلامية من الأفكار.

8 - إعادة النظر في البرامج الإعلامية ووسائلها المقروءة والمسموعة والمشاهدة، واستبعاد غير النافع منها في جميع البلدان العربية والإسلامية، وتحقيق ميثاق الشرف الإعلامي الذي دعا إليه وزير الإعلام السعودي معالي علي حسن الشاعر في المؤتمر الإعلامي الأخير في جدة.

9 - الارتقاء بمستوى الدعاة والمبعوثين إلى الخارج؛ ليكونوا نماذج صادقة لهذا الإسلام العظيم، وليعطوا الصورة المشرفة المضيئة لغير المسلمين، ويقدموا الإسلام للناس كافة بأحسن أسلوب وأجمل صورة وأصدق عبارة متأسين بتوجيه الله لرسوله الكريم (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).

10 - أن يوفق الله العلماء والأغنياء والمصلحين وولاة المسلمين لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يديم علينا نعمة الإيمان والأمان والسلامة والإسلام، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والخير ويسدد خطاهم لما فيه إعزاز الدين ونصرة المسلمين.

ـــــــــــــــــــــــ

(*) مجلة المجتمع الكويتية.

المصدر