ديست كرامة العرب.. قبل أن يُداس «وسيم»
بقلم: الأستاذ فداء الدين السيد
هل لنا أن نصف ما رأيناه على شاشات التلفاز منذ أيام وهي تتناقل خبر الاعتداء على الشاب الخليلي وسيم من قبل مستوطن إسرائيلي حاقد أصرّ بكل وقاحة على سحق جسد «وسيم» ذهاباً وإياباً بسيارته وبحضور الشرطة والجيش الإسرائيلي, بل ويطلق عليه النار وتخترق جسده رصاصات الجندي الإسرائيلي.. هل لنا أن نصف ذلك بالهمجية والوحشية واللاأخلاقية؟
أعتقد أننا لن نصل إلى الحقيقة أبداً بهذه الكلمات غير المنصفة.
إن أقل وصف ينطبق على ذلك هو الوحشية القاتمة التي امتاز بها اولئك «اللابشريون». من ذا الذي رأى تلك الصور ولم يحترق قلبه ألماً وحسرة على حال الأمة وعلى كرامة الأمة التي ديست قبل أن يداس هذا الشاب.
إن ما يقلقني ويقلق كل مهتم وحرّ هو إهدار كرامة الأمة الإسلامية والعربية على يد من رصدوا اموالهم وطاقاتهم للنيل من صمودها وثباتها التي ظلت تقف شوكة في حلق كل حاقد وزنيم. ما يقلقني هو ان هذه الأمة بينما تنشغل شعوبنا وينشغل شبابنا وإعلامنا بكرة القدم, بل تتقاذف الشعوب الاسلامية والعربية السباب والشتائم والتخوين، بينما تداس كرامة «وسيم» على شاشات التلفاز المحلية والعالمية. هل سنرى حملات إعلامية لنصرة وسيم والدفاع عن حقه المهدور كما رأيناها تنتفض من أجل كرة جلدية لا تضرّ ولا تنفع؟
هل سنسمع صراخ اولئك الذين آذوا مسامعنا صباح مساء وأظهروا لنا قدراتهم في السب والشتم واستخدام أفظع الكلمات وأكثرها صفاقة وسفاهة دفاعاً عن كرة ممتلئة بالهواء؟ هل سنراهم وهم يصرخون من أجل وسيم وكرامة «وسيم»؟
أم سنرى من يدين هذه الحيوانية المقيتة ويقوم ثائراً من أجل بشرية الإنسان؟ هل سنرى محاكم لاهاي ومؤسسات حقوق الإنسان المحلية والعالمية غاضبة مستنكرة مستنفرة من أجل شاب يدهس مع سبق الإصرار والترصد وبحضور الأجهزة الأمنية التي رأت بأم عينيها ما رأت وسمعت بأذنيها صرخاته مستنجداً متألماً ولم تتحرك لكي تنقذه من تحت إطارات سيارة المستوطن المسخ؟
هل سندافع عن حق وسيم في أن يكون عزيزاً دون إهانة لآدميته ودهس لحقوقه كما دافعنا عن شهيدة الحجاب مروة الشربيني عندما طعنها ذلك العنصري أمام ناظري زوجها وطفلها فارداها قتيلة مضرّجة بدمائها؟
أم أننا تعوّدنا على هذه المناظر البشعة حتى صارت جزءاً من حياتنا لا تنفك عنها ولا تنفصل! هل صرنا نعيش حياة الذل إلى هذه الدرجة المظلمة من الخنوع والاستسلام للواقع البغيض؟ ما الذي حصل لأمة كانت ترفع دوماً راية العزة والكرامة والسؤدد؟
أم ما الذي حدث لشعب خرج منه رجل قال قولة صارت حكمة تتناقلها الأجيال, جيلاً بعد جيل, قالها كي يرسخ فينا معنى الحرية والكرامة: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً», لعمري ما الذي حصل لهذه الأمة؟
هل باتت تلك الصور مسلسلاً كلاسيكياً مملاً مما ادى لقول أحدهم لزوجته وهو يشاهد الخبر على إحدى القنوات: غيّري القناة رجاء, الآن موعد المسلسل التركي! وهنا يسأل أحدهم نفسه: بعد كل هذا هل ما زال خيار السلام قائماً وعلى طاولة المفاوضات؟
إن وسيم ما هو إلا صورة مصغرة لحال العرب والمسلمين الذين دُهسوا ويُدهسون يومياً على يد المتربصين ممن لا يبتغي لنا صحوة وقياماً, بل جلّ مرادهم صناعتنا على أعينهم في بوتقة من ظلم وفساد وهوان وفقر ودكتاتورية مدقعة وهضم فاضح لحقوق الإنسان وانتهاك صارخ لمبادئ البشر المدنية.
إنها صرخة من حنجرة ملت الصراخ لكل عاقل وحرٌ وكريم، نبثها هكذا وبكل عفوية الى معاشر الحكام والاعلاميين ومؤسسات حقوق الإنسان: بالله عليكم لقد كرّمنا الله من فوق سبع سماوات بأن جعلنا من بني آدم, فلا تسمحوا لهؤلاء المسوخ الإسرائيلية ومن لف لفهم بأن يهدروا هذه الكرامة التي يعيش الناس بها ويتنفسون كل يوم عبيق عزتها.
المصدر
- مقال:ديست كرامة العرب.. قبل أن يُداس «وسيم»موقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان