دور المسجد

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
دور المسجد

للمسجد دور عظيم في الإسلام، وهو المنطلق الأكبر للدعوة إلى الله، ولكي يقوم المسجد برسالته على أكمل وجه لا بد أن يتوفر له الإمام الناجح.. هذا ما أشار إليه المستشار عبد الله العقيل في الحوار التالي:

* للمسجد دور في حياة المسلم منذ بعث الإسلام، فكان بمثابة دار للقضاء ودار للعلم والجهاد، فهل يقوم المسجد بهذا الدور في حياتنا اليوم؟

    • إن للمسجد في حياة المسلم دورًا عظيمًا، ومكانة مرموقة، فهو مرتبط بحياة المسلم في كل جوانبها، وهو بيت الله في الأرض، وأولها المسجد الحرام، قبلة المسلمين، ورمز التوحيد، والحرم الآمن الذي تهوي إليه الأفئدة (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين)، ومن أبرز المساجد وأشرفها على الإطلاق المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى، ولا تشد الرحال إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم).

فالمسجد كان أول عمل شرع فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد هجرته إلى المدينة المنورة، وفيه تقام الصلوات الخمس، ويتلى كتاب الله، ويذكر المؤمنون ربهم، ويقيمون وجوههم (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)، ويناجون ربهم، ويتعلمون فيه الأحكام والسنن، ويتعرفون فيه على الحلال والحرام، وينطلقون منه لنشر الدعوة الإسلامية.

وقد تخرج في المساجد قادة العالم، ومعلمو الدنيا في مختلف العلوم من القراء، والمحدثين، والمفسرين، والفقهاء، واللغويين، والأطباء، والمهندسين، والرياضيين، والكيميائيين الذين نشروا الحق والخير بين الناس، ودعوا إلى الله على بصيرة، وذاقت البشرية على أيديهم طعم الحرية، وحلاوة العدل، ونعيم الأمن والاستقرار.

وكان ارتياد المسجد علامة الإيمان، والتخلف عن الجماعة علامة النفاق، فكانت القلوب معلقة بالمساجد لا تخرج منها إلا وهي في شوق للعودة إليها.

وفي ظل المسجد تربى صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعلى أيديهم تخرج جيل صالح من التابعين، ثم أتباع التابعين، فكانوا خير القرون، وكانت المساجد في أنحاء العالم الإسلامي، وفي مختلف العصور جامعات ذات مناهج محددة تتسم بالحرية العلمية، والتنوع فيما يدرس من علوم دينية ودنيوية.

ولم يكن دور المسجد ليقتصر على التعليم والتربية فحسب، بل كان دارًا للفتوى، ومحكمة للقضاء، وميدانًا للتدريب، ومنطلقًا لتجهيز الجيوش للغزو، والدفاع عن الإسلام، ومعالجة الجرحى والمصابين.

كما كان موئلاً للفقراء والغرباء، وعابري السبيل، واستقبال الوفود والمفاوضات، وإعلان السياسة العامة للدولة، فضلاً عن مجالس الشورى لأهل الحل، والعقد، والندوات العلمية، ودراسة أحوال المسلمين، ولا زالت بعض المساجد تقوم بدورها في إعداد المجاهدين، للذود عن حياض الإسلام، فمن المساجد قديمًا انطلقت جحافل المسلمين لصد غارات التتار والصليبيين، ومن المساجد حديثًا انطلق ثوار الجزائر ضد الفرنسيين، ومجاهدو أفغانستان ضد الشيوعيين، ومجاهدو فلسطين ضد الصهيونيين.

والمسجد - والحمد لله - لا يزال يقوم بهذا الدور في حياتنا اليوم في الأعم الأغلب من ديار المسلمين، كما يلقى بعض التضييق والعنت في ديار أخرى، لا تقيم للدين وزنًا، ولا تعطي للمسجد دورًا؛ لأن نظامها علماني يحكم بغير ما أنزل الله، ويحارب دعاة الله.

* ما نصائحكم إلى خطباء الجمعة؟ وما مواصفات الخطيب في نظركم؟

    • إن نصيحتي لخطباء الجمعة أن يتقوا الله أولاً في المهمة الملقاة على عاتقهم، وهي توجيه الناس وتبصيرهم في أمور دينهم، معتمدين على الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة، ومبتعدين عن مواطن الخلاف، ومتأسين برسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أسلوب الدعوة، والخطاب الذي يخاطب القلب والعقل معًا، ويترفق بالناس جميعًا محسنهم ومسيئهم، ويأخذ بأيديهم إلى مواطن الاستقامة على دين الله، والالتزام بهدي الكتاب والسنة مع الإيجاز غير المخل، والبعد عن الإطناب الممل، وعدم الجرح للأشخاص والجماعات والهيئات، أو التعريض بالناس والتشهير بهم «ولكم في المعاريض مندوحة»، والحرص على هداية الجميع والدعاء لهم وستر عوراتهم.

* كيف تقيمون دور المجلس الأعلى العالمي للمساجد برابطة العالم الإسلامي في اختيار الخطباء؟

    • إن دور المجلس الأعلى العالمي للمساجد في اختيار الخطباء، إنما يتم من خلال الترشيح وفق المواصفات والمؤهلات العلمية، التي يحملها الخطيب، كأن يكون خريج إحدى الجامعات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، وأن يعرف لغة القوم الذين يخطب فيهم، وأن تكون سيرته معروفة بالاستقامة، والالتزام الشرعي في القول والعمل، ومع هذا فالمجلس الأعلى العالمي للمساجد يقيم دورات تدريبية للأئمة والخطباء الحاليين على مدار العام، وفي مختلف المناطق تكثف فيها الدروس والمحاضرات والتطبيقات العملية، وقد أثبتت فائدتها وجدواها ولله الحمد والمنة.

* هل يمكنكم إلقاء الضوء على المعهد العالي لتخريج الأئمة والدعاة التابع للرابطة؟ وما منجزاته؟ وهل تعترضه صعوبات؟ وكيف واجهتموها؟

    • إن المعهد العالي لتخريج الأئمة والدعاة تأسس عام 1399هـ, حيث قام في البداية بتنظيم دورات لتدريب الأئمة والدعاة من بعض الدول الإسلامية، ثم بدأ المعهد في تخريج دفعات من الدارسين؛ حيث وضعت له مناهج تشمل العديد من المواد التي يحتاج إليها الداعية والخطيب في عمله الميداني، ثم تم تطوير المعهد ومناهجه، بحيث أصبحت الدراسة فيه على مدى عامين دراسيين لكل دفعة، يحصل بعدها المتدرب على درجة الماجستير.

ويشترط أن يحصل الطالب الذي يرغب في الالتحاق بالمعهد على درجة جامعية من إحدى الجامعات الإسلامية المعترف بها بتقدير ممتاز، أو جيد جدًا كحد أدنى، وبعد قبوله بالمعهد تصرف له مكافأة شهرية، ويُؤمَّن له السكن.

وقد خرَّج المعهد اثنتي عشرة دفعة منذ تأسيسه وحتى الآن، وليس ثمة عمل لا تعترضه صعوبات، أو تقف في طريقه معوقات لكن بالجهد المتواصل، والعمل الدؤوب بعد التوكل على الله، يسهل كل صعب، ويتيسر كل أمر.

ومن أهم المشكلات التي لا زلنا نبذل الجهود لحلها هي زيادة عدد الطلبة الدارسين في المعهد؛ حيث يحتاج ذلك إلى زيادة في الأماكن المعدة للسكن والدراسة، وعدد أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى زيادة الميزانية المخصصة للمعهد.

كما نبذل جهودًا لزيادة عدد الهيئات العلمية التي تعترف بالشهادة من المعهد، وذلك لفتح المجال أمام خريجيه لمواصلة الدراسات العليا في المجال الإسلامي.

* ما أهمية المكتبة للمسجد؟ وأين المكتبة الإسلامية من مساجدها؟ وهل تجد تنافسًا من الشريط الإسلامي؟

    • إن للمكتبة في المسجد أهمية بالغة، وبخاصة إذا اشتملت على الكتب العلمية الموثقة، التي يحتاج إليها رواد المسجد وطلبة العلم، والتي تتصف بسلاسة الأسلوب، وجمال العرض، ودقة المعنى، واختصار الكلام والموضوعية في التناول والأدلة في الإثبات، والبعد عن الفرعيات والخلافيات.

وكثير من المساجد في أنحاء العالم الإسلامي تحظى بمكتبات إسلامية جيدة من حيث الكم والنوع، كما أن غيرها توجد فيه مكتبات صغيرة، وذلك بحسب المسجد موقعًا وروادًا، وإن كان الأمر في نظري يحتاج إلى مزيد من الكتب في سائر الموضوعات التي يحتاجها المسلمون لمعرفة أمور دينهم من جهة، ومواجهة المشكلات المستجدة في واقع الحياة على ضوء التصور الإسلامي.

والشريط الإسلامي لا ينافس الكتاب، وإن كان لكل طلابه، بل إنه يتواءم معه، ومن يقرأ بتأمل في الكتاب غير من يستمع إلى الشريط الذي يكون لصوت الخطيب وأسلوبه دوره في التأثير على السامع، وفي كل خير.

*الدعوة الإسلامية تواجه تيارًا أشبه بالمد والجزر، ولهذا فهي تواجه عقبات في طريقها، فكيف يمكننا النهوض بالدعوة الإسلامية لمواجهة حملات أعداء الإسلام؟

    • لا شك أن كل عمل على مستوى الأفراد، أو الجماعات يواجه مشكلات وعقبات في الطريق، بل إن الإيمان نفسه يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، ومن هنا فلا ضير من وجود العثرات والأخطاء، وليس هذا بعيب، فكل من يعمل لا بد أن يخطئ أحيانًا، لأنه عمل بشري غير معصوم عن الخطأ، ولكن العيب هو الإصرار على الخطأ، أو عدم التصويب والعلاج للمشكلة، أو عدم تخطي العقبة وتجاوزها، ولذا فإن الابتلاءات والمحن والعقبات والفتن، التي تصادف الدعوة والدعاة، هي سنة من سنن الله تعالى، واجهت من قبلهم الأنبياء والرسل، وخاتمهم رسولنا الأعظم (صلى الله عليه وسلم).

والسبيل للنهوض من هذه الكبوات هو فهمنا لإسلامنا، كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وتطبيقنا لهذا الإسلام قولاً، وعملاً، ودعوة الناس جميعًا إلى هذا الإسلام، الذي نؤمن به ونعمل له، والصبر على الأذى في سبيل إبلاغ دعوة الله، وهو ما تلخصه سورة العصر (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

بل إن المحن في حد ذاتها تصقل مواهب الدعاة، وتكشف عن المعدن الأصيل من الدخيل، والصادق من الدعي، والمخلص من المنافق (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).

ونحن في مواجهتنا لحملات أعداء الإسلام إنما ننطلق من اعتقادنا بأحقية هذا الدين في السيادة وسلامته من التحريف والتبديل، وشموله لأمور الدنيا والآخرة، ومخاطبته كل البشر على اختلاف ألسنتهم وأجناسهم، وصلاحيته لكل زمان ومكان، واستمراريته منذ نزوله إلى قيام الساعة وملاءمته لفطرة الإنسان التي فطره الله عليها.

* تعاني المجتمعات الإسلامية من الأمية الدينية، الأمر الذي تبدو فيه المجتمعات الإسلامية مجتمعات متخلفة، في نظركم؛ ما العوامل التي أدت إلى ذلك؟ وما العلاج؟

    • لا شك أن الكثير من المجتمعات الإسلامية تكثر فيها الأمية الدينية، والجهل بحقائق الإسلام، بل وحتى أولويات الإسلام ومبادئه، وذلك بسبب التخلف والجهل الذي أصاب البلاد الإسلامية المستعمرة من الكفرة، الذين حالوا بينها وبين العلم، وأبعدوها عن حقيقة الإسلام، وروجوا الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان، حتى يضمنوا لأنفسهم استمرار السيطرة على شعوب المسلمين والانتفاع بخبرات بلادهم وتسخيرهم للعمل عبيدًا، تحت إمرتهم، كما فعلوا ذلك في شعوب إسلامية كثيرة، وعلى الأخص أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

والعلاج لهذا هو تبصرة المسلمين وفتح عقولهم على حقائق الإسلام، وكشف أباطيل خصومه، والعمل الجاد الدؤوب للأخذ بأيدي المسلمين في كل مكان، ليأخذوا دورهم في واقع الحياة وفق مبادئ الإسلام وتعاليمه، وجمع كلمتهم، وإحياء روح الأخوة الإسلامية بينهم، وتأكيد معنى التكافل الاجتماعي فيما بينهم، والسعي في قضاء حوائجهم وتلبية طلباتهم، وتوثيق الأواصر ودعم العلاقات معهم.

* إعداد الدعاة الذين يتحملون مسؤولية الدعوة يعتبر من أهم ضرورات العصر الحديث ليمكنهم مواجهة الهجمات الشرسة على الإسلام.. فكيف ترى الدعوة الآن؟

    • لا شك أن إعداد الدعاة الذين يتحملون مسؤولية الدعوة، يعتبر من أهم ضرورات العصر الحديث، ذلك أن الداعية اليوم يحتاج إلى تطوير أسلوبه ووسائله، واستخدام كل مستجدات العصر المشروعة لإبلاغ الدعوة إلى الناس جميعًا بأحسن الأساليب، وأرقى الوسائل؛ لأن المواجهة مع أعداء الإسلام شرسة وضارية، لأنهم يملكون الكثير من الوسائل والإمكانات التي لا نملكها، وقد سبقونا في ذلك أشواطًا بعيدة، وهذا يتطلب منا مضاعفة الجهد، وسرعة التفاعل مع الأحداث والمستجدات ومواجهتها والتصدي لها، فالتيار لا يصده إلا تيار أقوى منه، والسيل لا يوقفه إلا سيل أشد منه، والمعركة سجال، يوم لك ويوم عليك.

وقد اقتضت سنة التدافع بين الحق والباطل، والصراع بين الخير والشر، أن يكون للصحوة الإسلامية المعاصرة أعداء يتربصون بها، ويكيدون لها، ويمكرون بها (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

ونحن المسلمين لا نيأس أبدًا من تأييد الله ونصرته لنا، إذا نحن نصرنا دينه (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، بل العاقبة لنا بإذن الله (ولينصرن الله من ينصره)، (والعاقبة للمتقين)، والصحوة الإسلامية، وتيارها الإسلامي اليوم ينتظم العالم الإسلامي كله، بل حتى الأقليات الإسلامية وديار المهجر، ويشمل جميع قطاعات الشعب وشرائح المجتمع، ولم تعد الدعوة إلى الله حكرًا على أصحاب الدراسات الدينية فقط، بل يشارك فيها الطبيب، والمهندس، والصيدلي، والكيميائي، والفيزيائي، والجيولوجي، والتاجر، والصانع، والعامل، والفلاح، والمزارع، وهذا من بشائر الخير وبوارق النصر إن شاء الله، لهذا الدين، إذا عصم الله المسلمين من الخلاف وتفرق الكلمة (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا).

* في رأيكم.. ما الدور الذي تنتظرونه من الإعلام الإسلامي؟

    • إن الدور الذي ننتظره من الإعلام الإسلامي، هو أن يكون على مستوى الأحداث، ووفق متطلبات العصر، وأن يلتزم بمنهج الإسلام في كل قطاعاته الإعلامية مسموعة ومقروءة، ومشاهدة، وهذا يشمل القصة، والمسرحية، والقصيدة، والمقالة، والندوة، والمحاضرة، والتعليق، والحوار، والمناقشة، والنقد، والنشيد، وغير ذلك بحيث يكون القارئ، والسامع، والمشاهد يستقون من مورد عذب متناسق العطاء، نظيف الأداء، يصب في بوتقة واحدة تصوغ المجتمع رجالاً، ونساء، وناشئة، وشبابًا بصياغة الإسلام، فليس ثمة فصام بين ما يسمع ويقرأ ويشاهد؛ لأن المعين واحد، فيكون المجتمع لُحمة واحدة، يشد بعضه بعضًا.

وبهذا نستطيع مواجهة ما يتوقع من إعلام العدو الذي يريد هدم بنيتنا الاجتماعية، وعقيدتنا الإسلامية، وتربيتنا الخلقية، وتاريخنا الحضاري.

* الأقليات الإسلامية تعاني اضطهادًا متعدد الاتجاهات في أماكن توطنها.. فما رؤيتكم حيال ذلك؟

    • إن ما تعانيه الأقليات الإسلامية من اضطهاد مستمر، وظلم جائر، وهضم لحقوقها، وتسلط على أموالها، واستباحة لأعراضها واضح لا يخفى على أحد، فالواقع المرير، والظلم المجحف الذي تكتوي بناره، وترزح تحت نيره الأقليات الإسلامية في أنحاء العالم من قبل الملاحدة، والنصارى، واليهود، والبوذيين، والمجوس، والهندوس الذين يعملون ليل نهار على تصفية المسلمين، وهدم كل مقوماتهم، وإلغاء هويتهم، وإهدار دمائهم حتى غدا الدم المسلم أرخص الدماء، والمال المسلم أرخص الأموال، وصار القابض على دينه من الأقليات الإسلامية كالقابض على الجمر في الوقت الذي تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل رهينة نصراني ويهودي.

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر قتل شعب كامل قضية فيها نظر

والأقليات الإسلامية في العالم تشكل 50% من عموم المسلمين، فمعنى هذا أن نصف المسلمين مضطهدون من أهل البلاد التي يسكنون فيها، ولو أن الحكومات والشعوب الإسلامية وقفوا بصدق مع إخوانهم من الأقليات الإسلامية، لاستطاعوا أن يقدموا لهم الكثير؛ حيث إن معظم هذه الحكومات والدول التي تعيش فيها الأقليات الإسلامية لها مصالح ومنافع في البلاد الإسلامية، فلو مارست الحكومات، والشركات، والمؤسسات الإسلامية، والتجار المسلمون مقاطعة الحكومات التي تضطهد المسلمين، وأوقفت كل أنواع التعامل معها حتى ترفع الظلم عن المسلمين في بلادها لسارعت معظم هذه الدول الكافرة - إن لم يكن كلها - بالكف عن إيذاء المسلمين، حرصًا على مصالحها ومنافعها المادية مع الدول الإسلامية.

كما أن العون المكثف للجاليات الإسلامية لإقامة مشاريعها من مدارس ومعاهد ومساجد، ومراكز وهيئات ومؤسسات من قبل الحكومات الإسلامية، والتجار المحسنين سيكون له أكبر الأثر في هذه الجاليات، والحفاظ عليها، ورفع مستواها، وزيادة تلاحمها وترابطها.

ونرجو أن يبحث هذا في مؤتمر الأقليات الإسلامية، الذي دعى إليه خادم الحرمين الشريفين بمكة المكرمة.

* تعاني كثير من المساجد في العالم من النقص في التجهيز، والبعض يعاني من التضييق على مرتادي المساجد من قبل بعض الحكومات غير الإسلامية، ما دوركم تجاه ذلك؟

    • الواقع أن المساجد في أنحاء العالم ليست على مستوى واحد من حيث التجهيز، تبعًا لظروف كل بلد من جهة، ولطبيعة الحكم في كل قطر، فبعض البلاد الإسلامية تعطي للمسجد أهميته، وتوفر له إمكاناته، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، ودول الخليج ومصر، والبعض الآخر منها يضيق على المساجد، بل وتصادر الأوقاف الموقوفة عليها، ويمنع الدعاة والخطباء من أن يقولوا كلمة الحق فيها، فضلاً عن مضايقات مرتاديها من المصلين، وبخاصة الشباب المسلم.

وهذا الأمر واضح جلي، وبخاصة في الأقطار الإسلامية التي تحكمها النظم الدكتاتورية، ويتسلط عليها حكم الفرد الذي لا يطيق سماع كلمة الحق، ولا يقبل النقد، ولو كان هادفًا بناء، ولا يريد أن تتربى الأمة على منهج الإسلام الذي يرفض الدكتاتورية والقوانين الوضعية، والمناهج العلمانية، ومن هنا فهم يمنعون كل خطيب جيد، وداعية متمكن، وناصح مخلص، وعالم عامل، ومرشد حكيم ويستبدلون بهم المرتزقة من علماء السوء، والمتأكلين بالدين، والمتهافتين على موائد الظلمة من حكام الجور والجبروت، والفراعنة المتسلطين على رقاب العباد والبلاد.

والدور الذي نقوم به هو تبصير هؤلاء بضرورة إعطاء المسجد، دوره وتمكين علماء الإسلام من أداء، مهمتهم لتوجيه الشباب إلى الطريق الحق، والمنهج العدل حتى لا ينحرفوا عن الجادة، أو يتبنوا الأفكار الشاذة للفرق الضالة الخارجة على منهج الإسلام.

والمجلس الأعلى للمساجد في كل دورة من دوراته يرسل القرارات والتوصيات إلى وزارات الأوقاف، والشؤون الإسلامية، وإلى الحكام مطالبًا إياهم بالالتزام بمنهج الإسلام، والعمل على تطبيق شريعته، وإعطاء المسجد دوره، وتأتي من البعض ردود إيجابية، ووعود بالالتزام بهذه القرارات، والتوصيات، ويؤثر البعض الآخر السكوت وعدم الجواب.

ونحن في هذا نقوم بمهمة البلاغ التي أمر الله بها رسوله (إن عليك إلا البلاغ)، ونسأل الله الهداية للجميع وهو الهادي إلى أقوم السبل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة اليمامة، 29/ 6/ 1412هـ.

المصدر