د. أنور دبور.. عالم جديد يرحل في صمت

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د. أنور دبور.. عالم جديد يرحل في صمت


(03/04/2016)

كتب: كريم حسن

مقدمة

د. أنور دبور

كما عاش في صمت دون ضوضاء ولا صخب ولا سعي للشهرة والمناصب، رحل عن الدنيا دون أن يشعر به أحد، حيث غيب الموت منذ أيام عالم الشريعة الدكتور أنور دبور، بعد حياة حافلة بالعطاء والعلم الذي عرفته قاعات كلية الحقوق بجامعة القاهرة، التي طالما كانت منبرا أطل من خلاله على طلابه عالما مثقفا ورعا صادحا بالحق، غير ساع إلى منصب أو ترقية، فأحبه أساتذته وزملاؤه وطلابه بشكل لا يستطيع الكثير من أساتذة الجامعة أن يحصلوا عليه.

وتفتح وفاة الدكتور أنور دبور الصامتة دون خبر في الصحف أو شريط من مئات أشرطة الأخبار التي تمتلئ بها شاشات الفضائيات، ملف تجاهل العلماء في مصر، واستحواذ الممثلين ولاعبي الكرة وأصحاب الصوت العالي على صدارة المشهد، للدرجة التي سيطرت أخبار ممثلة متهمة في قضية دعارة على اهتمام وسائل الإعلام لأكثر من أسبوعين

عبر أخبار وتقارير وحوارات واستطلاعات رأي وفيديوهات سابقة ولاحقة للقبض عليها، ما يثير تساؤلا مهما حول ترتيب أولويات الشخصيات في مصر، ومدى التجاهل الذي يجده العلم والعلماء في مقابل اهتمام وافر بالعديد من الأنشطة التي لا تقدم سوى ما يخطو بالمجتمع خطوات واسعة نحو المزيد من الانحلال والتفكك.

تجاهلوه حيًّا وميتًا

ورغم التجاهل الذي وجده أستاذ الشريعة أنور دبور حيًّا وميتًا؛ لدرجة عدم وجود صورة له على الإنترنت سوى التي وضعها له أحفاده عقب وفاته، إلا أن تلاميذه كتبوا كثيرا عن ورعه وحبه للعلم، وتفانيه في خدمة الناس، وتقديم المساعدة لهم.

حيث كتب الدكتور عبد الحميد البطاوي، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر قائلا:

"والله لا أجد كلمات أصف بها هذا الرجل في علمه وخلقه وأدبه وطيبة قلبه وتواضعه وإنفاقه في وجوه الخير.. رجل من عصر الصحابة وأحسبه على خير".

وأضاف

"جُل من تعامل معه يشهد له بالتواضع، فقد عين معيدا في زمن يعد فيه المعيدون على الأصابع، وعين مدرسا في كلية الوزراء، ولم تتغير معاملته مع عامة الناس، ولم تلهه الكلية وزينتها، وعرضت عليه بعض المغريات الدنيوية فقال: لا أبيع ديني، ولم يقبل ما عرض عليه"

مشيرا إلى اعتراضه على طلبٍ للدكتور فتحي سرور خلال رئاسته مجلس الشعب، والذي كان يرغب في أن يعين أحد خريجي قسم اللغة الإنجليزية بالكلية معيدا، فقال: ولماذا لا نعين الطالب الأول على 3 آلاف طالب؟ فهو أولى من الذي تفوق على 100 فقط، وإن حصل على جيد جدا فهو يساوى امتياز بالنسبة لكثرة الأعداد، وبالفعل رفضت الكلية طلب "سرور" بسبب رأي "دبور".

رفض التنازل عن ثوابته

ويقول نجله "الدكتور أحمد":

إن والده لم يكن حريصا على الظهور الإعلامي، أو متهافتا عليه كما يفعل الكثير من الدعاة، كما كان حريصا على ألا يقدم أي تنازلات ، حتى لو أدى ذلك إلى عدم وجوده على الساحة. وضرب مثالا على ذلك بإحدى الإعلاميات التي قصت من أحد أحاديثه فقرات، رأت أنها قد تغضب بعض الجهات المسؤولة، ما دعاه إلى رفض الظهور في تلك المحطة الأشهر على مستوى العالم العربي، والتي يسعى قرناء والده إلى الوجود فيها.

والدكتور أنور من أبناء قرية "الشنباب" بالبدرشين عام 1937، وظل مرتبطا بها إلى أن مات وأقام فيها مسجدا، ولم ينقطع عنها ولا عن أهلها، إلى أن دفن في مقابرها، وشيعته أعداد غفيرة، كانوا جميعا من معارفه وتلاميذه ومحبيه. حفظ القرآن في أحد الكتاتيب والتحق بالأزهر الشريف، حين كان المتخرج فيه وقتها على قدر كبير من العلم والثقافة.

تخرج الدكتور أنور دبور في جامعة الأزهر، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة معيدا، إلى أن وصل إلى رئاسة قسم الشريعة الإسلامية فيها، وعرف بتورعه عن الفتوى، والتدقيق في المؤلفات، ومنها "المدخل لدراسة الفقه الإسلامي، تاريخ الفقه الإسلامى ومصادره، مصادر التشريع الإسلامي، القرائن ودورها فى الإثبات في الفقه الجنائي الإسلامي، مرض الموت وأثره في عقود المعاوضات والتبرعات في الفقه الإسلامي".

من آرائه

  • "أعتقد أن السبب الرئيس في تدني مستوى التعليم الأزهري هو قانون تطوير الأزهر الذي صدر عام 1961، وكان موجهًا لضرب رسالة الأزهر".
  • "أرى أن إدخال التعليم العام إلى الأزهر كارثة حيث كان الأزهر جامعة لنشر تعاليم الإسلام واللغة العربية، وكان يدرس الطالب فيه- إلى جانب المواد الشرعية- بعض المواد العلمية ببساطة دون تخصص، ما أثر بشكل كبير على مستوى العلوم الشرعية لدى الطلاب، بالإضافة إلى اختصار سنوات الدراسة الثانوية إلى 3 سنوات، والإعدادية كذلك، والمثير أن هذا القانون لم يناقش إلا في آخر ليلة من الدورة البرلمانية، وتم إقراره رغم أنف الأزهريين".
  • "عودة الكتاتيب للقيام بدورها مهمة للغاية؛ حتى نحافظ على مستوى اللغة العربية لدى أبنائنا، فضلا عن حفظهم القرآن، ويمكن تغيير الصورة المعروفة عن الكتاب بأن يتم تطوير أساليب الحفظ، وأن تحتوي على الترغيب للأبناء أكثر من الترهيب، وهذا يمكن أن يتحقق لو أعطى الكتاب حقه من الرعاية، من حيث الموارد المادية ولوازم التعليم".

المصدر