درس فى المصــارعــة
- نلزم الأمة بالجهاد ونطالب بالنهوض بالرجل والمرأة معا .
- نرفض مظاهر الفرقة ونعمل على تأكيد وحدة الأمـــــة .
- هدفنا تحـرير الأمـة مـن أى سلطان أجنبى .
رغم الاختلاف مع الاستاذ عمر التلمسانى حول منهج كتابته للمذكرات حيث كان من ألأفضل التركيز على الأحداث والوقائع التى هى نبض التاريخ وعناصره الأولية انطلاقا من رؤيه صحفية فقد رأى فضيلته أن المذكرات يجب أن تكرس لتسجيل المبادىء التى يعتنقها على أن يقوم بالتدليل على صحة أقواله من خلال أحداث عاشها أو عايشها وقرر أن يتقدم بالادلاء بشهادته فيها .
وهو يريد ألا تكون مذكراته مادة لإشباع فضول القراء تنتهى فاعليتها بمجرد انتهاء القارىء من السطر الأخير فى الحلقات لكنه كداعية يريد أن يوظف الحدث التاريخى لخدمة العقيدة والرأى اللذين انطلق منهما .. حتى ولو كان ذلك خروجا على المألوف الذى تعوده قارىء المذكرات فى الصحافة العربية ونحن فى النهاية نرى أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية .
وهو يستهل هذه الحلقة التى يوضح فيها “ المنهج الاجتماعى للإخوان “ بتسجيل رأيه حول هذه المسألة الخلافية بالنسبة لتكنيك كتابة المذكرات .
يقول الاستاذ عمر التلمسانى :
قد يفضل القارىء الذى يقرأ مذكرات من أى نوع أو لأى ممن يكتبون المذكرات أن يقرأ أحداثا ووقائع ولكننى لا أذهب هذاا لمذهب فالأحداث والوقائع تستميل الذين يحبون التاريخ ولا يميلون الى التاريخ نفسه . والعلم بالأحداث والوقائع قد يطويه النسيان لأن الإنسان ما سمى إنسانا إلا لكثرة النسيان كما يقول البعض ولكن المذكرات التى تجمع بين بعض الأحداث وبين الرأى والفكرة والعقيدة لأنها ضرب من ضروب العلم الذى نفتقده فى كثير من المذكرات التىتستهوى جانبا كبيرا من القراء لما مر بهذا أو ذاك فإن شعر القارىء أو أحس الناشر بالملل أو عدم الفائدة فما ذلك بذنبى لأنى أوقفت قلمى على الدعوة الى ا لله بالأسلوب الذى أكون فيه صادقا مع نفسى أما إرضاء القارىء أو الناشر فأمر ليس له فى موازينى من حسبان سواء راجت المذكرات أو لم ترج ولكل وجهه هو موليها . هذا الى أن مذكرات الأحداث والوقائع كثيرا ما تتأثر بالآهواء وبعض المواقف أما مذكرات العقائد فليس للأهواء إليها من سبيل لأنها مقيدة بكتاب وسنة وإجماع فأنت كصاحب كتاب ما فرط فيه الله من شىء ملزم بالاكثار من تلاوته والتعبد به لصاحب العزة والجلالة وأنت محمول على أن تجعله مصدر الفكر والعمل عندك لحاجات الدنيا ومطالب الآخرة والذى لا يلفت النظر الى هذا فى مذكراته فإنه لم ينصحك ولم يدلك على طريق النجاح وهما فى تقديرى من أهم دوافع الحرص على تسطير المذكرات . من أجل هذا كان من أهم ما يلزم به الأخ نفسه أن يكون له ورد قرآنى كل يوم لا يصرفه عنه أى صارف من الصوارف لقد كان الالتزام السبب الأول فى صبر ا لاخوان فى السجون على مشا قها ومتاعبها فى حين نرى المسجونين من أصحاب الرأى يعروهم مظهر الضيق والكآبة فى السجون وكنا نلتقى على السمر البرىء فى غياهب السجن حتى يظن الناس أننا غير شاعرين بما نحن فيه .
درس فى المصــارعــة
جاءنى الاخ محمود زينهم ونحن فى سجن الواحات يقول : سنقيم فى الغد سهرة نسمر فيها سمرا نظيفا ومن بين فصوله فصل للمصارعة الرومانية وأنا كما تعرف من أبطال هذه المصارعة فى مصر قلت : وما شأنى بالمصارعة وأنا لا أعرف “ البراولية !” ولا الجذبة الخاطفة .
قال سأعطيك درسا مبسطا وفى السر دون أن يعلم أحد وعندما يأتى دور المصارعة سأنتقد المصارعين القداماء فتتحمس لهم وتندفع الى الحلبة مهاجما لى ونلتحم وبعد بضع دقائق تمسك بعنقى فأستجيب لك وتلقى بى الى الأرض وتضع قدمك على صدرى وتنفض يديك وكأنك فرغت من عمل بسيط وتمت اللعبه وانبهر الأخوان وصفق جنود الحراسة وكانوا يحضرون الحفل .وفى الليلة التالية كانت تمثل رواية وعظية دينية وافتتحتها بكلمة فقال جندى لزميله : أترى هذا الرجل العجوز الذى يتحدث لقد صرع بطلا من أبطال المصارعة فى مصر وسمعهما أخ كان يجلس الى جوارهما فنقلها الى وكانت تسرية وكان سجن الواحات فرصه لمعرفة أخلاق رؤساء سجنه فمنهم من كان يتشدد الى حد الحرمان من الخروج من الزنازين إلا لقضاء الحاجة الى جانب ما يختصنا به من دور شتائمه واتهاماته حتى إن عسكره يسموننا “ مختلسى الدولة “ ومنهم من كان يترك الأمور تسير فى مجراها الطبيعى دون تعقيد .
ولقى الجبارون منهم ربهم دون أن يحظوا بالاستثناءات التى كانوا يأملونها من وراء التشديد معنا فضاعت منهم الدنيا والآخرة على السواء ومن فضل الله أننى ما كنت أشعر بضيق السجن إذ اعتبرته قدرا من أقدار الله التى لا تتخلف وحمدت الله أن لطف بى فى قضائه فأدخلت السجن فى تهمة تشرفنى وأعتبرها وساما وضاء على صدرى ولم أدخله فى تهمة تمس شرفىأو تحط من قدرى وكنت من أشد الإخوان عطفا على الذين عجزت طاقتهم عن تحمل أعباء السجن فقدموا الالتماسات والرجاء الى من ألقى بهم فى صحراء الواحات وبلغ الأمر أن بعضهم كان يأتينى على استحياء يخبرنى بأنه يريد أن يؤيد ولكنه يتحرج من الإخوان ويريد دفع هذا الحرج بأنه استأذننى فى هذا التأييد وما كنت أضن على أحدهم باستجابة هذا الرجاء لتأكدى من أن من دار بخلده أن يؤيد فلن يرده شىء وكنت أحب أن أحفظ عليه ماء وجهه ولعل كل هذا كان من نتائج إقبالى على القرآن وحفظه ودراسته وما كنت تجد أخا فى سجن إلا ومعه مصحفه .
لقد أهملنا الصلة بكتاب الله فأهمل شأننا وظننا أننا نحفظ القرآن وهو الذى يحفظنا ولسنا نحن الذين نحفظه كما نزعم وندعى ولو أن حكومتنا عنيت بمبعوثيها الى الخارج فألزمتهم بحفظ القرآن ومدارسة علومه قبل أن تلقى بهم فى خضم مغريات الغرب لما أفسدت أفكارهم فظنوا بدينهم الظنون ولما ضلت عقولهم فعادوا الينا يحملون مظاهر مدنية تافهه من الأكل والشرب والملبس والمظاهر والعادات فانزلقنا فى مهاوى التغريب على غير وعى سليم .