رأس المال الصهيوني
بقلم:ضياء أيوب
بداية رأس المال
بدأ رأس المال الصهيوني ممثلاً بالملياردير البريطاني اللورد روتشيلد إلى جانب أسرة البارون هرستش بدعم حركة الاستيطان الصهيوني «التسللي» منذ العام 1882،أي قبل انعقاد مؤتمر بازل بنحو خمسة عشر عاماً.
اللورد روتشيلد لم يزر فلسطين لا قبل ذلك ولا بعده،ولم يفكر بجعل «أرض الميعاد» مستقراً له،بل اعتمد على مسألة «الوعد الإلهي» في العهد القديم رافعة لمشروع الإمبريالية الغربية المنبثقة عن القوميات الأوروبية المتشددة في ذلك الوقت لتحقيق المشروع الصهيوني ودعمه.
ولم يكن لدى اللورد روتشيلد مطامع مالية يمكن الاستناد إليها في تبرير دعمه الاقتصادي للمستوطنات الصهيونية الأولى،بل إن اللورد روتشيلد اضطر مراراً في السنوات الأولى من عمر المشروع إلى تقديم الدعم والإعانات العاجلة لتلك المستوطنات لمنع انهيارها اقتصادياً.
وجاءت في بدايات القرن العشرين مؤسسات «الكيرين هايسود» «الكيرين كيمييت» «الوكالة اليهودية»،لتحتل المرتبة الأولى في الدعم المالي للمشروع الصهيوني،فجمعت مبالغ ضخمة لمصلحة المشروع الصهيوني،وتركيز دعائمه على الأرض.
كيف استثمرت هذه الأموال
والحقيقة أن هذه الأموال استثمرت على الوجه الأكمل والأفضل في خدمة المشروع الصهيوني،لأن المشروع الصهيوني كان أساساً مشروع «مؤسسات» تغلب على الفردية والزعامة في العمل،فضمن أسباب نجاحه.
إذ افتقر أبناء شعبنا في ظل الانتداب البريطاني إلى القيادة الوطنية الحقيقية التي تسير في ركاب عملية التحرير بل إن القيادات الفلسطينية التي انقسمت بين معارضة وموالاة في ظل الانتداب البريطاني ـ وما أشبه اليوم والبارحة ـ واقتبس بالتصرف على لسان المفتي الحاج أمين الحسيني عندما سأل عن دوره من قبل البريطانيين في ثورة العام 1936،أن «القيادات لحقت بالثورات ولم تقدها».
واليوم نحيي ذكرى ستين عاماً من التشرد والشتات للجزء الأعظم من شعب فلسطين خارج أرضه،ولا زال حق العودة ورغم تمسك كل لاجئ به بعيد المنال،وفي كل يوم من عمر النكبة نروي قصة نكبتنا وكيف قدمت العصابات الصهيونية من خلف البحر،وطردت نحو 850 ألفاً من أصحاب البلاد خارج أرضهم،فتبدو القصة كما لو أنها إحقاق للأسطورة الصهيونية «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
أسس قيام المشروع الصهيوني
والواقع يفرض أن المشروع الصهيوني قام على ركائز سياسية استعمارية استيطانية،ومالية موجهة،وأن القيادات الصهيونية تقدمت بمشروعها ـ الذي كان أساساً وليد «الفكر المسيحي المتصهين» في الغرب ـ إلى الدوائر الاستعمارية،باعتبار الدولة العبرية رأس حربة في حماية المصالح الاستعمارية انطلاقاً من تكوينها كـ«دولة وظيفية».
في ظل غياب أي أفق فلسطيني،أو عربي،بل إن النخب السياسية والاقتصادية العربية لعبت دور «المفعول به» على الدوام،وسخرت لخدمة هذه المشروع عن علم أو دون.
رأس المال الصهيوني الذي لعب دوراً هاماً في إنشاء إسرائيل واستجلاب «يهود الشتات» وبناء مؤسسات لدولة في قلب دولة قبل العام 1948،قابله وحتى يومنا هذا غياب لدور رأس المال ليس العربي،وحسب بل والفلسطيني على وجه التحديد،في إكساب المشروع الوطني الفلسطيني زخماً، وانطلاقة جديدة، وللحديث صلة.
المصدر
- مقال:رأس المال الصهيوني موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات